مَظَاهِرُ فِي الامْتِحَانَاتِ وَتَحْذِيرٌ مِنَ التَّزْوِيرِ 21 رجب 1434 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1434/07/19 - 2013/05/29 14:08PM
مَظَاهِرُ فِي الامْتِحَانَاتِ وَتَحْذِيرٌ مِنَ التَّزْوِيرِ 21 رجب 1434 هـ
الْحَمْدُ للهِ تَفَرَّدَ بِالْحَوْلِ وَالْقُدْرَة ، وَعَظُمَ فَلا يَقْدُرُ أَحَدٌ قَدْرَه ، خَلَقَ الإِنْسَانَ وَأَحْصَى عُمْرَه , أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ فَكَمْ أَقَالَ مِنْ عَثْرَة ، وَأَنْزَلَ الْقُرْآنَ مَوْعِظَةً وَذِكْرَى فَكَمْ أَسَالَتْ آيَاتُهُ مِنْ عَبْرَة . وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ، شَهَادَةً مِنْ قَلْبٍ وَجِلٍ يَتَرَقَّبُ أَنْ يَنْجُوَ بِهَا مِنْ سُؤَالِ الْحُفْرَة , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، بَعَثَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ فَضَمِنَ لَهُ نَصْرَه , صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَة ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَتَرَسَّمَ خُطَاهُ فَلَمْ يَتَجَاوَزْ نَهْيَهُ وَاتَّبَعَ أَمْرَه .
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا ، وَأَنْ نُقَدِّمَ لِأَنْفُسِنَا أَعْمَالاً تُبَيِّضُ وَجُوهَنَا يَوْمَ نَلْقَى اللهَ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : نَحْنُ الآنَ وَسَطَ الامْتِحَانَاتِ التِي بَدَأَهَا طُلَّابُنَا وَالطَّالِبَاتِ , عَسَى اللهُ أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلنَّجَاحِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ .
وَقَدْ حَصَلَتْ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ كَغَيْرِهَا مَظَاهِرُ حَسَنَةٌ وَأُخْرَى سَيِّئَةٌ , فَيَحْسُنُ بِنَا تَشْجِيعُ الْحَسَنِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ , وَمُحَارَبَةُ السِّيِّئِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْه .
فَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : ذَلِكَ الإِقْبَالُ الْوَاضِحُ مِنْ أَوْلادِنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى طَاعَتِهِ , مِنَ الْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَارْتِيَادِ الْمَسَاجِدِ وَالحِرْصِ عَلَى الجَمَاعَات , وَكَثْرَةِ التَّضَرُّعِ لِرِبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ , وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَوْلادِنَا , وَهَذَا أَمْرٌ طَيِّبٌ , فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ , وَقَالَ (لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : بِرُّ الأَوْلادِ لِوَالِدِيهِمْ وَالتَّلَطُّفُ مَعَهُمْ , وَسُؤَالُهُم الدُّعَاءَ لَهُم بِالنَّجَاحِ فِي الامْتِحَان .
وَمِنْهَا : الْجِدُّ الْوَاضِحُ وَالاجْتِهَادُ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَحِفْظُ الْوَقْتِ , فَلَيْتَ ذَلِكَ يَكُونُ طُوَالَ الْعَامِ لَكَانَ الْعِلْمُ مُحَصَّلاً وَالْمَعْرِفَةُ مُدَرَكَةً .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الْمَظَاهِرُ السَّيِّئَةُ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ , وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّهَا بِكَثْرَة .
فَمِنْهَا : ظَاهِرَةُ السَّهَرِ , فَقَدِ اعْتَادَ بَعْضُ الطُّلَّابِ عَلَى السَّهَرِ لَيَالِيَ الاخْتِبَارَاتِ ، بِحُجَّةِ إِنْهَاءِ الْمُقَرَّرِ وَحِفْظِهِ ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأٌ كَبِيرٌ ، لا يُسَاعِدُ عَلَى الْحِفْظِ وَلا التَّذَكُّرِ ،بَلْ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً فِي ضَيَاعِ الْمَعْلُومَاتِ وَقْتَ الاخْتِبَارِ ، فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ حَفِظَ الْمُقَرَّرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ، وَلَمَّا جَاءَ الامْتِحَانُ نَسِيَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً ، بِسَبَبِ السَّهَرِ وَالتَّعَبِ , بَلْ رُبَّمَا غَلَبَهُ النَّوْمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الاخْتِبَارُ , وَلِذَلِكَ فَيَنْبَغِي نُصْحُ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ مِنَ السَّهَرِ فَهُوَ مُرْهِقٌ لَهُمْ .
