معادن الناس"3"
أمير محمد محمد المدري
1438/05/22 - 2017/02/19 15:44PM
معادن الناس «3»
الحمد لله الولي الحميد المبديء المعيد الفعال لما يريد أحاط بكل شيءٍ علماً وهو على كل شيء شهيد.
سبحانه أقرب للإنسان من حبل الوريد أحمده سبحانه على فضله المديد، واشكره طالباً بشكره من فضله المزيد.
واشهد أن لا اله إلا وحده لا شريك له ولا ضد ولا نديد، شهادةً ندخرها لهول يومٍ يشيب من هوله الوليد، ونرجو بها النجاة من نار شديدة حرّها شديد وقعرها بعيد.
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خُلاصة العبيد أفضل داعٍ إلى الإيمان والتوحيد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه في كل وقت وحين.
أما بعد أيها الناس:
اتقوا الله تعالى واعلموا أنَّ المعاصي تُخرّب الديار العامرة وتزيل نُعماها وتُورث الخزي في الدنيا والآخرة، فاحذروا سوء عقباها ولا تغتروا بدار الغرور فقد آن والله فناها، وبادروا بالتوبة الصادقة قبل أن تُؤخذ النفوس بطغواها وزكّوا النفوس بالأعمال الصالحة فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دنّسها بالمعاصي ودساها.
عباد الله:
وقفنا مع المعادن الخبيثة في القرآن الكريم والسنة المطهرة وعرفنا صفاتهم ومظاهرهم وتوجهاتهم وأهدافهم، والله q حكمٌ عدل لا يظلم مثقال ذرة ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
ومن عدله جل جلاله مكافأة المحسن ومجازاته بالحسنى وزيادة ومعاقبة المسيء على معصيته ما لم يرجع إلى الله ويتب إلى الله توبةً نصوحا قبل أن تبلغ الروح الحلقوم.
قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 26]
وقال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [النجم: 31].
وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46]
وفي الحديث الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه q:
«يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه» [رواه مسلم عن أبي ذر]
عباد الله:
تعالوا بنا نتأمل في أبرز مشاهد أصحاب المعادن الخبيثة أثناء رحلتهم من الدنيا إلى الآخرة وهي مشاهد تقشعر لهولها الولدان.
فهؤلاء الذين تراكمت عليهم أوساخ الذنوب وأدران المعاصي فعرضوا أنفسهم لغضب الجبار وابغضهم أهل السماوات والأرض.
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) [الدخان: 29].
ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أقسام الناس بعد الموت فقال: «مُستريح ومُستراح منه العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» [رواه مسلم عن أبي قتادة]
كيف يكون مصيرهم وما جزاءهم؟
أولاً: يخرجون من الدنيا إلى سخط الله وغضبه وتخرج أرواحهم كأنتن جيفة فيقال للنفس الخبيثة عند نزع الروح كما قال صلى الله عليه وسلم: «اُخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث اُخرجي ذميمة وابشري بحميمٍ وغساق» [رواه احمد وإسناده صحيح]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «فيقولون اُخرجي ساخطة مسخوطاً عليك إلى عذاب الله q فتخرج كأنتن ريح جيفة» [رواه النسائي]
وعند الموت تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، قال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) [محمد: 27]
ما الحكمة من هذا الجمع بين الوجه والدبر؟ سبحان الله المدخل خبيث والمخرج خبيث الوجه الذي ما استحى من الله، والفم الذي تخرج منه الكلمات الخبيثة والسب والشتم واللعن والاستهزاء والكبر هو مثل الدبر في الخبث.
قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام: 93]
ثانياً: وفي القبور ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد العاصي المنافق «يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجئ بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة»
أنا أوزارك، أنا سيئاتك، أنا أكلك للحرام، أنا قطعك للصلاة، أنا لسانك الخبيث.
ثالثاً: ويوم القيامة يكون للمجرمين علامات خاصة بها يُعرفون، قال تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ) [الرحمن: 41]
وجوههم التي كانت بيضاء جميلة ناعمة تسود وتصبح كأنها قطعٌ من الليل مظلما، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 27]
وقال تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 60]
يحشرهم الله تعالى يوم القيامة زُرقاً، على وجوههم غبرة ترهقها قترة، قال تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا) [طه: 102]
وقال تعالى: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) [عبس: 42].
يُسقون من طينة الخبال وما أدراكم ما طينة الخبال إنها عصارة أهل النار ويسقون من ماء صديد وهو القيح الذي يخرج من جروح أهل النار بل ومن فروج الزناة والزواني، قال تعالى: (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم: 17]
وقال تعالى: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف: 29]
والزناة والزواني رآهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم في شر حال قال صلى الله عليه وسلم:
«ثم انطلقا بي فإذا بقوم اشد شيء انتفاخا وأنتنهم ريحًا كأن ريحهم المراحيض، قلت من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني» [رواه النسائي والحاكم – السلسلة الصحيحة].
