مفهوم الاعتدال والتشدد
إبراهيم بن صالح العجلان
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
ما هو التَّشدُّدُ؟ وما هيَ صُورُهُ؟ ومَا معالِمِه؟
وفي المقابلِ ما مفهومُ الاعتدالِ؟ وكيفَ نَصِلُ إليه؟ ومن هم أهله؟.
التشددُ والاعتدالُ مُصطلحانِ كَثُرَ الحديثُ عنها عالمياً ومحلياً.
اعْتِرَاكاتٌ عقائدية، ومواقفُ سياسية، وتأزماتٌ نفسية كلُّها تُتَاجِرُ بهذه التصيفات الجديدة.
وأصبح التفاخرُ بالاعتدالِ، وَرَجْمُ الآخرينَ بضدِّه حديثاً مرفوعاً،
فحلقاتٌ إعلامية، ومطارحاتٌ فكرية، مقالاتٌ وتغريدات، مراكز وكتابات ، تداولتْ بعلم وبلا علم مفهومَ التوسط والتشدد، وَأَصْبَحَ رَمْيُ الْآخَرِينَ بِالتَّشَدُّدِ وَالتَّطَرُّفِ شِنْشِنَةً لَا تَتَوَقَّفُ، تَتَقَاذَفُهَا الْأَهْوَاءُ بِلَا عِلْمٍ نَيِّرٍ، وَلَا بُرْهَانٍ بَيِّنٍ {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا}.
إِنَّنَا يا أهلَ الْإِيمَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ نَصِلَ إِلَى مَفْهُومِ التَّشَدُّدِ إِلَّا بِالْوُقُوفِ عَلَى دَائِرَةِ الِاعْتِدَالِ؛ فَمَا خَرَجَ عَنِ الِاعْتِدَالِ فَهُوَ شَطَطٌ؛ إِمَّا إِلَى إِفْرَاطٍ وَهُوَ التَّشَدُّدُ، وَإِمَّا إِلَى تَفْرِيطٍ وَهُوَ التَّسَيُّبُ.
الِاعْتِدَالُ كَمَا لَا يَخْفَى مُصْطَلَحٌ أَخَّاذٌ، تَهْفُو لَهُ النُّفُوسُ، وَيَهْوَاهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَلِذَا كَانَتْ دَعَاوَى الِاعْتِدَالِ كَثِيرًا مَا تُرْفَعُ، حَتَّى أَضْحَى هَذَا الشِّعَارُ جِلْبَابًا لِتَزْكِيَةِ النَّفْسِ مِنْ جِهَةٍ، وَلِرَمْيِ الْآخَرِينَ بِضِدِّهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
بَيْدَ أَنَّ تَفْسِيرَ الِاعْتِدَالِ لَا يَخْضَعُ لِأَهْوَاءِ الْبَشَرِ وَأَذْوَاقِهِمْ، بَل مَرَدُّهُ إِلَى النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ، مَرَدُّهُ إِلَى الْكِتَابِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيِهْ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ.
الِاعْتِدَالُ -عِبَادَ اللهِ-: هُوَ رَدِيفُ التَّوَسُّطِ، وَهُوَ سِمَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
لُزُومُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ هُوَ أَبْرَزُ مَعْلَمٍ مِنْ مَعَالِمِ الِاعْتِدَالِ، بَلْ هُوَ الِاعْتِدَالُ كُلُّهُ، وَيَتَجَلَّى هَذَا اللُّزُومُ بِالتَّمَسُّكِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ عَمَلًا بِالْأَحْكَامِ، وَالْتِزَامًا بِالْأَوَامِرِ، وَتَطْبِيقًا لِلْحُدُودِ؛ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
وَلِذَا كَانَ اتِّبَاعُ هَدْيِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَمَثَّلَ أَوَامِرَ رَبِّهِ هُوَ أَوْضَحُ طَرِيقٍ لِلِاعْتِدَالِ؛ قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
فَالِاسْتِقَامَةُ كَمَا أَمَرَ اللهُ هِيَ طَرِيقُ الِاعْتِدَالِ وَالتَّوَسُّطِ، وَتَأَمَّلْ مَعِي قَوْلَ الْمَوْلَى تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} ، وَهَذَا هُوَ طَرِيقُ الِاعْتِدَالِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَلَا تَطْغَوْا} وَالطُّغْيَانُ انْحِرَافٌ عَنْ مَنْهَجِ الِاعْتِدَالِ.