وَلَيْتَهُمْ يَنَامُونَ مُبَكِّرِينَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوَاصِلُونَ الْمُذَاكَرَةَ إِلَى وَقْتِ الامْتِحَانِ , فَالصَّبَاحُ وَقْتٌ هَادِئٌ , بَلْ وَوَقْتٌ مُبَارَكٌ , فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْمُؤْلِمَةِ : تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ , فَفِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ وَلِلأَسَفِ الشَّدِيدِ ، يَنْشُطُ مُرَوِّجُو الْمُخَدِّرَاتِ فِي بَيْعِ الْحُبُوبِ الْمُسَهِّرَةِ ، وَالْمُسَمَّاةِ (بِالكِبْتَاجُون) وَهَذَا شَبَحٌ مُخِيفٌ يَتَسَلَّلُ بَيْنَالطُّلَّابِ ، وَهُمْ غَيْرُ مُبَالِينَ بِالنَّتَائِجِ الْمُتَرَتِّبَةِ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِخْدَامِهَا .
إِنَّ هَذِهِ الْحُبُوبَ تُؤَثِّرُ عَلَى خَلايَا الْمُخِّ مُبَاشَرَةً ، حَيْثُتُسَبِّبُ زِيَادَةَ إِفْرَازَاتٍ تُشْعِرُ الإِنْسَانَ الْمُسْتَخْدِمَ بِنَوْعٍ مِنْزِيَادَةِ الطَّاقَةِ ، وَمُقَاوَمَةِ الإِرْهَاقِ وَطَرْدِ النُّعَاسِ , وَلَكِنَّ آثَارَهَا السَّلْبِيَّةَ خَطِيرَةٌ ،حَيْثُ إِنَّ اسْتِخْدَامَهَا يُسَبِّبُ الإِدْمَانَ ، وَمُسْتَعْمِلُوهَا يُصَابُونَ بِالْعَدِيدِ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالاضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْوِجْدَانِيَّةِ وَرُبَّمَا الْوَفَاة .
فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ بَلْ وَرُبَّمَا نَقُولُ : طَالِبَةٍ كَانَ مُتَفَوِّقاً عَلَى أَقْرَانِهِ ، تَعَاطَى الْمُنَشِّطَاتِ لِيُواصِلَ السَّهَرَ وَيُحَقِّقَ نَتَائِجَهُ الْمُبْهِرَةَ .. يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى ظُلُمَاتِ السُّجُونِ وَالْمَصَحَّاتِ النَّفْسِيَّةِ.
فَعَلَى الطُّلابِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ ، حَتَّى لا يَنْدَمُوا فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ ، وَلْيُحَذِّرُوا زُمَلاءَهُمْ عَنْهَا ،وَيُبَيِّنُوا خَطَرَهَا .
وَعَلَى الآبَاءِ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِأَوْلادِهِمْ بَعْدَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْهَا ،وَمُلاحَظَةُ مَا قَدْ يَبْرُزُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْرَاضِ اسْتِخْدَامِ تِلْكَ الْحُبُوبِ , مِثْلُ الإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِ الشَّايْ ،وَالرَّغْبَةِ فِي التَّحَدُّثِ إِلَى الآخَرِينَ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ ، وَشُحُوبِ لَوْنِ الْوَجْهِ وَالشَّفَتَيْنِ ، إِضَافَةًإِلَى احْمِرَارِ الْعَيْنَيْنِ وَضَعْفِ الشَّهيَّةِ.
أَيُّهَا الآبَاءُ وَالإِخْوَانُ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : النَّوْمُ عَنِ الصَّلَوَاتِ , فَبَعْضُ الطُّلابِ- نَتِيجَةً لِلسَّهَرِ وَالإِجْهَادِ- يَأْتِي وَيَنَامُ قَبْلَ صَلاةِ الظُّهْرِ ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ فِي النَّوْمِحَتَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ، فَيَفُوتُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلاةٍ ، كَانَ يَجِبُ أَنْتُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا , وَهَذَا خَطَأٌ وَتَضْيِيعٌ لِأَهَمِّ الأَعْمَالِ فِي الإِسْلامِ , وَكَانَ مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يُحَافِظَ الشَّبَابُ وَالشَّابَّاتُ عَلَى الصَّلَوَاتِ عُمُومَاً وَأَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ خُصُوصَاً , وَلَكِنَّ الْبَعْضَ عَكَسَ ذَلِكَ .
