مشاهد من الجنة (2)
هلال الهاجري
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، الملكِ الحقِّ القويِّ المتينِ، ذَلَّ لكبريائه جَبابرةُ السَّلاطينِ، وقَضى بحكمتِه وهو أحكمُ الحاكمينَ، أحمدُه حمدَ الشَّاكرينَ، وأَسألُه معونةَ الصَّابرينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له في الأولينَ والآخرينَ، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولِه للنَّاسِ أجمعينَ، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وصحبِه ومن سَارَ على هديهم إلى يومِ الدِّينِ.
فأوصيكم عبادَ اللهِ ونَفسي بتقوى الرَّحمانِ، فهو طريقُ الجنَّةِ والسَّلامِ والأمانِ، قَالَ سُبحانَه: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ) .. أما بعدُ:
فها هم أهلُ الجنَّةِ يُقبلونَ على قُصورِهم، فيستقبلُهم الخدمُ .. (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وَلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً) .. غِلمانٌ .. في غَايةِ الحُسنِ والجَمالِ والبَهاءِ، والبَياضِ والرَّوعةِ والصَّفاءِ، مَبثوثونَ في الأماكنِ الواسعةِ في منظرٍ بهيجٍ، مُنتشرونَ في خِدمتِهم وتَلبيةِ حَوائجِهم بِسرعةٍ ونَشاطِ واستمتاعٍ، لم تُذهبْ الخدمةُ تِلكَ المحاسنَ وذلكَ اللَّونَ والصَّفاءَ والبَهجةَ، (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ)، كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ نَاصِعُ الَبَيَاضِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الأصدافِ، وَلَم يَتَعَرَّضْ لِلنُّورِ وَلَفْحِ الشَّمْسِ والإتلافِ.
فيُلبسُهم الخدمُ الحُليَّ من الذَّهبِ، واللِّباسَ من الحريرِ، قبلَ لقاءِ المُحبينَ، الذي طالَ انتظارهُ سِنينَ (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ)، يقولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (لو أنَّ رجلًا من أَهْلِ الجنَّةِ اطَّلعَ فبدا أساورُهُ لطَمسَ ضوءَ الشَّمسِ كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضوءَ النُّجومِ).
وها هو صاحبُ القصرِ يتقدَّمُ للدُّخولِ ولِقاءِ الأحبَّةِ من الأزواجِ المُطهَّرةِ، بُشرى اللهِ تعالى لهُ في الدَّنيا، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، طاهراتُ الأخلاقِ، طاهراتُ اللِّسانِ، طاهراتُ الطَّرفِ، طاهراتٌ من الحيضِ والنِّفاسِ والغَائطِ والمُخاطِ والبُصاقِ ومن كلِّ قَذرٍ .. كم اشتاقتْ إليه واشتاقَ إليها .. حتى أنَّها كانتْ تُتابعُ أخبارَه في الدَّنيا، قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: (لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا)، فكانتْ تُدافعُ عنه وتنتظره بشوقٍ، والآنَ حانَ وقتُ اللِّقاءِ.
فيدخلُ القصرَ .. فيرىِ أولَ زوجاتِه التي اختارَها له ربُّ العزةِ والجلالةِ .. (وَزَوّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) .. ولكن ماذا يرى؟ .. يرى حَوراءَ .. يحارُ فيها الطَّرفُ، لعظيمِ الجمالِ والرِّقةِ والصَّفاءِ .. عيناءَ .. واسعةِ العينينِ، فيهما كِحلٌ ومَلاحةٌ، وحُسنٌ وبهاءٌ.. (كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، كأنَّهنَّ اللؤلؤ الأبيضُ الرَّطبُ الصَّافي البَّهيُّ، المستورُ عن الأعينِ والرِّيحِ والشَّمسِ، الذي يَكونُ لونُه من أحسنِ الألوانِ، فلا عيبَ فيه بوجهٍ من الوجوهِ، وكذلك الحورُ العينُ، لا عيبَ فِيهنَّ بوجهٍ، بل هُنَّ كاملاتُ الأوصافِ، جَميلاتُ النُّعوتِ، فَكلُّ ما تَأملتَه منها لم تَجدْ فيه إلا ما يَسرُّ الخاطرَ، ويَروقُ النَّاظرَ.
(كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)، الصَّفاءُ صَفاءُ اليَاقوتةِ، والبَياضُ بَياضُ المُرجانِ، كما جاءَ في الحديثِ: (على كلِّ زوجةٍ سبعونَ حُلَّةُ، يُرَى مُخُّ ساقِها من وراءِ اللَّحمِ، كما يُرَى الشَّرابُ الأحمرُ في الزُّجاجةِ البيضاءِ)، ويَرى النَّاظرُ وجهَه في كَبدِ إحداهُنَّ كالمرآةِ من رِقةِ الجِلدِ وصَفاءِ اللَّونِ.
اسمعوا إلى هذا الحديثِ .. يقولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (والَّذي نفسي بيدِه، لوِ اطَّلَعَتِ امرأةٌ مِن نساءِ أهلِ الجنَّةِ على أهلِ الأرضِ لَأضاءَتْ ما بَيْنَهما، ولَملأَتْ ما بَيْنَهما ريحًا، ولَنَصِيفُها على رأسِها خيرٌ مِن الدُّنيا وما فيها)، لا إلهَ إلا اللهُ .. لو أَطَلَّتْ بوجهِها لأضاءتْ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ، فَأيُّ نُورٍ وجَمالٍ في وَجهِها؟ .. وطيبُ ريحِها يملأُ ما بَينَ السَّماءِ والأرضِ، فما أجملَ ريحَها .. وإذا كانَ الحِجابُ الذي تَضعه على رأسِها خَيرٌ من جمالِ الدُّنيا وما فيها من مَتاعٍ ورَوعةٍ وطَبيعةٍ خَلَّابةٍ وقُصورٍ شَاهقةٍ وغيرِ ذلك من أنواعِ نعيمِ الدُّنيا، فسُبحانَ خالقِها ما أَعظمَه، وهنيئاً لمن كانتْ له وكانَ لها.
(إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا)، عُرُباً مُتحبِّباتٍ إلى أزواجِهنَّ عاشِقاتٍ، أتراباً مُتساوياتٍ في العُمرِ والجَمالِ فلا تباغضَ بينهنَّ ولا تَحاسدَ .. أبكاراً، (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ)، لم يُجامعُهنَّ قَبلَهم أحدٌ، بل كلما يَطأُ الرَّجلُ حوريتَه في الجنةِ، تَرجعُ بِكرًا مَرةً ثَانيةً، فيا للعَجب!.
(حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)، مَمنوعاتٌ من التَّبرجِ والتَّبذلِ لغيرِ أَزواجِهنَّ، بل قد قُصِرْنَ على أَزواجِهنَّ، فلا يُردنَ سُواهم، ولا يَخرجنَّ من منازلِهم، (قَاصِرَاتُ الطّرْفِ)، قَصَرتْ طَرفَها على زوجِها من محبتِها له ورِضاها به، فلا يَتجاوزُ طرفُها عَنه إلى غَيرِه، وهذا يدلُ على ما يتصفُّ فيه الرِّجالِ، من الجمالِ والكمالِ.
أُعدَّتْ له ولأزواجِه أَماكنُ الجلوسِ في القُصورِ والحدائقِ والبساتينِ، بألوانٍ فَاخرةٍ رائعةِ من الفُرُشِ والسُّررِ للجلوسِ والاتِّكاءِ، (مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ)، فإذا كانَتْ البطائنُ والحَشو التي لا يراها النَّاسُ ولا يُهتمُّ بجودتِها عادةً، من خَالصِ الحريرِ، فكيفَ بالظَّواهرِ؟.
(عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ)، سُررٌ مصفوفةٌ منسوجةٌ بالذَّهبِ، والاتِّكاءُ يَدلُّ على كَمالِ الرَّاحةِ، والطُّمأنينةِ، واللَّذةِ .. (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)، الوسائدُ قد صُفَّتْ بعضُها بجانبِ بعضٍ، والبُسطُ مبثوثةٌ في كلِّ مكانٍ لمن أرادَ الجُلوسَ عليها، (وَنَمَارِقُ مَصْفوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)، على نَحوٍ يشرحُ الصَّدرَ، ويُبهجُ النَّفسَ.
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ)، استمراريةُ طَوافِ الخدمِ عليهم، في سُرعةِ الحركةِ، وبِشَرابٍ دائمٍ لا ينقطعُ، (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ)، في منظرٍ بديعٍ يعكسُ المُداعبةَ والسَّعادةَ التي تكونُ بين الرَّجلِ وأهلِه، في تَعاطي الشَّرابِ دونَ هَذيانٍ ولا إثمٍ ولا صُداعٍ ولا أوجاعٍ، في أكوابٍ من فِضةٍ، لكنَّها بصَفاءِ القواريرِ، (وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ).
طعامُهم الفاكهةُ واللَّحمُ، (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ)، كلما قطفَ ثمرةً في الجنَّةِ، عادتْ مكانَها أخرى أجملُ منها وأفضلُ، (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ)، قالَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (إنَّ طَيْرَ الجَنَّةِ كَأَمْثَالَ البُخْتِ -أيْ: كالجِمالِ-، تَرْعَى فِي شَجَرِ الجَنَّةِ)، يقولُ ابنُ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه: (إنَّكَ لتَنظرُ إلى الطَّيرِ في الجنَّةِ، فتَشتهيه، فيَخِرُّ بين يديكَ مَشوياً)، ثُمَّ يَخرجُ هذا الطَّعامُ على هيئةِ رشحٍ وجُشاءٍ كريحِ المِسكِ.
فإذا أكلَ وشربَ فقد جاءَ وقتُ الطَّربُ، قالَ تعالى: (فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ)، قالَ يحيى بنُ أبي كثيرٍ: يعني سماعُ الغِناءِ، يَقولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: (إِنَّ أَزْوَاجَ أَهلِ الجَنَّةِ لَيُغَنِينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْواتٍ مَا سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطْ إِنَّ مِمَّا يُغَنِينَ: نَحْنُ الخَيْرَاتُ الحِسَانُ أَزْوَاجُ قَومٍ كِرَامٍ، يَنْظُرَن بِقُرَةٍ أَعْيَانٍ، وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِينَ بِهِ: نَحْنُ الخَالِدَاتُ فَلَا يَمُتْنَه، نَحْنُ الآَمِنَاتُ فَلَا يَخَفْنَه، نَحْنُ المُقِيمَاتُ فَلَا يَظْعَنَه)، فهم في نعيمٍ ومن نعيمٍ إلى نعيمٍ، (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ * إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنا مَا لَهُ مِنْ نَفادٍ).
نَفَعَنَا اللهُ بِالقُرآَنِ العَظِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاُة وَالسَّلَاُم عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
وأهلُ الجنَّةِ في النَّعيمِ المُقيمِ، وإذا بمُنادٍ يُنادي: يا أهلَ الجَنَّةِ، إنَّ ربَّكم تَباركَ وتَعالى يَستزيرُكم فحيىَّ على زيارتِه، فيقولونَ: سمعاً وطاعةً، ويَنهضونَ إلى الزِّيارةِ مُبادرينَ، فإذا بالنَّجائبِ قد أُعدَّتْ لهم، فيستوونَ على ظهورِها مُسرعينَ، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيحِ الذي جُعلَ لهم مَوعداً، وجُمعوا هُناك، فلم يُغادرْ الدَّاعي منهم أَحداً، أَمرَ الرَّبُّ سُبحانَه وتَعالى بكُرسيهِ فَنُصبَ هُناك، ثم نُصبتْ لهم مَنابرُ من نُورٍ، ومَنابرُ من لُؤلؤٍ، ومَنابرُ من زَبرجدٍ، ومَنابرُ من ذهبٍ، ومَنابرُ من فِضةٍ، وجَلسَ أَدناهم على كُثبانِ المِسكِ، ما يَرونَ أصحابَ الكَراسي فَوقهم في العَطايا.
