مرحبا بإجازة الصيف

الخطبة الأولى: مرحبا بإجازة الصيف

الحَمْدُ للـهِ الَّذِي جَعَلَ غَنِيمَةَ الأَوقَاتِ فُرْصَةً لاستِبَاقِ الخَيْرَاتِ وَفِعلِ الصَّالِحَاتِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللـهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَنَا بِاستِغْلالِ الفَرَاغِ، فِيمَا يَعُودُ بِالخَيْرِ عَلَى الأَفْرَادِ وَالمُجتَمَعَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، حَثَّ عَلَى المُبَادَرَةِ بِصَالِحِ العَمَلِ، وَنَهَى عَنْ تَضْيِيعِ الأَوقَاتِ بِالأَمَانِيِّ وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، r وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَ هُدَاهُ إِلَى يَوْمِ المَحْـشَرِ.                أَمَّا بَعْدُ       : فَيَا أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

فأوصيكم ونفسي ... فاتَّقُوا اللـهَ تَعَالَى، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ، وَمَا شُكْرُ النِّعْمَةِ إِلاَّ بِاستِغْلالِهَا فِي طَاعَةِ اللـهِ تَعَالَى، وَجَعْـلِهَا وَسِيلَةً لِلْفَوْزِ فِي الأُخْرَى .

عن ابن عباس y قال : قال r :" اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ : شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ " الحاكم وغيره .

 عباد الله: إِنَّ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ عَلَى الإِنْسَانِ نِعْمَةَ الفَرَاغِ ، فَمَعَ كَثْرَةِ الأَعْمَالِ وَتَزَاحُمِ الأَشْغَالِ ثَمَّةَ أَوقَاتُ فَرَاغٍ لَوْ جَمَعَهَا لَوَجَدَهَا كَثِيرَةً، وَلَوْ تَأَمَّـلَهَا لَعَرَفَ أَنَّهَا كَنْزٌ ثَمِينٌ، وَجَوَاهِرُ نَفِيسَةٌ، ولِذَا كَانَتِ الغَفْلَةُ عَنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ تُعَدُّ غَبْـنًا، أَيْ خَسَارَةً وَنُقْصَانًا، وهُوَ مَا عَنَاهُ النَّبِيُّ r بِقَوْلِهِ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) خ.

 أيُّهَا المُسلِمُونَ: الفَرَاغُ أَنْوَاعٌ، مِنْهُ الفَرَاغُ العَقْلِيُّ، فَهَذَا العَقْلُ إِذَا لَمْ يَسْـتَعْمِلْهُ الإِنْسَانُ فِيمَا خُلِقَ لَهُ؛ فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَالبَهِيمَةِ؛ لأَنَّهُ بِهَذَا الفَرَاغِ العَقْلِيِّ سَاوَى الأَنْعَامَ فِي كَوْنِهَا لا تَعْـقِلُ ( إنَّ شرَّ الدوابِ عند اللـهِ الصمُ البكمُ الذين لا يعقلون) فَلا بُدَّ مِنْ إِدْرَاكِ أَهَمِّيَّـةِ مَلْءِ الذِّهْنِ بِمَا يَنْفَعُ، فَإِذَا عَاشَ الإنسانُ فِي فَرَاغٍ عَقْلِيٍّ؛ فَإِنَّمَا كَتَبَ عَلَى حَيَاتِهِ الفَنَاءَ، وَكَتَبَ عَلَى آخِرَتِهِ البَوَارَ ، لِذَلِكَ يَعْـتَرِفُ أَهْـلُ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ بِفَرَاغِ عُقُولِهِمْ حِينَ يَقُولُونَ (لو كنَّا نسمع أو نعقلُ ما كنَّا في أصحابِ السعير).

