مضى من رمضان نصفه واكتمل بدره

محسن الشامي
1433/09/15 - 2012/08/03 01:30AM
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوله بعثه الله رحمة للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول صلى الله عليه على آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أَمَّا بَعدُ عباد الله فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فأتقوا الله حَقَّ التَّقوَى وَاحذَرُوا أَسبَابَ سَخَطِ المَولى جَلَّ وَعَلا فَإِنَّ أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } أَيُّهَا المُسلِمُونَ لقد مضى من رمضان صدره وانقضى منه نِصفُهُ واكتمل منه بدره، وَيُوشِكُ أَن تَتَصَرَّمَ أَيَّامُهُ سَرِيعًا وَتَنقَضِي لَيَالِيهِ جمِيعًا فهل اهتزت قلوبنا من خشية الفراق وهل أفاقت قلوبنا من الغفلة وهل تيقظت عيوننا من السبات العميق هل أدركنا أن أيام رمضان تاجٌ على رأس الزمان، من رُحم فيها فهو المرحوم، ومن حُرِم خيرها فهو المحروم،صعد رسول الله المنبر فقال: ((آمين، آمين، آمين))، فقلنا: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين، فقال:((إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، قلت: آمين)) الداعي جبريل عليه السلام والمؤمِّن محمد صلى الله عليه وسلم فهل تظن يا عبدالله أنها دعوة لا تستجاب الافأعلم يا عبدالله أنَّ المُؤمِنَ الصَّادِق عَالي الهِمَّةِ ،عَظِيمُ الرَّغبَةِ فِيمَا عِندَ اللهِ مِنَ الجَزَاءِ وَمِن ثَمَّ فَهُوَ لا يَقنَعُ بِالدُّونِ وَلا يَمِيلُ إِلى الأَدنى بَل هُوَ دَائِمُ التَّطَلُّعِ إِلى الأَكمَلِ وَالأَعلَى يَستَشعِرُ وَلاسِيَّمَا في مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ أَنَّهُ في مَيدَانِ سِبَاقٍ وَمُنَافَسَةٍ وَمُسَارَعَةٍ وَلِذَا تجده مُشَمِّرٌ عَن سَاعِدِ الجِدِّ وَالاجتِهَادِ مُستَعِدٌّ لِيُسَابِقَ إِلى الخَيرِ وَيُنَافِسَ فِيهِ ، مُمتَثِلاً أَمرَ رَبِّهِ حِينَ دَعَا المُؤمِنِينَ المُتَّقِينَ فَقَالَ" وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أَعِدَّت لِلمُتَّقِينَ " وَحِينَ قَالَ بَعدَ أَن وَصَفَ شَيئًا مِن نَعِيمِ الجَنَّةِ " وَفي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ "ولكن لا بُدَّ في هَذَا السِّبَاقِ العَظِيمِ وَالمُوسِمِ الكَرِيمِ مِن مُجَاهَدَةِ النَّفسِ وَمُغَالَبَتِهَا وَحَملِهَا عَلَى مَا تَكرَهُ وَنَهيِهَا عَنِ الهَوَى وَعَدَمِ التَّنَازُلِ مَعَهَا فِيمَا تَشتَهِي فلا سَبِيلَ لِنَجَاتِهَا إِلاَّ بِتَجَرُّعِهَا مَرَارَةَ الصَّبرِ وَتَحَمُّلِهَا مَشَقَّةَ الطَّاعَةِ فمن طبيعة النفس البشرية الفتور والملل أَلا فَلا تُغلَبُنُّ عَلَى مُجَاهَدَةِ النُّفُوسِ عَلَى الخَيرِ وَتَصبِيرِهَا في مَوَاطِنِ العِبَادَةِ وَرَبطِهَا في مَيَادِينِ الطَّاعَةِ واعلموا رحمكم الله أن بَينَ أَيدِيكُم فُرَصًا لِلتَّنَافُسِ وَالمُسَابَقَةِ لا تُنَالُ بِالرَّاحَةِ ولا يَصبِرُ عَلَيهَا إِلاَّ السَّابِقُونَ كَالتَّبكِيرِ إِلى الصَّلَوَاتِ المَكتُوبَاتِ وَالحِرصِ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ في الجُمَعِ وَالجَمَاعَاتِ وَإِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ " لَو يَعلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثم لم يَجِدُوا إِلاَّ أَن يَستَهِمُوا عَلَيهِ لاستَهَمُوا وَلَو يَعلَمُونَ مَا في التَّهجِيرِ لاستَبَقُوا إِلَيهِ وَلَو يَعلَمُونَ مَا في العَتَمَةِ وَالصُّبحِ لأَتوهُمَا وَلَو حَبوًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ومن فرص التنافس في هذا الشهر الكريم قراءة القرآن وتدبرآيايه لا شك أن قراءة القرآن في رمضان هي من أحب الأعمال الى الله سبحانه وتعالى وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على من يقرأه ويتدبره فقال جل شأنه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ. لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) وبالقرآن أخرجنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الظلمات إلى النور وجعلنا خير أمة أخرجت للناس قال سبحانه {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه)رواه مسلم. أي يشفع لك بالطاعة والإيمان ويقول القرآن يا رب إني حرمته النوم فشفعني فيه ولا يزال كذلك حتى يشفع فيه ومن كرم الله سبحانه وتعالى ما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)رواه البخاري ومن فرص التنافس في هذا الشهر الكريم الانفاق فالصدقة في رمضان أفضل من الصدقة في غيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه شهر المواساة‏.