مكارمُ الأخلاقِ 1-5-2-1441-مستفادة من خطبة الشيخ سالم الغيلي

محمد بن سامر
1441/02/04 - 2019/10/03 21:32PM
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وليُ الصالحينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُه الأمينُ، عليه وآلهِ الصلاةُ وأتمُ التسليمِ.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".
أما بعدُ: فما نهضتْ أمةٌ من الأممِ ولا قويتْ إلا بأَخلاقِها الحسنةِ، وما ضعُفتْ أمةٌ أو هلكتْ إلا بأَخلاقِها السيئةِ.
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ*فإنْ هُمُو ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
أمرَ اللهُ بمكارمِ الأخلاقِ، فأرسلَ إلى هذهِ الأمةِ أكرمَ الناسِ خُلقًا محمدًا-صلى اللهُ عليه وآلِه وسلمَ-ومدحَه بها فقال-تعالى-: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، وسُئلتْ أمُنا عائشةُ-رضي الله عنها-عن خُلُقِه-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-فقالت: "كان خلقُه القرآنَ"، وقال أنسُ ابنُ مالكٍ خادِمُه-رضيَ اللهُ عنه: "لقد خدمتُ رسولَ اللهِ-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-عشرَ سنينَ فما قالَ لي أُفٍ، ولا لشيءٍ فعلتُه لم فعلتَه؟ ولا شيءٍ تركتُه لمَ تركتَه؟"، بعضُ الناسِ-هدانا اللهُ وإياهُم-همُهم تَصَيُّدُ الأخطاءِ والعيوبِ، والانتقادُ في الصغيرةِ والكبيرةِ، وتتبُعُ السقطاتِ والهفَواتِ والزلاتِ، وتعييرُ الناسِ والاستهزاءُ بهم، قال-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-: "ما من شيءٍ أثقلُ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ من حُسْنِ الخُلُقِ، وإنَّ اللهَ-تعالى-يُبْغِضُ الفاحشَ البذيءَ" وقالَ: "أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا"، والأخلاقُ مجالُها واسعٌ، يشملُ التعاملُ مع اللهِ-سبحانه-ومع الخلقِ.
ومنِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع اللهِ-تعالى-: النيةُ، فكلُ عملٍ بنيةٍ، قال-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-: "إنما الأعمالُ بالنياتِ"، فما نيتُك إذا صليتَ، أو تصدقتَ أو عاونتَ أو سَلَّفْتَ أو زُرتَ، أو أَولمتَ؟، يقول-سبحانه-عن بعضِ الذين أساؤوا الأدبَ والأخلاقَ معه: "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ"، وقال-تعالى-: "كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ".
ومنِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع اللهِ-تعالى-: الظنُ: فما ظَنُّك باللهِ إذا أعطاك وأغناك، أو إذا ابتلاكَ وحرمَك؟، قالَ-سبحانه- في الحديثِ القدسيِ: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي"، فمن تأدَّبَ مع اللهِ وظنَّ بهِ خيرًا أتاه الخيرُ، ومن أساءَ الأدبَ معه، وظنَّ به سوءًا أتاهُ الشرُ.
ومنِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع اللهِ-تعالى: خشيتُه ومراقبتُه في السرِ والعلنِ، وخشيةُ الله ومراقبتُه في العلانيةِ أمامَ الناسِ قد تكونُ سهلةً خوفًا من ألسنةِ الناسِ، لكنْ خشيةُ السرِ هي المؤشرُ لأخلاقِك الحسنةِ، وأدبِك معَ اللهِ، كيف أنتَ إذا كنتَ وحدَك ولم يركَ أحدٌ؟ كيف جوالُك وشاشتُك وقروباتُك ونظراتُك وكلماتُك؟ "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"، قال-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-: "لأَعْلَمَنَّ أقوامًا مِن أُمَّتي يَأْتون يومَ القيامةِ بحَسناتٍ أمثالِ جِبالِ تُهامةَ بَيْضاءَ، فيَجْعَلُها اللهُ هَباءً مَنثورًا" ولمَا سِئِلَ عنهم، قال: "أمَا إنَّهُم إخوانُكُم، ومِن جِلْدَتِكُم، ويَأخُذون مِنَ اللَّيلِ كما تَأْخُذون-يقومون يُصلونَ في الليلِ-، ولكنَّهُم أقوامٌ إذا خَلَوْا بمَحارمِ اللهِ انتَهَكوها"، هذا جزاءُ سُوءِ الخُلُقِ والأدبِ مع اللهِ تعالى في السرِ.
اللهم كما حسَّنتَ خَلْقَنا، فحسنْ أخلاقَنا وأخلاقَ المسلمينَ.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، كما ينبغي لجلالِ وجههِ وعظيمِ سلطانِه، أما بعدُ: فمنِ الأُمورِ التي تختبرُ فيها أخلاقَك وأدبَك مع اللهِ-تعالى:
ماذا تجدُ في نفسِك إذا أعطى اللهُ غيرَك، فأغنى جارَك أو أخاك أو قريبَك، وترقى زميلُك، وتفوق صديقُك، وحرَمك ومنعَك أنت؟
هل تجدُ في نفسِك حُزنًا وحَسدًا وغَيرةً وكُرْهًا، أم سُرورًا وغِبطةً ورِضًا وحبًا؟ المسلمُ الحقُ يُـحبُ لأخيهِ المسلمِ مثلَما يُـحبُ لنفسِه، بعضُ الناسِ يراقبُ ما يحدثُ لغيرِه، فإذا جاءهم الخيرُ والنعمةُ ضاقَ صدرُه وحزِنَ، وإذا أصابَهم الشرُ والفقرُ فرحَ وقالَ: "ما عليهم يستأهلون"، قال-تعالى-: "وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بعضٍ"، وقال-عليهِ وآلِه الصلاةُ والسلامُ-: "لا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا".
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا والمسلمينَ سيِئ الأخلاقِ والأعمالِ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وولاةَ أُمورِ المسلمينِ، وارزقهمْ البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمينَ، أسألُك لي ولهم من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأُعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ.
المرفقات

الأخلاقِ-1-5-2-1441-مستفادة-من-خطبة-الشيخ-سالم

الأخلاقِ-1-5-2-1441-مستفادة-من-خطبة-الشيخ-سالم

المشاهدات 630 | التعليقات 0