محرم + عاشوراء

عبدالله منوخ العازمي
1439/01/07 - 2017/09/27 20:59PM

اما بعد :

الحـمد لله الذي جـعل لبعض الأيام مزيدا من الفضل والحـرمة، أحمـده سـبحانه، لا أحـصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفـسه، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحده لا شـريك له، وأشـهد أن محـمدا عبده ورسـوله بعثه الله رحمـة للعالمـين، اللهم صل وسـلم على عـبدك ورسـولك نبينا محـمد،وعلى آله وأصحـابه والتابعـين لهم بإحـسان إلى يوم الدين
أما بعد : عـباد الله

 
اتقـوا الله تعالى وأطـيعوه، وجـددوا عزمكم على العمل الصالح والتقوى، فإنها هي النجـاة من المخـاوف والبلاء
قال تعـالى 
وَمَنْ يَتَّـقِ اللَّهَ يَجْـعَلْ لَهُ مَخْـرَجًا)

 
جـددوا عزمكـم على التمـسك بكـتاب ربكم وسـنة نبيـكم محـمد صلى الله عليه وسـلم، فإن فيهما ما يكـفل لكم سـعادة الدنيا والأخـرى، ومن يعـتصم بالله فقد هدي إلى صراط مسـتقيم، مروا بالمعروف، وانهـوا عن المنكـر فإن فيهما الأمن من الهلاك والدمار وسـوء التدبـير
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْـلِكَ الْقُرَى بِظُـلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُـونَ)

عبادالله:


فقد أظلّنا شهر عظيم مبارك هو شهر الله المحرّم أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)

وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ)) رواه البخاري

والمحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما وتأكيدا لتحريمه

وقوله تعالى في الآية السابقة: فلا تظلموا فيهن أنفسكم ، أي في هذه الأشهر المحرمة لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها

وعن ابن عباس في قوله تعالى: فلا تظلموا فيهن أنفسكم في كلهن، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر، فجعلهن حراما وعظم حرماتهن،

 

وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم،

 

 وقال قتادة في قوله: فلا تظلمـوا فيهن أنفسكم "إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها.

 عباد الله : 

 

شُرِعَ صِيَامُ يومِ عاشورَاءَ، شُكرًا للهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَى نَجَاةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،مِنْ أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ،حيثُ ذَكَرَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ تِلْكَ القصةَ، الَّتِي تُبَيِّنُ كيفَ اِنتَصَرَ الحقُّ عَلَى البَاطِلِ،لتَبْعَثَ فِي قُلُوبِ المؤمنينَ الثَّبَاتَ؛ فقوةُ البَاطِلِ لَا تُقَاوِمُ الحقَّ مهمَا بلَغَتْ؛ فهي مبنيةٌ على أَسَاسٍ فَاسِدٍ،

 أيه الأخوة 

خرج موسى ومن معه هرباً من فرعون وجنوده الطغات

فلما التقى الجمعان قال أصحب موسى إنا لمدركون -

العدوا  فرعون وجنوده من خلفهم والبحر من أمامهم

 

فقال أصحاب موسى إنا لمدركون

فقال موسى الواثق بربه المؤمن بربه المتوكل عليه 

 

قال كلا إن معي ربي سيهدين

 قال تعالى :

( فأوحين إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فآنفلق فكان كل فرقٍ كالطود العظيم )

 

_ اوحى الله الى موسى أن اضرب بعصاك البحر  فضربه بها,

فانشق البحر وتحول إلى اثني عشر مسلكاً

بعدد قبائل بني أسرئيل , فكانت كل قطعة منشقة من البحر مثل الجبل العظيم في العظم والثبات

بحيث لا يسيل منها ماء

سلك موسى ومن معه الطريق بين هذه الجبال من المياه

حتى عبر الى البر ,

ثم أغرقنا فرعون ومن معه - بأطباق البحر عليهم

بعد أن دخلوا فيه متبعين موسى وقومه .


