مع ظاهرة التطاول على ذات الله هذه خطبة متميزة عن عظمة الله للشيخ فيصل الشدي مفرغة
عبدالرحمن اللهيبي
1433/06/27 - 2012/05/18 07:59AM
مع ظاهرة التطاول على ذات الله هذه خطبة متميزة عن عظمة الله للشيخ فيصل الشدي مفرغة
الحمد لله أبداً سرمدا، ولا نشرك معه أحد، تبارك فردا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا ولا عضدا، الحمد لله على نعمته، الحمد لله على منته، الحمد لله على حكمته، الحمد لله تلألأت بأجل المحامد أسماؤه، وتوالت بأسنى الهبات آلاؤه, وتواترت بأبرك الخيرات نعماؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق العلي الكبير، - تعالى - في إلهيته وربوبيته على الشريك والوزير، وتقدس في أحديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير، وجل في غناهُ وقيوميته عن المطعم والمجير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله السراج المنير، والبشير النذير أعظم رجل عظّم الله، وقدّس الله، وأجلّ الله، وأكبر الله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين عظّموا الله إلى يوم الدين . أما بعد ...
أيها المسلمون : الله أهل العظمة والكبرياء..الله تفرد بالبقاء..وجل عن الشركاء.. وأبدع كل شيء كما يشاء..الله أهل التسبيح والتحميد والتمجيد والتقديس والثناء. - سبحانه - ما أعظم شانه.. - سبحانه - ما أدوم سلطانه.. - سبحانه - ما أوسع رحمته وغفرانه.. - سبحانه - سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها، والبحور وحيتانها، والجبال وأحجارها, والأمطار ورعودها، والأشجار وثمارها، والديار وأطلالها "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"
سبحانك كلٌ معترف بجودك، فإنك لفطرته خالق، ولفاقته رازق، وبناصيته آخذ، وبعفوك من عقابك عائذ، وبرضاك من سخطك لائذ، إلا الذين حقت عليهم كلمة العذاب.. فالقضاء فيهم نافذ.. ووالله لو سبَّحانك ليلاً ونهاراً وسرا وجهارا ما بلغنا حقك وعظمتك ومجدك وكبريائك مثقال ذرة. "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
أيها الأحبة : لماذا الحديث عن الله... أهل العظمة والكبرياء؟
ذلك لأن القرآن كله جاء في الحديث عنه في عظمته في خلقه في أمره في نهييه في قضائه في تصريفه في تدبيره.
لماذا الحديث عن عظمة الله؟ لأن عظمة العظيم العزيز الجبار ضعفت في قلوب كثير من البشر، فاعتدوا على محارم الله وطغوا، وفرطوا في جنب الله وبغوا، فضعفت في قلوبهم هيبةُ الله، وتناسوا سطوةَ الله، وتغافلوا عن جبروت الله، وما قدروا قوة الله وبطش الله، فها نحن اليوم نتكلم عنه والحياء يملأ وجوهَنا، والخجل يعم قلوبَنا، فمن نحن حتى نمدحَه أو نمجده أو نثني عليه لكن نقدم العذر بين يديه أننا لا نحصي ثناء عليه ولا نستطيع أن نحيط بعظمته قدراً وعلماً، لكن حديثنا اليوم ما هو إلا ذرة في عظمته، وبيانا لنسمة من جلاله وهيبته. فالله أحق من مدح وأجل من ذكر وأعظم من عُبد: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ - سبحانه وتعالى - عَمَّا يُشْرِكُونَ" روى البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ,,,ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ... "
فهذا الكون كله جباله ووديانه، يابسه وماءه، كلٌ هذا الكون إنما هو على أصبع القوي القهار يوم القيامة. ومن عظمته ما ورد في بعض الآثار الإسرائيلية يقول - عز وجل -: "أيؤمَّلُ للشدائد غيري والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم؟ ويرجى غيري ويطرق بابه ، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح لمن دعاني؟ ومن ذا الذي أمّلني لنائبة فقطعت به؟ أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت رجاءه؟ أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتح له؟ أنا غاية الآمال، فكيف تنقطع الآمال دوني؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أليست الدنيا والآخرة بيدي، والكرم والفضل كله لي؟ فما الذي يمنع المؤملين أن يؤملوني؟ لو جمعتُ أهلَ السموات والأرضِ ثم أعطيتُ كلَّ واحد منهم ما أعطيتُ الجميع، وبلّغت كل واحد منهم أمله، لم ينقص ذلك من ملكي ذرة، كيف ينقص ملكٌ أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني، وتوثب على محارمي.
