مخدرات العقول و الأخلاق

د عبدالعزيز التويجري
1443/03/01 - 2021/10/07 08:52AM
الخطبة الأولى : مخدرات العقول والأخلاق            2/3/1442هـ
الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عظيم في ربوبيته، عظيم في ألوهيته، عظيم في أسمائه وصفاته،  وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}
تصح الأجساد بالطيبات من الطعام، وتحيى القلوب بالطيبات من الأعمال، وتستقيم السلوك بالطيبات من الأخلاق .
       ديناً قويماً أحلَّ الطيباتِ لنا   **  لا دينَ منْ سيبَ الأنعامَ أو بحرا
الطيبون لايأكلون إلا طيبا، ولايصاحبون إلا طيبا.. الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ .. من طاب نفسًا طاب أكلا ..
         ومنْ يكنْ طيباً فلا عجبٌ   **   أَنْ يأْكُلَ النَّاسُ مِنْ أَطَايِبهِ
الطيبون والطيبات لا يرتادون إلا أماكن الطيب، يأنفون ويترفعون عن مواطن يختلط في الغث بالسمين، ويشوب طيبات الطعام فيها سلوك مشين، جاء من جراء اختلاط البنات بالبنين .. يبث فيها بعض السافلين سموما من مخدرات العقول والأخلاق، مخدرات أفسدت العقول،  وحرفت السلوك، تقوض بنيان البيوت، وتزلزل سلوك المجتمع، وتهد اقتصاد وأمن البلد .
من أصابه غباره شرق بإدمانه، فإذا دخل بوابته فرق أسرته، ويتم أطفاله، وأصبح السجن داره  .. ظلمات بعضها فوق بعض  .
  لو كانتِ الخمرُ حِلاًّ ما سمَحتُ بها  **   لنَفسيَ، الدّهرَ، لا سِرّاً ولا عَلَنا
    فليَغفِرِ اللَّهُ، كم تَطغَى مآرِبُنـــــــا      **    وربُّنا قد أحَلّ الطيّباتِ لَنا
من تعاطاها حُرم إجابة الدعاء .. ذَكَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ أخرجه مسلم
لا تفسد العقول بالمخدرات إلا بعد فساد الأخلاق والسلوك، فيرى الباطل حقا والمنكر معروفا، فيمتزج أصحاب السوء وأرباب الشهوات بضعاف النفوس، ومن خلالها تُستدرج فلذات الأكباد ، وتُغرى بالمال والمظهر والمركب، فما يفيق المسكين والمسكينه إلا وهم في شباك اللصوص، ويصبحون سلعة يبتزون بها ويتاجرون من خلالهم، وقد كانت البداية عبث وتهاون واختلاط، وعدم احتراز من قرناء السوء، وأقلها أن تجد منه ريحا وصفات خبيثة.
الدخان المخدر الأصغر والمؤثر الأكبر ، والموبقات تتكون من خطوات يزينها الشيطان (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان) وفي صحيح مسلم قَالَ عليه الصلاة والسلام: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟قَالَ:«عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ»أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ»أجارنا الله وإياكم منها.
كانت العرب في الجاهلية تسمي المسكرات بأنواعها أم الخبائث، فلا يشربها عقلائهم ولا يتعاطاها رؤسائهم.
 والمسكرات والمخدرات تفسد العقل، وتفتك بالبدن، وتصيب متعاطيها بالتبلد وعدم الغيرة، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتمنعه من اداء الواجبات الشرعية، وفي ذلك اعتداء على الضرورات الخمس التي جاء الإسلام بحفظها وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض ، ولذا سميت بأم الخبائث.
ترويجها وعدم محاربتها معناه أن نعيش بين عصابات إرهابية لا نهدأ بنوم ولا راحة.
عدم اهتمامنا له وتحصين البيوت والأجيال منها معناه أن نقدم عشرات من شبابنا للنار والدمار والعار.
عدم الحزم مع مروجيها أو التساهل بأماكن يصطاد فيها بفلذات الأكباد معناه هدم المجتمع من أوسع أبوابه، وهد اقتصاده، وزعزعة أمنه، وهتك عرضه.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (*) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (*) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا .
أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي رحيم ودود
الخطبة الثانية :
 الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتننا وعلى الله وسلم على عبده ورسوله وأله وأصحابه اما بعد .
إذا علمنا وأيقنا بخطورة المخدرات ومقدماتها كان لزاما ان نعمل على تحصين بيوتنا من أن يتسورها لصوص العقول والاخلاق ، فلا تغرنكم بريق أماكن يكون فيها اختلاط يجتمع فيها الغث والسمين .. قد تكون بوابة لهذا الوباء أو التلوث به .
 إن جعل الحبل على الغارب للولد والبنت يذهبون كيف شاؤ ومع من شاؤ تضييع للأمانة وضعف في القوامة، ولمسلم مسؤل عن رعيته، وتضييعهم وعدم نصحهم غش لهم، وفي صحيح البخاري قال مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه سَمِعْتُ النبي r، يقول: «مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ.وفي لفظ لمسلم ( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»
فالله الله في لبنات المجتمع ، وأبنائنا غراس بأيدينا، وبالمتابعة والملاحظة يطيب ثمر الغراس ، ويتفيء البيت والمجتمع من نفعهم وحسن عطائهم.. ربنا هب لنا من أزواجنا ورياتنا قرة أعين .. اللهم احفظنا وذرياتنا من من كل سوء ومكروه ... اللهم آمنا في دورنا
 
المرفقات

1633596713_مخدرات العقول والأخلاق.pdf

1633596717_مخدرات العقول والأخلاق.docx

المشاهدات 1372 | التعليقات 0