معني الإســــلام

فهد عبدالله الصالح
1438/07/12 - 2017/04/09 06:52AM
الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وسمانا مسلمين وأشهد ..
(يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
أما بعـد :
إخوة الإيمان , الإسلام دين الله الذي شرعه لعباده ورضيه لهم , يقول سبحانه (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا),والإسلام منهج وصى به الأنبياء عشيرتهم وأقوامهم (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون), الإسلام بعقيدته وشريعته مفهوم شامل وواسع لا يحصر في لفظ نقوله ,أو شعيرة معينه نمارسها.
الإسلام – أيها المسلمون – مأخوذ من الاستسلام فنسلم أنفسنا لله , ونجعل له وحده سبحانه حق التصرف فيها وتوجيهها حيث أرد سبحانه,يقول ربنا تعالى (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون).فإذا كان الكون أسلم لله طوعاً وكرهاً,فكيف لا يسلم له الإنسان الذي عرف قدر الخالق وعظمته ,ورأى آثار صنعه وإبداعه في هذا الكون المترامي ؟ فالاستسلام لله والانقياد له من أهم معاني الإسلام التي يجب أن نحققها , يقول تعالى (فإلهكم إله واحد فله اسلموا وبشر المخبتين).
الإسلام – أيها المسلمون – أن نتوجه إلى الله سبحانه بعقيدة صافية خالية من كل شائبة شريك أو خرافة ,وأن نوحده سبحانه حق توحيده , وأن نخلص له العمل والعبادة وحده دون سواه .
الإسلام – أيها المسلمون – أن لا نفتخر بنسب غير نسب الإسلام ولا نباهي بأي انتماء توجه غيره , لأنه الرابطة الحقة التي تربط كل مسلم بأخيه مهما بعدت بينهم المسافات وفرقت بينهم المساحات ,فالناس سواسية عند الله في الدنيا , وأما في الأخرى فالتفاوت بالتقوى والعمل الصالح (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير ).
الإسلام – أيها الأخوة – أن نرضى بحكم الله ورسوله في كل معاملاتنا وأقضيتنا ونزاعاتنا وخلافاتنا وعلاقاتنا , وأن يكون كل قانون أو نظام متفقاً مع شرع الله وإلا كان الظلم والفسق والكفر , وأن يكون ذلك أحب إلينا وأقرب إلى نفوسنا (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً).
الإسلام – يا أمة الإسلام – أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة لنا(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً),هذه الأسوة توجب علينا طاعته واتباعه حتى ننال رضاه, يقول سبحانه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ), فاتباع هذا النبي واجب على كل مسلم , بل إن الأنبياء لو أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وسعهم إلا أن يتبعوه , يقول عليه السلام: والذي نفسي بيده , لو أن موسى عليه السلام كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني ) أخرجه البيهقي من حديث جابر رضي الله عنه,ويقول الإمام مالك إمام دار الهجرة رحم الله أباه (ما منا إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر ) وأشار إلى قبره عليه السلام .
الإسلام – أيها المؤمنون – أن نهتم بأمر المسلمين في كل مكان , وأن نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم , وأن لا يكون هم كل واحد منا ما يخصه وحده , بل لا بد أن يضيف المسلم إلى اهتماماته اهتمامه بأمته وبإخوانه المسلمين في كل مكان , وأن يحس بمعاناتهم وكأنها تصيبه هو عنهم , يقول نبينا صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم من حديث النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ).
الإسلام – أيها المسلمون – أن يسلم المسلمون منا ومن أذانا ,وأن لا نكون أشداء على المسلمين رحماء على غيرهم , وأن نقبل عذر إخواننا ,وأن نكون هينين لينين رفيقين مع إخواننا في العثيدة والدين, لا نؤذيهم بألسنتنا ولا بأيدينا , ولا نتعدى على أموالهم أو أعراضهم ,هكذا نكون حقا مسلمين,وهكذا عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم بقول (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ,والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ) أخرجه أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
الإسلام – أيها المسلمون – أن نعرف لأهل الفضل فضلهم فنشكرهم ونحسن إليهم , وأن نعرف لأهل العلم مكانتهم فنجلهم ونحترمهم , ففي الحديث (ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) ومما جاء به الإسلام بل جاءت به كل الشرائع السعي للإصلاح في كل مناحي الحياة يقول الله تعالى عن نبيه شعيب عليه السلام وهي بيان لكل وظائف الرسل الكرام عليهم السلام ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ).
الإسلام – أيها المسلمون – أن نستعد لمغادرة هذه الدار إلى دار القرار بزاد من العمل الصالح , فلا ينبغي أن نتشبث بدار نحن مفارقوها, فقد فارقها من هو أحب إلى الله منا,بل هو أحب خلق الله إلى الله رسوله وخليله محمد (ص) , يقول كما عند البيهقي من حديث سهل (أتاني جبريل فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت , وأحبب من شئت فإنك مفارقه , واعمل ما شئت فإنك مجزي به ).
ومن واجب المسلم الدعوة إلى الله تعالى كما قال سبحانه (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ), فكل مسلم مأمور بالدعوة إلى الله تعالى , لأنه من أتباع النبي الخاتم , وخليفة له في هذا الواجب , والدعوة إلى الله هي التي تنقل الأمة إلى الخيرية (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ), بالدعوة إلى الله يكثر الخير ويقل الشر ويدفع الله عن الأمة كل سوء ويستجيب الدعاء ويعم الخير والنماء بل يتحول العدو إلى داعية ومجاهد كما حصل للمغول الذين اجتاحوا ديار الإسلام في أخر الدولة العباسية وفعلوا ما فعلوا ثم أسلم منهم الكثير فكانوا قادة ومجاهدين , والدعوة إلى الله غيرت البعض من حياة الضلال والجهل إلى حياة النور , ومن داعية إلى الانحراف والفجور إلى داعية إلى الخير والفضيلة .
هذا يا معاشر المسلمين حديث عن معني الإسلام وبعض شرائعه وأحكامه التي شرعها الإسلام لأهله ...
(يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم , ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم , أقول قولي هذا , وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .
الخطــبة الثانــــية :
لقد تكفل الله لمن يأخذ بالإسلام قولا وعملا وفي مناحي الحياة كافة بالعز والتمكين يقول سبحانه ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ), وعد بالنصر على كل عدو ومتربص وطامع يقول سبحانه (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ),وعد الله لمن يحقق الإيمان والتقوى بخيرات الأرض والسماء ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ), وآيات وأحاديث كثيرة تبشر وتعد بالنصر والخير للأمة إذا هي اعتصمت بحبل الله وتحاكمت إليه في كل أمر , فواجب على الأمة أن تأخذ الكتاب بقوة وأن تحتكم إليه في كل شئونها , وواجب على كل مسلم أن يعتز بهذا الدين وأن يحل الحلال ويحرم الحرام ويقول بما أوجبه الله عليه وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فوعد الله قائم وهو لا يخلف الميعاد سبحانه هذا وصلو وسلموا على نبيكم .....
المشاهدات 716 | التعليقات 0