أيها الأحبة : هذه عظمة قدرته وقهره فكيف بعظمة علمه ,,, الله أكبر إذا كانت هذه المواهب والقدرات التي منحها للكائنات والبشر والفهوم والعقول هي خلق من خلقه، ورزق من رزقه فكيف بقدرة مانحِها؟ وعلمِ معطيها؟ وعظمة واهبها.
علمه - سبحانه - عِلْمُ من اطلع على السرائر، وكشف ما في الضمائر، وأحاط بالأول والآخر، والباطن والظاهر.. "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ". - سبحانه - عَلَمَ ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، - سبحانه ما أعلمه - الورقة تسقط بعلمه، الهمسة تنبس بعلمه، النية تعقد بعلمه، والقطرة تنزل بعلمه، جاءت خولة بنت ثعلبة تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجَها، تُسرّ إليه بحديثها وعائشة في ناحية الغرفة ما تسمع حديثها، وينزّل الله على رسوله "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"، فما كان أمام عائشة إلا أن تقول: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات.
أرسل الله موسى إلى فرعون فشكا له موسى جبروت فرعون، فقال الله "إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى".
بات نفر من المنافقين يحيكون الدسائس للمسلمين فأنزل الله "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً".
أما عظمته في كمال خلقه وملكه: فسبحان الله من سجد لعظمته العظماء، ووجل من خشيته الأقوياء، وقامت بقدرته الأرض والسماء، يا الله أي عظمة تلك في خَلْقك لملائكتك، جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة العرش قرناه عند عرش الرحمن، ورجلاه تخطان في الأرض السابعة، وما بين أذنه ومنكبه مسيرةَ سبعمائة عام".
يا الله هذا مَلَكٌ من ملائكته عبد من عبيده فكيف بمالك الملائكة؟ جاء في الحديث: "خلق الله الملائكةَ أصنافاً وإن منهم لملائكةً قياماً صافّين من يومَ خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلّى الله تبارك وتعالى، ونظروا إلى وجه الكريم، فقالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
وأي شيء تلك هي جهنم تجر يوم القيامة بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، ما أعظم شفيرها وما أبعد قعرها وما أعظم خلقها، وما أشد بأسها "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ" ومع هذا كله أي شيء هو خوفها من ربها، له خاضعة وبين يديه طائعة، في الحديث الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟! حتى يضع رب العزة فيها قدمَه، فتقول: قط قط، وعزّتُك، ويزوي بعضها إلى بعض".
يا - سبحانه - ما أعظمه شديد القهر، عليّ القدر، "إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"، "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" من الذي أرغم أنوف الطغاة عداه، ومن الذي خفض رؤوس الظلمة سواه، أهلك الفراعنة، وكسر الأكاسرة، وقصر الأقاصرة، ومزق الجبابرة، شمخت عاد واستكبرت، واغترت وعلى العظيم تألّت، وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم الله قولاً وفعلاً: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ".
أقول قولي هذا ................
"قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ"
الله صمد تقصده الملوك إذا اضطربت الأمور، ووقع المحذور، وضاقت بالحوادث الصدور. الله صمد ترتفع إليه أكف الضارعين تطلبه الغيثَ إذا تأخر نزوله، وتسأله الرزق إذا أبطأ حلوله، وترجوه رفع الضر إذا خيّم بظلاله، ومن للمبتلى إذا اشتدت بليته وأدلهمت كربته، وانعقدت غمته، من له غير الصمد يصمد إليه، من له غير الصمد يشكو إليه، من له غير الصمد يفضي إليه، من للمريض على فراشه إذا بارت الحيل، وانقطعت السبل، وضعف الأمل، وعم القلب الوجل، وقال الطبيب لا مفر قد حان الأجل، من له عندها إلا العظيم الصمد، صمد إليه وبكى بين يديه، وألح عليه، فإذا بالصمد يشافيه، ومن المرض يعافيه، وصدق وربي,,, صدق يوم أن قال: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ". الله صمد يصمد إليه الفقير إذا أوصدت أمامَه الأبواب، وأسدل دون حاجته الحجاب، وألصق بطنه بالتراب، فيأتي الفرج من الصمد،
فيكتب غناه بقلم القدر، ويغنيه عن كل البشر، "وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
صمد تصمد البرايا إليه *** وأنيس الضمائر الموحشات
خالق رازق سميع مجيب *** ويداه تفيض بالأعطيات
عباد الله : إذا سكن الليل، وهدأت العيون، وغارت النجوم، ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ". إذا بزغ الفجر وسطع الضياء، وأشرقت الشمس ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ". إذا رأينا الجبال الشاهقة، والأعلام الشامخة، ذكرنا عظمة الله، "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ". إذا رأينا مملكة النحل وإبداعها، ومجموعات النمل وأنواعها، وكلَّ ما خلق الله من مخلوقات عجيبة، وحيوانات بديعة وهوام ودواب وفَراش وزواحف وطيور وسباع وغيرها، ذكرنا عظمة الله.
