مُقتَرَحُ خُطبَة بعنوان: (تَذْكِيرُ العَابِدِ بِفَضَائِلِ وَآدَابِ المَسَاجِدِ.)

رمضان صالح العجرمي
1446/07/02 - 2025/01/02 14:00PM

مُقتَرَحُ خُطبَة بعنوان: (تَذْكِيرُ العَابِدِ بِفَضَائِلِ وَآدَابِ المَسَاجِدِ.)

1- أَهَمِّيَّةُ وَمَنْزِلَةُ المَسَاجِدِ.
2- فَضَائِلُ عِمَارُةُ المَسَاجِدِ.
3- آدَابُ قَاصِدِ المَسَاجِدِ.
(الهَدَفُ مِنَ الخُطبَةِ)
التَّذكِيرُ بِأَهَمِّيَّةِ وَمَنْزِلَةِ المَسَاجِدِ، مَعَ بيانِ فَضَائِل عِمَارَتهَا، وآدَابِ قَاصِدِيهَا، وفرصة الكلام عن مسألة اصطحاب الأطفال الغير مميزين إلى المسجد.

•مُقَدِّمَةٌ ومَدخَلٌ للمُوْضُوعِ:
•أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ الله، [تَذْكِيرُ العَابِدِ بِفَضَائِلِ وَآدَابِ المَسَاجِدِ.] هذا هو عنوان الخطبة بإذن الله تعالى؛ فإن المساجد هي بيوت الله جلا وعلا، فيها يُذكرُ اسمه، ومنها يُنادَى إلى طاعته وعبادته، وفيها تطمئن القلوب وترتاح النفوس، وتسجد الجباه، وتترطب بالذكر الألسن والشِّفاه، وتتراص الصفوف، وتتوحد وتتألف القلوب، فيها حلقات القرآن ومجالس العلم؛ فهيا بنا نقف هذه الوقفات اليسيرة مع: أهمية ومنزلة المساجد، وفضائل عمارة المساجد، وبعضًا من الآداب التي يجب مراعاتها لقاصد المساجد.

•الوقفة الأولى:- أَهَمِّيَّةُ وَمَنْزِلَةُ المَسَاجِدِ:
1- فإن المساجد هي بيوت الله تعالى في الأرض؛ قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾
2- وهي أحب البقاع إلى الله تعالى؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا)) [رواه مسلم].
3- وأضافها إلى نفسه سبحانه وتعالى إضافة إجلال وتشريف؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
4- ولأهمية دور المسجد: فقد كان أوَّلَ عملٍ قام به النبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه للمدينة مهاجرًا، وذلك في حائطٍ لبني النجار، ثم وسَّعهُ بعد خيبر، ثم توالى الأمر ببناء المساجد؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ [أَيِ: الْأَحْيَاءِ الَّتِي يَسْكُنُهَا النَّاسُ حَتَّى يَسْهُلَ عَلَيْهِمْ حُضُورُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ.)) [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.]
5-  ولأهمية المساجد: فقد ترتب الأجر العظيم لمن بناها، أو ساهم في بناءها؛ ففي الصحيحين عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ؛ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ)) وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا؛ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.)) [رَوَاهُ أَحْمَدُ]