عباد الله:
المتكبرون المستكبرون المغرورون الذين عبدوا الدنيا وشهواتها واعتبروا الحياة مجرد متعة رخيصة وإشباع رغباتهم المحرمة فاستغنوا بالدنيا عن الآخرة ونسوا لقاء الله يقال لهم يوم القيامة: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف: 20]
ويقول صلى الله عليه وسلم: « يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال » [رواه الترمذي «9/1203، 1204» أبواب صفة القيامة وقال: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني في الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أهل النار كل جعضري جوَّاظ مستكبرٌ جمَّاعٌ مناع»، وقالصلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يبغض كل جعضري جوَّاظ صخَّابٌ بالأسواق جيفةٌ بالليل وحمارٌ بالنهار عالمٌ بأمر الدنيا وجاهلٌ بأمر الآخرة» [السلسلة الصحيحة]
وعن حَارِثَة بْنِ وهْب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجنَّةِ؟ كُلُّ ضَعيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَم عَلَى اللَّه لأبرَّه، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بَأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» [متفقٌ عليه]..
«الْعُتُلُّ»: الْغَلِيظُ الجافِي. «والجوَّاظُ» الجمُوعُ المنُوعُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ المُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، وقيلَ: الْقَصِيرُ الْبَطِينُ. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد، إنك أنت الكريم الجواد.
وعن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احْتجَّتِ الجنَّةُ والنَّارُ فقالت النَّارُ: فيَّ الجبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقَالتِ الجَنَّةُ: فيَّ ضُعفَاءُ النَّاسِ ومسَاكِينُهُم فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُما: إِنَّك الجنَّةُ رحْمتِي أَرْحَمُ بِكِ مَـنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذابِي أُعذِّب بِكِ مَــنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيكُمَا عَلَيَّ مِلؤُها» [رواه مسلم].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، ذي الفضل العظيم، والإحسان العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الكريم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم في هديهم القويم.
وبعد عباد الله:
لا يغرنكم كثرة المعرضين والهالكين من المعادن الخبيثة.
فالمعروف لدى الجميع أنَّ المعادن النفيسة والدرر والجواهر الثمينة قليلة بينما التراب والأحجار والنفايات كثيرة كذلك الحال في معادن الناس.
قال تعالى:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]
وقال تعالى حكاية عن إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 62]
وقال: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: 40]
وقال (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 17]
وفي المعاملات بين الناس قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) [ص: 24]
سبحان الله كم عُشّاق ألاغاني والرقص والمجون والتمثيل واللهو واللعب، وكم عُشَّاق القران والسنة النبوية؟
كم عبيد الفروج والبطون والشهوات المحرمة؟ وكم المحبين للذكر والصلاة والطاعة؟
كم عشاق وأنصار الكرة والملاعب الرياضية بشتى أنواعها؟، ولسنا ضد الرياضة بل إنها أمرٌ محمود ومأمور به في ديننا، ولكننا نرفض التهويل والمبالغة وجعلها غاية بدلاً من أن تكون أداة لبناء شباب الأمة تصبح أداة لتضييعهم وإلهائهم وشغلهم عن رسالتهم وقضايا أمتهم.
وفي المقابل عباد الله::
كم روّاد المساجد في الصلوات الخمس وكم الحريصون على حِلَق الذكر؟
كم الدعاة إلى الله المصلحون والمدافعون عن الدين والساعون في مجالات الخير والأعمال الصالحة؟
كم ضعفاء النفوس من المتملقين والمنافقين والمصفقين للباطل؟
وفي المقابل كم عدد من يقولون كلمة الحق أمام السلطان الجائر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟
كم عدد الكافرين اليوم في الأرض من اليهود والنصارى والهندوس والوثنيين والمشركين، وكم عدد المسلمين اليوم؟
ومع كل هذا فالنصر والتوفيق والسداد والراحة حليف الثلة المؤمنة الطاهرة والمعادن الطيبة، لأن الله q وعد بذلك قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]
والمعادن الخبيثة والنفوس الزائغة ولو علَت ولو ارتفعت لو ملَكت فهم في معيشةٍ ضنكي، فلا يغرنك يا عبد الله كثرة المعرضين فهم الهالكين وأنت بإذن الله ناجٍ.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو فعل أو عمل ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه. اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا واجعل خير أيامنا يوم لقائك، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله الولي الحميد المبديء المعيد الفعال لما يريد أحاط بكل شيءٍ علماً وهو على كل شيء شهيد.