انظر إلى السماء وهيبتها، والنجوم وفتنتها، والشمس وحسنها، والكواكب وروعتها، والبدر وإشراقه، والفضاء برحابته، لترى جمالاً لا ينفد، وحسناً لا ينتهي، "فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ". بل انظر إلى نفسك التي بين جنبيك، فيا سبحان من خلقك، وعلى ما شاء شكلك، وأسمعك وأبصرك، وأضحكك وأبكاك، وأضعفك وقواك، "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ".
أيها الأحبة : لتأمل أحوال أقوام كيف عظّموا الله؟!: يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لقد سبق إلى جنات عدن أقوامٌ ما كانوا بأكثر الناس صلاةً ولا صياماً ولا حجّاً ولا اعتماراً، لكنهم عقلوا عن الله مواعظاً، فوجلت منه قلوبهم، واطمأنت إليه نفوسهم، وخشعت له جوارحهم، فقاموا في الناس بطيب المنزلة، وعلو الدرجة عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة.
نعم، هؤلاء هم السلف لهم في جانب التعظيم لربهم أخبار وأخبار، أخمصوا البطون عن المطاعم الحرام تعظيماً لله، وأغمضوا الجفون عن مناظر الآثام تعظيماً لله، واجتنبوا قبائح الأفعال والكلام تعظيماً لله، فلله حياتهم، فلله هيبتهم من ربهم.
• هذا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الرجل الأسيف البكّاء، سبق الأمة بإيمان عميق، وتصديق وثيق، لما حضرته الوفاة قالوا له: ألا ندعوا لك طبيباً؟ قال: إن الطبيب قد رآني، فقال: إني فعّال لما أريد.
• هذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي وجهه خطّان أسودان من كثرة البكاء، عند وفاته يقول لابنه عبدالله: يا بني ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني، ثم قال بل ويل أمي إن لم يغفر لي، ويل أمي إن لم يغفر لي.
• وهذا سفيان الثوري - رحمه الله - طاف بالبيت الحرام، وصلى خلف المقام ركعتين ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء فوقع مغشيّاً عليه خوفاً وخشيةً وإجلالاً ومهابةً لله، وكان شديد التفكر في عظمة الله وقدرته.
• هذا بلال بن رباح يوم أن عُمَر فؤاده بجلال الله، وعظمة الله، هان لديه كلَ عظيم.. يوضع في رمضاء مكة الحارقة، توضع الصخور الكبيرة على صدره وهو يهتف بنداء التعظيم أحد.. أحد.
الحمد لله أبداً سرمدا، ولا نشرك معه أحد، تبارك فردا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا ولا عضدا، الحمد لله على نعمته، الحمد لله على منته، الحمد لله على حكمته، الحمد لله تلألأت بأجل المحامد أسماؤه، وتوالت بأسنى الهبات آلاؤه, وتواترت بأبرك الخيرات نعماؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق العلي الكبير، - تعالى - في إلهيته وربوبيته على الشريك والوزير، وتقدس في أحديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير، وجل في غناهُ وقيوميته عن المطعم والمجير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله السراج المنير، والبشير النذير أعظم رجل عظّم الله، وقدّس الله، وأجلّ الله، وأكبر الله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين عظّموا الله إلى يوم الدين . أما بعد ...
أيها المسلمون : الله أهل العظمة والكبرياء..الله تفرد بالبقاء..وجل عن الشركاء.. وأبدع كل شيء كما يشاء..الله أهل التسبيح والتحميد والتمجيد والتقديس والثناء. - سبحانه - ما أعظم شانه.. - سبحانه - ما أدوم سلطانه.. - سبحانه - ما أوسع رحمته وغفرانه.. - سبحانه - سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها، والبحور وحيتانها، والجبال وأحجارها, والأمطار ورعودها، والأشجار وثمارها، والديار وأطلالها "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"
سبحانك كلٌ معترف بجودك، فإنك لفطرته خالق، ولفاقته رازق، وبناصيته آخذ، وبعفوك من عقابك عائذ، وبرضاك من سخطك لائذ، إلا الذين حقت عليهم كلمة العذاب.. فالقضاء فيهم نافذ.. ووالله لو سبَّحانك ليلاً ونهاراً وسرا وجهارا ما بلغنا حقك وعظمتك ومجدك وكبريائك مثقال ذرة. "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
أيها الأحبة : لماذا الحديث عن الله... أهل العظمة والكبرياء؟
ذلك لأن القرآن كله جاء في الحديث عنه في عظمته في خلقه في أمره في نهييه في قضائه في تصريفه في تدبيره.