•الوقفة الثانية:- فَضَائِلُ عِمَارُةُ المَسَاجِدِ:
•فقد مدح الله تعالى عُمَّارَها؛ فقال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
•وقد شهد الله تعالى لمن يعمرها بالإيمان؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾
•وأما عن الأجور والخيرات والبركات؛ فمن أين نبدأ؟! وهي أكثرُ من أن تُحصى؛ وإليك طرفُا منها:-
•فأما الخطى إليها؛ فأنعم بها وأكرم من خُطوات غالية؛ ففى صحيح مسلم عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تطهَّرَ في بيتِه، ثم مَشَى إلى بيتٍ من بيوتِ اللهِ؛ ليقضيَ فريضةً مِن فرائضِ اللهِ، كانتْ خُطواتُه: إحداهما تحطُّ خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً.)) وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَلَا أدلُّكُم على ما يَمْحو الله به الخطايا ويرفَعُ به الدرجات؟))، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: ((إسباغُ الوضوء على المكارِهِ، وكثرةُ الخُطا إلى المساجد، وانتظارُ الصلاة بعدَ الصلاة، فذلكم الرباطُ، فذلكم الرباطُ)) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ غَدَا إلى المسجدِ أو رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ)) والنُّزُل: هو ما يُهَيَّأُ للضَّيْفِ عندَ قُدومِه ونُزولِه.
•وكلما طال الممشى وكثرت الخطا زاد الأجر والثواب والدرجات؛ ففى الصحيحين عن أبي مُوسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أعظم الناس أجرًا في الصَّلاة أَبْعَدُهم إليها مَمشًى، فأبعدُهم، والذي يَنتظر الصلاة حتى يصلِّيها مع الإمام أعظمُ أجرًا من الذي يصلِّيها ثم ينام.))
•ومَنْ تكبَّد مشاقَّ الخروج إلى المسجد لا سِيَّما في الظلام، فليبشر بالخير الكثير والنُّور العظيم؛ فعن بريدة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةَ))؛ [رواه أبو داود].
•وأما الخطوات إلى المساجد يوم الجمعة فإنها تعدل جبالًا من الحسنات والأجور، وتأمل هذا الأجر والثواب العظيم لمن حافظ على آداب ومستحبات يوم الجمعة؛ فعن أوس بن أوس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ؛ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ: عَمَلُ سَنَةٍ، أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا!))؛ [رواه أحمد، وأصحاب السنن، وصححه الألباني في صحيح الترمذي]. قال العلماء: "لا نعلم حديثًا كثير الثواب، مع قلة العمل؛ أصح من هذا الحديث".
•وأما الصلاة فيها فلها فضل عظيم، وثواب كبير؛ ففي الصحيحين عن ابنِ عمَر رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ درَجَةً.)) وفي الصحيحين عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صَلاةُ الرَّجُلِ في جَماعةٍ تُضَعَّفُ عَلى صلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وفي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرينَ ضِعفًا، وذلكَ أَنَّهُ إِذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُه إِلاَّ الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَه بهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّتْ عَنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذا صَلى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَة تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ. وَلا يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ)) ، وفى صحيح مسلم عن عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فأسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ مَشَى إلى الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، فَصَلَّاهَا مع النَّاسِ، أَوْ مع الجَمَاعَةِ، أَوْ في المَسْجِدِ غَفَرَ اللَّهُ له ذُنُوبَهُ.))
•وأما الجلوس فيها؛ فقد جعل الله تعالى الاجتماعَ فيها لذكره فضائل وكرامات عظيمة؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ؛ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.)) ولا تسأل عن راحة القلب وطمأنينة النفس.
•وأما قراءة القرآن فيها؛ فثواب ذلك لا يخطر لك على بال؛ وتأمل: أجر وثواب قراءة الآية الواحدة في المسجد؛ في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ.؟)) فقلنا: يا رسول الله كلنا نحب ذلك.! قال: ((أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ.)) والكَوماء من الإبل: عظيمة السَّنام.
•وأما من تعلق قلبُه بها؛ فإنه ينجو من أهوال وحَرِّ يوم القيامة؛ ففي الصحيحين عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظلُّه؛ وذكر منهم: ورجلٌ قَلْبُه مُعلَّقٌ بالمساجدِ ..)) ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسجدُ بيتُ كُلِّ تَقِيٍّ، وتَكفَّلَ اللهُ لمن كان المسجدُ بيتَه بالروح والرحمة، والجوازِ على الصِّراطِ إلى رضوان الله إلى الجنة))؛ [رواه الطبراني، وصحَّحه الألباني].

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عُمَّار المساجد، وأن يُعلِّقَ قلوبَنَا بما.

              *       *       *
الخطبة الثانية:- آدَابُ قَاصِدِ المَسَاجِدِ:
•أيُّهَا المُسلِمُونَ عِبَادَ الله، فإن للمساجد آدابًا يجب مراعاتها؛ ويمكنُ تقسيمُها إلى قسمين:-
•أمور حثَّ الشرعُ على فعلها.
•أمور حذَّر الشرعُ ونهى عن فعلها.
أولًا:- الأمورُ التي حثَّ الشرعُ على فعلها.
•والتي حثَّ الشرعُ عليها يُمكِنُ تقسيمُها أيضًا إلى أربعة مراحل:-
•التهيؤ قبل الذهاب.
•آدابٌ على باب المسجد.
•آدابٌ داخل المسجد.
•آدابُ عند الخروج من المسجد.
•ويمكن إجمالها في الأمور التالية:-
1- نظافةُ المساجد والعنايةُ بها:
•فقد حث الإسلام على نظافة المساجد وحسن العناية بها، وجعل لذلك أجر عظيم وثواب كبير؛ فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ.)) [رواه أبو داود، والتِّرْمِذِي] ، وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي، حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ.)) [رواه مسلم، والبُخاري في "الأدب المفرد]
2- الخروجُ إليها في زينة، وعلى أحسن هيئة؛ كما قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ..﴾
3- الذهابُ إليها في سكينة ووقار؛ في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا سَمِعْتُمُ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا.)) ، وفي الصحيحين عن أبي قتادةَ رضي الله عنه، قال: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: ((ما شأنُكم؟)) قالوا: استعجلْنا إلى الصَّلاةِ، قال: ((فلا تَفْعَلوا؛ إذا أتيتُم الصَّلاةَ فعليكم بالسَّكينةِ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتمُّوا))
4- المحافظةُ على آداب الدخول والخروج؛ عن أبي حميد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ.)) [رواه أبو داود] ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: ((أَعُوذُ بِاللَّه الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ فإذا قال ذلك؛ قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم))
5- إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يُصليَ ركعتين؛ وهما تحية المسجد؛ ففي الصحيحين عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ .)) وهما سنة عند كثير من العلماء، وذهب آخرون للقول بوجوبها؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " القول بوجوب تحية المسجد قول قوي، ولكن الأقرب القول بأنها سنة مؤكدة."
6- ويُستحبُّ الإكثار في المسجد من ذكر الله تعالى: من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وغيرها من الأذكار، وكذلك الإكثار من قراءة القرآن؛ ففي صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّمَا بُنِيَتِ الْمَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ.)) وفي رواية: ((إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.))

