مسك الختام من أحكام آخر رمضان

عبدالله بن رجا الروقي
1437/09/25 - 2016/06/30 12:26PM
...أما بعد فإن من سنة الله في خلقه أن يتعاقب الليل والنهار بمافيهما من خير وشر عبرة للمعتبرين وتذكرة للمؤمنين قال تعالى ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾
وقال تعالى : ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾
وإن من ذلك شهركم هذا فقد آذن بالرحيل ومالت شمسه للغروب فطوبى لمن أودعه أعمالاً صالحة يجدها عندالله مدّخرة له يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وإن من رحمة الله أن شرع عبادات جليلة في آخر الشهر يزداد بها الإيمان و يجبر بها ماحصل في الصيام من خلل ونقصان
فمنها زكاة الفطر فهي فريضة على كل مسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاةَ الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه.
فهذا الحديث يدل على أن زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ولو كان مجنونًا لاعقل له أو صغيراً لم يبلغ فإنه تجب الزكاة عنهم ويخرجها وليهم.

وأما الحمل في البطن فلاتجب الزكاة عنه بل تستحب.

وبيّن الحديثُ مقدار زكاة الفطر عن الشخص الواحد وأنها صاع والصاع يساوي ثلاثة كيلووات
تقريبًا.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء مانصه:
" القدر الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريبا " ا.هـ [ 9/371 ].

وأما وقتها فالأفضل أن تُخرج يوم العيد قبل صلاة العيد فقد قال ابن عمر رضي الله عنهما في الحديث السابق : وأمر بها - أي رسول الله ﷺ - أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين فللمسلم أن يخرجها يوم التاسع والعشرين أو الثامن والعشرين.
ويحرم تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد لقول ابن عباس رضي الله عنهما: فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. رواه ابوداود.

ولايجوز إخراج المعيب كأن يكون به سوس أوبلل بل يجب أن تكون الزكاة سالمة من العيوب قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾
وكلما كانت الزكاة أفضل كانت أعظم أجرا عند الله.
واعلموا رحمكم الله أن زكاة الفطر تجبر مايكون في الصوم من نقص وخلل قال ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث وطعمةً للمساكين. رواه ابوداود.
فمن حِكم زكاة الفطر أنها تطهر الصائم مما وقع في صومه من النقص وتكمله ، قال بعض السلف : زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتي السهو للصلاة تجبر نقصان الصيام كما يجبر سجود السهود نقصان الصلاة.ا.هـ

ومن حِكَمها إطعام الفقراء وإغناؤهم عن السؤال في هذا اليوم ، ولهذا فلايجوز دفع الزكاة لغير الفقراء فعلى المسلم أن يتحرى في زكاته ولايتساهل فيها.
ويجب التنبه إلى أن زكاة الفطر لاتدفع للكافر من الفقراء ، بل تدفع لفقراء المسلمين.

عباد الله زكاة الفطر عبادة من العبادات يجب أن نلتزم فيها بماورد عن النبي ﷺ من إخراجها صاعاً من الطعام كالتمر والأرز ، فلايجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً بل يجب أن تخرج طعاماً
كالذي تقدم ذكره.
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم



الخطبة الثانية:
أما بعد فإن مما يشرع ختام الشهر التكبير قال تعالى في آيات الصيام من سورة البقرة
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
فقوله تعالى : {ولتكبروا الله على ما هداكم} أي: ولتذكروا الله بالتكبير عند انقضاء عبادة الصيام
ويكون هذا بغروب شمس آخر يوم من رمضان
في المساجد والبيوت والأسواق ، ويتأكد هذا التكبير والجهر به عند الخروج إلى صلاة العيد فيكبر الناس ليلة العيد إلى دخول الإمام لصلاة العيد ويكبرون أيضاً بتكبير الإمام أثناء خطبة العيد.

عباد الله إن مما شرعه الله لكم في ختام هذا الشهر المبارك أداء صلاة العيد شكرًا لله تعالى على أداء فريضة الصيام.
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخروج لصلاة العيد رجالاً ونساءً فكم من دعوة ترجى إجابتها في هذا الاجتماع العظيم والمقام الكريم ،ولهذا يسن للنساء حضورها بل إن الحائض وهي لاتصلي تؤمر بحضورها من أجل بركة هذا اليوم ورجاءً لإجابة الدعاء مع الداعين ، قالت أُم عطية - رضي الله عنها - : كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خِدْرِها ، وحتى تخرج الحيض فيكن خلف النساء فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم ، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته.
متفق عليه.
فقولها رضي الله عنها : يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته ، دليل على أن الاجتماع لصلاة العيد
اجتماع مبارك تُرجى فيه إجابة الدعوات وتكفير السيئات بل إن النبي ﷺ سمى هذا الاجتماع خيرًا قال ﷺ ؛ يَخرُجُ العواتِقُ ، وذواتُ الخُدورِ ، والحُيَّضُ ، ولْيَشهَدنَ الخيرَ ، ودعوةَ المؤمنينَ . رواه البخاري.
واعلموا أنه يسن قبل الخروج لصلاة العيد أكل تمرات وترا ثلاثاً أو خمساً أوسبعاً كما كان يفعل النبي ﷺ

معاشر المسلمين : احرصوا رحمكم الله على هذه الصلاة وعلى الانتظار حتى تنتهي خطبة العيد لتشاركوا المسلمين في دعائهم المبارك امتثالاً لأمر النبي ﷺ.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن تقصيرنا وزللنا ، اللهم بلغنا ختام الشهر وأعده علينا بخير في ديننا ودنيانا يارب العالمين...
المشاهدات 1897 | التعليقات 0