لماذا الحديث عن عظمة الله؟ لأن عظمة العظيم العزيز الجبار ضعفت في قلوب كثير من البشر، فاعتدوا على محارم الله وطغوا، وفرطوا في جنب الله وبغوا، فضعفت في قلوبهم هيبةُ الله، وتناسوا سطوةَ الله، وتغافلوا عن جبروت الله، وما قدروا قوة الله وبطش الله، فها نحن اليوم نتكلم عنه والحياء يملأ وجوهَنا، والخجل يعم قلوبَنا، فمن نحن حتى نمدحَه أو نمجده أو نثني عليه لكن نقدم العذر بين يديه أننا لا نحصي ثناء عليه ولا نستطيع أن نحيط بعظمته قدراً وعلماً، لكن حديثنا اليوم ما هو إلا ذرة في عظمته، وبيانا لنسمة من جلاله وهيبته. فالله أحق من مدح وأجل من ذكر وأعظم من عُبد: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ - سبحانه وتعالى - عَمَّا يُشْرِكُونَ" روى البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ,,,ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ... "
فهذا الكون كله جباله ووديانه، يابسه وماءه، كلٌ هذا الكون إنما هو على أصبع القوي القهار يوم القيامة. ومن عظمته ما ورد في بعض الآثار الإسرائيلية يقول - عز وجل -: "أيؤمَّلُ للشدائد غيري والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم؟ ويرجى غيري ويطرق بابه ، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح لمن دعاني؟ ومن ذا الذي أمّلني لنائبة فقطعت به؟ أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت رجاءه؟ أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتح له؟ أنا غاية الآمال، فكيف تنقطع الآمال دوني؟ أبخيل أنا فيبخلني عبدي؟ أليست الدنيا والآخرة بيدي، والكرم والفضل كله لي؟ فما الذي يمنع المؤملين أن يؤملوني؟ لو جمعتُ أهلَ السموات والأرضِ ثم أعطيتُ كلَّ واحد منهم ما أعطيتُ الجميع، وبلّغت كل واحد منهم أمله، لم ينقص ذلك من ملكي ذرة، كيف ينقص ملكٌ أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني، وتوثب على محارمي.
أيها الأحبة : هذه عظمة قدرته وقهره فكيف بعظمة علمه ,,, الله أكبر إذا كانت هذه المواهب والقدرات التي منحها للكائنات والبشر والفهوم والعقول هي خلق من خلقه، ورزق من رزقه فكيف بقدرة مانحِها؟ وعلمِ معطيها؟ وعظمة واهبها.
علمه - سبحانه - عِلْمُ من اطلع على السرائر، وكشف ما في الضمائر، وأحاط بالأول والآخر، والباطن والظاهر.. "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ". - سبحانه - عَلَمَ ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، - سبحانه ما أعلمه - الورقة تسقط بعلمه، الهمسة تنبس بعلمه، النية تعقد بعلمه، والقطرة تنزل بعلمه، جاءت خولة بنت ثعلبة تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجَها، تُسرّ إليه بحديثها وعائشة في ناحية الغرفة ما تسمع حديثها، وينزّل الله على رسوله "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"، فما كان أمام عائشة إلا أن تقول: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات.
أرسل الله موسى إلى فرعون فشكا له موسى جبروت فرعون، فقال الله "إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى".
بات نفر من المنافقين يحيكون الدسائس للمسلمين فأنزل الله "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً".
أما عظمته في كمال خلقه وملكه: فسبحان الله من سجد لعظمته العظماء، ووجل من خشيته الأقوياء، وقامت بقدرته الأرض والسماء، يا الله أي عظمة تلك في خَلْقك لملائكتك، جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة العرش قرناه عند عرش الرحمن، ورجلاه تخطان في الأرض السابعة، وما بين أذنه ومنكبه مسيرةَ سبعمائة عام".
يا الله هذا مَلَكٌ من ملائكته عبد من عبيده فكيف بمالك الملائكة؟ جاء في الحديث: "خلق الله الملائكةَ أصنافاً وإن منهم لملائكةً قياماً صافّين من يومَ خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلّى الله تبارك وتعالى، ونظروا إلى وجه الكريم، فقالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
وأي شيء تلك هي جهنم تجر يوم القيامة بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، ما أعظم شفيرها وما أبعد قعرها وما أعظم خلقها، وما أشد بأسها "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ" ومع هذا كله أي شيء هو خوفها من ربها، له خاضعة وبين يديه طائعة، في الحديث الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟! حتى يضع رب العزة فيها قدمَه، فتقول: قط قط، وعزّتُك، ويزوي بعضها إلى بعض".