فَالْوَاجِبُعَلَى الطُّلابِ وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا طَاعَةً للهِ تَعَالَى وَخَوْفَاً مِنْهُ , وَرَغْبَةً فِي عَوْنِهِ وَمَدَدِهِ وَتَسْدِيدِهِ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : الْغِشُّ فِيالاخْتِبَارِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن , فَالذِي يَغِشُّ قَدْ خَانَ رَبَّهُ وَخَانَ دِينَهُ وَخَانَ أُمَّتَهُ , بَلْ وَخَانَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ قَدْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ بَلْ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
كَمَا أَنَّ فِيهِ خِيَانَةً لِلأُمَّةِ , لِأَنَّهُ سَوْفَ يَنْجَحُ بِالْغِشِّ وَسَيَتَقَلَّدُ مَنَاصِبَ فِي الْبَلَدِ بِشَهَادَةٍ بُنِيَتْ عَلَى غِشٍّ ،وَالْمُصِيبَةُ فِي رَاتِبِهِ الذِي يَتَقَاضَاهُ بِنَاءً عَلَى نَجَاحِهِ بِالْغِشِّ.
لِذَا فَعَلَى الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ وَيَحْذَرُوا مِنْ مُمَارَسَةِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ أَنْ يُنَبِّهُوا أَوْلادَهُمْ عَلَى هَذَا الْخَطَأِ الشَّنِيعِ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَكَاتَفُوا لِلْحَدِّ مِنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ السَّيِّئَةِ ، وَالتَّبْلِيغُ عَنِ الْمُعَلِّمِينَ أَوِ الطُّلَّابِ الذِينَ يُمَارِسُون أَوْ يُسَاعِدُون عَلَى تَسْهِيلِ مُهِمَّةِ الْغِشِّ , نَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ الْهِدَايَةَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ التِي يَجِبُ أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي الابْتِعَادِ عَنْهَا : رَمْيُ الْكُتُبِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الاخْتِبَارِ ،وَهَذَا التَّصَرُّفُ خَطَأٌ . فَالْكِتَابُ قَدْ كَلَّفَ الدَّوْلَةَ عَشَرَاتِ الرِّيَالاتِ ، وَهُوَمِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَالْعَبَثُ بِهِ عَبَثٌ بِمَالِ الأُمَّةِ !!!
ثُمَّ إِنَّ غَالِبَ الْكُتُبِ الدِّرَاسِيَّةِ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً ، فَرَمْيُهَا فِي الشَّارِعِ لِتُدَاسَ بِالأَقْدَامِ أَوْ رَمْيُهَا فِي صَنَادِيقِ الْقِمَامَةِ إِهَانَةٌ لِدِينِ اللهِ تَعَالَى .
لَقَدْغَضِبَتِ الأُمَّةُ _ وُحُقَّ لَهَا _ بِسَبَبِ رُسُومٍ مُسِيئَةٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَامَ بِهَا بَعْضُ الْكُفَّارِ الذِينَ لا يَعْرِفُونَ الإِسْلامَ ! ثُمَّ هَا نَحْنُ وَلِلأَسَفِ نُشَاهِدُ أَبْنَاءَ الْمُسْلِمِينَ يَرْمُونَ وَيَسْتَهْتِرُونَ بِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
فَعَلَى جَمِيعِ الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي الْكُتُبِ الْمَدْرَسِيَّةِ وَلا يُهِينُوهَا ، حِفَاظَاً عَلَى أَمْوَالِ الأُمَّةِ ، وَتَكْرِيمَاً لِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي حَالَةِ الرَّغْبَةِ فِيالتَّخَلُّصِ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إِلَى الْمَدْرَسَةِ ، أَوْ تُحْرَقُ أَوَ تُدْفَنُ إِنْ كَانَ يَصْعُبُ جَمْعُهَا وَالاسْتَفَادَةُ مِنْهَا .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ : فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا ، وَأَنْ نُقَدِّمَ لِأَنْفُسِنَا أَعْمَالاً تُبَيِّضُ وَجُوهَنَا يَوْمَ نَلْقَى اللهَ (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : نَحْنُ الآنَ وَسَطَ الامْتِحَانَاتِ التِي بَدَأَهَا طُلَّابُنَا وَالطَّالِبَاتِ , عَسَى اللهُ أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلنَّجَاحِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ .
وَقَدْ حَصَلَتْ فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ كَغَيْرِهَا مَظَاهِرُ حَسَنَةٌ وَأُخْرَى سَيِّئَةٌ , فَيَحْسُنُ بِنَا تَشْجِيعُ الْحَسَنِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ , وَمُحَارَبَةُ السِّيِّئِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْه .
فَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : ذَلِكَ الإِقْبَالُ الْوَاضِحُ مِنْ أَوْلادِنَا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى طَاعَتِهِ , مِنَ الْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَارْتِيَادِ الْمَسَاجِدِ وَالحِرْصِ عَلَى الجَمَاعَات , وَكَثْرَةِ التَّضَرُّعِ لِرِبِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ , وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَيْتِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَوْلادِنَا , وَهَذَا أَمْرٌ طَيِّبٌ , فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلاةِ , وَقَالَ (لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ) رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْحَسَنَةِ : بِرُّ الأَوْلادِ لِوَالِدِيهِمْ وَالتَّلَطُّفُ مَعَهُمْ , وَسُؤَالُهُم الدُّعَاءَ لَهُم بِالنَّجَاحِ فِي الامْتِحَان .
وَمِنْهَا : الْجِدُّ الْوَاضِحُ وَالاجْتِهَادُ فِي الْمُذَاكَرَةِ وَحِفْظُ الْوَقْتِ , فَلَيْتَ ذَلِكَ يَكُونُ طُوَالَ الْعَامِ لَكَانَ الْعِلْمُ مُحَصَّلاً وَالْمَعْرِفَةُ مُدَرَكَةً .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الْمَظَاهِرُ السَّيِّئَةُ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ , وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّهَا بِكَثْرَة .
فَمِنْهَا : ظَاهِرَةُ السَّهَرِ , فَقَدِ اعْتَادَ بَعْضُ الطُّلَّابِ عَلَى السَّهَرِ لَيَالِيَ الاخْتِبَارَاتِ ، بِحُجَّةِ إِنْهَاءِ الْمُقَرَّرِ وَحِفْظِهِ ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ خَطَأٌ كَبِيرٌ ، لا يُسَاعِدُ عَلَى الْحِفْظِ وَلا التَّذَكُّرِ ،بَلْ قَدْ يَكُونُ سَبَبَاً فِي ضَيَاعِ الْمَعْلُومَاتِ وَقْتَ الاخْتِبَارِ ، فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ حَفِظَ الْمُقَرَّرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ، وَلَمَّا جَاءَ الامْتِحَانُ نَسِيَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً ، بِسَبَبِ السَّهَرِ وَالتَّعَبِ , بَلْ رُبَّمَا غَلَبَهُ النَّوْمُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَفَاتَهُ الاخْتِبَارُ , وَلِذَلِكَ فَيَنْبَغِي نُصْحُ الأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ مِنَ السَّهَرِ فَهُوَ مُرْهِقٌ لَهُمْ .
وَلَيْتَهُمْ يَنَامُونَ مُبَكِّرِينَ ثُمَّ يَسْتَيْقِظُونَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ يُوَاصِلُونَ الْمُذَاكَرَةَ إِلَى وَقْتِ الامْتِحَانِ , فَالصَّبَاحُ وَقْتٌ هَادِئٌ , بَلْ وَوَقْتٌ مُبَارَكٌ , فعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ الْمُؤْلِمَةِ : تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ , فَفِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ وَلِلأَسَفِ الشَّدِيدِ ، يَنْشُطُ مُرَوِّجُو الْمُخَدِّرَاتِ فِي بَيْعِ الْحُبُوبِ الْمُسَهِّرَةِ ، وَالْمُسَمَّاةِ (بِالكِبْتَاجُون) وَهَذَا شَبَحٌ مُخِيفٌ يَتَسَلَّلُ بَيْنَالطُّلَّابِ ، وَهُمْ غَيْرُ مُبَالِينَ بِالنَّتَائِجِ الْمُتَرَتِّبَةِ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِخْدَامِهَا .
إِنَّ هَذِهِ الْحُبُوبَ تُؤَثِّرُ عَلَى خَلايَا الْمُخِّ مُبَاشَرَةً ، حَيْثُتُسَبِّبُ زِيَادَةَ إِفْرَازَاتٍ تُشْعِرُ الإِنْسَانَ الْمُسْتَخْدِمَ بِنَوْعٍ مِنْزِيَادَةِ الطَّاقَةِ ، وَمُقَاوَمَةِ الإِرْهَاقِ وَطَرْدِ النُّعَاسِ , وَلَكِنَّ آثَارَهَا السَّلْبِيَّةَ خَطِيرَةٌ ،حَيْثُ إِنَّ اسْتِخْدَامَهَا يُسَبِّبُ الإِدْمَانَ ، وَمُسْتَعْمِلُوهَا يُصَابُونَ بِالْعَدِيدِ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالاضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْوِجْدَانِيَّةِ وَرُبَّمَا الْوَفَاة .
فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ بَلْ وَرُبَّمَا نَقُولُ : طَالِبَةٍ كَانَ مُتَفَوِّقاً عَلَى أَقْرَانِهِ ، تَعَاطَى الْمُنَشِّطَاتِ لِيُواصِلَ السَّهَرَ وَيُحَقِّقَ نَتَائِجَهُ الْمُبْهِرَةَ .. يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى ظُلُمَاتِ السُّجُونِ وَالْمَصَحَّاتِ النَّفْسِيَّةِ.
فَعَلَى الطُّلابِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ ، حَتَّى لا يَنْدَمُوا فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ ، وَلْيُحَذِّرُوا زُمَلاءَهُمْ عَنْهَا ،وَيُبَيِّنُوا خَطَرَهَا .
وَعَلَى الآبَاءِ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِأَوْلادِهِمْ بَعْدَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْهَا ،وَمُلاحَظَةُ مَا قَدْ يَبْرُزُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْرَاضِ اسْتِخْدَامِ تِلْكَ الْحُبُوبِ , مِثْلُ الإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِ الشَّايْ ،وَالرَّغْبَةِ فِي التَّحَدُّثِ إِلَى الآخَرِينَ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ ، وَشُحُوبِ لَوْنِ الْوَجْهِ وَالشَّفَتَيْنِ ، إِضَافَةًإِلَى احْمِرَارِ الْعَيْنَيْنِ وَضَعْفِ الشَّهيَّةِ.
أَيُّهَا الآبَاءُ وَالإِخْوَانُ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : النَّوْمُ عَنِ الصَّلَوَاتِ , فَبَعْضُ الطُّلابِ- نَتِيجَةً لِلسَّهَرِ وَالإِجْهَادِ- يَأْتِي وَيَنَامُ قَبْلَ صَلاةِ الظُّهْرِ ، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ فِي النَّوْمِحَتَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْضُهُمْ إِلَى بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ، فَيَفُوتُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلاةٍ ، كَانَ يَجِبُ أَنْتُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا , وَهَذَا خَطَأٌ وَتَضْيِيعٌ لِأَهَمِّ الأَعْمَالِ فِي الإِسْلامِ , وَكَانَ مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يُحَافِظَ الشَّبَابُ وَالشَّابَّاتُ عَلَى الصَّلَوَاتِ عُمُومَاً وَأَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ خُصُوصَاً , وَلَكِنَّ الْبَعْضَ عَكَسَ ذَلِكَ .
فَالْوَاجِبُعَلَى الطُّلابِ وَأَوْلِيَاءِ الأُمُورِ التَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي وَقْتِهَا طَاعَةً للهِ تَعَالَى وَخَوْفَاً مِنْهُ , وَرَغْبَةً فِي عَوْنِهِ وَمَدَدِهِ وَتَسْدِيدِهِ .
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ : الْغِشُّ فِيالاخْتِبَارِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن , فَالذِي يَغِشُّ قَدْ خَانَ رَبَّهُ وَخَانَ دِينَهُ وَخَانَ أُمَّتَهُ , بَلْ وَخَانَ نَفْسَهُ ، فَهُوَ قَدْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَةٍ بَلْ فِي كَبِيرَةٍ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
كَمَا أَنَّ فِيهِ خِيَانَةً لِلأُمَّةِ , لِأَنَّهُ سَوْفَ يَنْجَحُ بِالْغِشِّ وَسَيَتَقَلَّدُ مَنَاصِبَ فِي الْبَلَدِ بِشَهَادَةٍ بُنِيَتْ عَلَى غِشٍّ ،وَالْمُصِيبَةُ فِي رَاتِبِهِ الذِي يَتَقَاضَاهُ بِنَاءً عَلَى نَجَاحِهِ بِالْغِشِّ.