ثانيًا:- الأمورُ التي حذَّر الشرعُ منها، ونهى عن فعلها.
1- البيع والشراء فيها، واللغو، والكلام في أمور الدنيا، وكذا إنشاد الضالة.
•وهذا محرم؛ لأن فيه إخلال بتعظيم المساجد التي لم تبنى للتجارة وإنما للذكر والصلاة؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: لاَ أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا ردَّ الله عليك ضالتك)) لأن المساجد مواطنُ تَذكِّرُ بالآخرة، وتقوي الصلة بالله تعالى، والبعد عن الدنيا والتخفف من همومها وأحزانها. وكان عطاء بنُ رباحٍ رحمه الله، إذا رأى من يبيع ويشتري في المسجد؛ يقول له: "عليك بسوق الدنيا؛ فإنما هذا سوق الآخرة".
2- رفع الصوت فيها والتشويش على المصلين.
•فإذا كان رفع الصوت بالقرآن منهي عنه، فكيف إذا رفع صوته بغير القرآن كحديث الدنيا! وكيف إذا كان يرفع صوته وجاره الذي بجانبه يقرأ القرآن؟ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: ((أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ))؛ [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.] ؛ ويدخل في التشويش على المصلين ترك الهاتف الجوَّال مفتوحًا أثناء الصلاة.
3- حضور المساجد لمن أكل الثوم أو البصل ونحوهما؛ فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا))؛ [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.] وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ، فَغَلَبَتْنَا الْحَاجَةُ؛ فَأَكَلْنَا مِنْهَا، فَقَالَ: ((مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتِنَةِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسُ)) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ.] ؛ ويلحق بذلك الدخان والروائح الكريهة التي تنبعث من الجسد أو الملابس، وغيرها.
4- أذيَّة الناس وإشغالهم بتَخطِّيِ الرقاب لمن جاء متأخِّرًا؛ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اجْلِسْ، فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ.)) [رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الألباني] أي: جمَعْتَ بينَ التأخُّرِ عن الخُطبةِ، وبينَ أذِيَّةِ المُبكِّرينَ للجُمعة.
5- الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لضرورة؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي، فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ فَقَالَ: (أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وفي رواية: ثُمَّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ.)) [رواه أحمد]
6- استخدام وقف المساجد؛ فهي وقف لله تعالى لا يجوز استعمالها إلا في المسجد.
•معنى الوقف: حبسُ عين يمكن الانتفاع بها مع بقائها، تقرُّبًا إلى الله تعالى؛ فهو: حبس الأصل وتسبيل المنفعة. فمن أوقف شيئا لله تعالى، فإنه بذلك يخرج عن ملكه، فليس له استرداده ولا التصرف فيه لمصلحته هو؛ لأن الوقف عقدٌ لازم.
•حتى قال العلماء: إذا تعطلت منافع الوقف، ولم يمكن الانتفاع به، فيباع، ويصرف ثمنه في مثله.
•ومن أمثلة أوقاف المساجد:
مياه المسجد؛ فلا يجوز صرف هذا الماء لغير الوضوء أو الشرب إذا كانت البئر وقفًا للمسجد.
المصاحف؛ فقد سُئِلَ الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز أخذ مصحف وقف من المسجد؟ فأجاب: الأقرب لا يجوز؛ لأن الواقف أراد بقاءها في المسجد حتى ينتفع بها المصلون والقارئون الذين يأتون المسجد لأجل ذلك.
7- امتهانها بكثرة عبث الأطفال فيها.
•ومسألة اصطحاب الأطفال إلى المسجد؛ فيها تفصيل؛ لإنهم ثلاثة أقسام:-
•البالغ: فلا شك أنه يجب عليه الإتيان والصلاة في المسجد.
•المُمَيِّز؛ وهو ما بلغ سبع سنوات لكنه لم يصل إلى سِنِّ البلوغ: فهذا يُستحب تعويده وتحبيبه إلى المسجد، مع النصح وتعليمه آداب المسجد.
•غير المُمَيِّز؛ وهو الذي أقل من سبع سنوات: فهذا يُكرهُ الإتيان به إلى المسجد؛ فمن الأخطاء إحضار الغير مميزين فهذا ليس من تعويد الطفل على بيوت الله في هذه السن التي لا يفقه فيها شيئًا، بل ربما كان إيذاؤه أكبر من نفعه.

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من عُمَّار المساجد، وأن يُعلِّقَ قلوبَنَا بما.

#سلسلة_خطب_الجمعة.
#دروس_عامة_ومواعظ.
(دعوةٌ وعمل، هدايةٌ وإرشاد)
قناة التيليجرام:
https://t.me/khotp

المشاهدات 317 | التعليقات 0