عـباد الله 

إن شـهركم هذا شـهر مبارك محـرم، روى مسـلم في صحـيحه وغيره أن رسـول الله صلى الله عليه وسـلم قال : «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَـرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْـلِ


وروى أحمـد والترمـذي عن علي رضي الله عنه قال: سـأله رجـل، فقال: أي شـهر تأمرني أن أصوم بعد شـهر رمضان ؟ قال له: ما سمـعت أحـدا يسـأل عن هذا

إلا رجـلا سمـعته يسـأل رسـول الله صلى الله عليه و سـلم وأنا قاعد، فقال: يا رسـول الله أي شـهر تأمرني أن أصوم بعد شـهر رمضان ؟ قال «إن كنت صائما بعد شـهر رمضان، فصم المحـرم فإنه شـهر الله فيه يوم تاب فيه على قوم، ويتوب فيه على قوم آخـرين

عـباد الله
ولم يثبت في هذا الشـهر- أي شـهر محـرم- ولا في يوم عاشـوراء، شـيء من فضائل الأعمال إلا الصيام،

وأما ما يروى فيه من ذكر الصلوات، أو القراءات أو الأدعـية الخـاصة به، فلم يثبت منها شـيء عنه صلى الله عليه وسـلم،

وكذلك ما ورد من اسـتحباب التوسـعة على الأولاد والأهل في يوم عاشـوراء لم يصح،

لأنه لم يرد من طريق صحـيح، فيكـون فعل ذلك من البـدع في الدين وكل بدعة ضـلالة


بل السـنة في يوم عاشـوراء هو الصـيام فقط، وصـيامه من الأيام التي يسـن صومها ولا يجـب، لقوله صلى الله عليه وسـلم لما سـئل عن صيام يوم عاشـوراء: فقال: «يكـفر السـنة الماضية


وروى مسلم وغيره عن ابن عباس: يَقُولُ: حِـينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسـلم- يَوْمَ عَاشُـورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُـولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَـظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُـولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسـلم- «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِـعَ»

 قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُـقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّىَ رَسُـولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم
فيوم عاشـوراء: هو اليوم العاشـر من شـهر محرم، يوافق السبت غداً،

إن شاء الله

عـباد الله

 
ارغـبوا إلى ربكـم بالإكـثار من التطـوعات والنوافل، فإن العـبد لا يدري ما إقامـته في هذه الحـياة،

 

ولكـنه يؤمن أنه لا بد من الموت، وكل ما هو آت قريب
قرأ بعض السـلف قول الله تبارك وتعالى 
(
أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْـنَاهُمْ سِـنِينَ(205)ثُمَّ جَـاءَهُمْ مَا كَـانُوا يُوعَـدُونَ (206)مَا أَغْـنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّـعُونَ)
فبكى بكاء شـديدا ثم قال : إن جـاء الموت لم يغني عن المرء ما كان فيه من اللذة والنعيم

 
وعن الزهري: أن عـمر ابن عـبد العزيز كان إذا أصبح أمـسك بلحـيته، ثم قرأ:

(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّـعْنَاهُمْ سِـنِينَ(205)ثُمَّ جَـاءَهُمْ مَا كَـانُوا يُوعَدُونَ(206)

مَا أَغْـنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّـعُونَ)
اللهم أعـنا على ذكرك وشـكرك وحـسن عـبادتك

أقول قولي هذا وأسـتغفر الله لي ولكم ،ولسـائر المسـلمين من كل ذنب فاسـتغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغـفور الرحـيم

الخطبة الثانية
الحـمد لله الذي وفق من شـاء من عباده لبلوغ رضاه، أحمـده سـبحانه، وفق للخـير من اتبع هداه، وأشـهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شـريك له، وأشـهد أن محـمدا عبده ورسـوله قام لعبادة ربه حـتى تورمـت قدماه، اللهم صل وسـلم وبارك عليه وعلى آله وأصحـابه، والتابعـين لهم بإحـسان إلى يوم الدين