سبحانه أقرب للإنسان من حبل الوريد أحمده سبحانه على فضله المديد، واشكره طالباً بشكره من فضله المزيد.
واشهد أن لا اله إلا وحده لا شريك له ولا ضد ولا نديد، شهادةً ندخرها لهول يومٍ يشيب من هوله الوليد، ونرجو بها النجاة من نار شديدة حرّها شديد وقعرها بعيد.
وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خُلاصة العبيد أفضل داعٍ إلى الإيمان والتوحيد اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه في كل وقت وحين.
أما بعد أيها الناس:
اتقوا الله تعالى واعلموا أنَّ المعاصي تُخرّب الديار العامرة وتزيل نُعماها وتُورث الخزي في الدنيا والآخرة، فاحذروا سوء عقباها ولا تغتروا بدار الغرور فقد آن والله فناها، وبادروا بالتوبة الصادقة قبل أن تُؤخذ النفوس بطغواها وزكّوا النفوس بالأعمال الصالحة فقد أفلح من زكاها وقد خاب من دنّسها بالمعاصي ودساها.
عباد الله:
وقفنا مع المعادن الخبيثة في القرآن الكريم والسنة المطهرة وعرفنا صفاتهم ومظاهرهم وتوجهاتهم وأهدافهم، والله q حكمٌ عدل لا يظلم مثقال ذرة ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
ومن عدله جل جلاله مكافأة المحسن ومجازاته بالحسنى وزيادة ومعاقبة المسيء على معصيته ما لم يرجع إلى الله ويتب إلى الله توبةً نصوحا قبل أن تبلغ الروح الحلقوم.
قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 26]
وقال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) [النجم: 31].
وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46]
وفي الحديث الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه q:
«يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه» [رواه مسلم عن أبي ذر]
عباد الله:
تعالوا بنا نتأمل في أبرز مشاهد أصحاب المعادن الخبيثة أثناء رحلتهم من الدنيا إلى الآخرة وهي مشاهد تقشعر لهولها الولدان.
فهؤلاء الذين تراكمت عليهم أوساخ الذنوب وأدران المعاصي فعرضوا أنفسهم لغضب الجبار وابغضهم أهل السماوات والأرض.
(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) [الدخان: 29].
ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أقسام الناس بعد الموت فقال: «مُستريح ومُستراح منه العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر تستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» [رواه مسلم عن أبي قتادة]
كيف يكون مصيرهم وما جزاءهم؟
أولاً: يخرجون من الدنيا إلى سخط الله وغضبه وتخرج أرواحهم كأنتن جيفة فيقال للنفس الخبيثة عند نزع الروح كما قال صلى الله عليه وسلم: «اُخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث اُخرجي ذميمة وابشري بحميمٍ وغساق» [رواه احمد وإسناده صحيح]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «فيقولون اُخرجي ساخطة مسخوطاً عليك إلى عذاب الله q فتخرج كأنتن ريح جيفة» [رواه النسائي]
وعند الموت تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، قال تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ) [محمد: 27]
ما الحكمة من هذا الجمع بين الوجه والدبر؟ سبحان الله المدخل خبيث والمخرج خبيث الوجه الذي ما استحى من الله، والفم الذي تخرج منه الكلمات الخبيثة والسب والشتم واللعن والاستهزاء والكبر هو مثل الدبر في الخبث.
قال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام: 93]
ثانياً: وفي القبور ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد العاصي المنافق «يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الوجه يجئ بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة»
أنا أوزارك، أنا سيئاتك، أنا أكلك للحرام، أنا قطعك للصلاة، أنا لسانك الخبيث.
ثالثاً: ويوم القيامة يكون للمجرمين علامات خاصة بها يُعرفون، قال تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ) [الرحمن: 41]
وجوههم التي كانت بيضاء جميلة ناعمة تسود وتصبح كأنها قطعٌ من الليل مظلما، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 27]
وقال تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 60]
يحشرهم الله تعالى يوم القيامة زُرقاً، على وجوههم غبرة ترهقها قترة، قال تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا) [طه: 102]
وقال تعالى: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) [عبس: 42].
يُسقون من طينة الخبال وما أدراكم ما طينة الخبال إنها عصارة أهل النار ويسقون من ماء صديد وهو القيح الذي يخرج من جروح أهل النار بل ومن فروج الزناة والزواني، قال تعالى: (وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم: 17]
وقال تعالى: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف: 29]
والزناة والزواني رآهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم في شر حال قال صلى الله عليه وسلم:
«ثم انطلقا بي فإذا بقوم اشد شيء انتفاخا وأنتنهم ريحًا كأن ريحهم المراحيض، قلت من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني» [رواه النسائي والحاكم – السلسلة الصحيحة].
