مضى نصف رمضان واقتربت ليالي العَشر

سعود المغيص
1436/09/15 - 2015/07/02 19:45PM
الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ عباد الله :
َاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- واعلموا أن اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- َقَد خَصَّكُمُ بِخَصَائِصَ، وَجَعَلَ لَكُم مَزَايَا، وَمَنَحَكُم أَوقَاتٍ ثَمِينَةٍ، وَمَوَاسِمَ جَلِيلَةٍ؛ أَوقَاتٌ تُضَاعَفُ فِيهَا الحَسَنَاتُ وَمَوَاسِمُ تَزدَانُ فِيهَا العِبَادَةُ، وَتَحلُو الطَّاعَةُ فَالسَّعِيدُ مِنكُم مَن بَادَرَ أَيَّامًا تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ وَاغتَنَمَ لَيَاليَ سَرِيعَةَ الانقِضَاءِ وَالذَّهَابِ.
عباد الله :
مضى نصف رمضان واقتربت ليالي العَشرِ الأَخِيرَةِ مِن رَمَضَانَ أَفضَلِ لَيَالي العَامِ عَلَى الإِطلاقِ تِلكَ اللَّيَالي الَّتي فِيهَا لَيلَةٌ عَظِيمَةُ الفَضلِ جَلِيلَةُ القَدرِ جَعَلَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- العِبَادَةِ فِيهَا خَيرًا مِن عِبَادَةِ أَلفِ شَهرٍ .
فَشَمِّرُوا -عِبَادَ اللهِ- عَن سَوَاعِدِ الجَدِّ وَالاجتِهَادِ وَاعقدُوا العَزمَ عَلَى مُوَاصَلَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ،
وَاعلَمُوا أَنَّ مَن قَامَ هَذِهِ اللَّيلَةَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ" .

عباد الله :
لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجتَهِدُ في تَحَرِّي تِلكَ اللَّيلَةِ العَظِيمَةِ طَمَعًا في الفَوزِ بها، وَحِرصًا عَلَى إِدرَاكِهَا عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- أَنَّهَا قَالَت: كَانَ إِذَا دَخَلَ العَشرُ أَحيَا اللَّيلَ، وَأَيقَظَ أَهلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا -أَيُّهَا المُؤمِنُونَ-
وَاحرِصُوا عَلَى تَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ في كُلِّ هَذِهِ اللَّيَالي العَشرِ وَأَكثِرُوا مِن تِلاوَةِ القُرآنِ وَاشتَغِلُوا بِالذِّكرِ، وَقُومُوا في المَسَاجِدِ وَصَلُّوا بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَفشُوا السَّلامَ، وَصِلُوا الأَرحَامَ وَأَزِيلُوا مَا في القُلُوبِ مِنَ الشَّحنَاءِ وَالخِصَامِ وَأَكثِرُوا مِنَ الصَّدَقَاتِ، وَأَدُّوا مَا وَجَبَ عَلَيكُم مِن زَكَوَاتٍ وَادعُوا رَبَّكُم وَأَنتُم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاسأَلُوهُ -تَعَالَى- العَفوَ وَالعَافِيَةَ
فَقَد صَحَّ في الحَدِيثِ عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- أَنَّهَا قَالَت لِلنَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرَأَيتَ إِنْ وَافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: "قُولي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي"
عباد الله :
إنَّ في إِخفَاءِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لِلَيلَةِ القَدرِ عَنكُم لِتَتَحَرَّوهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ كُلِّهَا، أَنَّ في ذَلِكَ لَتَرغِيبًا مِنهُ -جَلَّ وَعَلَا- لَكُم في عِبَادَتِهِ وَحَثًّا عَلَى الاجتِهَادِ في طَاعَتِهِ وَمَحَبَّةً مِنهُ لاستِكثَارِكُم مِمَّا يُقَرِّبُكُم إِلَيهِ
وَفي ذَلِكَ اختِبَارٌ لَكُم وَامتِحَانٌ يَتَبَيَّنُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُم جَادًّا في طَلَبِهَا، حَرِيصًا عَلَى إِدرَاكِهَا، مِمَّن كَانَ كَسلانَ مُتَهَاوِنًا مُتَبَاطِئًا وَمَن حَرِصَ عَلَى شَيءٍ جَدَّ في طَلَبِهِ، وَهَانَ عَلَيهِ التَّعَبُ في سَبِيلِ الوُصُولِ إِلَيهِ، وَبَذلَ مَا في وُسعِهِ لِلظَّفَرِ بِهِ
فَهَنِيئًا لِمَن صَبَرَ وَصَابَرَ وَرَابَطَ، وَاتَّقَى رَبَّهُ، وَجَاهَدَ نَفسَهُ وَعَمِلَ صَالِحًا.
اللهم بلغنا ليلة القدر واجعلنا من أهلها يارب العالمين ..
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فإنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

أمَّا بَعدُ عباد الله:
اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَاعلَمُوا أَنَّ الأَعمَالَ بِالخَوَاتِيمِ وَالعِبرَةَ بِالنِّهَايَاتِ وَحُسنِ الثَّبَاتِ .
مَعشَرَ الصَّائِمِينَ القَائِمِينَ، :
صُومُوا اليَومَ عَن شَهَوَاتِ الهَوَى لِتُدرِكُوا عِيدَ الفِطرِ يَومَ اللِّقَاءِ لا يَطُولَنَّ عَلَيكُمُ الأَمَلُ بِاستِبطَاءِ الأَجَلِ فَإِنَّ مُعظَمَ نَهَارِ الصِّيَامِ قَد ذَهَبَ، وَعِيدَ اللِّقَاءِ قَدِ اقتَرَبَ .
لَقَد كَانَ نَبِيُّكُم وَقُدوَتُكُم، وَهُوَ المَغفُورُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ كَانَ يَجتَهِدُ في هَذِهِ العَشرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهَا عَن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهِ. .
وَعَنهَا -رَضِيَ اللهُ عَنهَا- قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعتَكِفُ العَشرَ الآوَاخِرَ مِن رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعتَكَفَ أَزوَاجُهُ مِن بَعدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
اللهم تقبل منا الصيام والقيام، ووفقنا فيما بقي من الليالي والأيام, اللَّهُمَّ اجْعلْنَا من السابقينَ إلى الخيراتِ، الناهين عن المنكَرات، الآمنينَ في الغرفات، مع الَّذِينَ أنعمتَ عليهم وَوَقَيْتَهُمْ السيئاتِ يارب العالمين ،

الا وصلوا ..
المشاهدات 2425 | التعليقات 0