يا - سبحانه - ما أعظمه شديد القهر، عليّ القدر، "إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"، "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" من الذي أرغم أنوف الطغاة عداه، ومن الذي خفض رؤوس الظلمة سواه، أهلك الفراعنة، وكسر الأكاسرة، وقصر الأقاصرة، ومزق الجبابرة، شمخت عاد واستكبرت، واغترت وعلى العظيم تألّت، وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم الله قولاً وفعلاً: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ".
أقول قولي هذا ................
"قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ"
الله صمد تقصده الملوك إذا اضطربت الأمور، ووقع المحذور، وضاقت بالحوادث الصدور. الله صمد ترتفع إليه أكف الضارعين تطلبه الغيثَ إذا تأخر نزوله، وتسأله الرزق إذا أبطأ حلوله، وترجوه رفع الضر إذا خيّم بظلاله، ومن للمبتلى إذا اشتدت بليته وأدلهمت كربته، وانعقدت غمته، من له غير الصمد يصمد إليه، من له غير الصمد يشكو إليه، من له غير الصمد يفضي إليه، من للمريض على فراشه إذا بارت الحيل، وانقطعت السبل، وضعف الأمل، وعم القلب الوجل، وقال الطبيب لا مفر قد حان الأجل، من له عندها إلا العظيم الصمد، صمد إليه وبكى بين يديه، وألح عليه، فإذا بالصمد يشافيه، ومن المرض يعافيه، وصدق وربي,,, صدق يوم أن قال: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ". الله صمد يصمد إليه الفقير إذا أوصدت أمامَه الأبواب، وأسدل دون حاجته الحجاب، وألصق بطنه بالتراب، فيأتي الفرج من الصمد،
فيكتب غناه بقلم القدر، ويغنيه عن كل البشر، "وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
صمد تصمد البرايا إليه *** وأنيس الضمائر الموحشات
خالق رازق سميع مجيب *** ويداه تفيض بالأعطيات
عباد الله : إذا سكن الليل، وهدأت العيون، وغارت النجوم، ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ". إذا بزغ الفجر وسطع الضياء، وأشرقت الشمس ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ". إذا رأينا الجبال الشاهقة، والأعلام الشامخة، ذكرنا عظمة الله، "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ". إذا رأينا مملكة النحل وإبداعها، ومجموعات النمل وأنواعها، وكلَّ ما خلق الله من مخلوقات عجيبة، وحيوانات بديعة وهوام ودواب وفَراش وزواحف وطيور وسباع وغيرها، ذكرنا عظمة الله.
انظر إلى السماء وهيبتها، والنجوم وفتنتها، والشمس وحسنها، والكواكب وروعتها، والبدر وإشراقه، والفضاء برحابته، لترى جمالاً لا ينفد، وحسناً لا ينتهي، "فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ". بل انظر إلى نفسك التي بين جنبيك، فيا سبحان من خلقك، وعلى ما شاء شكلك، وأسمعك وأبصرك، وأضحكك وأبكاك، وأضعفك وقواك، "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ".
أيها الأحبة : لتأمل أحوال أقوام كيف عظّموا الله؟!: يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لقد سبق إلى جنات عدن أقوامٌ ما كانوا بأكثر الناس صلاةً ولا صياماً ولا حجّاً ولا اعتماراً، لكنهم عقلوا عن الله مواعظاً، فوجلت منه قلوبهم، واطمأنت إليه نفوسهم، وخشعت له جوارحهم، فقاموا في الناس بطيب المنزلة، وعلو الدرجة عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة.
نعم، هؤلاء هم السلف لهم في جانب التعظيم لربهم أخبار وأخبار، أخمصوا البطون عن المطاعم الحرام تعظيماً لله، وأغمضوا الجفون عن مناظر الآثام تعظيماً لله، واجتنبوا قبائح الأفعال والكلام تعظيماً لله، فلله حياتهم، فلله هيبتهم من ربهم.
• هذا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الرجل الأسيف البكّاء، سبق الأمة بإيمان عميق، وتصديق وثيق، لما حضرته الوفاة قالوا له: ألا ندعوا لك طبيباً؟ قال: إن الطبيب قد رآني، فقال: إني فعّال لما أريد.
• هذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي وجهه خطّان أسودان من كثرة البكاء، عند وفاته يقول لابنه عبدالله: يا بني ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني، ثم قال بل ويل أمي إن لم يغفر لي، ويل أمي إن لم يغفر لي.