الْمُعْتَدِلُ فِي مَنْطِقِ الْقُرْآنِ هُوَ مَنْ وَحَّدَ اللهَ تَعَالَى؛ فَجَعَلَ حَيَاتَهُ كُلَّهَا للهِ، وَوَفْقَ مَا يُرِيدُهُ اللهُ؛ {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
الِاعْتِدَالُ الْحَقُّ فِي مَنْطِقِ الشَّرْعِ يَتَجَلَّى فِي الْأَخْذِ بِمَبْدَأِ الْيُسْرِ؛{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.
(يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، بَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا) وَصِيَّةٌ مِنْ وَصَايَا النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ.
وَيَأْتِي الْبَيَانُ الْقُرْآنُي؛ لِيَرْسُمَ لَنَا صُورَةً مِنْ صُوَرِ الِاعْتِدَالِ، وَالَّتِي بِهِ اسْتَحَقَّتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ وِسَامَ الْخَيْرِيَّةِ بَيْنَ الْأُمَمِ:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
رَفْعُ الْحَرَجِ عَنِ الْعِبَادِ مِنْ أَبْرَزِ سِمَاتِ مَنْهَجِ الِاعْتِدَالِ، وَهَذَا بَيِّنٌ ظَاهِرٌ فِي نُصُوصِ الشَّرْعِ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج} (رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ).
الْعَدْلُ وَالْقِسْطُ مَعَ الْمُخَالِفِ -وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا- صُورَةٌ بَرَّاقَةٌ مِنْ صُوَرِ الِاعْتِدَالِ الْمَنْشُودِ: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.
وَأَصْدَقُ النَّاسِ اعْتِدَالًا هُمْ صَحَابَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ تَمَسَّكُوا بِهَدْيِ نَبِيِّهِمْ، وَعَضُّوا عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ، (خَيْرُ النَّاسِ
قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِنَهْجِ الِاعْتِدَالِ، وَأَصْدَقُهُمْ تَطْبِيقًا لَهُ هُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ فَهُمْ مُعْتَدِلُونَ فِي مَسَائِلَ شَتَّى بَيْنَ طَرَفَيْنِ:
فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ الصِّفَاتِ بَيْنَ الُمشَبِّهَةِ وَالْمُعَطِّلَةِ.
وَهُمْ وَسَطٌ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَيْنَ الْقَدَرِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ.
وَهُمْ وَسَطٌ فِي أَبْوَابِ الْإِيمَانِ بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ وَالْأَبْوَابِ، الَّتِي يَضِيقُ الْمَقَامُ عَنْ عَدِّهَا وَتَفْصِيلِهَا.
وَمَنْ عَدَلَ عَنْ جَادَّةِ الِاعْتِدَالِ وَالتَّوَسُّطِ؛ فَهُوَ إِمَّا إِلَى غُلُوٍّ أَوْ جَفَاءٍ، وَالشَّارِعُ الْحَكِيمُ حَذَّرَ مِنْ هَذَا وَهَذَا، فَقَالَ فِي الْغُلُوِّ: "هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ"، وَ"إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ".
وَفِي الْمُقَابِلِ قَالَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، فَمِنَ الْخَطَأِ الْمَنْهَجِيِّ، وَالْقُصُورِ الْفِكْرِيِّ، أَنْ نَذْكُرَ الِاعْتِدَالَ وَنُنَادِيَ بِهِ فِي مُقَابِلِ التَّشَدُّدِ فَقَطْ.
