متى نعيش العيد بقلوبنا؟؟ صلة الرحم نموذجا!!

مريزيق بن فليح السواط
1434/10/02 - 2013/08/09 08:40AM
[font="] الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله و رحمته تفرح المخلوقات، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه و ألائه المتتابعات، وأشهد أن لا إله وحدة لا شريك له رب الارض والسموات، واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته الى يوم البعث من الممات،[/font]
أما بعد ...
فأتقو الله عباد الله فتقوى الله خير ما دخرتم، وأعظم ما اكتنزتم، وأجمل ما تزينتم "ولباس التقوى ذلك خير".
رمضان أين هو رمضان؟؟ قد انتهت أيامه، وتفرقت اوصاله، وطويت صحائفه، بما أودعناه فيها إن خيرا فخير وإن شرا فشر "من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد " زرع الزارعون ويوم القيامة يحصدون "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو انا بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذكم الله نفسه والله رؤف بالعباد".
يا رمضان كنت للمتقين روضه وأنسا، وللغافلين قيدا وحبسا، فطوبي لمن حلّ في روضة الأبرار، وختم شهره بالاستغفار، لعله يمحو التقصير والأوزار.
أي شهر قد تولى***يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه ***بدماء لو علمنا
كيف لا نبكي لشهر***مر بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنا***قد قبلنا أو طردنا
ليت شعري من هو الـ***محروم والمطرود منا
ومن المقبول ممن***صام منّا فيهنّا
يا شهرنا غير مودع ودعناك، كان نهارك صدقه وصياما، وليلك قرأه وقياما، فعليك منا تحية وسلاما،،،
عباد الله:
انتم في ايام عيد فرحة، وغبطة في الدين والطاعة، يفرح المؤمنون بالعيد لأن الله تعالى وفقهم لاكمال عدة رمضان، وأعانهم على الصيام والقيام، وهم ينتظرون من الله المثوبة والجائزة، ويأملون المغفرة، ويطلبون عتق رقابهم من النار، والمؤمن يفرح بالحسنة ويحزن بالسيئة "إذا سأتك سيئتك وسرتك حسنتك فانت مؤمن".
أيها المسلمون:
العيد فرصه للصلة، وموسم لمد جسور المحبة، وأيام مباركة لبث المودة و الأخوة، ونشر الابتسامة والصداقة، فليس السر في العيد ولكن فيما يعمر به من أعمال، وما يغمره من إحسان وأفضال.
العيد محل للقرب من الله بصلة الارحام، وتفقد القرابة، تعبدا لله وإحسانا لخلقه وأداء للحقوق المفروضة "واعبدوا الله ولا تشركوا به شئيا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى" وقال تعالى: "فأت ذا القربى حقه " صلة الرحم عمل صالح، وقربة لله، وطاعة توجب الجنة، يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة ثلاثة...." وذكر منهم "رجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم" قال عمر بن دينار: تعلمنا أنه ما من خطوة بعد الفريضة أعظم أجرا من خطوة إلى ذي رحم.
قاطع الرحم متوعد بالعذاب الاليم، محروم من رحمة أرحم الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ان الله خلق الخلق حتى اذا فرغ من خلقه قامت الرحم وقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم. أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب. قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأوا أن شئتم "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم فأصمهم وأعمى أبصارهم".
الرحم استجارت بالله فأجارها، واحتمت به فحماها، وجار الله غير مخذول!!! البعض يظن الجنة في الصلاة والصيام والصدقة، "دخلت أمراة بغي الجنة في كلب سقته" "وغفر الله لرجل بعود شوك ازاحه عن الطريق لئلا يؤدي المسلمين" فكيف بمن يصل رحمه ويحسن لقرابته؟؟
ما الفائدة أن تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل الخير، ثم تقطع ارحامك، وتهجر إخوانك، ليس كل عمل يصل!!! وليس كل من طرق الباب يفتح له!!! وكم من مريد للخير لم يبلغه!!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أن عمل بني ادم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم" أخرجه أحمد. وجاء في الأدب المفرد أن ابا هريرة جاء عشية الخميس ليلة الجمعة فقال: أُحرّج على كل قاطع رحم لمّا قام من عندنا فلم يقم أحد حتى قالها ثلاثا. وابن مسعود كان يجلس في مجلسه بعد الصبح ويقول: انشد الله قاطع الرحم لمّا قام عنا فإنا نُريدُ أن ندعو ربنا وإن السماء مغلقة دون قاطع الرحم.
قاطع الرحم مقطوع عن كل خير، وعقوبته في الدنيا معجلة، مع ما يدخر له يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
عقوبات يعرض القاطع نفسه لها، ومصالح عظيمة على نفسه يضيعها والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه".
مات طلحة بن عبيد الله وخلف تركة عظيمة، وأموالا لورثته كثيرة، والسبب أنه كان أوصل الناس لِرحِمه لا يترك في "بني تيم" فقيرا ألا أرسل اليه، ولا مدينا الا قضى عنه، ولا أيما الا زوجه. قال عطاء رحمه الله: لدرهم أضعه في قرابتي أحب إلي من ألف أضعها في فاقة. فقال له قائل: يا أبا محمد وإن كان قرابتي أغنياء؟؟ قال :وإن كان أغنى مني.