لِذَا فَعَلَى الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ وَيَحْذَرُوا مِنْ مُمَارَسَةِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الأُمُورِ أَنْ يُنَبِّهُوا أَوْلادَهُمْ عَلَى هَذَا الْخَطَأِ الشَّنِيعِ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَكَاتَفُوا لِلْحَدِّ مِنْ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ السَّيِّئَةِ ، وَالتَّبْلِيغُ عَنِ الْمُعَلِّمِينَ أَوِ الطُّلَّابِ الذِينَ يُمَارِسُون أَوْ يُسَاعِدُون عَلَى تَسْهِيلِ مُهِمَّةِ الْغِشِّ , نَسْأَلُ اللهَ لَهُمُ الْهِدَايَةَ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَمِنَ الْمَظَاهِرِ السَّيِّئَةِ التِي يَجِبُ أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي الابْتِعَادِ عَنْهَا : رَمْيُ الْكُتُبِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الاخْتِبَارِ ،وَهَذَا التَّصَرُّفُ خَطَأٌ . فَالْكِتَابُ قَدْ كَلَّفَ الدَّوْلَةَ عَشَرَاتِ الرِّيَالاتِ ، وَهُوَمِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَالْعَبَثُ بِهِ عَبَثٌ بِمَالِ الأُمَّةِ !!!
ثُمَّ إِنَّ غَالِبَ الْكُتُبِ الدِّرَاسِيَّةِ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا آيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً ، فَرَمْيُهَا فِي الشَّارِعِ لِتُدَاسَ بِالأَقْدَامِ أَوْ رَمْيُهَا فِي صَنَادِيقِ الْقِمَامَةِ إِهَانَةٌ لِدِينِ اللهِ تَعَالَى .
لَقَدْغَضِبَتِ الأُمَّةُ _ وُحُقَّ لَهَا _ بِسَبَبِ رُسُومٍ مُسِيئَةٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَامَ بِهَا بَعْضُ الْكُفَّارِ الذِينَ لا يَعْرِفُونَ الإِسْلامَ ! ثُمَّ هَا نَحْنُ وَلِلأَسَفِ نُشَاهِدُ أَبْنَاءَ الْمُسْلِمِينَ يَرْمُونَ وَيَسْتَهْتِرُونَ بِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !
فَعَلَى جَمِيعِ الطُّلَّابِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي الْكُتُبِ الْمَدْرَسِيَّةِ وَلا يُهِينُوهَا ، حِفَاظَاً عَلَى أَمْوَالِ الأُمَّةِ ، وَتَكْرِيمَاً لِكَلامِ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَفِي حَالَةِ الرَّغْبَةِ فِيالتَّخَلُّصِ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إِلَى الْمَدْرَسَةِ ، أَوْ تُحْرَقُ أَوَ تُدْفَنُ إِنْ كَانَ يَصْعُبُ جَمْعُهَا وَالاسْتَفَادَةُ مِنْهَا .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَأَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ هَذِهِ الامْتِحَانَاتِ لَتُذَكِّرُ الْمُؤْمِنَ الْعَاقِلَ بِالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ ثَوَابَاً وَعِقَابَاً , فَيَعْمَلُ لِنَجَاتِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَإِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي وَاقِعِ حَالِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ لَيَجِدُ غَفْلَةً شَدِيدَةً وَإِعْرَاضَاً يُنْذِرُ بِالْخَطَرِ , وَيَدْعُو لِلأَسَفِ .
فَأَيْنَ أُولَئِكَ الأَقْوَامُ الذِينَ يَكْذِبُونَ وَيُزَوِّرُوْنَ لِلْحُصُولِ علَى الْمَالِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَتْ , وَلا يُرَاعُونَ فِي ذَلِكَ حِلًّا أَوْ حُرْمَةً , بَلِ الْمَطْلُوبُ عِنْدَهُمْ حُلُولُ الْمَالِ فِي الْيَدِ فَقَطْ , وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْمَالَ حَلالُهُ حِسَابٌ وَحَرَامُهُ عِقَابٌ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَقَدْ حَصَلَ تَجَاوُزَاتٌ مُحْزِنَةٌ فِي بَعْضِ مَنَاطِقِ بِلادِنَا حِينَ جَاءَتْ لِجَانٌ مِنْ قِبَلِ الدَّوْلَةِ أَيَّدَهَا اللهُ لِتَقْيِيمِ الأَضْرَارِ النَّاتِجَةِ عَنِ السُّيُولِ وَالأَمْطَارِ فِي الْفَتْرَةِ الْمَاضِيَةِ .
