«مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ »

محمد البدر
1445/11/22 - 2024/05/30 02:14AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَالْفَجْرِ(1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾.وَقَالَ ﷺ:«مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ"يَعْنِي الْعَشْرَ، قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ:وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»رَوَاهُ الْبُخَارِي.وَقَالَﷺ:«إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ,وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , قَالَ:وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ , إِلَّا مَنْ عَفَّرَ وَجَهَهُ فِي التُّرَابِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ , فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ, وَالتَّكْبِيرِ, وَالتَّحْمِيدِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا لأجتماع عبادات عظيمة منها الْحَجُّ إلى بيت الله الحرام ويومَ عرفة في اليومُ التاسعُ مِنْ ذِي الحِجَّةِ،وَيَوْمَ النَّحْرِ،وهو اليوم العاشر مِنْ ذِي الحِجَّةِ ويشرع فيه ذبح الأضاحي والهدي ويستمر إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق،وفي نهاية العشر صلاة العيد.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾.َفِي الْعَشْرِ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الحِجَّةِ يُشرَعُ التَّكبيرُ المطلَقُ مِن أَوَّل ذي الحجَّةِ إلى غروبِ شمسِ آخرِ يومٍ من أيَّام التشريقِ،وَيُشرَعُ التَّكبيرُ المُقيَّدِ مِنْ صلاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ إلى عَصرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ،وصيغة التَّكْبِيرِ:اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

عِبَادَ اللَّهِ:أَيَّامُ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ الأعَمَال الصَّالِحة وَمِنْ الأعَمَال الصَّالِحة الصَّلَاةُ قَالَ تَعَالَى:﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾.وَ قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.فحافظوا على الصلوات جماعة في المساجد وأصطحبوا أبناءكم لتعليمهم وأكثروا من الدعاء لهم،وَمِنْ الأعَمَال الصَّالِحة الصِّيَامُ قَالَﷺ:«مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَالصَّدَقَةُ وَالذِّكْرَ وَالتكبيرَ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ،وقراءةَ القُرآنِ وغَيْرَ ذلك ،وَمِنْ الأعَمَال الصَّالِحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قَالَ تَعَالَى:﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.

عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾.فَمِنْ الأعَمَال الصَّالِحة ترك المنكرات واجتناب البدع والشرك والإكثار من أعمال البر والخير وبِرَّ الوَالديْن وصِلَةَ الأرحامِ والإحسانَ إلى الخَلْقِ وحُسْنَ الجوارِ،وزيارة الأقارب والأَرْحامَ وَ تفقد الجيران و الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل لتلمس حاجاتهم وادخال السرور عليهم وعلى ابناءهم وكسوتهم واطعامهم كلٌ بما يستطيع،كذلك عيادة المريض واتباع الجنائز،فَعَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَمَرَنَا النَّبِيُّﷺبِسَبْعٍ،وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أُمِرْنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ،وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ،وَرَدِّ السَّلَامِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي،وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ،وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَنَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْحَرِيرِ والْإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ وَالْقَسِّيِّ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ:قَالَﷺ:«إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ ،فَإذَا أَهَلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ ، فَلاَ يَأخُذَنَّ من شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّيَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.فمن نوى أن يضحي فعليه أن يمسك عن شعره وأظفاره فلا يأخذ منها شيئا من أول شهر ذِي الحِجَّةِ حتى يضحي يَقُولُ الشَّيْخِ العُثِيْمِيْن-رَحِمَهُ اللهُ:أقول إن الإنسان إذا لم يطرأ عليه الأضحية إلا في أثناء العشر، وكان قد أخذ من شعره وأظفاره قبل ذلك، فلا حرج عليه أن يضحي، ولا يكون آثمًا بأخذ ما أخذ من أظفاره وشعره، لأنه قبل أن ينوي، وكذلك لو كان قد نوى من أول الشهر ولكنه نسي فأخذ من شعره وأظفاره فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية، ولا ارتباط بين أخذ الشعر والأظفار والأضحية، فلو أن الإنسان تعمد وأخذ من شعره وأظفاره وضحى، فإن الأضحية تجزئه لكن يكون آثماً بكونه أخذ من شعره وأظفاره لنهي النبيﷺعن ذلك..اهـ.ومن والأفضل ذبح الأضحية في البلد الذي يقيم فيه حتى تبقى هذه الشعيرة ظاهرة،يَقُولُ الشَّيْخِ العُثِيْمِيْن-رَحِمَهُ اللهُ:الأضحية تكون في بلد المضحي هذه هي السنة وهو المشروع وهو الأفضل والأكمل وأما نقلها إلى بلد آخر فإن قلنا بوجوب الأكل منها فإنه لا يجوز نقلها إلى بلد آخر إلا إذا ضمنا أنه سيأتينا من هذا اللحم ما نأكله وإن قلنا بعدم الوجوب جاز لكنه خلاف السنة.

ولهذا نقول ونكرر لإخواننا:ألا يفعلوا هذا يعني ألا يبعثوا بضحاياهم إلى الخارج بل يضحون في بيوتهم وبين أهليهم حتى تظهر هذه الشعيرة ويعرفها الصغار عن الكبار وأما أن ترسل دراهم تذبح هناك ما يعلم عنها وإذا كان يريد نفع إخوانه في البلاد الأخرى يرسل إليهم دراهم قد تكون الدراهم أنفع لهم من اللحم أي نعم .اهـ..

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1717027852_«مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ ».pdf

المشاهدات 938 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا