محاسبة النفس على ما مضى، والحثُّ على صيام يوم عاشوراء (6/1/1446)

أحمد بن ناصر الطيار
1446/01/05 - 2024/07/11 09:40AM

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد, فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى, (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).

عباد الله: هاهو عامٌ جديد قد بدأناه، فلْنحرص كلَّ الحرص على أنْ نقوم بأعمالٍ تسرُّنا وتنفعُنا, يوم تُعْرضُ الأعمالُ على الله تعالى؛ فإن كلَّ واحدٍ منا سيرى ما عمله في الدنيا من خير وشرّ: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}، {ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً}.

لقد مضى من عمر الزمن عامٌ كامل، تقلّبت فيه أحوال، وتصرمت فيه آجال.

إنا لنفرح بالأيـام نقطـعـها ... وكلُّ يومٍ مضى يدني من الأجل

فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً ... فإنما الربح والخسران في العمل

أخي المسلم: هل تعلم أنك أمضيت في العام الماضي أكثرَ من ثلاثُمِائةٍ وستين يومًا؟ أي: أكثرَ من ثمانيةِ آلافِ ساعة, وما يزيد على نصف مليون دقيقة, فبماذا قضيت وقتك في هذه الدقائق الكثيرة؟ هل قضيتَها في عمل صالح فتكون شاهدةً لك، أم قضيتها في الحرام واللهو والغفلة، فتكون شاهدة عليك؟

عبْدَ الله: إنّ عام خمسٍ وأربعينَ وأربعمائةٍ وألف, قد مضى وانتهى, ولن تفتحَ صحيفته وتُكشَفَ أسراره إلا يومَ القيامة، فأين المتعظ؟ وأين المعتبِر؟

أين من كان قبلك في الأيام الماضية؟ والقرون السالفة؟ أما وافتهم المنيَّة؟ وقضت عليهم القاضية؟! أين آباؤك وأجدادك؟ وأين أقـاربهم؟ وأين جيرانهم؟ وأين أصدقاؤهم؟ رحلوا إلى القبور ولا يكاد يتذكرهم أحدٌ.

فيا سعادة من اغتنم أيام القوة والشباب، وأسرع بالتوبة والإنابة قبل طيّ الكتاب، وأخذ نصيبا من الباقيات الصالحات، قبل أن يتمنى ساعة واحدة من ساعات الحياة.

 

عباد الله: إن من علامة توفيق الله للعبد: أن يستفتح عامه بأعمال صالحة، وطاعات جليلة، وإن من أعظم الطاعات وأجلّ القربات: صيامَ ما تيسرَ من شهر الله المحرم, فقد قال النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصيامِ بعدَ شهرِ رمضانَ صيامُ شهرِ اللهِ المحرَّمِ" رواه مسلمٌ (2812).

 ويتأكَّدُ صيامُ يومِ عاشوراءَ, وهوَ العاشِرُ مِنْ محرَّمٍ؛ فقدْ حثَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على صِيامهِ, وأخبر أنه يكفِّرُ السنةَ الماضيةَ.

ويسنُّ صومُ يومٍ قبْله أو بعده؛ مُبالغةً في مُخالفة اليهود, ومن اكتفى بصيام عاشوراء كفاه.

ويوم عاشوراء: يومٌ عظيم من أيام الله, فقَدْ روَى ابنُ عباسٍ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ المدينةَ فوجَدَ اليهودَ صِياماً يومَ عاشوراءَ, فقالَ لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليومُ الذي تصومونَه؟" قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجَى اللهُ فيه موسَى وقومَه, وأغرَقَ فرعونَ وقومَه, فصامَه موسَى شُكراً فنحن نصومُه, فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فنحنُ أحقُّ وأولىَ بموسى مِنْكم", فصامَه وأمرَ بصيامِه.

فنحن يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم, أحقُّ وأولى بموسى من اليهود والمغضوبِ عليهم، فلْنحرصْ على اتباعه في هذه السُّنة العظيمة, كما اتَّبَعه على هذا إمامُ الأنبياء صلى الله عليه وسلم.

 

باك الله لي ولكم القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله على إحسانه, والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه, وسلم تسليما كثيرا.

عباد الله: ليس في يوم عاشوراءَ مزيّةٌ على غيره من الأيام, سوى فضيلةِ الصيام, وأمَّا مَا سوى ذلك فلا ينبغي تخصيصُه بعبادةٍ ونحوها, وأما ما يفعله الرافضة في هذا اليوم, فهو من البدع التي أحدثوها, ما أنزل الله بها من سلطان.

نسأل الله تعالى أن ينفعنا بما سمعنا, وأنْ يُعلمنا ما ينفعنا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .

المرفقات

1720679999_محاسبة النفس على ما مضى، والحثُّ على صيام يوم عاشوراء.pdf

المشاهدات 994 | التعليقات 0