مسؤولية الفتوى الشرعية والتحذير من المتجرئين عليها

فيصل التميمي
1436/02/27 - 2014/12/19 05:57AM
الخطبة في أصلها للشيخ ناصر الأحمد حفظه الله ورعاه
مع اضافة بسيطة لبعض مشايخنا أثابهم الله
مسؤولية الفتوى الشرعية والتحذير من المتجرئين عليها 27/2/1436هـ
إن الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونستَعِينُهُ ونَستَغفرُهُ، ونَعُوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ومنْ يضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إِلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنّ نبينا مُحمّداً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ عليه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وسَلَمَ تَسلِيماً كَثِيراً.
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله تعالى واتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم فهي طريق السعادة الحقة في الحياة الدنيوية والأخروية.
أيها المسلمون، إن من أنبل ما يشتغل به المشتغلون وخير ما يعمل له العاملون نشر علم نافع تحتاج إليه الأمة، يهديها من الضلالة، وينقذها من الغواية، ويخرج النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيد. وكيف لا يكون كذلك وقد حض الله تعالى عليه بقوله الكريم: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون)، وأوجب على أهل العلم نشره ونهاهم عن كتمانه فقال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَه)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من علِم علمًا فكتمه أُلجِم يوم القيامة بلجام من نار)).
أيها المسلمون، ولنشر العلم وسائل كثيرة، من أهمها قيام العالم بالإفتاء لعموم الحاجة إليه وكثرة التعويل عليه، لا سيما في هذه الأيام التي قلَّ فيها الإقبال على العلم الشرعي ، واكتفى معظم المستمسكين بهذا الدين باستفتاء العلماء عما يعرض لهم أو يؤرق بالهم، لتصحيح عبادة أو تقويم معاملة، والقليل منهم من يلزم مجالس العلماء حتى يتخرج على أيديهم، ويصبح من ثم وارثًا لعلومهم. وما زال الإفتاء قائمًا منذ فجر الإسلام وحتى هذه الأيام، حتى خلّف العلماءُ كثيرًا من كتب الفتاوى والنوازل التي زخرت بها المكتبة الإسلامية.
عباد الله : وبما أن الفتوى بيانٌ لأحكام الله والمفتي في ذلك موقِّعٌ عن الله فإن القول على الله تعالى بغير علم من أعظم المحرمات؛ لما فيه من جرأة وافتراء على الله وإغواء وإضلال للناس، وهو من كبائر الإثم، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون).
ومما يدل أيضًا على أنه من كبائر الإثم قول الله تعالى: (وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم)؛ لهذا هاب الفتيا كثير من الصحابة رضوان الله عليهم ، وتدافعوها بينهم لِمَا جعل الله في قلوبهم من الخوف والرقابة. فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم عن المسألة فيردَّها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجعَ إلى الأول"، وفي رواية: "ما منهم من أحد يُحدِّث بحديث إلا ودَّ أن أخاه كفاه إياه، ولا يُستفتى عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا".
أيها المسلمون، ومما ابتليت به الأمة في أوقاتنا هذه أن تجرأ على الإفتاء أناسٌ ليسوا أهلاً لذلك، ينقصهمُ كثيرٌ من مقوماتِ هذا العمل العظيم ، فأفتوا من غير علم ولا أداة فقه فضلوا وأضلوا. ولقد يسرت الفضائيات ظهور بعضهم ، وتعلق بهم بعض العوام ومن في قلبه مرض، فصاروا يتخوضون في المحرمات بحجة أنه قد أفتى فيه فلان أو علّان، واشتهرت بعض الأسماء ممن فتاواهم غالبًا تدور حول تمييع الأحكام وتعميم الترخص في أحوال خاصة لتعارض أحكاما عامة فتثير الشبهات واللغط بين الناس وتجرأهم على مخالفة كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم تحت أي شبهة ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولقد عشنا في زمن سمعنا فيه فتاوى فيها محادّةٌ للهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم ، كفتوى من أفتى بجواز ربا البنوك، مع أن الله تعالى حرم الربا بنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة لا يشك في دلالتها العوام فضلا عن العلماء.
أيها المسلمون، إن من مظاهرِ غربة الإسلامِ في هذا الزمان ونتيجةً لعواملِ التغريبِ التي عصفت ولا تزالُ تعصفُ بالأمةِ اليوم أن استهان كثيرٌ من الناسِ بالحلالِ والحرامِ وتتبعوا الشبهات والأحوال الخاصة والرخص, في وقت ظهر للإفتاءِ فيه جماعةٌ من الحمقى والمغفلين, في جرأةٍ بالغة وحماقةٍ مكشوفة، ودون خوفٍ أو خشيةٍ من العليم الخبير, وتفشَّى أولئك المُتقوِّلون على الله بلا علم وهم في غمرةِ نشوتِهم وقمةِ غرورِهم وجهلهم, تناسوا ذلك الوعيدَ الشديد الذي يُزلزلُ القلوبَ الحية ويتهددُ المُتجرئين على الفتيا، يقولُ الحقُ تباركَ وتعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ أاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُون).