بَيْنَمَا نَرَى صُوَرَ التَّسَيُّبِ، وَمَنَاظِرَ الِانْحِلَالِ، وَلَا نَدْعُو مَعَهَا وَحِينَهَا إِلَى نَهْجِ الِاعْتِدَالِ؛ فَمِنَ الِاعْتِدَالِ الِاعْتِدَالُ فِي عِلَاجِ شَطَطِ
هَؤُلَاءِ، وَانْحِرَافِ أُولَئِكَ.
إِخْوَةَ الِإْيمَانِ:
وَإِذَا عَرَفْنَا أَنَّ خَطَّ التَّشَدُّدِ هُوَ مَا خَرَجَ عَنْ طَرِيقِ الِاعْتِدَالِ إِلَى الْإِفْرَاطِ،سَهُلَ عَلَيْنَا إِدْرَاكُ صُوَرِ التَّشَدُّدِ، وَنَمَاذِجِ الْغُلُوِّ.
فَكُلُّ إِحْدَاثٍ فِي الدِّينِ، وَزِيَادَةٍ فِي الْعِبَادَةِ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ تَشَدُّدٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ؛ (وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ).
تَحْرِيمُ مَا أَبَاحَهُ اللهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَما أَذِنَ فِيهِ، تَشَدُّدٌ بَيِّنٌ.
الإعراض عن الرُّخَصِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْعَمَلُ بِخِلَافِهَا احْتِيَاطًا نَوْعٌ مِنَ التَّشَدُّدِ؛(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ).
الجرأة على الدماء وقتل من لا يستحق القتل جريمة كبرى ومخالفة عظمى لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
الْمُبَالَغَةُ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَضْيِيعِ الْوَاجِبِ، وَتَرْكِ الْأَفْضَلِ، لَوْنٌ مِنَ التَّشَدُّدِ.
كَثْرَةُ التَّسَاؤُلَاتِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ، أَوْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ، تَشَدُّدٌ مَرْفُوضٌ؛ {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا -عِبَادَ اللهِ- فَصُوَرٌ أُخْرَى يُخْطِئُ الْبَعْضُ، فَيَجْعَلُهَا مِنَ التَّشَدُّدِ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، مِنْهَا:
أَنَّ مَجَالَ التَّرْكِ لَيْسَ مَجَالَ تَشَدُّدٍ؛ فَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الْمُبَاحَاتِ بِلَا تَحْرِيمٍ، لَا يَصِحُّ إِلْصَاقُ وَصْفِ التَّشَدُّدِ بِهِ، وَإِلَّا لَأَغْلَقْنَا بَابًا مَنْدُوحًا فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ بَابُ التَّوَرُّعِ.
وَمِنْ صُوَرِ عَدَمِ التَّشَدُّدِ: أَنَّ الرَّأْيَ الْفِقْهِيَّ الْأَشَدَّ، إِذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ، أَوْ بُرْهَانٍ مَعْقُولٍ؛ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالتَّشَدُّدِ.
فَهَذَا الرَّأْيُ -وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا- فَصَاحِبُهُ مُجْتَهِدٌ وَمَعْذُورٌ، فَلَا يَصِحُّ نَعْتُهُ بِالتَّشَدُّدِ، وَإِلَّا لَأَدْرَجْنَا قَوَائِمَ كَثِيرَةً مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَأَفَاضِلِهِمْ فِي سِلْكِ الْمُتَشَدِّدِينَ.
أعوذ بالله من الشيطان: (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم)
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أهل الإيمان:
مَوْضُوعُ التَّشَدُّدِ مِنَ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَحْدِيدُ مَعَالِمِ التَّشَدُّدِ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْإِفْتَاءِ وَالتَّوْقِيعِ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَالْحَدِيثُ عَنِ التَّشَدُّدِ وَمَلَامِحِهِ، وَمَعَالِمِهِ وَصُوَرِهِ هُوَ لِأَهْلِ الِاخْتِصَاصِ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ؛ فَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا يَدْخُلُ فِي التَّشَدُّدِ وَمَا لَا يَدْخُلُ، وَمَنْ تَطَفَّلَ عَلَى غَيْرِ فَنِّهِ أَتَى بِالْعَجَائِبِ.
