معالم ومظاهر حب الوطن

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة .. نحمد الله الذي أنعم علينا بالهداية للدين القويم، ونشكره أن وفقنا لمتابعة النبي الأمين، ونثني عليه أن اصطفانا بعقيدة التوحيد الخالص من الشرك في زمن انتكس فيه فئام من المسلمين.

من نعم الله علينا أننا وجدنا في بلادٍ جعلت التوحيد الخالص لها عقيدة ومنهجًا، فلا يدعى ولا يعبد فيها إلا الله، ولم يبن فيها مسجد على قبر ولي ولا ملك ولا زعيم، ولا يوجد فيها بفضل الله تعالى مشاهد ولا مزارات ولا غيرها، ولا تشد الرحال في هذه البلاد إلا للمسجد الحرام بمكة أو لمسجد النبوي بالمدينة.

فهذا دين تدين به هذه البلاد ملكًا وحكومةً وشعبًا، وهذا أكبر برهانٍ على تجذر العقيدة الصحيحة في نفوس ولاة أمر هذا الوطن وشعبه.. فلله الحمد رب العالمين.

فلله الحمد أن هدنا إليه، وجعل بلادنا راعية له وقائمة عليه.، وإن بلداً جعل التوحيدَ له منهجاً والعقيدةَ الصحيحةَ دستوراً؛ لجديرٌ بالحب والانتماء، وحقٌ لقادته الطاعة والوفاء، ووحدة الصف خلفهم، كما أمر ربنا بذلك بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) فأمر الله بطاعة أولي الأمر، وهم الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم؛ طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط أن لا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

 أيها الأحبة .. الوطن هو الأرض التي يتخذها الإنسان سكناً له فينشأ في نفسه تعلقٌ وإلف لها.. وحب الأرض التي يستوطنها الإنسان، والحنين إليها والانعطاف نحوها، أمر مركوز في فطر النفوس.

فالوطن مهد الصبا ومدرج الخطى ومرتع الطفولة، وملجأ الكهولة، ومنبع الذكريات، وموطن الآباء والأجداد، ومأوى الأبناء والأحفاد، ومستقر الحياة، ومكان العبادة، ومحل المال والعرض، ومكان الشرف.. على أرضه يحيا الإنسان ويعبد ربه، ومن خيراته يعيش، ومن مائه يرتوي، وكرامتُه من كرامته، وعزتُه من عزته، به يُعْرَف، وعنه يُدافع.

ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه، كما حصل لنبينا محمد ﷺ عندما ألجأته قريشٌ للخروج من مكة.. فهاجر ﷺ ولما أراد مغادرة مكة وَاقِفٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ، يَقُولُ مُخَاطِباً مَكَةَ: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» فصلوات ربي وسلامه عليه ...

أسأل الله أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين

 

 

الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين .. حب الوطن ليس كلاماً يلقى ولا شعاراً أو صوراً ترفع ولا مقالاً يدبجُ بالمديح والثناء عليه.. بل هو مرتبطٌ بسلوك الفرد المحب لوطنه ارتباطًا لا انفكاك منه، يلازمه في كل مكان، في حِلِّهِ وترحاله، في المنزل والشارع، في مقر عمله وفي سهول الوطن وحزونه ووديانه.

حب الوطن: يكون بصدق الانتماء له قولاً وفعلاً وترسيخ هذا الانتماء بما يعزز اللحمة الوطنية.

حب الوطن: بالاستقامة على الدين الصحيح والحفاظ على القيم التي رضيها الله ورسوله وأخذ بها ولاة أمرنا وجعلوها دستوراً لهذا الوطن ومنهج حياة..

حب الوطن: بسلوك الصراط المستقيم والتحلي بالوسطية وعدم الغلو في الدين أو التفريط فيه أو المجاهرة بالمعصية..

حب الوطن: يكون بالحرص على جمع الكلمة ونبذ أسباب الفرقة والخلاف، والعصبية، والتصنيف، والمناطقية..

حب الوطن: يكون بالطاعة لولاة أمره واحترامهم وإنزالهم منازلهم والالتفاف حولهم والمحافظة على مكتسبات الوطن..

حب الوطن: يكون باحترام أنظمته والالتزام بها وعدم مخالفتها سراً وعلنا، وتقديم الاقتراحات التي من شأنها صلاح البلاد والعباد..

حب الوطن: يظهر في إخلاص أصحاب المناصب والمسئولين فيما تحت أيديهم من مسؤوليات وأمانات، وتحقيق العدل بين الناس ونشر الخير والقيام بمصالح العباد كلٌ حسب مسئوليته وموقعه..

حب الوطن: بإشاعة المحبة وبذل السلام والابتسامة والتفاؤل والإيجابية، وباحترام الغريب وإكرامه وعدم بخسه حقه، وبنشر القيم والأخلاق الفاضلة..

حب الوطن بالالتزام بأنظمة السير وحسن القيادة وترك الفوضى، وفي المحافظة على أمنه واستقراره والدفاع عنه وعدم نشر الإشاعات المغرضة..

حب الوطن: ببناء الأسرة الصالحة، وصلة الرحم، وعدم التقاطع والتباغض والتدابر وببذل المعروف والرحمة بالضعفاء من الأيتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم..

ولو ذهبت أعدد مظاهره لطال بي المقام.. لكنها إشارات عابرة.

إننا نعيشُ في وطنٍ قد حوى بينَ جوانبِه الخيرَ العميمَ والنعم الوفيرة، يحبُّه كلُّ مُسلمٍ على وجهِ الأرضِ لِما فيه من معالمِ الدِّينِ العظيمِ، فهذا بيتُ اللهِ عامرٌ تهوي إليه أفئدةُ المسلمينَ من كلِ مكانٍ، وهذا مسجدُ رسولِ اللهِ ﷺ تُشدُ إليه الرِّحالُ في كلِ زمانٍ.. أمنٌ وأمانٌ، واجتماع كلمة، وتحكيمٌ للشريعةِ، شعائرُ التوحيدِ ظاهرةٌ، ومظاهرٌ الشركِ داحرةٌ، فلنحافظْ على هذه النِّعمِ بشكر الله عليها.. فاللهم لك الحمد والشكر وصلوا على نبيكم

 

المرفقات

1695328426_معالم ومظاهر حب الوطن.pdf

1695328437_معالم ومظاهر حب الوطن.docx

المشاهدات 681 | التعليقات 0