حتى إذا استقرَّتْ بهم مجالسُهم، واطمأنت بهم أماكنُهم، نَادى المنادي: يا أهلَ الجنَّةِ .. سَلامٌ عَليكم.
فلا تُردُّ هذه التحيةُ بأحسنِ من قَولِهم: (اللهمَّ أنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، تَباركتَ ياذا الجلالِ والإكرامِ)
فيكونُ أولُ ما يَسمعونَ مِنهُ تَعالى: أينَ عِبادي الذين أَطاعوني بالغيبِ ولم يَروني؟، فهذا يومُ المزيدِ.
فيجتمعونَ عَلى كلمةٍ وَاحدةٍ: أن قد رَضينا، فارضَ عَنَّا .. فيقولُ: يا أهلَ الجنَّةِ، إنِّي لو لم أرضَ عنكم لم أُسكنكم جَنتي، هذا يومُ المزيدِ، فسَلوني فيجتمعونَ على كَلمةٍ وَاحدةٍ: أَرنا وَجهَك نَنظرُ إليه.
فيكشفُ الرَّبُ جلَّ جَلالُه الحُجُبَ، ويَتجلَّى لهم فيغَشاهم من نُورِه ما لولا أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى قَضى ألا يَحترقوا لاحَترقوا، ولا يبقى في ذلك المجلسِ أحدٌ إلا كلَّمَه ربُّه تَعالى، حتى إنَّه يَقولُ: يا فلانُ، أَتذكرُ يومَ فَعلتَ كَذا وكَذا، يُذكِّرُه ببعضِ غدراتِه في الدُّنيا، فيَقولُ: يا ربِّ ألم تَغفرْ لي؟، فيقولُ: بلى، بمغفرتي بلغتَ مَنزلتَك هَذه .. (وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ).
اللهمَّ إنَّا نَسألُك أن تُدخلَنا جَناتٍ ونَهرَ في مَقعدِ صِدقٍ عِندَ مَليكٍ مُقتدرٍ، اللهم إنَّا نَسألُك أن ترزقَنا لَذةَ النَّظرِ إلى وجهِك الكريمِ، والشَّوقَ إلى لقائك من غَيرِ ضَراءَ مُضرةٍ، ولا فِتنةٍ مُضلةٍ، اللهم لا تجعل الدُّنيا أكبرَ همِنا، ولا مبلغَ علمِنا، واجعلْ الجنةَ هي دارَنا وقرارَنا، اللهمَّ استعملنا في طاعتِك، وأَعنَّا على ذكرِك، وعلى شُكرِك، وعلى حُسنِ عبادتِك، اللهمَّ وَفِّق إمامَنا ووليَ أمرِنا لما تُحبُّ وتَرضى، وارزقه البِطانةَ الصَّالحةَ النَّاصحةَ التي تعينُه إذا ذَكرَ، وتُذكِّرُه إذا نَسي، ووفقه ونائبَه وأعوانَه لما فيه صَلاحُ البلادِ والعبادِ، يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهمَّ ربَّنا أتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنا عَذابَ النَّارِ.
المرفقات
2-مشاهد-من-الجنة
2-مشاهد-من-الجنة
2-مشاهد-من-الجنة-2
2-مشاهد-من-الجنة-2