 وَمِنْ أَنْوَاعِ الفَرَاغِ: الفَرَاغُ القَلْبِيُّ، إِذِ القَلْبُ وِعَاءٌ لِلإِيمَانِ وَوِعَاءٌ لِلْهَوَى (ولكنَّ اللـهَ حببَ إليكم الإيمانَ وزينه في قلوبِكم)، إِنَّ فَرَاغَ القُلُوبِ مِنَ الإِيمَانِ، يَلْزَمُ مِنْهُ امتِلاؤُهَا بِغَيْرِهِ مِنَ الهَوَى وَالعِصْيَانِ، وَمَنْ مَلأَ قَلْبَهُ بِحُبِّ اللـهِ وَرَسُولِهِ، فَرَّغَهُ مِنَ الهَوَى وَالزَّيْغِ وَالضَّلالِ .

ومِنْ أَنْوَاعِ الفَرَاغِ : الفَرَاغُ النَّفْسِيُّ، فَالنَّفْسُ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالحَقِّ شَغَلَتْكَ بِالبَاطِلِ، وَشَغْـلُهَا بِالحَقِّ يَكُونُ بِتَزكِيَتِهَا وَتَهْذِيبِهَا، وَإِلْـجَامِهَا عَنِ البَاطِلِ، وَإِلاَّ تَعَوَّدَتِ السُّوءَ وَاستَمَرَّتْ فِي الانْحِرَافِ؛ فَخَابَ بِذَلِكَ صَاحِبُهَا  ( قد أفلحَ من زكاها وقد خابَ من دساها ) .

عبادَ الله: النَّفْسُ البَشَرِيَّةُ تَمِيلُ إِلَى الرَّاحَةِ فِي جَمِيعِ الأَوقَاتِ، وَلِذَا فَهِيَ تُحِبُّ الفَرَاغَ، وَلَكِنْ هَلْ فَرَاغُ النَّفْسِ خَيْرٌ لَهَا؟ وَهَلْ مَا تَطْـلُبُهُ يَنْدَرِجُ فِي قَائِمَةِ مَصْـلَحَتِهَا؟

 إِنَّ الفَرَاغَ إِنْ لَمْ يُمْلأْ بِالعَمَلِ؛ وَلَّدَ الخُمُولَ وَالكَسَلَ، وَفَتَحَ أَبْوَابَ الوَسَاوِسِ وَالمَلَلِ، فَمَا بِالُكُمْ بِالإِجَازَةِ حِينَ تُغْلَقُ المَدَارِسُ والجامعات !

إِنَّنَا بِاستِغْلالِ أَوقَاتِنَا وفراغِنا نعْمرُ آخرتَنا ودنيانا ، نُفِيدُ وَنَسْـتَفِيدُ من أعمارِنا، نَنْفَعُ وَنَنْتَفِعُ، ونَبْـتَعِدُ عَنِ الفَوْضَى وَنَشْعُرُ بِأَنَّنَا مُنَظَّمُونَ، وَحِينَهَا لا نَشْعُرُ بِوَقْتٍ ضَائِعٍ ، وَلا بِعَمَلٍ فَائِتٍ ! فهل تَدْرُونَ بِمَ يَكُونُ مَلْءُ الفَرَاغِ؟

عباد الله: إِنَّ هُنَاكَ وَسَائِلَ كَثِيرَةً لاغْتِنَامِ أَوقَاتِ الفَرَاغِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَدَاءُ النَّوَافِلِ مِنَ العِبَادَاتِ، وحفظُ القرآنِ ومراجعتهِ، وبرُّ الوالدينِ، وَصِلَةُ الأَرْحَامِ، وَالقِرَاءَةُ المُفِيدَةُ وَزِيَارَةُ المَكْتَبَاتِ، وَحُضُورُ الدَّوْرَاتِ التدريبيةِ والعِلْمِيَّةِ وَالنَّدَوَاتِ، وَمُحَاوَلَةُ الإِبْدَاعِ لاكْتِشَافِ المَوَاهِبِ وَالقُدُرَاتِ ، وَصَقْلِ المَهَارَاتِ بالعمل .

وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ هِمَّةٌ فِي القِرَاءَةِ وَالاطِّلاعِ؛ فَلَهُ فِي المِهَنِ وَالحِرَفِ وَالأَعْمَالِ وَنَفْعِ النَّاسِ مَجَالٌ وَاسِعٌ، فَلْيَسْعَ إِلَى طَلَبِ الرِّزقِ لنفسه في أي عملٍ نافع، وَلْيُشَارِكْ فِي حَلِّ هُمُومِ المُجتَمَعِ، بِالإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِ اللـهِ، وإِغَاثَةِ المَلْهُوفِ، وكفِ الأذى، وَالسَّعْيِ إِلَى الخَيْرِ، وَالعَطْفِ عَلَى الأَيْـتَامِ .

وقَدْ يَكُونُ لِلْسَّفَرِ وَالسِّيَاحَةِ نَصِيبٌ مِنَ الإِجَازَةِ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَحْسُنُ أَنْ لا تَكُونَ السِّيَاحَةُ وَالسَّـفَرُ لِلْرَّاحَةِ وَالاستِجْمَامِ واللهوِ فَحَسْبُ، بَلْ تَحْمِلُ مَعَ ذَلِكَ أَهْدَافًا رَفِيعَةً، كَالارْتِقَاءِ بِالنَّفْسِ فِي مَعَارِجِ التَّهْـذِيبِ وَتَوْسِيعِ الْمَدَارِكِ بِالتَّفَكُّرِ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، وَاكْتِسَابِ الْمَهَارَاتِ وَالْعُلُومِ، مَعَ الْبُعْدِ عَنْ كُلِّ مَا يُخَالِفُ الشريعةَ الإسلاميةَ ، والآدَابَ الْعَالِيَةَ، وَالأَخْلاقَ السَّامِيَةَ .

عباد الله: بِاستِغْلالِ أَوقَاتِنَا نَستَطِيعُ أَنْ نَستَمِعَ إِلَى كلِّ ما ينفعُ فِي أَثْنَاءِ تَنَقُّلاتِنَا وَأَسْـفَارِنَا بَدَلاً مِنَ التَّفْكِيرِ العَشْوَائِيِّ أو السلبي ، وَنَسْـتَطِيعُ أَنْ نَتَفَكَّرَ فِي مَخْـلُوقَاتِ اللهِ، وَنُخَطِّطَ لأَعْمَالِنَا، فَكَمْ مِنْ فِكْرَةٍ خَطَرَتْ فِي أَذْهَانِنَا ، يَنْتَفِعُ بِهَا المَرْءُ إِنْ طَبَّـقَهَا فِيمَا بَعْدُ انتِفَاعًا عَجِيبًا.

إِنَّ سُبُلَ قَضَاءِ الإِجَازَاتِ كَثِيرَةٌ، إِلاَّ أَنَّهَا تَحْـتَاجُ إِلَى جدٍّ وعِنَايَةٍ – بعد توفيق الله- وأَنْ نَتَعَلَّمَ طُرُقَ الاستِفَادَةِ مِنْ الوقتِ، وَنُحْسِنَ إِدَارَتَهُ وَالتَّخْطِيطَ فِيهِ؛ فَإِنَّ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنَ التَّخْطِيطِ، تُوَفِّرُ سَاعَاتٍ مِنَ التَّنْفِيذِ ، فدَوِّنْ وَاكْتُبْ مَا تُرِيدُ القِيَامَ بِهِ حَتَّى لا يَفْلِتَ مِنْكَ، وَشَجِّعْ نَفْسَكَ عَلَى القِيَامِ بِهَذِهِ المُهِمَّةِ، وَإِيَّاكَ وَالتَّرَدُّدَ، وحَذَارِ مِنَ التَّسْوِيفِ فِي العَمَلِ، أَوِ التَّكَاسُلِ فِي أَدَاءِ مَا أَوْجَبْـتَهُ عَلَى نَفْسِكَ، بَلْ ضَعْ وَقْـتًا لِلانْتِهَاءِ مِنْهُ، وَخُذْ عَلَى نَفْسِكَ وَعْدًا بِأَنَّكَ سَتَكُونُ مُنْضَبِطًا بِمَا سَتَقُومُ بِهِ مِنْ عَمَلٍ مُفِيدٍ، وَقَاطِعْ كُلَّ أَصْحَابِ السَّوءِ الَّذِينَ لا يُعِينُونَكَ عَلَى الخَيْرِ . ومَنْ كَانَ حَرِيصًا عَلَى وَقْتِهِ، وَتَعَامَلَ مَعَ نَفْسِهِ وَمَعَ النَّاسِ بَحَزْمٍ وَوُضُوحٍ فِي ذَلِكَ؛ نَالَ الكَثِيرَ مِنْ مُبْـتَغَاهُ، وَحَصَّـلَ شَيْـئًا عَظِيمًا مِنْ أَهْدَافِهِ .