فَبَعْضُ النَّاسِ يُبَالِغُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الأَضْرَارِ , فَيَذْكُرُ أَعْدَادَاً غَيْرَ صَحِيحَةٍ , وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ عِنْدَه تَلَفِيَّاتٌ بِالْمَرَّةِ وَلَيْسَ لَهُ مَزْرَعَةٌ أَوْ حَيَوانَاتٌ , ثُمَّ هُوَ يَأْتِي يَدَّعِي الأَضْرَارَ , وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّجْنَةِ , وَرُبَّمَا أَخْرَجَهُمْ إِلَى مَزْرَعَةِ قَرِيبِهِ أَو صَدِيقِهِ , أَوِ ادَّعَى أَنَّ أَغْنَامَهُ أَوْ إِبِلَهُ قَدْ طَمَرَهَا السَّيْلُ وَدَفَنَهَا التُّرَابُ ! وَمِنَ الْمُوَظَّفِينَ مَنْ يُعِينُ هَؤُلاءِ الْكَذَّابِينَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ وَهُوَ يَعْلَمُ كَذِبَهُمْ !
وَنَقُولُ لِهَؤُلاءِ : اتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ , فَمَا أَسْرَعَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلْحِسَابِ , ثُمَّ نَقُولُ : إِيَّاكَ أَنْ تَتَعَاوَنَ مَعَ أَحَدٍ تَعْلَمُ كَذِبَهُ , أَوْ تَأْذَنُ لَهُ بِالذِّهَابِ إِلَى مَزْرَعَتِكَ أَوْ مَكَانِكَ , فَإِنْ فَعَلْتَ هَذَا فَأَنْتَ شَرِيكٌ لَهُ فِي الإِثْمِ , وَإِذَا اعْتَذَرْتَ بِالإِحْرَاجِ مِنْهُ وَالْمُرَاعَاةِ لَهُ فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ اللهِ الذِي هُوَ أَحَقُّ أَنْ نَخْشَاهُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّزْقَ مِنْ عِنْدِ اللهِ , وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللهِ , فَإِيَّاكَ أَنْ تَطْلُبَ رِزْقَ اللهِ بِمَعْصِيَتِهِ , وَاحْذَرْ أَنْ يَبْتَلِيَكَ اللهُ فِي نَفْسِكَ أَوْ مَالِكَ أَوْ أَهْلِكَ بِسَبَبِ هَذَا التَّزْوِيرِ .
فَمَنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُبَادِرْ بِتَصْحِيحِ وَضْعِهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ مِنْ كَذِبِهِ , عَفَى اللهُ عَنِّي وَعَنْكُمْ وَكَفَانَا بِحَلالِهِ عَنْ حَرَامِهِ .
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ، اللَّهُمَّ يَسِّرْ أُمُورَنَا وَاشْرَحْ صُدُورَنَا وَوَفِّقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا . اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ مَشَاعِلَ نُورٍ وَهِدَايَةٍ وَخُذْهُمْ إِلَى سَبِيلِ الرِّضَا وَالْوِلايَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَاكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ ، اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الْكَفَرَةَ وَالْمُلْحِدِينَ ، وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ وَاتِّبَاعِ شَرْعِكَ ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَإِيَّاهُمْ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَأَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ هَذِهِ الامْتِحَانَاتِ لَتُذَكِّرُ الْمُؤْمِنَ الْعَاقِلَ بِالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ ثَوَابَاً وَعِقَابَاً , فَيَعْمَلُ لِنَجَاتِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَإِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي وَاقِعِ حَالِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ لَيَجِدُ غَفْلَةً شَدِيدَةً وَإِعْرَاضَاً يُنْذِرُ بِالْخَطَرِ , وَيَدْعُو لِلأَسَفِ .
فَأَيْنَ أُولَئِكَ الأَقْوَامُ الذِينَ يَكْذِبُونَ وَيُزَوِّرُوْنَ لِلْحُصُولِ علَى الْمَالِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَتْ , وَلا يُرَاعُونَ فِي ذَلِكَ حِلًّا أَوْ حُرْمَةً , بَلِ الْمَطْلُوبُ عِنْدَهُمْ حُلُولُ الْمَالِ فِي الْيَدِ فَقَطْ , وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ الْمَالَ حَلالُهُ حِسَابٌ وَحَرَامُهُ عِقَابٌ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَقَدْ حَصَلَ تَجَاوُزَاتٌ مُحْزِنَةٌ فِي بَعْضِ مَنَاطِقِ بِلادِنَا حِينَ جَاءَتْ لِجَانٌ مِنْ قِبَلِ الدَّوْلَةِ أَيَّدَهَا اللهُ لِتَقْيِيمِ الأَضْرَارِ النَّاتِجَةِ عَنِ السُّيُولِ وَالأَمْطَارِ فِي الْفَتْرَةِ الْمَاضِيَةِ .
