مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ فِي حَقِّ الصَّلَاَةِ

سعود المغيص
1444/02/10 - 2022/09/06 19:53PM

الخُطْبَةُ الأُولَى :

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أما بعد عباد الله :

اتقوا الله تعالى واعلموا أن من أعظَم صفاتِ المؤمنِ بعد إيمانه وتوحيده لله تعالى " تعظيمُهُ لشأنِ الصلاة "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  " رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُهُ الصلاة " 

فالمؤمنُ حريصٌ على إقامَةِ عبادَةِ الصلاة، غيرُ مستَخِفٍّ بها أبدًا، يؤدّيها بحقِّهَا الذي فرضَهُ اللهُ عليه، وهو بذلكَ يرجُو أن يقبلَ اللهُ منه سائرَ عملِهِ ويرفعَ له قدرَه ويباركَ له في أجره ويُدخِلَهُ بذلك الجنّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كلَّ يوم خمسَ مرّات، هل يبقى من درنه شيء؟! ". قالوا: لا يبقى من درنه، قال: " فذلك مَثَل الصلوات الخمس؛ يمحو الله بهنّ الخطايا " متفق عليه.. اللهُ أكبر..!

فما هو حقُّ اللهِ تعالى في الصلاة؟ 

ومتَى يكونُ المؤمنُ قائمًا بهذا الحقّ؟

ومتى يكونُ من المُستخِفّين به والعياذ بالله؟.

نتحدّثُ عن هذا الأمر في هذه الجمعة تعليمًا وتذكيرًا وتنبيهًا ونسألُ اللهَ العظيم التوفيقَ إلى ما يُحبُّ ويرضَى. 

عباد الله:  أما اشتراطُ أداءِ الصلاة بحقّها فقد دلّت عليه كثيرٌ من النصوص منها: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة"    

وفي روايةٍ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" من أداها بحقها قُبلَت منه، وقبل منه سائر عمله ، ومن رُدت عليه صلاته رد عليه سائر عمله"   

 هذا هو جوهرُ الإقامَةِ وهذا الذي جعل الصلاةَ عمادَ الدّين!

وأما توضيحُ هذا الحقّ فقد دلّ عليه حديثُ عبادة بن الصامت- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أتاني جبريل من عند الله تعالى فقال : يا محمد إن الله عز وجل قال لك : إني قد فرضت على أمتك خمس صلوات ، من وافاهن على وضوئهن ومواقيتهن وسجودهن فإنه له عندي بهن عهد أن أدخله بهن الجنة، ومن لقيني قد أنقص من ذلك شيئاً فليس له عندي عهد، إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له "  

عباد الله : إليكم إذًا تفصيلُ حقّ الصلاة :

فأوّل هذه الحقوق : إتقانُ الطهارةِ استعدادًا للِقاءِ الله : وفي هذا يقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: " من توضأ كما أُمِرَ وصلى كما أمر غُفِرَ له ما قدَّم من عمل "   

فانظُر إلى هذا الجزاءِ ما أعظَمَهُ وما أجلّه!: "

غُفِرَ له ما قدَّم من عمل"! ، 

عباد الله : وثاني هذه الحقوق : استشعارُ الهيبةِ عند الوقوفِ بين يدي الله: وهذا الاستشعارُ يزيدُ وينقُصُ حسبَ درجةِ إيمانِ العبدِ وتقواهُ لله وتعظيمُهُ للهِ ولقدرِ الصلاة عنده ، 

كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه، فقيل له: ما لَك؟ فقال: " جاء والله وقت أمانَةٍ عرضها اللهُ على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتُها! "

وثالث حقوق الصلاة : المحافظة على الوقت : ينبغي أن أحاسبَ نفسي هل أنا من المحافظين على وقت الصلاة  هل أنا ممن يؤدي كلَّ صلاة في وقتها تحقيقًا لواجب الصّلَة بالله، 

أُحاسبُ نفسي وأنا أقرأُ قول النبي- صلى الله عليه وسلم -:" قال اللّه تعالى

 ) : " إني فرضت على أمتك خمس صلواتٍ وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهنّ لوقتهنَّ أدخلته الجنّة، ومن لم يحافظ عليهنَّ فلا عهد له عندي (

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 أما بعد عباد الله :

عباد الله : ورابعُ حقوق الصلاة : إتقانُها في الأداءِ قراءةً وقياماً وركوعاً وسجودًا وخشوعًا:  على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا وباطنًا. 

ختاماً عباد الله :  من تمام إقامة الصلاة المفروضة الحرص على تأديتها في جماعة في المسجد فهي من علامات التوفيق ومن سنن الهُدَى وأعظم في الأجر والميزان والرّفعَة عند الله جلّ وعلاَ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة"  

ألاَ فعظّمُوا شأنَ الصلاةِ فإنّها الصّلةُ بالله، وهي ترفعُ العبدَ عند الله تعالى وتُبارِكُ أجرَهُ وتزكّيه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله"

إن العبدَ إذا علَّقَ قلبه بالمساجد، وعوَّدَ نفسه نقل الخطوات إلى بيوت الله تعالى ؛ يفوز بالهداية الربّانيّة وبشهادة الله تعالى له بالإيمان، وكفى بشهادة الله شهادة، قال الله سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِين ﴾  

اللهم حبب إلينا الصلاة وزينها في قلوبنا، وقلوب ذرياتنا واجعلنا من الراشدين يا ذالجلال والإكرام .. 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزةَ الدين، اللهم وعُمَّ بالأمن والرخاء بلادنا وجميعَ أوطان المسلمين..

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه وولي عهده لهداك، واجعل عملهما في رضاك، وأصلح لهما البطانة يا رب العالمين. اللهم وانصر جنودَنا المرابطين على حدود بلادنا، يا قوي يا عزيز.

اللهم أدم علينا نعمك، وأعنا على شُكرها والقيام بحقها يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم ادفع عنا الغلاء، والوباء، والربا، والزنا، والزلازل، والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

المشاهدات 574 | التعليقات 0