لقد استخف أولئك بأمر ربهم فهم في غيهمِ يترددون، وأصبحتَ ترى بعضَ المتعجلين ممن لا يكادُ يحفظُ شيئًا من كتابِ الله فضلا عن ضعف فقهه، أصبحتَ تراهُ مُصابًا بجنونِ العظمة, فيفتي بغيرِ علم, ويناقشُ أقوال الأئمة وعلماء الإسلام فيخطأ ويستدرك ويفسر تبعا لهوى نفسه، ويُجيز أولئك الصنف لأنفسهمِ الخوضَ فيما لا يعرفون والكلامَ فيما لا يفقهون, ويُحللون ويُحرمون دون علمٍ أو هدى أو كتابٍ منير, بل إنَّهم ليخوضونَ في قضايا محيِّرة، ويتجرؤون على الفتيا في مسائل مستعصية, لو حصلتْ في عهدِ عمرَ لجمع لها أهل بدرٍ, بينما ذلكَ المتعاظمُ يصدرُ فيها رأَيهُ بكلِّ عجلةٍ وتسرع، ولا يجدُ في صدره من ذلك حرجًا أو غضاضة.
وليتَ الأمر توقفَ على المنتسبينَ للعلم من ذويِ التخصصات الشرعية, بل تعداهُ إلى أُناسٍ يفتقدون حتى المبادئَ الأساسيةِ لأي فنٍ من فنونِ الشريعة، فذاك يُفتي ويخطأ علماء احدودبت ظهورهم في طلب العلم وشابت لحاهم في تدريسه وهو كاتبٌ صحفي, وذاك يُفتي ولم يُعرف بطلب علم ولابصلاح ولاباستقامة في أحواله غير أن قنوات الإفساد سهلت له الخروج على شاشتها ليخدم توجهاتها في وأد الفضيلة واختراق صلاح المجتمع وضرب بعضه ببعض.
عباد الله أيها المؤمنون الموحدون: اتقوا الله في دينكم واعرفوا عمن تأخذون أحكامه، اتقوا الله ولا تسألوا إلا من تيقنتم من علمه وورعه ، فليس كل من ظهرت صورته في الفضائيات أو صوته في الإذاعات على أنه شيخٌ فهو يصلح لأن يُستفتى، فبعضهم قد يكون مجيدًا لبعض القضايا التربوية، وبعضهم يُحسنُ الكلامَ في الأمورِ الاجتماعية، وآخرُ متخصصٌ في القضايا النفسية، أما الفقه وأحكام النوازل وأحكام الشريعة فهذه للعلماء الراسخين في العلم.
أيُّها المسلمون، إن الأحكام الشرعية ليست مجالا مفتوحا لكل من هب ودب ممن لا يفقه في الشرع المطهر شيئًا، ومن ثم فلا مجال لأي أحد في مناقشة ما ليس من اختصاصه.
وَإِذَا كَانَ المَرءُ إِذَا أُصِيبَ بِدَاءٍ في جَسَدِهِ ، جَعَلَ يَسأَلُ عَن أَفضَلِ الأَطِبَّاءِ وَيَتَحَرَّى أَعلَمَهُم ، حَتى يَسقُطَ عَلَى المَاهِرِ مِنهُم فَيُسَلِّمَهُ جَسَدَهُ ، فَلَلمُؤمِنُ أَحرَى بِهَذَا مَعَ مَن يُدَاوِي قَلبَهُ وَيُعَالِجُ فُؤَادَهُ ، لأَنَّ بِفَسَادِ جَسَدِهِ نِهَايَةَ دُنيَاهُ ، وَأَمَّا فَسَادُ قَلبِهِ ففيه فسادٌ لدينه ودنياه وخسارته لأُخرَاهُ ، وَمِن ثَمَّ فَمَا أَوجَبَهُ عَلَى المُسلِمِ أَن يَتَحَرَّى الحَقَّ بِدَلِيلِهِ مِن أَفوَاهِ أَهلِهِ ، ويطلع عليه في كُتُبِهِم وَفَتَاوَاهُم ، لِيَلقَى رَبَّهُ بِعَمَلٍ صَوَابٍ ، تَكُونُ بِهِ نَجَاتُهُ " يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ . إِلاَّ مَن أَتى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُون)
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واهدنا لما اختلف فيه من الحق إنك أنت العليم الحكيم...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعبر والعظات والقول الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تعظيما لشأنه، وَأشهدُ أنَّ نبينا مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ الداعي إلى رضوانه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيرا
أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الفتوى السليمة تجعل المستفتي على الجادة القويمة، وتبعده عن المسالك الذميمة، فتصحح مساره لئلا يزل، وتحذره من البدع لئلا يضل؛ وفي ذلك صلاح الفرد وسلامة المجتمع، قال الله تعالى: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيد).
