معبروا الرؤى بين الشرع والواقع

الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علمًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.

فأوصيكم ونفسي المقصّرة بتقوى الله -عز وجل-، فهي وصية الله للأولين والآخرين ]وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ[.

إخوة الإيمان والعقيدة .. إن من أعظم نعم الله علينا أن جعل ديننا دين علم وهدى، وأنزل علينا كتابًا فيه النور والبيان، وأرسل إلينا رسولًا معلّمًا مرشدًا، فبيّن لنا أحكام الدين وأصوله، وفتح لنا باب التفقّه والاعتبار. لكن مع ذلك، جاءت التحذيرات في الكتاب والسنة من الخوض في ما لا علم لنا به، والافتراء على الله بغير علم.

ومن الأمور التي كثر فيها الجهل في زماننا هذا، ادعاء تعبير الرؤى من غير أهلية ولا علم، فصار البعض يفسّر الرؤى دون مراعاة للضوابط الشرعية أو التثبت من العلم المعتبر في هذا الباب، بل صاروا يتكسبون بها ويضلّلون الناس، وربما تلاعبوا بمشاعرهم وأموالهم.

عباد الله .. تعبير الرؤى علم شريف لكنه ليس لكل أحد، وقد كان النبي ﷺ يُعبّر الرؤى أحيانًا، ويعلّم أصحابه ذلك، لكنه في الوقت ذاته حذّر من الكذب في هذا الباب، فقال ﷺ (مَن تَحَلَّمَ بحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، ولَنْ يَفْعَلَ) فهذا وعيد شديد لمن يكذب في الرؤى أو يتجرأ على تفسيرها بغير علم.

وأخبر النبي ﷺ أن الرؤيا جزء من النبوة، فقال ﷺ (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ) لكنها ليست كل النبوة، ولا تكون دليلاً على الأحكام الشرعية إلا بضوابطها الشرعية.

أيها المسلمون ..إن من أخطر ما يقع فيه مدّعو تعبير الرؤى، أنهم يفتنون الناس بما يقولون، فيوهمونهم بأنهم يعلمون الغيب، أو يجعلون الناس يتعلقون بالأحلام أكثر من التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ. وهذا انحراف خطير، لأن الله تعالى وحده هو الذي يعلم الغيب ]قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُ[.

وقد نجد بعضهم يستغلون ضعف الناس وحاجاتهم النفسية أو المادية، فيبتزونهم أو يخدعونهم بأقوال لا أصل لها، مما يؤدي إلى نشر الفتنة والبلبلة بين الناس.

أيها الإخوة .. إن الإسلام أرشدنا إلى التعامل الصحيح مع الرؤى. فإن رأى أحدكم رؤيا حسنة، فليحمد الله عليها، وليقصها على من يحب من أهل الدين والصلاح، وإن رأى ما يكرهه، فليستعذ بالله من شرها، ولا يحدّث بها أحدًا، ولينفث عن يساره ثلاثًا، كما علّمنا النبي ﷺ.

وأما تعبير الرؤى، فهو علم يحتاج إلى الفقه والعلم الشرعي والفراسة، وهو ليس مجالًا للعبث أو الاجتهاد الخاطئ. وقد قال ابن سيرين رحمه الله -وهو من أعلم الناس في باب التعبير: اتقوا الله في ما تقولون في الرؤى.

الحذر الحذر -يا عباد الله- من أن تجعلوا رؤاكم أو تعبيرها وسيلة لاتخاذ القرارات المصيرية، أو لتغيير الأحكام الشرعية. فديننا مبني على الوحي الصحيح من الكتاب والسنة، وليس على الأحلام والرؤى. واحذروا كذلك من المدّعين الذين يفتنون الناس بكلام لا أصل له، وليكن مرجعكم في ذلك العلماء الموثوقون.

نسأل الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه

أقول ما تسعون ...

 

 

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلّمنا ما ينفعنا، وحذرنا من الغلو والضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

معاشر المؤمنين .. ما نشاهده اليوم من استغلال بعض المدّعين عبر وسائل التواصل لتعبير الرؤى أمر خطير. فهم لا يراعون حال السائلين، ولا يعلمون أصول التعبير، وقد ينشرون الرؤى التي تثير الفتنة بين الناس، أو يتكلمون بما يوافق أهواءهم دون تقوى الله. يعتمدون على الظنون والتخمين، وربما يكون قصدهم تحقيق مكاسب مادية أو الشهرة بين الناس. وهؤلاء لا يجوز للمسلم أن يتبعهم أو يُصدّقهم، لأنهم يضلّون ولا يهدون.

لكن المؤسف -أيها المسلمون- أن بعض الناس يذهبون بعيداً في تعظيم هذه الرؤى والأحلام، ويظنون أن كل حلم يحمل رسالة غيبية، فيهرعون إلى من يدّعون تفسير الأحلام وتعبيرها، متناسين أن هذه الرؤى لا تكون تشريعاً ولا مصدراً من مصادر الدين.

علينا أن نحذر من تتبع هؤلاء المدّعين على وسائل التواصل، وأن لا نجعل الرؤى شغلنا الشاغل، بل الواجب علينا التمسك بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ، واتباع العلم الصحيح. فإن التعبير الخاطئ للرؤى قد يفسد العقول والقلوب، ويثير القلق والريبة في نفوس الناس.

احذروا من تضخيم الرؤى وتحميلها ما لا تحتمل، واجعلوا ثقتكم بالله عز وجل، وتوكلوا عليه وحده، واعلموا أن الحياة لا تُبنى على الرؤى والأحلام، وإنما على العمل الصالح والطاعة والاعتماد على الله.

اللهم احفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووفقنا لطاعتك ورضاك، واغفر لنا ذنوبنا، وأصلح لنا أحوالنا، إنك على كل شيء قدير، ووفقنا للعلم النافع والعمل الصالح، واجعلنا من عبادك المتقين.

المرفقات

1737665007_معبروا الرؤى بين الشرع والواقع.pdf

1737665017_معبروا الرؤى بين الشرع والواقع.docx

المشاهدات 725 | التعليقات 0