الحمد لله على احسانه.....
جاء الاسلام بأحكام وآداب لكل مناسبة، وفي العيد شرع الله لنا إظهار الفرح والسرور، والبهجة والحبور، والصلة والاحسان والتراحم، والاجتماع للصلاة، وزيارة القرابة، حتى يبدوا المجتمع في العيد متماسكا متعاونا متراحما، تخفق فيه القلوب بالحب، وتتصافح الايدي، ويتعانق الناس، ويجتمعون على موائد الطعام والشراب، شكرا لله، وتحدثا بنعمته.
في العيد فرصة لحل خلافاتنا، وإنهاء نزاعاتنا، "إنما المؤمنون إخوة" و "المسلم أخو المسلم" وقطيعة المسلم لأخيه لا تجوز يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" فإن حصل نزاع أو خلاف بين المسلمين وجب عليهم السعي في إصلاح ذات البين، وانهاء النزاع، وحل الخلاف.

ما فائدة اجتماعاتنا في العيد إذا لم تزدنا طاعة لربنا؟؟ ونسعى فيها لحل خلافاتنا؟؟ ما هو دور الوجهاء وأهل الحل والعقد، وشيوخ العشائر اذا لم يسعوا لإصلاح ذات، وتأليف القلوب؟؟ اذا وضع هؤلاء كفا على كف!! وقالوا الأمر لا يعنينا!! فما فائدة وجاهتهم وبأي حق يقدموا؟؟ "لا خير في كثير من نجواهم ألا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فشوف نؤتيه أجرا عظيما".
متى نعيش العيد بقلوبنا؟؟ ونتخلص من الشح والحقد والبغضاء؟؟ الشحناء التي سماها النبي الحالقة "لا أقول تحلق الشعر وإنما تحلق الدين" في ليلة العيد يزدحم الناس عند الحلاقين يتزينون ويتجملون ويغسلون بشرتهم!! فمتى نُجمل الداخل ونهتم بزينة قلوبنا وغسلها من أدرانها؟؟
في العيد يلبس الرجال الثياب البيضاء، ويحرص كل واحد أن لا تكون فيها نقطة واحدة سوداء!! فمتى نحرص على نظافة قلوبنا من نقاط الحقد والحسد والبغضاء؟؟
عباد الله:
لأن انتهى رمضان فمواسم الخير كثيرة، وأنواع الطاعات متنوعة، ومن علامة قبول الحسنة، الحسنة بعدها. فواصلوا الطريق، واستمروا على العمل الصالح، واجتهدوا فإن الله لم يجعل للعبادة نهاية ألا بالموت، ومفارقة الروح للجسد، "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين".

[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 1820 | التعليقات 0