بالفتوى القويمة توثق صلة الأمة بعلمائها، وما أحوج الأمة إلى ذلك التلاحم الذي يقود ركبه حملة أشرف رسالة. إن الأمة التي تبقى وفيّة لعلمائها تسمع لقولهم وتطيع أمرهم وتأخذ بنصحهم هي أمة مؤهلة للفوز في الدنيا والنجاة في الآخرة، وكيف لا يتم لها الفوز والله تعالى قد أرشدها لطاعته؟! فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُم).
أيها المسلمون، أما الآثار السيئة لأخذ الفتوى عن غير أهلها ففي مقدمتها التعدي على حدود الله؛ فما أفدح الخطب حين تنتهك حرمات الله بفتاوى جائرةٍ تُـنسب إلى دين الله.
إن أخذ الفتوى عن غير أهلها يسوق المستفتي إلى الجرأة على دين الله؛ فلا تبقى لله تعالى في قلبه رقابة، ولا إلى الحق تعالى في نفسه إنابة، فيرتكب ما سأل عنه بفتوى جائرة، ثم يتدهده من قلة الخشية وظلمة المعصية من ذنب إلى آخر حتى تهوي به أهواؤه في مكان سحيق.
فلنحذر ـ عباد الله ـ ممن يفتي بغير علم وما أكثر من يتجرأ هذه الأيام على الفتيا وهم لم يعرفوا بطلب للعلم ولم يثنوا ركبهم في حلق العلماء ودروسهم ولم يشتغلوا بملازمتهم ولم تعرفهم الأمة إلا من خلال فتاواهم الشاذة، وقد حشد لفتاواه تلك مَا يُمكِنُهُ مِن تأويلات لآيَاتٍ وَأَحَادِيثَ كريمة وَأَقوَالٍ في معرض الخلاف، قَد أَسَاءَ فَهمَهَا ، وَوَضَعَهَا في غَيرِ مَا نَزَلَت لَهُ أَو قِيلَت فِيهِ ، لا بَحثًا عَن حَقٍّ كَانَ خَافِيًا فَيُبَيِّنُهُ وَيُفصِحُ عَنهُ ، وَلَكِنْ لِيُخَالِفَ العُمُومَ وَيُوقِظَ الخُصُومَ ، وَيَشغَلَ الأُمَّةَ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ وَأَجَلُّ وَأَولى ، وَإِلاَّ فَمَا مَعنَى أَن يَرَى أَحَدُهُمُ الأُمَّةَ تَحتَرِقُ ، وَعَدُوُّهَا لِصُفُوفِهَا يَختَرِقُ ، وَمَرَاكِبُهَا تَضِلَّ وَتَغرَقُ ، وَحُقُوقُهَا تُنهَبُ وَتُسرَقُ ، وَأَطفَالُهَا يَمُوتُونَ بَينَ لَهِيبِ النَّارِ وَسَعِيرِ الجُوعِ ، وَشُعُوبُهَا تُبَادُ وَتُشَرَّدُ وَمُقَدَّسَاتُهَا تُنتَهَكُ ، ثم يَشغَلُ النَّاسَ بِنَزعِ الحِجَابِ أَو فَرضِ الاختِلاطِ ، أَو تَحلِيلِ الغِنَاءِ أَوِ التَّهوِينِ مِن شَأنِ صَلاةِ الجَمَاعَةِ، وَإِذَا مَا نوقش ونوصح ، استَهزَأَ بِهِم وَسَخِرَ مِنهُم وَسَفَّهَ أَحلامَهُم ، وَسَبَّهُم وَسَبَّ مَنهَجَهُم وَاجتَهَدَ في إِسقَاطِهِم ؟!..
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلْنَحرِصْ عَلَى أَخذِ أَحكَامِ دِينِنَا مِنَ الرَّاسِخِينَ ، وَلْنَحذَرِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ المُتَشَابِهَ وَيُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ ، فَقَد قَالَ ـ تَعَالى وقوله الحق سبحانه: " هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتَابَ مِنهُ آيَاتٌ مُحكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأوِيلِهِ وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ في العِلمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلبَابِ . رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَئِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ "
وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " يَكُونُ في آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأتُونَكُم مِنَ الأَحَادِيثِ بما لم تَسمَعُوا أَنتُم وَلا آبَاؤُكُم ، فَإِيَّاكُم وَإِيَّاهُم لا يُضَلِّونَكُم وَلا يَفتِنُونَكُم " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ . اِهدِنَا لِمَا اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بَإِذنِكَ ؛ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ .
هذا وصلوا وسلموا على من بعثه الله رحمة للعالمين ونورا للسالكين كما أمركم بذلك في كتابه المبين..
المشاهدات 2543 | التعليقات 1

جزى الله الناقل والمنقول عنه وقد أحسنت الاختيار شيخ فيصل أحسن الله إليك ونفع بك.