فَبَعْضُ النَّاسِ يُبَالِغُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الأَضْرَارِ , فَيَذْكُرُ أَعْدَادَاً غَيْرَ صَحِيحَةٍ , وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ عِنْدَه تَلَفِيَّاتٌ بِالْمَرَّةِ وَلَيْسَ لَهُ مَزْرَعَةٌ أَوْ حَيَوانَاتٌ , ثُمَّ هُوَ يَأْتِي يَدَّعِي الأَضْرَارَ , وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّجْنَةِ , وَرُبَّمَا أَخْرَجَهُمْ إِلَى مَزْرَعَةِ قَرِيبِهِ أَو صَدِيقِهِ , أَوِ ادَّعَى أَنَّ أَغْنَامَهُ أَوْ إِبِلَهُ قَدْ طَمَرَهَا السَّيْلُ وَدَفَنَهَا التُّرَابُ ! وَمِنَ الْمُوَظَّفِينَ مَنْ يُعِينُ هَؤُلاءِ الْكَذَّابِينَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ وَهُوَ يَعْلَمُ كَذِبَهُمْ !
وَنَقُولُ لِهَؤُلاءِ : اتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ , فَمَا أَسْرَعَ الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلْحِسَابِ , ثُمَّ نَقُولُ : إِيَّاكَ أَنْ تَتَعَاوَنَ مَعَ أَحَدٍ تَعْلَمُ كَذِبَهُ , أَوْ تَأْذَنُ لَهُ بِالذِّهَابِ إِلَى مَزْرَعَتِكَ أَوْ مَكَانِكَ , فَإِنْ فَعَلْتَ هَذَا فَأَنْتَ شَرِيكٌ لَهُ فِي الإِثْمِ , وَإِذَا اعْتَذَرْتَ بِالإِحْرَاجِ مِنْهُ وَالْمُرَاعَاةِ لَهُ فَاسْتَعِدَّ لِلِقَاءِ اللهِ الذِي هُوَ أَحَقُّ أَنْ نَخْشَاهُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّزْقَ مِنْ عِنْدِ اللهِ , وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللهِ , فَإِيَّاكَ أَنْ تَطْلُبَ رِزْقَ اللهِ بِمَعْصِيَتِهِ , وَاحْذَرْ أَنْ يَبْتَلِيَكَ اللهُ فِي نَفْسِكَ أَوْ مَالِكَ أَوْ أَهْلِكَ بِسَبَبِ هَذَا التَّزْوِيرِ .
فَمَنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُبَادِرْ بِتَصْحِيحِ وَضْعِهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ مِنْ كَذِبِهِ , عَفَى اللهُ عَنِّي وَعَنْكُمْ وَكَفَانَا بِحَلالِهِ عَنْ حَرَامِهِ .
اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ ، اللَّهُمَّ يَسِّرْ أُمُورَنَا وَاشْرَحْ صُدُورَنَا وَوَفِّقْ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا . اللَّهُمَّ اجْعَلْهُمْ مَشَاعِلَ نُورٍ وَهِدَايَةٍ وَخُذْهُمْ إِلَى سَبِيلِ الرِّضَا وَالْوِلايَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , اللَّهُمَّ احْفَظْهُمْ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَاكْلَأْنَا بِرِعَايَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ ، اللَّهُمَّ أَهْلِكِ الْكَفَرَةَ وَالْمُلْحِدِينَ ، وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِلْعَمَلِ بِكِتَابِكَ وَاتِّبَاعِ شَرْعِكَ ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَإِيَّاهُمْ عَلَى أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
المرفقات
مَظَاهِرُ فِي الامْتِحَانَاتِ وَتَحْذِيرٌ مِنَ التَّزْوِيرِ 21 رجب 1434 هـ.doc
مَظَاهِرُ فِي الامْتِحَانَاتِ وَتَحْذِيرٌ مِنَ التَّزْوِيرِ 21 رجب 1434 هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خير الجزاء
تعديل التعليق