يقول ابن الجوزي: "وقد رأيتُ عُمومَ الخلائقِ يدفعونَ الزمانَ دفعًا عجيبًا، إن طالَ الليلُ، فبحديثٍ لا يَنفع، أو بقراءةِ كتابٍ فيه غزلٌ وسمرٌ، وإن طالَ النهارُ فبالنوم، وهم في أطرافِ النهارِ على دجلةَ أو في الأسواق " .أ.هـ .   

فما ظنُّكم –رعاكم الله-بما سيقولُه ابنُ الجوزيِّ لو رأى ما يقضي فيه الكثيرُ من المسلمين أوقاتَهم في هذا الزمان، الذي كَثُرت فيه الصوارفُ، واسترخَصَ فيه أقوامٌ أوقاتَهم، فسعوا إلى قتلِها باللهو والعبث، بل وبذلُوها فيما حرَّم اللـهُ عليهم (لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسأَلَ عن شبابِه فيما أبلاه ، وعن عُمُرِه فيما أفناه...) فأعدوا للسؤال جوابا وللجواب صوابا .

ألا فَاتَّقُوا اللـهَ - عِبَادَ اللهِ- وخُذُوا مِنْ يَوْمِكُمْ لِغَدِكُمْ، وَاعْرِفُوا غَنِيمَةَ الأَوقَاتِ فَوَظِّفُوها فِي كُلِّ مَا يُرْضِي اللـهَ وَيُسْعِدُ حَيَاتَكُمْ، وَرَتِّبُوا جَدَاوِلَ أَعْمَالِكُمْ؛ تَغْنَمُوا وَتَفُوزُوا وَتَنْجَحُوا -بإذن الله-( فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب )  بارك الله لي ولكم .....

 

 

الخطبة الثانية مرحبا بإجازة الصيف

الحَمْدُ للهِ...  أَمَّا بَعْدُ: 

عباد الله: إنَّ مِنْ أَخْطَرِ الآفَاتِ الَّتِي قَدْ تُؤَثِّرُ في فِكْرِ أَبْـنَائِنَا وَسُلُوكِهِمْ، وَعَلَى حَاضِرِهِمْ وَمُسْـتَقْبَلِهِمْ، آفَةَ الْفَرَاغِ؛ فَالْفَرَاغُ الْـمَقِيتُ دَاءٌ قَاتِلٌ، قَدْ يَهْرُبُ مَعَهُ الشَّابُّ مِنْ مُحِيطِهِ وَبِيئَتِهِ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَهُمْ يُضَيِّعُ أَوقَاتَهُ فِيمَا لا يَنْفَعُ بِالسَّهَرِ طَوالَ اللَّيلِ لِيَنْكَبَّ عَلَى الإِنْتَرْنَتِّ يُقَلِّبُ صَفَحَاتِهِ، أَوْ عَلَى التِّلْفَازِ يَغُوصُ فِي قَنَوَاتِهِ، أَوْ عَلَى الأَلْعَابِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ مُتَنَقِّلاً بَيْنَ أَنْوَاعِهَا، ثم يَقْضِي نَهَارَهُ نَوْمًا وَخُمُولاً، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَ لَهُ مِنْ رُشْدِهِ ما يَفْصِلُ بِهِ غَثَّ الأُمُورِ مِنْ سَمِينِهَا، وَلا مِنْ فَهْمِهِ ما يُمَيِّزُ بِهِ ضارَّ الأَشْياءِ مِنْ نافِعِها. وَرُبَّمَا دَفَعَهُ الْفَرَاغُ إِلَى مَزَالِقِ الصُّحْبَةِ الْفَاسِدَةِ، الَّتِي تُزَعْزِعُ أَرْكَانَ أَخْلاقِهِ، وَتَهُدُّ بُنْيَانَ قِيَمِهِ، وَتَدْفَعُهُ إِلَى طَرِيقِ الانْحِرَافِ دَفْعًا، فَمَسْؤُولِيَّةُ الآباءِ والأولياءِ مَسْؤُولِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْـتَغِلُّوا الْفَرَاغَ فِي إِجَازَاتِ أَبْـنَائِهِمْ قَبْـلَ أَنْ يَكونَ الْفَرَاغُ سَلْبًا عَلَيْهِمْ، وَيُحْسِنُوا تَوْجِيهَ أَبْـنَائِهِمْ قَبْـلَ أَنْ يَفْقِدوا وِجْهَتَهُمْ (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ). 

