مفاتيح الأمل والسعادة 26-2-1441هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري

محمد بن سامر
1441/02/25 - 2019/10/24 20:07PM
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وليُ الصالحينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُه الأمينُ، عليه وآلهِ الصلاةُ وأتمُ التسليمِ.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون".
أما بعدُ: فيا إخواني الكرام، هناكَ صِنفٌ من النَّاسِ يرونَ أنَّ أعظمَ مقاماتِ العبادةِ، أن يكونوا مفاتيحَ للأملِ والسَّعادةِ، سعادَتُهم في رؤيةِ النَّاسِ سُعداءَ، وحياتُهم في المُساعدةِ والخيرِ والعطاءِ، يواسونَ النَّاسَ بجاهِهم ومالِهم وابتسامتِهم، وتسمعُ التَّفاؤلَ والأملَ والحبَّ في كلماتِهم، يفرحونَ إذا رأوا ابتسامةَ المحزونينَ، ويسعدونَ إذا سمعوا رجاءَ البائسينَ، يفعلونَ ذلكَ رغبةً وحُبًّا وسُرورًا، لِوَجْهِ اللَّهِ لَا يريدون جَزَاءً وَلَا شُكُورًا.
وتأملوا في حالِ الأنبياءِ-عليهم الصلاةُ والسلامُ-مع أقوامِهم وما يجدونَه مِنهم من الأذى والاستهزاءِ، وهم يُريدونَ لهم السَّعادةَ في الدُّنيا والآخرة، يقولون لهم: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ".
في غزوةِ الخندقِ عندما قَدمَتْ قريشُ وحاصَرتْ المدينةَ بعشرةِ آلافِ مُقاتلِ، في موقفٍ رهيبٍ وصفَهُ اللهُ-تعالى-بقولِه: "إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ وتظنونَ باللهِ الظنونا*هنالكَ اُبتليَ المؤمنونَ وزُلْزِلوا زِلزالًا شديدًا"، فعَرَضَتْ لهم صخرةٌ قويةٌ لم يستطيعوا كسرَها، فأخبروا النبيَّ-صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّم، فجاءَ فأخذَ الـمِعْوَلَ-وهو فأسٌ لتكسيرِ الصُخورِ-فقالَ: "باسمِ اللهِ، فضربَ ضربةً فكَسرَ ثُلُثَها، وقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ السَّاعةَ، ثم سمَّى وضَربَ الثانيةَ فكسر الثلُثَ الثاني وقالَ: اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثُّمَ سمَّى وضَربَ الثالثةَ فكسر الثلثَ الأخيرَ وقالَ: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا السَّاعةَ"، فأيُّ أملٍّ وسعادةٍ تتوقعونَ قد سَرَتْ في قلوبِ أولئكَ المؤمنينَ المُحاصرينَ؟.
وهكذا أتباعُ الأنبياءِ في العلمِ والعبادةِ، لهم دورٌ عظيمٌ في نشرِ الأملِ والسَّعادةِ، فها هو مؤمنُ آلِ فِرعونَ وهو ينصحُ لقومِه بكلماتِ الصِّدقِ والإخلاصِ، التي خلَّدَها اللهُ-تعالى-في كتابِه إلى يومِ القيامةِ، يقولُ لهم: "أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ"، "يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا"، "وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ"، "يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ"، "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ"، ثُمَّ يوضِّحُ لهم إنما أرادَ لهم النَّجاةَ والسَّعادةَ في الدُّنيا والآخرةِ: "وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ".
أنا مسلمٌ أَسعى لإنقاذِ الوَرى*للنُّورِ للإيمانِ للإسعادِ
أستغفرُ اللهَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ: فمِنْ مفاتيحِ السَّعادةِ والأملِ في حياتِنا، هو ما رأيناهُ مِنْ آبائنا وأُمَّهاتِنا، يتعبونَ لنرتاحَ، ويسهرونَ لننامَ، ويجمعونَ لننفقَ، ويُضَحُّونَ بكلِّ ما يملكونَ لنحيا، يُخفونَ آثارَ تجاعيدِ الزَّمانِ، وما كانَ من أيامِ الفقرِ والحرمانِ، ويكتمونَ الهمَّ والأحزانَ، لنَشعرَ بالدِّفءِ والأمانِ، يرجون لنا الخيرَ والصلاحَ، ويدعونَ لنا بالفوزِ والنجاحِ، فندعو لهما دائمًا بما علَّمنا ربُّنا: "رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَاني صغيرًا".
فما أجملَ أن نكونَ مفتاحَ أملٍ وسعادةٍ واطمئنانٍ، فالصُّدورُ فيها ما يكفي من الهمومِ والأحزانِ، فلا نزيدُ همَّ النَّاسِ، ولا نضاعفُ غمَّهم، بلْ نَسُرُهم ونُسعِدهم بكلمةٍ طيِّبةٍ، أو ابتسامةٍ مُشرقةٍ، أو قضاءِ حاجةٍ، واسمع وتأملْ حديثَ رسولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ- العظيمَ: "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ يطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في مسجدي هذا شهرًا، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ".
وأفضَلُ الناس ِما بين الوَرَى رَجُلٌ*تُقْضَى على يَدهِ للنَّاس ِحَاجَاتُ
لا تَمنعَـنَّ يدَ المعــروفِ عن أَحــَدٍ*ما دُمـْتَ مُـقْتَدِرًا فالسَّــعْـدُ تاراتُ
واشْكُرْ فَضَائِلَ صُنعِ اللهِ إذْ جَعَلَتْ*إليكَ لا لكَ عِـنْدَ النَّاسِ حاجَاتُ
قد ماتَ قـومٌ ومَا مَاتَتْ مـكارِمُهم*وعَاشَ قومٌ وهُم فِي النَّاس ِأمْواتُ
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا والمسلمينَ سيِئ الأخلاقِ والأعمالِ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وولاةَ أُمورِ المسلمينِ، وارزقهمْ البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمينَ، أسألُك لي ولهم من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأُعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ.
المرفقات

الأمل-والسعادة-26-2-1441هـ-مستفادة-من-خطبة-ال

الأمل-والسعادة-26-2-1441هـ-مستفادة-من-خطبة-ال

المشاهدات 1958 | التعليقات 0