مُطرنا بفضل الله ورحمته

طلال شنيف الصبحي
1440/01/17 - 2018/09/27 21:09PM

                                                                           نزول الغيث 18 / 1 / 1440ه

الحمد لله .. الحمد لله (الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته، وهو الولي الحميد) .. خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى ، فجعله غثاء أحوى .. السماءَ بناها، والأرضَ دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، والجبالَ أرساها, متاعا لكم ولأنعامكم, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً ، أما بعد .أيها الناس ، اتقوا ربكم واستغفروه .. (استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً ، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً) .
عباد الله .. نَضَبت الآبار، ويبِست الأشجار، وذبلت الأزهار، وقلت الثمار .. ومات الزرع، وجف الضرع .. الأرض قد قَحِطت، والمواشي قد هَزُلت، والقلوب قد يئست .. وبينما الناس كذلك، إذا برحمة الله تنزل، وإذا بالغيث ينهمر, وذلك كله بفضل الله ورحمته .وواللهِ، لولا اللهُ ما سُقينا ولا تنعّمنا بما أوتينا, عباد الله: لقد أنعم الله علينا ليلة البارحة بالغيث العميم, جعلها الله أمطار خير وبركة وعم بنفعها العباد والبلاد, ولنا مع الأمطار وقفات وتنبيهات :

أولاً: المطر جند من جنود الله المطيعين أهلك الله به أقواماً تمردوا وطغوا وفسقوا فأغرقهم (كذبت قبلهم قوم نوح، فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر، فدعا ربه أني مغلوب فانتصر، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر، وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر، ولقد تركناها آية فهل من مدكر، فكيف كان عذابي ونذر) وكما كان المطر جنداً من جنود الله في العقاب كان من جند الله في سبيل نصرة الدين كما حصل في غزوة بدر: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام)

ثالثاً: من السنن النبوية المأثورة عند نزول الغيث, ما علّمنا رسول الله r من الأدعية والأذكار المتعلقة بالمطر. فقد كان الرسول r كما يروي البخاري إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيِّبا نافعا))، وعندما يتوقف المطر يقول: ((مطِرنا بفضل الله ورحمته))، وإذا نزل المطر وخشي منه الضرَر دعا وقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر))، وإذا هبت الريحُ نهانا عن سبّها لأنها مأمورة، وكان يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به))، وجاء في الأثر بسند صحيح عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته) ومن سنن المطر، الدعاء وهذا موطن لإجابة الدعاء يغفل عنه كثير من الناس، فالدعاء عند نزول المطر من الأدعية المستجابة، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبيّ رسول الله r أنه قال: ((ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر)) رواه الحاكم وحسنه الألباني .ومن السنن النبوية المأثورة ما جاء في بعض الرخص المتعلقة بنزول المطر، ومن هذه الرخص الجمع بين الصلاتين، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين الصلاتين في المسجد، رفعاً للحرج والمشقة عن أمته، وإنما يجوز الجمع فقط دون القصر لأن القصر خاص بالسفر. ومن السنن أيضا عند نزول المطر، أن يحسر الإنسان شيئا من ملابسه حتى يصيبه المطر، تأسيًا برسول الله r، فقد جاء في صحيح مسلم عن أنس قال: أصابنا ونحن مع رسول الله r مطر قال: فحسر رسول الله r ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه) فلنحرص يا عباد الله على هذه الأذكار والسنن, اللهم اجعل ما أنزلته علينا من الغيث والمطر عونا لنا على طاعتك وبلاغا إلى حين, أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) بارك الله لي  
الخطبة الثانية:

عباد الله: إن في نزول الأمطار وتصريفها بين البلاد، عبرةً لأولي الأبصار، وعظةً للعصاة والفجار، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ، لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ، وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا) فعلينا أن نتذكر بنزول المطر، أن الله تعالى هو وحده القادر على إنزال الغيث ، وأن من الخطأ العظيم أن يُنسَب إنزالُ المطر إلى غيره من الكواكب والأنواء وارتفاع الضغط الجوي وانخفاضه أو غير ذلك من الأسباب، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله r صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال:(هل تدرون ماذا قال ربكم؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:((أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال:مطِرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب،وأما من قال:مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)رواه مسلم
وعلينا أن نتذكر أيضاً، أن في إنزال المطر وإحياء الله الأرض بعد موتها عبرةً وآية لقدرته تعالى على إحياء الموتى يوم القيامة، قال سبحانه: (ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( عباد الله، المطر نعمة من نعم الله، تستوجب شكر المنعم سبحانه الذي أنزله الله علينا ، فلولا فضله ورحمته ما سقينا .. اشكروا الله بالثناء عليه بألسنتكم، والتحدث بنعمته، واشكروا الله بالقيام بطاعته والإنابة إليه،(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) فاللهم لك الحمد والشكر على نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة التي لا تعد ولا تحصى، مطرنا بفضل الله ورحمته 3

المشاهدات 5481 | التعليقات 1

هنا المرفق

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/314537/attachment/12%d9%86%d8%b2%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%8a%d8%ab-2

https://khutabaa.com/forums/رد/314537/attachment/12%d9%86%d8%b2%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%8a%d8%ab-2