• وهذا سفيان الثوري - رحمه الله - طاف بالبيت الحرام، وصلى خلف المقام ركعتين ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء فوقع مغشيّاً عليه خوفاً وخشيةً وإجلالاً ومهابةً لله، وكان شديد التفكر في عظمة الله وقدرته.
• هذا بلال بن رباح يوم أن عُمَر فؤاده بجلال الله، وعظمة الله، هان لديه كلَ عظيم.. يوضع في رمضاء مكة الحارقة، توضع الصخور الكبيرة على صدره وهو يهتف بنداء التعظيم أحد.. أحد.
المشاهدات 6772 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاكما الله خيرا
عبدالرحمن اللهيبي
هذه نسخة من الخطبة بعد التهذيب
الحمد لله أبداً سرمدا، ولا نشرك في عبادة ربنا أحدا، تبارك أولا وآخرا وظاهرا وباطنا واحدا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولا شريكا ولا عضدا، الحمد لله على نعمته، الحمد لله على منته، الحمد لله على حكمته، الحمد لله تلألأت بأجل المحامد أسماؤه، وتوالت بأسنى الهبات آلاؤه, وتواترت بأبرك الخيرات نعماؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق العلي الكبير، - تعالى - في ألوهيته وربوبيته على الشريك والوزير، وتقدس في أحديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير، وجل في غناهُ وقيوميته عن المطعم والمجير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله السراج المنير، والبشير النذير أعظم رجل عرف الله حق المعرفة فعظّم الله، وقدّس الله، وأجلّ الله، وأكبر الله، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين عظّموا الله إلى يوم الدين . أما بعد ...
أيها المعظمون لربكم : الله جل في علاه هو أهل العظمة والكبرياء..جل عن الشركاء.. وأبدع كل شيء كما يشاء..الله أهل التسبيح والتحميد والتمجيد والتقديس والثناء. سبحانه - ما أعظم شانه.. - سبحانه - ما أجل قهره وسلطانه.. - سبحانه - ما أوسع رحمته وغفرانه.. - سبحانه - سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها، والبحور وحيتانها، والجبال وأحجارها, والأمطار ورعودها، والأشجار وثمارها، والديار وأطلالها "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ" وﭧ ﭨ ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﭼ
سبحانك كلٌ معترف بجودك، فإنك لفطرته خالق، ولفاقته رازق، وبناصيته آخذ، وبعفوك من عقابك عائذ، وبرضاك من سخطك لائذ، إلا الذين حقت عليهم كلمة العذاب.. فالقضاء فيهم نافذ.. اللهم إنا نعوذ برضاك ...
فوالله الذي لا رب سواه ولا إله غيره لو سبَّحانك ليلاً ونهاراً وسرا وجهارا ما بلغنا حقك وعظمتك ولا فضلك ونعماءك مثقال ذرة. "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"
أيها الأحبة : لماذا الحديث في هذه الخطبة عن الله... أهلِ العظمة والكبرياء؟
ذلك لأن أقواما ينتسبون إلى الإسلام ونشؤوا في بلاد التوحيد ومأرز الإيمان ما عرفوا ربهم العظيم المنان حق معرفته وما قدروه حق قدره فاعتدوا على جنابه وأساؤوا القول في ذاته وأعظموا الفرية في صفاته فمن ملحد منكر لوجوده ومن مجرم مرتد ينسب العجز أو الظلم للقاهر فوق عباده وثالثة مخذولة شبهت صوت أحد المغنين بصوت الله فاللهم لا تؤآخذنا بما فعل السفهاء منا
أيها المعظمون لربكم لماذا الحديث عن عظمة الله؟ لأن عظمة المنعم المتفضل ضعفت في قلوب كثير من البشر، فاعتدوا على محارم الله وطغوا، وفرطوا في جنب الله وبغوا، فضعفت في قلوبهم هيبةُ الله، وتناسوا سطوةَ الله، وتغافلوا عن جبروت الله، وما قدروا قوة الله وبطش الله، فها نحن اليوم نتكلم عنه والحياء يملأ وجوهَنا، والخجل يعم قلوبَنا، والحروف تتلعثم في حناجرنا فمن نحن حتى نمدحَه أو نمجده أو نثني عليه لكن نقدم العذر بين يديه أننا لا نحصي ثناء عليه ولا نستطيع أن نحيط بعظمته قدْراً وعلماً، لكن حديثنا اليوم ما هو إلا ذرة في عظمته، ونَسْمة من جلاله وهيبته. فالله أحق من مدح وأجل من ذكر وأعظم من عُبد: "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ - سبحانه وتعالى - عَمَّا يُشْرِكُونَ" روى البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد إنا نجد أن الله - عز وجل - يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر
ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ... "
فهذا الكون كله جباله ووديانه، يابسه وماءه، كلٌ هذا الكون إنما هو على أصبع القوي القهار يوم القيامة. ومن عظمته ما ورد في بعض الآثار الإسرائيلية يقول - عز وجل -: "أيؤمَّلُ للشدائد غيري والشدائد بيدي وأنا الحي القيوم؟ ويرجى غيري ويطرق بابه ، وبيدي مفاتيح الخزائن، وبابي مفتوح لمن دعاني؟ من ذا الذي أمّلني لنائبة فقطعت به؟ أو من ذا الذي رجاني لعظيم فقطعت رجاءه؟ أو من ذا الذي طرق بابي فلم أفتح له؟ أنا غاية الآمال، فكيف تنقطع الآمال دوني؟ أليست الدنيا والآخرة بيدي، والكرم والفضل كله لي؟ فما الذي يمنع المؤملين أن يؤملوني؟ لو جمعتُ أهلَ السموات والأرضِ ثم أعطيتُ كلَّ واحد منهم ما أعطيتُ الجميع، وبلّغت كل واحد منهم أمله، لم ينقص ذلك من ملكي ذرة، كيف ينقص ملكٌ أنا قيّمه؟ فيا بؤساً للقانطين من رحمتي ويا بؤساً لمن عصاني، وتوثب على محارمي.