أما بعـد: عـباد الله 
اتقـوا الله تعالى وأطـيعوه، وأقبلوا على طاعـة ربكـم، وتزودوا من الخير وأكثروا لأنفسـكم، واعلموا أن الصيام فرضه ونفله، فضله عظـيم وفوائده كثـيرة

ففي الصحـيحين: قال رسـول الله صلى الله عليه وسـلم 
كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَـسَنَةُ عَـشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَـبْعِمِائَةِ ضِعْـفٍ،

 قَالَ اللَّهُ عَـزَّ وَجَـلَّ:

 إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْـزِى بِهِ يَدَعُ شَـهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْـلِى


وقال صلى الله عليه وسـلم : «من صام يوما في سـبيل الله عز وجـل زحـزح الله وجـهه عن النار لذلك اليوم سـبعين خـريفا» رواه الترمـذي والنسـائي
وقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ فِي الْجَـنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُـلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُـلُ منه أَحَـدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقومون لاَ يَدْخُـلُ مِنْهُ أحد غيرهم فَإِذَا دَخَـلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُـلْ مِنْهُ أَحَـدٌ» متفـق عليه

 

عبادالله : 

قال أهل العلم

في صيام يوم عاشوراء 

 ومراتب صيام يوم عاشوراء ثلاثة :

 

أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم ,

 

ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر ,

 

وأقل ما تحصل به السنة صيام العشر وحده .

 

وأما جزاء صيامه فهوا يكفر السنة الماضية,

 فاحرصوا عباد الله على صيام هذا اليوم ولا تحرموا أنفسكم أجره وفضله

عـباد الله 
إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَـلِّمُوا تَسْـلِيمًا)
وأكثروا عليه من الصلاة يعـظم لكم ربكـم بها أجـرا،فقد قال صلى الله عليه وسـلم: «مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَـشْرًا
اللهم صل وسـلم وبارك على عـبدك ورسولك نبينا محـمد، صاحـب الوجـه الأنور والجبـين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخـلفاء: أبي بكـر وعـمر وعـثمان وعـلي،

 

وعن سـائر أصحـاب نبيك أجمـعين، وعن التابعـين ومن تبعهم بإحـسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعـفوك ومنك وكرمك وإحـسانك يا أرحـم الراحمـين 
اللهم أعز الإسـلام والمسـلمين، وأذل الشـرك والمشـركين ودمر أعدائك أعداء الدين، وانصر عـبادك الموحـدين واحـمي حـوزة الدين 


اللهم انصر دينك وانصر من نصر دينك واجـعلنا من أنصار دينك يا رب العالمـين.اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننـا وأصلح ووفـق ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم وسـددهم في أقوالهـم وأفعـالهم يا ذا الجـلال والإكرام


ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حـسنة وقنا عذاب النار،

 

اللهم إنا نسـألك الجـنة ونعـوذ بك من النـار
اللهم اغـفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجـنا، ولجميع المسـلمين والمسـلمات، والمؤمنـين والمؤمنات الأحـياء منهم والأموات
اللهم نور على أهل القبور من المسـلمين والمسـلمات قبورهم، اللهم واغـفر للأحـياء ويسـر لهم أمورهم
اللهم تب على التائبـين، واغفر ذنوب المذنبـين،

 واقض الدين عن المدينـين، واشف مرضى المسـلمين، واكتب الصحة والسـلامة، والعافيـة والهـداية، والتوفيق لنا ولكافة المسـلمين في برك وبحرك أجمـعين

اللهم وادفع عنا الغـلا، والوبـا، والربـا، والزنـا، والزلازل، والمحـن، وسوء الفـتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خـاصة وعن سـائر بلاد المسـلمين عامة يا رب العالمـين. -(سُـبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِـزَّةِ عَمَّا يَصِـفُونَ وَسَـلَامٌ عَلَى الْمُرْسَـلِينَ وَالْحَـمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِـينَ)

 

 

المشاهدات 661 | التعليقات 0