‏وكان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان حين يلقاه جبريل في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة‏‏. قال الله تعالى آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم: { قُل لعبادي الذين آمنوا يُقيموا الصَّلاة ويُنفقوا ممَّا رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ } ومن فضائل الصدقة أنَّها تطفئ غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله صلى الله عليه وسلم: « إن صدقة السِّر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى) ومن فضائل الصدقة أنَّها تمحو الخطيئة، وتُذهب نارها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: « والصَّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماءُ النَّار)) ومن فضائل الصدقة أنها ظل ظليل في الآخرة تظل صاحبها في وقت الحر والحشر فالمتصدق في ظلِّ صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « كلُّ امرىء في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس )) ومن فضائل الصدقة أنَّ المنفق يدعى له كل يوم بالبركة بخلاف الممسك وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا))ومن فضائل الصدقة أن المتصدق من الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل الا ظله ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه) الافأتقوا الله عباد الله وَاحَذَرُوا مِنَ الفتور والملل اللهم تقبل صيامنا ... بارك الله لي ولكم
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه أَمَّا بَعدُ ،فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وأعلموا أن من فرص التنافس في هذا الشهر الكريم صلاة التراويح قال الحافظ ابن رجب: ( واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه: جهاد بالنهار على الصيام وجهاد بالليل على القيام، فمن جمع بين هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب)ولعلي اذكر نفسي وإخواني الذين زهدوا في صلاة التراويح بفضائلها العظيمة فمن فضائل صلاة التراويح أنها سببٌ لمغفرة سالف الذنوب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )ٌ لصلاة الأول) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/207). الفائدة الثانية: سُئِلَ ابن عثيمين: إذا كان الرجل في . أخرجه البخاري ومسلم ومن فضائل صلاة التراويح أن من قام مع إمامه كتب له قيام ليلة عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ
حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) ومن فضائل صلاة التراويح ما قاله عليه الصلاة والسلام{عليكم بقيام الليل فإنه دأبُ الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ومنهاةٌ عن الإثم، ومطردةٌ للداء عن الجسد } صححه الألباني ألا فاتقوا الله عباد الله وَجَاهِدُوا النُّفُوسَ عَلَى مَا يُنجِيهَا وَيُورِدُهَا جَنَّةَ المَأوَى ، فَإِنَّهُ لا نَجَاةَ وَلا خَلاصَ إِلاَّ بِالمُجَاهَدَةِ فالإِيمَانُ يا عباد الله لَيسَ كَلِمَةً تُقَالُ بِاللِّسَانِ دُونَ أَن يَكُونَ لها حَقِيقَةٌ في القُلُوبِ وَأَثَرٌ في الجَوَارِحِ ، إِنَّهُ أَمَانَةٌ وَتَكَالِيفُ وَأَعبَاءٌ ، وَجِهَادٌ وَصبرٌ وَمُصَابَرَةٌ وَجُهدٌ يَحتَاجُ إِلى احتِمَالٍ فَأَينَ مِن ذَلِكَ مَن يَمضِي عَلَيهِمُ الشَّهرُ الكَرِيمُ وَهُم يُمَاطِلُونَ وَيُسَوِّفُونَ وَلا يُجَاهِدُونَ ؟ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ ثَبَاتًا عَلَى الحَقِّ وَنَجَاةً مِنَ الفِتَنِ ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ اللَّهُمَّ اغفِرْ لَنَا مَا قَدَّمنَا وَمَا أَخَّرنَا وَمَا أَسرَرنَا وَمَا أَعلَنَّا وَمَا أَسرَفَنَا وَمَا أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنَّا .
المشاهدات 2306 | التعليقات 0