وَمِنْ بَلَايَا زَمَانِنَا: أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنِ التَّشَدُّدِ وَيَنَظِّرَ لهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاخْتِصَاصِ؛ فَيَجْعَلُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَرًا، وَالْمُنْكَرَ مَعْرُوفًا.
يَأْتِي مُتَعَالِمٌ لَمْ يَخُضْ غِمَارَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، وَأُصُولَهُ وَفُنُونَهُ، وَ"بِشَخْطَةِ" قَلَمٍ يُصَنِّفُ الْعُلَمَاءَ وَالْفَتَاوَى، فَهَذَا مُتَشَدِّدٌ، وَهَذا مُعْتَدِلٌ، هَذَا مُتَزَمِّتٌ، وَهَذَا مُتَسَامِحٌ.
تَنْزُلُ النَّوازلُ وتتجدَّدُ الحوادثُ فيتحرَّكُ هواةُ الخَسْفِ والتَّنْسِيفِ فَينصبونَ أعمدتهم، لِيَصْلُبوا هذا بالتطرف والرجعية، ويرجموا ذاك بالغلو والداعشية.
ألسنة حداد، وأقلام شداد تُشطِّر المجتمع والفتاوى إلى معتدلين ومتشددين، وبرامج وكتابات أذيعت ولا تزال تتباكى كثيراً على المجتمع، ووصاية فتاوى المتشددين كما يُردِّدون ويتخيلون.
وأضحت ساحاتنا الثقافية والاجتماعية مليئة بالتشويش والتحريش والتشكيك في سابقة لم نشهدها.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ رمي الْمُجْتَمَعِ، وَنَبْز أَفْرَادِهِ جَهْلًا وَعُدْوَانًا بِالتَّشَدُّدِ ظَاهِرَةٌ لَا تُبَشِّرُ بِخَيْرٍ، وَبِالْأَخَصِّ أن المستهدف هنا هو تدين المجتمع، وتاريخه في المحافظة، فترسيخ مثل هذا التصنيف يجعل الشباب والأجيال في موقف النافر عن مجتمعه وبيئته، وتاريخه بحجة وجود هذا التشدد المتخيل.
ثم اعلموا يا أهل الإيمان والغيرة أنَ هَذَا الِاتِّهَامُ والرمي بالتشدد لَيْسَ بِدْعًا فِي تَارِيخِ الْأُمَّةِ؛ فَقَدِيمًا عَيَّرَ أَهْلُ الْبِدَعِ أَهْلَ السُّنَّةِ بِالْمُجَسِّمَةِ ، وَعُيِّرَ أَهْلُ الِحَدِيثِ بِالتَّزَمُّتِ وَالْجُمُودِ،
وَهَذِهِ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ التَّدَافُعِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
لَكِنَّ يَقِينَنَا مِنْ رَبِّنَا –تَعَالَى- وَمِنْ سُنَنِهِ فِي أَرْضِهِ أَنَّ الزَّبَدَ يَذْهَبُ جَفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الْهُدَى وَالدِّينِ، وَأَنْ يَحْشُرَنَا فِي زُمْرَةِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.
المرفقات
الاعتدال-والتشدد-2
الاعتدال-والتشدد-2
خالد التميمي
الله يفتح عليك يا شيخ إبراهيم
الخطبة مرفقة بصيغتين
word
+
PDF
المرفقات
https://khutabaa.com/forums/رد/296060/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d8%af%d8%af-3
https://khutabaa.com/forums/رد/296060/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d8%af%d8%af-3
https://khutabaa.com/forums/رد/296060/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d8%af%d8%af-4
https://khutabaa.com/forums/رد/296060/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b4%d8%af%d8%af-4
تعديل التعليق