عباد الله: إِنَّ مِنَ الشَّبَابِ وَالأَطْفَالِ مَنْ لا يَجِدُونَ مُوَجِّهًا لَـهُمْ فِي أُسَرِهِمْ يَنْصَحُهُمْ إِلَى الخَيْرِ وَيُرشِدُهُمْ، وَيَأْخُذُ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى مَا يُصلِحُهُمْ، كَالأَيتَامِ وَأَبْنَاءِ المُسَافِرِينَ والمرابطين، وَأَوْلادِ المَرْضَى وَالمُقْعَدِينَ، فهم بِحَاجَةٍ إِلَى اليَدِ الحَانِيَةِ الرَّحِيمَةِ الَّتِي تُقَدِّمُ لَـهُمُ النُّصْحَ وَالتَّوْجِيهَ وَالإِرشَادَ، وَتُشْعِرُهُمْ بِدَوْرِهِمْ فِي الحَيَاةِ، وَأَثَرِهِمْ فِي المُجتَمَعِ، لِيَتَعَمَّـقَ فِيهِمُ الشُّعُورُ الحَقُّ بِالانتِمَاءِ إِلَى دِينِهِمْ، وَالاعتِزَازِ بِأُمَّـتِهِمْ، وَالغَـيْرَةِ عَلَى دِيَارِهِمْ وأوطانهم. 

وَمن هُنَا يَأْتِي دَوْرُ أَهْـلِ الخَيْرِ مِنْ أَبنَاءِ المُجتَمَعِ، لِيَقُومُوا بِإِعْدَادِ الأَنْشِطَةِ العلميةِ والتَّرْبَوِيَّةِ والثقافيةِ والرياضيةِ، وَتَوْجِيهِ الشَّبَابِ والأطفالِ فِي الإِجَازَاتِ المَدْرَسِيَّةِ، فَعَلَى مَنْ أُوتِيَ نَصِيبًا مِنَ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، أَنْ يُسْهِمَ فِي التَّثْـقِيفِ وَالتَّعْـلِيمِ، كَيْ يَنَالَ الأَجْرَ العَظِيمَ ...

ألا فَاتَّقُوا اللـهَ - عِبَادَ اللهِ -، وَأَحْسِنُوا اسْـتِغْلالَ إِجَازَاتِكُمْ، وَكُونُوا عَوْنًا لأَبْـنَائِكُمْ فِي اسْـتِغْلالِ هَذِهِ الإِجْازَةِ فِيمَا يَرْفَعُ لَهُمْ فِي الدُّنْيا قَدْرًا، وَيَكُونُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ ذُخْرًا، وَاعْـلَمُوا أَنَّهَا إِجَازَةٌ مَعْدُودَةٌ أَيَّامُهَا، سَرِيعٌ انقِضَاؤُهَا، لَكِنَّ لَهَا دَوْرًا مُعْتَبَرًا، وَأَثَرًا مُسْتَمِرًّا.   ثم صلوا ....

المرفقات

1655913645_خطبة مرحبا بإجازة الصيف-.pdf

1655913645_مرحبا بإجازة الصيف.crdownload

المشاهدات 533 | التعليقات 0