متى يأتون يا أمي؟

وَ يَسألُني:
مَتى يَأتُونَ.. يا أُمِّي؟
وَهَل بَانَتْ طَلائعُهُمْ؟
عَلى الأَبوابِ


يَسأَلُني
وَلا أَلقَى لَهُ رَدًّا
وَلا يَلْهُو
فَيَرحَمُني


وَيَسأَلُني:
أَمَا قُلْتِ:
بأَنَّ الجُنْدَ قَدْ هَبَّتْ لِنُصْرَتِنا
مِنَ الشَّامِ،
وَمِنْ يَمَنِ،
وَمِن أَرجَاءِ أُمَّتِنا؟


وَيَسأَلُنِي
- وَدَمْعُ العَينِ يَغلِبُهُ
فَيَغلِبُني -:
مَتَى يَأتُونَ يا أُمِّي؟
وَهَلْ بَانَتْ طَلائعُهُمْ؟
عَلى الأبوابِ


يَسألُني
أَيا أُمِّي،
رَأَيتُ المَسجِدَ الأَقْصَى
وَقَدْ مُلِئَتْ جَوَانِبُهُ
جُنُوداً عَنهُ تَمنَعُنِي
وَوَجْهاً أَصْفَراً.. مُعْتَلَّ
يَهْزأُ بِي
وَيَشتُمُني
فَلَمَّا اشْتَدَّ بي غَيْظِي
هَتَفتُ بهِ:
غَداً سَتَجِيءُ آسَادٌ
وَلِلأَقصَى سَتُرجِعُني
فَهَزَّ الرَّأسَ مُبتَسِماً
قَمِيءَ الشَّكْلِ
- يَا أُمِّي -
وَصَاحَ بِمَن يُرَافِقُهُ
وَذَاكَ الصَّوتُ أَفزَعَني:
تَعالَوا..
وَانظُرُوا طِفلاً
بِمَن نَامُوا
يُهَدِّدُني!
أَيَا مِسْكِينُ،
لَو تَدرِي.. بِمَنْ خَذَلُوكَ تُرْعِبُني؟!
أُسُودُكَ أَصْبَحَتْ قِطَطاً
تَموءُ..
فَكَيفَ تُرْهِبُني؟
مَتى يَأتُونَ يَا أُمِّي؟
وَهَل بَانَتْ طَلائِعُهُمْ؟
عَلى الأَبْوابِ


يَسألُني
أَمَا قُلتِ:
بأنَّ المَسجِدَ الأَقصَى
سَيجْمَعُهمْ على أَمرٍ،
وَأنَّ الصَّخرةَ الثَّكلَى
سَتُرْجِعُهم بِلا وَهَنِ،
وأنَّ دِماءَ إخْوانٍ لَهُمْ
سَتُعِيلُهمْ صَبراً،
وأنَّ دُمُوعَ أَرْمَلةٍ
بِرَغْمِ الخَطْبِ لَم تَهُنِ؟
.. وَأطْفالٌ غَدتْ قمماً
بِوَجهِ المَدِّ لَم تَلِنِ
سَتُوقِدُ نارَ عِزَّتِهمْ
وَتَحْمِلُهمْ عَلى السُّفُنِ
مَتى يَأتُونَ يَا أُمِّي؟
وَهَل بانَتْ طَلائعُهمْ؟
عَلى الأبوابِ


يَسألُني
فَأُخْفِي الوَجهَ في أَلَمٍ
أَخافُ الدَمعَ.. يَفضَحُني
وَأَرْجُو اللهَ في صَمتٍ
يَقِيناً لا يُفَارِقُني
وَأرْنُو لِلعُلا ثِقَةً
وَحَاشَى اللهُ يَخذُلُني
غَداً يأتُونَ - يا وَلَدِي -
جُنُودُ اللهِ، لا الوَثَنِ
عَلى جَبَهاتِهمْ نُورٌ،
لِغَيرِ اللهِ لَم تَحْنِ
وَفي قَسَمَاتِهم عَزْمٌ
عَلى الإيفاءِ بِالثَّمَنِ
غداً يأتونَ - يا ولَدي -
أُسُودُ اللهِ في المِحَنِ
بإيمانٍ وَإخْلاصٍ
يُعِيدُ عَقاربَ الزَّمَنِ


وَيسأَلُني:
مَتى يَأتُون يا أُمِّي؟
وَهَل بَانَتْ طَلائِعُهُمْ؟
على الأَبوابِ
يَسأَلُني.
المشاهدات 1644 | التعليقات 0