مراتب‭ ‬الصيام،‭ ‬وصنوف‭ ‬الصائمين‭...!‬

HAMZAH HAMZAH
1440/08/27 - 2019/05/02 09:43AM

مراتب‭ ‬الصيام،‭ ‬وصنوف‭ ‬الصائمين‭...!‬

د‭.‬حمزة‭ ‬بن‭ ‬فايع‭ ‬الفتحي

@hamzahf10000

•‭ ‬الصيام‭ ‬لمتأمله‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬مرتبة‭ ‬واحدة،‭ ‬وأن‭ ‬الناس‭ ‬متفاوتون‭ ‬فيه،‭ ‬فمنهم‭ ‬مقتصد‭ ‬وظالم‭ ‬لنفسه،‭ ‬وسابق‭ ‬بالخيرات،‭ ‬فثمة‭ ‬أناس‭ ‬أخلصوا‭ ‬فيه‭ ‬ووعوا‭ ‬أسراره،‭ ‬وطائفة‭ ‬رمضانية‭ ‬تجِدّ‭ ‬فيه‭ ‬فقط،‭ ‬واُخرى‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬إلا‭ ‬مجرد‭ ‬الإمساك،‭ ‬وتقارف‭ ‬ما‭ ‬شاءت‭ ‬سلوكيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشرحه‭ ‬الإمام‭ ‬الغزالي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ( ‬الإحياء‭ (‬

•‭ ( ‬اعلم‭ ‬أن‭ ‬الصوم‭ ‬ثلاث‭ ‬درجات‭: ‬صوم‭ ‬العموم،‭ ‬وصوم‭ ‬الخصوص،‭ ‬وصوم‭ ‬خصوص‭ ‬الخصوص‭. ‬أما‭ ‬صوم‭ ‬العموم‭ ‬فهو‭ ‬كف‭ ‬البطن‭ ‬والفرج‭ ‬عن‭ ‬قضاء‭ ‬الشهوة‭. ‬

•‭ ‬وأما‭ ‬صوم‭ ‬الخصوص‭: ‬فهو‭ ‬كف‭ ‬السمع‭ ‬والبصر‭ ‬واللسان‭ ‬واليد‭ ‬والرجل،‭ ‬وسائر‭ ‬الجوارح‭ ‬عن‭ ‬الآثام‭. ‬

•‭ ‬وأما‭ ‬صوم‭ ‬خصوص‭ ‬الخصوص‭ ‬،‭ ‬فصوم‭ ‬القلب‭ ‬عن‭ ‬الصفات‭ ‬الدنية،‭ ‬والأفكار‭ ‬الدنيوية،‭ ‬وكفّه‭ ‬عما‭ ‬سوى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬بالكلية،‭ ‬ويحصل‭ ‬الفطر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصوم‭ ‬بالفكر‭ ‬فيما‭ ‬سوى‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬واليوم‭ ‬الآخر،‭ ‬وبالفكر‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬إلا‭ ‬دنيا‭ ‬تراد‭ ‬للدين،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬زاد‭ ‬الآخرة،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الدنيا‭ . ‬

•‭ ‬حتى‭ ‬قال‭ ‬أرباب‭ ‬القلوب‭: ‬من‭ ‬تحركت‭ ‬همته‭ ‬بالتصرف‭ ‬في‭ ‬نهاره‭ ‬لتدبير‭ ‬ما‭ ‬يفطر‭ ‬عليه،‭ ‬كُتبت‭ ‬عليه‭ ‬خطيئة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬الوثوق‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬وقلة‭ ‬اليقين‭ ‬برزقه‭ ‬الموعود،‭ ‬وهذه‭ ‬رتبة‭ ‬الأنبياء‭ ‬والصديقين‭ ‬والمقربين‭..). ‬

•‭ ‬والنَّاس‭ ‬غالبا‭ ‬دائرون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المراتب‭ ‬والتصنيف،‭ ‬فصنف‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬صيامهم‭ ‬إلا‭ ‬الكف‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب،‭ ‬ولكنه‭ ‬خائض‭ ‬ولاج‭ ‬في‭ ‬المعاصي،‭ ‬قد‭ ‬تبدّى‭ ‬وجهه،‭ ‬وقل‭ ‬حياؤه‭...!‬

•‭ ‬وصنف‭: ‬ترك‭ ‬المطاعم‭ ‬والمشارب‭ ‬والجوارح،‭ ‬ولكنه‭ ‬قد‭ ‬يتفلت‭ ‬أحيانا‭ ‬،‭ ‬فيهفو‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬ولا‭ ‬يصح‭ ...! ‬

•‭ ‬وصنف‭: ‬ذاكر‭ ‬خاشع‭ ‬قد‭ ‬تعلق‭ ‬قلبه‭ ‬بالله،‭ ‬ذكرا‭ ‬وديانة‭ ‬وإخلاصا‭ ‬ونقاء،‭ ‬ولا‭ ‬يحمل‭ ‬هم‭ ‬الدنيا‭ ‬والإفطار،‭ ‬ولا‭ ‬يتكلف‭ ‬له‭ ‬تكلفا‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬هذه‭ ‬الأزمنة،‭ ‬من‭ ‬جمع‭ ‬وشراء‭ ‬وهم‭ ‬وادخار،‭ ‬وتوسع‭ ‬وملاذ‭..! ‬

