معاملة الكفار

ابو شهد
1436/05/15 - 2015/03/06 02:43AM
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ,ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ,الحمد لله الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى,وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى,الحمد لله الذي خَلَقَ الزوجين الذَّكَرَ وَالأُنْثَى,وقال(إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ,وانظُرُوا كَيْفَ تُعَامِلُونَ مَن حَوْلَكَمْ عَلَى وِفْقِ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ رَبِّكُم وَعَلَى وِفْقِ مَا صَحَّ عَن نَبِيِّكُم مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,فَإِنَّ فِي ذَلِكَ فَلاحَكُم في الدُّنْيَا والآخِرَةِ !أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:إِنَّ الكَلامَ فِي خُطْبَةِ الْيَومِ عَن التَّعَامُلِ معَ غَيْرِ الْمُسْلِمينَ مِن الكُفَّارِ بِأَنْوَاعِهِم وَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمِنَ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ التِي تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهَا,نَظَرَاً لِكَثْرَةِ تَعَامُلاتِ النَّاسِ فِي هَذِهِ الأَيَّامَ مَعَ الْكُفَّارِ فِي الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ,فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَ الكُفَّارِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ ,أَوْ رُبَّمَا انْحَرَفَ الْفَهْمُ عِنْدَ الْبَعْضِ حتَّى ظَنَّ أَنَّ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَهُم كُفْرٌ !وَمِنَ النَّاسِ من أَجَازَ كُلَّ تَعَامُلٍ مَعَهُم وَلَمْ يُفَصِّلْ وَهَذَانِ طَرَفَانِ مُتَنَاقِضَانِ, وَلَعَلَّهُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ بِإِذْنِ اللهِ تَجْلِيَةٌ لِهَذَهِ الْمَسْأَلَةِ,وأول هذه المسائل:هل يسمى غير المسلم بكافر فالجواب نعم حيث نَجِدُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ سَمَّاهُمُ:الكُفَّارَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ,وأما تعيين شخص بأنه كافر فإن كان كافر أصلي فيجوز وصفه بالكفر بلا شرط .وأما المرتد فلا يوصف بالكفر إلا بعد ثبوت كفره وأن لايكون جاهلاً أو مكرهاً أو متأولاً!وَأَمَّا أَحْكَامُ التَّعَامُلِ مَعَ الكُفَّارِ فَفِي ذَلِكَ مَسَائِل :الْمَسْأَلَةُ الأُولَى محبتهم :والسلام عليهم فإِذَا أَحَبَّهُم لأَجْلِ دِينِهِمْ أَوْ نَاصَرَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِين كفر وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) يَعْنِي: يُسَاعِدُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ يَكَونَ هُنَاكَ قِتَالٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالكُفَّارِ ثُمَّ يُعِينُ الكُفَّارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُسَاعِدُهُم بِالْمَالِ أَو بِالسِّلاحِ أَو بِالرَّأْي(وَيَجِبُ هُنَا أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَ العَامِلِ وَالعَمَلِ,فَالعَمَلُ هَذَا كُفْرٌ وَرِدَّةٌ, وَأَمَّا العَامِلُ فَإِنَّهُ لا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ,لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعْذُوراً بِجَهْلٍ أَوْ إِكْرَاهٍ وأما مَحَبَّتُهُم لأَجْلِ دُنْيَاهُمْ,كَأَنْ يُحِبَّهُم لأَجْلِ مَا عِنْدَهُم مِن التَّقَدُّمِ الصِّنَاعِي,فَهَذَا لا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَصَاحِبُهُ عَلَى خَطَرٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ كَافِرَاً . قَالَ اللهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ وأما الْمَحَبَّةِ الطَبِيعِيِّةِ ؟ كَمَحَبَّةِ الرَّجُلِ لَوَلَدِهِ أَوْ لِوَالِدِهِ الكَافِرِ,أَوْ مَحَبِّةِ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ اليَهُودِيَّةِ فجائزة.وأما ابتداء الكفار بالسلام فأكثر العلماء من السلف والخلف على تحريم الابتداء ووجوب الرد عليه، فيقول في رده على سلام الكافر: وعليك أو عليكم.واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم:لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه"رواه مسلم كما يجوز للمسلم عيادة الكافر إذا مرض ،كما عاد النبي صلى الله عليه وسلم جاره اليهودي،والدعاء له بالشفاء،دون الدعاء بالأجر والمغفرة،كما يجوز للطبيب المسلم علاجه،وبذل الجهد في ذلك،ورقيته بالقرآن ؛ لما في حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه في قصة الصحابة الذين رقوا سيد قوم كفار حين لدغته عقرب بقراءة سورة الفاتحة،فصوب النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم الْمَسْأَلَةُ الثانية : : المعاملات المالية فِالبَيْعِ وَالشِّرَاءِ معهم جائز؟ لأَنُّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ مِنْهُمْ وَيَبْيعُونَ لَهُمْ,وَهَذَا أَمْرٌ أَشْهَرُ مِن أَنْ يُظْهَر, بَلْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ ولا يجوز دفع زكاة المال والفطر إلى الكفار؛ إلا إذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم الذين يتحقق بإعطائهم من الزكاة تحصيل مصلحة المسلمين ،أو دفع مفسدة،أو دخوله في الإسلام ؛ كما يجوز للمسلم أن يتصدق على الكافر إذا كان غير حربي،ويوصى له،ويهدي إليه،ويكرمه بماله،ويكافئه على المعروف الذي صنع إليه؛لأنه من البر المباح بقول الله جل وعلا " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين "ويجوز للمسلم أن يقبل هدية الكافر إذا كانت مباحة،وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية المقوقس.