عباد الله:
المتكبرون المستكبرون المغرورون الذين عبدوا الدنيا وشهواتها واعتبروا الحياة مجرد متعة رخيصة وإشباع رغباتهم المحرمة فاستغنوا بالدنيا عن الآخرة ونسوا لقاء الله يقال لهم يوم القيامة: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [الأحقاف: 20]
ويقول صلى الله عليه وسلم: « يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال » [رواه الترمذي «9/1203، 1204» أبواب صفة القيامة وقال: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني في الجامع]
وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أهل النار كل جعضري جوَّاظ مستكبرٌ جمَّاعٌ مناع»، وقالصلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يبغض كل جعضري جوَّاظ صخَّابٌ بالأسواق جيفةٌ بالليل وحمارٌ بالنهار عالمٌ بأمر الدنيا وجاهلٌ بأمر الآخرة» [السلسلة الصحيحة]
وعن حَارِثَة بْنِ وهْب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجنَّةِ؟ كُلُّ ضَعيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَم عَلَى اللَّه لأبرَّه، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بَأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ» [متفقٌ عليه]..
«الْعُتُلُّ»: الْغَلِيظُ الجافِي. «والجوَّاظُ» الجمُوعُ المنُوعُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ المُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، وقيلَ: الْقَصِيرُ الْبَطِينُ. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل واعتقاد، إنك أنت الكريم الجواد.
وعن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احْتجَّتِ الجنَّةُ والنَّارُ فقالت النَّارُ: فيَّ الجبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ، وقَالتِ الجَنَّةُ: فيَّ ضُعفَاءُ النَّاسِ ومسَاكِينُهُم فَقَضَى اللَّهُ بَيْنَهُما: إِنَّك الجنَّةُ رحْمتِي أَرْحَمُ بِكِ مَـنْ أَشَاءُ، وَإِنَّكِ النَّارُ عَذابِي أُعذِّب بِكِ مَــنْ أَشَاءُ، ولِكِلَيكُمَا عَلَيَّ مِلؤُها» [رواه مسلم].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، ذي الفضل العظيم، والإحسان العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الكريم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم في هديهم القويم.
وبعد عباد الله:
لا يغرنكم كثرة المعرضين والهالكين من المعادن الخبيثة.
فالمعروف لدى الجميع أنَّ المعادن النفيسة والدرر والجواهر الثمينة قليلة بينما التراب والأحجار والنفايات كثيرة كذلك الحال في معادن الناس.
قال تعالى:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: 179]
وقال تعالى حكاية عن إبليس: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 62]
وقال: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [الحجر: 40]
وقال (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) [الأعراف: 17]
وفي المعاملات بين الناس قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) [ص: 24]
سبحان الله كم عُشّاق ألاغاني والرقص والمجون والتمثيل واللهو واللعب، وكم عُشَّاق القران والسنة النبوية؟
كم عبيد الفروج والبطون والشهوات المحرمة؟ وكم المحبين للذكر والصلاة والطاعة؟
كم عشاق وأنصار الكرة والملاعب الرياضية بشتى أنواعها؟، ولسنا ضد الرياضة بل إنها أمرٌ محمود ومأمور به في ديننا، ولكننا نرفض التهويل والمبالغة وجعلها غاية بدلاً من أن تكون أداة لبناء شباب الأمة تصبح أداة لتضييعهم وإلهائهم وشغلهم عن رسالتهم وقضايا أمتهم.
وفي المقابل عباد الله::
كم روّاد المساجد في الصلوات الخمس وكم الحريصون على حِلَق الذكر؟
كم الدعاة إلى الله المصلحون والمدافعون عن الدين والساعون في مجالات الخير والأعمال الصالحة؟
كم ضعفاء النفوس من المتملقين والمنافقين والمصفقين للباطل؟
وفي المقابل كم عدد من يقولون كلمة الحق أمام السلطان الجائر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟
كم عدد الكافرين اليوم في الأرض من اليهود والنصارى والهندوس والوثنيين والمشركين، وكم عدد المسلمين اليوم؟
ومع كل هذا فالنصر والتوفيق والسداد والراحة حليف الثلة المؤمنة الطاهرة والمعادن الطيبة، لأن الله q وعد بذلك قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]
والمعادن الخبيثة والنفوس الزائغة ولو علَت ولو ارتفعت لو ملَكت فهم في معيشةٍ ضنكي، فلا يغرنك يا عبد الله كثرة المعرضين فهم الهالكين وأنت بإذن الله ناجٍ.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو فعل أو عمل ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى ونعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه. اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً واجعلنا هداة مهتدين، اللهم اختم بالصالحات أعمالنا واجعل خير أيامنا يوم لقائك، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
المرفقات
معادن الناس-3.doc
معادن الناس-3.doc