•‭ ‬ويُفترض‭ ‬في‭ ‬عقلاء‭ ‬أهل‭ ‬الإيمان‭ ‬تمحيص‭ ‬صيامهم،‭ ‬والارتقاء‭ ‬به‭ ‬زكاة‭ ‬ونقاء‭ ‬وابتهالا،‭ ‬بحيث‭ ‬ترتقي‭ ‬النفوس،‭ ‬وتصفو‭ ‬الأرواح،‭ ‬وتبلغ‭ ‬مرتبة‭ ‬الصيام‭ ‬العليا‭ ( ‬لعلكم‭ ‬تتقون‭ ) ‬سورة‭ ‬البقرة‭ . ‬ومما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ : ‬

•‭ ‬تفهم‭ ‬حكمة‭ ‬الصيام‭ ‬والغاية‭ ‬العائدة‭ ‬منه،‭ ‬وما‭ ‬تحدثه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬القلب‭ ‬والجوارح‭ .‬

•‭ ‬تعلم‭ ‬هدي‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وحاله‭ ‬والسلف‭ ‬الصالح‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬واستيعابهم‭ ‬لنفائس‭ ‬الأوقات‭ .‬

•‭ ‬تحقيق‭ ‬الصيام‭ ‬الشرعي‭ ‬النزيه‭ ‬من‭ ‬تمحض‭ ‬النية‭ ‬لله،‭ ‬والجد‭ ‬في‭ ‬الخيرات،‭ ‬وتدبر‭ ‬القرآن،‭ ‬وصون‭ ‬الجوارح،‭ ‬والجود‭ ‬المتنوع‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الهدي‭ ‬النبوي‭ ‬وفي‭ ‬الحديث‭( ‬من‭ ‬لم‭ ‬يدع‭ ‬قول‭ ‬الزُّور‭...). ‬

•‭ ‬شكران‭ ‬نعمة‭ ‬الله‭ ‬المتمثّلة‭ ‬في‭ ‬الصيام‭ ‬وبلوغ‭ ‬رمضان،‭ ‬وما‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬عاقبته‭ ‬من ‬إباحة‭ ‬الطعام‭ ‬والشهوات‭ ‬المحرمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ .‬

•‭ ‬مجاهدة‭ ‬النفس،‭ ‬عبادةً‭ ‬ومسارعة‭ ‬وتباعدا‭ ‬عن‭ ‬الملهيات‭( ‬والذين‭ ‬جاهدوا‭ ‬فينا‭ ‬لنهدينهم‭ ‬سبلنا‭ ) ‬سورة‭ ‬العنكبوت‭ . ‬والتغلب‭ ‬على‭ ‬هوى‭ ‬النفس،‭ ‬ونوازغ‭ ‬اللهو‭ ‬والارتياح‭ . ‬

•‭ ‬استغراق‭ ‬القلب‭ ‬واللسان‭ ‬بالذكر‭ ‬والكلمة‭ ‬الطيبة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬وقت‭ ‬الخلوات،‭ ‬وصلاة‭ ‬التراويح‭ ‬والتهجد‭ ( ‬إن‭ ‬ناشئة‭ ‬الليل‭ ‬هي‭ ‬أشد‭ ‬وطأً‭ ‬وأقوم‭ ‬قيلا‭ ) ‬سورة‭ ‬المزمل‭ . ‬قال‭ ‬قتادة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭: (‬أي‭ ‬أثبت‭ ‬في‭ ‬الخير،‭ ‬وأحفظ‭ ‬في‭ ‬الحفظ‭) ‬،‭ ‬وقال‭ ‬ابن‭ ‬زيد‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭( ‬إن‭ ‬مصلي‭ ‬الليل‭ ‬القائم‭ ‬بالليل‭ ‬أشدّ‭ ‬وطئا‭: ‬طمأنينة‭ ‬أفرغ‭ ‬له‭ ‬قلبا،‭ ‬وذلك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يَعْرِضُ‭ ‬له‭ ‬حوائج‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ( ‬

•‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬صيانة‭ ‬اللسان‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الآفات‭ ‬والمخالفات،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬التعكير‭ ‬وقسوة‭ ‬القلب‭ ‬وملالة‭ ‬النفس‭ ‬من‭ ‬العبادة،‭ ‬إذ‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬ضريبة،‭ ‬ولكل‭ ‬معصية‭ ‬تبِعة‭ ‬وترة،‭ ‬تحرم‭ ‬صاحبها‭ ‬لذائذ‭ ‬المناجاة،‭ ‬ورياض‭ ‬الحياة‭ ‬الطيبة‭...! ‬

•‭ ‬الاعتناء‭ ‬بالغذاء‭ ‬المعنوي‭ ‬على‭ ‬الغداء‭ ‬الجسدي‭ ‬،‭ ‬واغتنام‭ ‬ثمار‭ ‬الإيمان‭ ‬والصيام‭ ‬والتلاوة‭ ‬والمعروف،‭ ‬لأن‭ ‬موسم‭ ‬رمضان‭ ‬لا‭ ‬يقارن‭ ‬بسواه،‭ ‬وفيه‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬الإيمانية‭ ‬والوجدانية‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تخفى‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬تائه‭ ‬أو‭ ‬محروم،‭ ‬والله‭ ‬المستعان‭ . ‬

•‭ ‬التفرغ‭ ‬وحفظ‭ ‬الزمان،‭ ‬بحيث‭ ‬يصيب‭ ‬العبد‭ ‬المؤمن‭ ‬روائع‭ ‬الشهر،‭ ‬وحدائق‭ ‬المعرفة‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬يتحسس‭ ‬فراغا‭ ‬باهتا‭ ‬ينتهي‭ ‬به‭ ‬لضر‭ ‬وَلَهْو،‭ ‬أو‭ ‬سآمة‭ ‬ونوم‭...! ‬

ومضة‭/ ‬اجعل‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬غذاءً‭ ‬معنوياً،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جسديا‭...!‬

المشاهدات 777 | التعليقات 0