أيها المعظمون لله : هذا يسير من عظمة الله في قدرته وقهره فكيف بعظمة علمه ,,, الله أكبر إذا كانت هذه المواهب والقدرات التي منحها للكائنات والبشر والفهوم والعقول هي خلق من خلقه، ورزق من رزقه فكيف بقدرة مانحِها؟ وعلمِ معطيها؟ وعظمة واهبها.
علمه - سبحانه - عِلْمُ من اطلع على السرائر، وكشف ما في الضمائر، وأحاط بالأول والآخر، والباطن والظاهر.. "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ". - سبحانه - عَلَمَ ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، - سبحانه ما أعلمه - الورقة تسقط بعلمه، الهمسة تنبس بعلمه، النية تعقد بعلمه، والقطرة تنزل بعلمه، جاءت خولةُ بنتُ ثعلبة تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجَها، تُسرّ إليه بحديثها وعائشة في ناحية الغرفة ما تسمع حديثها،
وينزّل الله على رسوله "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"، فما كان أمام عائشة إلا أن تقول: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات.
أرسل الله موسى إلى فرعون فشكا له موسى جبروت فرعون، فقال الله "إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى".
بات نفر من المنافقين يَحيكون الدسائس للمسلمين فأنزل الله "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطاً".
أما عظمته في كمال خلقه وملكه: فسبحان من سجد لعظمته العظماء، ووجِل من خشيته الأقوياء، وقامت بقدرته الأرض والسماء، يا الله أي عظمة تلك في خَلْقك لملائكتك، جاء في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُذن لي أن أتحدث عن ملك من ملائكة العرش قرناه عند عرش الرحمن، ورجلاه تخطان في الأرض السابعة، وما بين أذنه ومنكبه مسيرةَ سبعمائة عام".
يا الله هذا مَلَكٌ من ملائكته عبد من عبيده خلق من خلقه فكيف بالخالق جل في علاه؟ جاء في الحديث: "خلق الله الملائكةَ أصنافاً وإن منهم لملائكةً قياماً صافّين من يومَ خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعاً خشوعاً من يوم خلقهم إلى يوم القيامة، وملائكة سجوداً منذ خلقهم إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلّى الله تبارك وتعالى، ونظروا إلى وجه الكريم، فقالوا سبحانك ما عبدناك حق عبادتك".
أيها المعظمون لله : أي شيء تلك هي جهنم تجر يوم القيامة بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، ما أعظم شفيرها وما أبعد قعرها وما أعظم خلقها، وما أشد بأسها "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ" ومع هذا كله أي شيء هو خوفها من ربها،
له خاضعة وبين يديه طائعة، في الحديث الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال جهنم تقول هل من مزيد؟! حتى يضعَ رب العزة فيها قدمَه، فتقول: قط قط، وعزّتُك، ويُزوي بعضها إلى بعض".
يا - سبحانه - ما أعظم ربنا شديد قهره، عليّ قدره، "إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"، "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" من الذي أرغم أنوف الطغاة عداه، ومن الذي خفض رؤوس الظلمة سواه، أهلك الفراعنة، وكسر الأكاسرة، وقصر الأقاصرة، ومزق الجبابرة، شمخت عاد واستكبرت، واغترت وعلى العظيم تألّت، وقالوا من أشد منا قوة فأجابهم الله قولاً وفعلاً: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ".
أقول قولي هذا ................
"قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ"
الله صمد تقصده العباد إذا اضطربت الأمور، ووقع المحذور، وضاقت بالحوادث الصدور. الله صمد ترتفع إليه أكف الضارعين تطلبه الغيثَ إذا تأخر نزوله، وتسأله الرزق إذا أبطأ حلوله، وترجوه رفع الضر إذا خيّم بظلاله، من للمبتلى إذا اشتدت بليته وأدلهمت كربته، وانعقدت غمته، من له غير الصمد يصمد إليه، من له غير الصمد يشكو إليه، من له غير الصمد يفضي إليه، من للمريض على فراشه إذا بارت الحيل، وانقطعت السبل، وضعف الأمل، وعم القلب الوجل، وقال الطبيب لا مفر قد حان الأجل، من له عندها إلا العظيم الصمد، صمدَ العبد إليه وبكى بين يديه، وألح عليه، فإذا بالصمد يشفيه، ومن المرض يعافيه، وصدق ربيى يوم أن قال: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ".
الله صمد يصمد إليه الفقير إذا أوصدت أمامَه الأبواب، وأُسدل دون حاجته الحجاب، وأُلصق بطنُه بالتراب، فيأتي الفرج من الصمد،
فيكتب غناه بقلم القدَر، ويغنيه عن كل البشر، "وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
صمد تصمد البرايا إليه *** وأنيس الضمائر الموحشات
خالق رازق سميع مجيب *** ويداه تفيض بالأعطيات
أيها المعظمون لله : إذا سكن الليل، وهدأت العيون، وغارت النجوم، ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ". إذا بزغ الفجر وسطع الضياء، وأشرقت الشمس ذكرنا عظمة الله، "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ". إذا رأينا الجبال الشاهقة، والأعلامَ الشامخة، ذكرنا عظمة الله، "وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ".
إذا رأينا مملكة النحل وإبداعها، ومجموعات النمل وأنواعها، وكلَّ ما خلق الله من مخلوقات عجيبة، وحيوانات بديعة وهوام ودواب وفَراش وزواحف وطيور وسباع وغيرها، ذكرنا عظمة الله.
انظر إلى السماء وهيبتها، والنجوم وفتنتها، والشمس وحسنها، والكواكب وروعتها، والبدر وإشراقه، والفضاء برحابته، لترى جمالاً لا ينفد، وحسناً لا ينتهي، "فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ".
بل انظر إلى نفسك التي بين جنبيك، فيا سبحان من خلقك، وعلى ما شاء شكلك، وأسمعك وأبصرك، وأضحكك وأبكاك، وأضعفك وقواك، "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ".
عبد الله : تأمل أحوال أقوام كيف عظّموا الله؟!: يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: لقد سبق إلى جنات عدن أقوامٌ ما كانوا بأكثر الناس صلاةً ولا صياماً ولا حجّاً ولا اعتماراً، لكنهم عقلوا عن الله مواعظاً، فوجِلت منه قلوبهم، واطمأنت إليه نفوسهم، وخشَعت له جوارحهم، فقاموا في الناس بطيب المنزلة، وعُلُوِ الدرجة عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة.
نعم، هؤلاء هم السلف لهم في جانب التعظيم لربهم أخبارٌ وأخبار، أخمصوا البطون عن المطاعم الحرام تعظيماً لله، وأغمضوا الجفون عن مناظر الآثام تعظيماً لله، واجتنبوا قبائح الأفعال والكلام تعظيماً لله، فلله حياتهم ومماتهم وصلاتهم ونسكهم.
• هذا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الرجل الأسيف البكّاء، سبق الأمة بإيمان عميق، وتصديق وثيق، لما حضرته الوفاة قالوا له: ألا ندعوا لك طبيباً؟ قال: إن الطبيب قد رآني، فقال: إني فعّال لما أريد.
• هذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي وجهه خطّان أسودان من كثرة البكاء، عند وفاته يقول لابنه عبدالله: يا بني ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني، ثم قال بل ويل أمي إن لم يغفر لي.
• وهذا سفيان الثوري - رحمه الله - طاف بالبيت الحرام، وصلى خلف المقام ركعتين ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء فوقع مغشيّاً عليه خوفاً وخشيةً وإجلالاً ومهابةً لله، وكان شديد التفكر في عظمة الله وقدرته.
• هذا بلال بن رباح يوم أن عُمَر فؤاده بجلال الله، وعظمة الله، هان لديه كلَ عظيم.. يوضع في رمضاء مكة الحارقة، توضع الصخور الكبيرة على صدره وهو يهتف بنداء التعظيم أحد.. أحد.
اللهم اجعلنا لك معظمين لك ذكارين ...
تعديل التعليق