كما يجوز إقراض الكافر والاقتراض منهم ،فقد ثبت أن المسلمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقترضون من اليهود في المدينة،ويقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك،و يجوز أن يوكل المسلم الكافر بدلا عنه في القيام بأموره بشروطه:و يجوز للمسلم الاستعارة من الكافر ما يحتاجه من الأدوات والكتب وغيرها،وكذلك إعارته إذا كان غير محارب،و يجوز للمسلم قبول ودائع الكافر ،وإيداعهم الْمَسْأَلَةُ الثالثة مَاحُكْمُ تَهْنِئَتِهِم بِأَفْرَاحِهِمْ أَوْ تَعْزِيَتِهِمْ بِأَحْزَانِهِم ؟ الْجَوَابُ : أَمَّا تَهْنِئَتُهُم بِأَفْرَاحِهِمْ وَأَعْيَادِهِم فَحَرَام , قَالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: وَأَمَّا التَّهْنِئَةُبِشَعَائِرِ الكُفْرِ الْمُخْتَصِّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ، وَأَمَّا تَعْزِيَتُهُم فِي مُصَابِهِم فَفِي هَذَا خِلافٌ بَيْنَ العُلَمَاءِ , وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِن تَعْزِيَتِهِم إِعْزَازُهُم وَإِكْرَامُهُم كَانَتْ حَرَامَاً ، وَإِذَا كَانَ القَصْدُ مِن التَّعْزِيَةِ أَنْ يُرَغِّبَهُم فِي الإسْلامِ أَو كَانَ فِيهِ دَفْعُ أَذَاهُمْ عَنْهُ أَو عَن الْمُسْلِمِينَ فَهَذَا جَائِزٌ وأما التوارث فلا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري :لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "










الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ الذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم , وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .أَمَّا بَعْدُ : فَلا زَالَ الكَلامُ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ وَأَحْكَامِ التَّعَامُلِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِن الكُّفَّارِ بِأَنْوَاعِهِم .!، الْمَسْأَلَةُ الرابعة: مَا حُكْمُ اسْتِقْدَامِهِم للْعَمَلِ فِي بِلادِنَا ؟ قال ابن باز :أما استقدامهم ليكونوا عمالا أو موظفين فيها، وما أشبه ذلك فلا يجوز ذلك، بل يجب الحذر منهم.. وأن يستغنى عنهم بالعمال المسلمين، إلا عند الضرورة القصوى التي يراها ولي الأمر لاستقدام بعضهم لأمور لابد منها، ولا يوجد من يقوم بها من المسلمين، أو صنعة لا يجيدها المسلمون، والحاجة ماسة إليها.. أو نحو ذلك الْمَسْأَلَةُ الخامسة مَا حُكْمُ الاعْتِدَاءِ عَلَى الكُفَّارِ فِي بِلادِنَا ؟الْجَوَاب : أَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ ولا يَجُوزُ , وَذَلِكَ لأَنَّهُ خِيَانَةٌ للْعَهْدِ الذِي دَخَلُوا بِلادَنَا بِمُوجَبِهِ , فَلا يَجُوزُ لَنَا نَقْضُ الْمِيثَاقِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنينَ بِلْ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقين , وَأَمَّا الاعْتَدَاءُ عَلَيْهِم بِالقَتْلِ فَإِنَّهُ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) رَوَاهُ البُخَارِي وأما لعن الكافر فقال ابن تيمية رحمه الله والذي يظهر لي ، جواز لعن الكفار عمومًا وتعيينًا بلا كراهة ، وهذا قول جمهور العلماء لمن حقق أقوالهم وجمعها. انتهى المسألة السادسة : الولاية والنكاح فلا ولاية للكفار على قريبته المسلمة في عقد نكاحها ؛ لقول الله جل وعلا " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ويكون وليها قريبها المسلم ، فإن لم يوجد فالحاكم المسلم :و لا يجوز تزويج الكافر من مسلمة ، سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم ؛ لعموم قوله جل وعلا ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ولا يجوز للمسلم نكاح الكافرة غير الكتابية ، لقوله تعالى " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ، وأما الكتابية فجائز لقوله تعالى والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " المسالة السابعة: طعام الكفار : طعام الكفار من غير اللحم الواجب ذبحه بالطريقة الإسلامية حلال ، كالسمك والخضروات والفواكه وما صنع منها ، ولا يجوز أكل ذبائح الكفار ؛ لقوله تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق " ويستثنى من ذلك ذبائح اليهود والنصارى فقط ، فيجوز أكلها شريطة أن يذبحوها بالطريقة الشرعية للذبح وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن الأكل مع الكافر فقال: ليس الأكل مع الكافر حراما إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية لكن لا تتخذهم أصحابا فتأكل معهم من غير سبب شرعي، ولكن إذا دعت الحاجة كاالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس. المسالة الأخيرة حكم السفر لبلاد الكفار : قالت اللجنة من أقام بين أظهر الكفار، لغير مسوغ شرعي، ولم يهاجر بدينه وهو قادر على ذلك ، فقد عرض نفسه لعقوبة الله وسخطه، كمـا جاءت بذلك آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية . للرسول صلى الله عليه وسلم: إني بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني الكفار
المشاهدات 2206 | التعليقات 0