ما لم ينشره الإعلام عن معركة نبل والزهراء
احمد ابوبكر
1436/03/25 - 2015/01/16 05:10AM
[align=justify] بات من المؤكد أن معركة اقتحام نبل والزهراء وللمرة الثانية، انتهت بالفشل في أجواء من التكتم وغياب التصريح الرسمي لجبهة النصرة، التي أعلنت عزمها عن تحرير هاتين البلدتين المواليتين لنظام الأسد في الشمال السوري، والحاضنتين للميليشيا الإيرانية واللبنانية، التي تشارك في القتال ضد الشعب السوري.
خيار استراتيجي خاطئ
تضم بلدتا نبل والزهراء مجتمعتين أكثر من 40 ألف نسمة، وفيها ما يقارب 7000 مقاتل مسلح، ولديهم خبرات عسكرية باعتبار أن بينهم أناس من الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات اللبنانية والإيرانية، واكتسبوا خبرة عسكرية مع مرور الثورة، والأهم من ذلك أن الهجوم الشامل على تلك البلدات سيجعل جميع سكانها أمام خيار واحد، وهو القتال حتى النهاية، خاصةً أن مقاتليها ارتكبوا الكثير من الفظائع الطائفية في عموم مناطق سوريا، فهم يعرفون مسبقًا أن حجم الكراهية تجاههم كبير، ولن يكون خيار تسليم المنطقة أولوية بالنسبة لهم، وهذا يدفع للقول إن اختيار هدف كهذا بوقت حرج كالذي تمر به حلب، هو خيار أقل ما يقال عنه إنه غير مدروس بعناية.
ويرى الكثيرُ من القادة العسكريين الذين خبروا جبهات حلب أن الضغط على قوات الأسد في مناطق المدينة الصناعية وحندرات وسيفات، أولى بكثير، خاصةً بعد تحرير مناشر البريج والمجبل والمياسات ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، ووصل الثوار إلى مشارف المدينة الصناعية، مما يعني أن المنطقة بحاجة إلى دماء جديدة وحشد جديد؛ كي تتمكن من إبعاد شبح الحصار بشكل نهائي عن حلب.
التفرُّد
لم تسجِّل الثورة السورية انتصارات في معارك ضخمة إلا وكان التكاتف والتعاضد بين الفصائل الفعّالة على الأرض عنوانًا لذلك النصر، فقد ولّى الزمان الذي يهاجم فيه فصيل واحد نقطة عسكرية صغيرة في الأرياف النائية ويسيطر عليها في ساعات.
ولعل إشكالية التفرد بدأت لدى جبهة النصرة منذ محاولة اقتحام البلدتين في المرة الأولى، حيث تم افتتاح المعركة بشكل منفرد، بعيدًا عن التنسيق مع الفصائل الأخرى، التي كانت تضع ثقلها لوقف تقدّم قوات الأسد في الملاح للمحافظة على طريق الكاستلو، ثم انتقلت حالة التفرد داخل الجبهة لتشمل قطاع إدلب، فقد أكدت مصادر داخل حركة أحرار الشام الإسلامية لشبكة "الدرر الشامية"، أنها وبعد تحقيق الانتصار في وادي الضيف والحامدية بالتعاون مع النصرة، كانت تضع مطار "أبو الظهور" في سُلَّم أولوياتها، وتفاجأت بموقف النصرة، حيث أبلغتهم بأن المعركة لا تحتمل إلا فصيلًا واحدًا، وإما تنسحب هي أو تنسحب أحرار الشام، وأضاف المصدر أنهم آثروا الانسحاب؛ منعًا للحساسية، وتوجهوا بعدها إلى حلب من أجل المشاركة في معركة البريج والمجبل، لتتخذ "النصرة" مرة جديدة قرارًا مفاجئًا وتنسحب من محيط "أبو الظهور"، وتتجه لافتتاح معركة نبل والزهراء من جديد، والتي اقتصرت على مشاركة محدودة من جيش المهاجرين والأنصار.
لتكرس الجبهة بذلك سياسة التفرد بالقرار مرة جديدة، حيث إن هذه الإشكالية من أكثر الأمور التي تجلب الانتقادات إلى النصرة مؤخرًا، وتظهر جلية في عدم انفتاحها على باقي الفصائل الفاعلة في النواحي القضائية والمحاكم الشرعية، وانتقلت فيما بعد لتشمل القرارات العسكرية، حيث يقتصر تنسيق الجبهة على بعض الفصائل التي تعتبرها مقربة فكريًّا منها، وإن لم تكن ذات أثر كبير على الأرض.
إثارة العواطف وعواقبها
هذا النوع من المعارك، الذي يعتمد على مهاجمة الحواضن والمعاقل الأساسية للميليشيات التي تساند بشار الأسد، له خاصية عند الشعب السوري عمومًا؛ لأنه يتشوق لحلول العقاب بتلك المستعمرات التي صدّرت الكثير من الجند المساهمين في قتله على كامل التراب، وغالبًا ما تتم إثارة تلك العواطف ودغدغتها بالعبارات الإعلامية القوية على مواقع التواصل، ويتم فتح "الوسومات" الخاصة عند الإعلان عن معركة جديدة، في حين يخيِّم الصمتُ ويغيب الخطاب الرسمي عن تطوراتها بعد ذلك؛ مما يفتح أبواب التكهنات على مصاريعها، لتبقى رواية إعلام الأسد هي الوحيدة في الساحة.
ولعل خطورة العبث بالعواطف، ورفع سقف الآمال لدى الحاضنة الشعبية للثورة عبر إعطائها صورة غير واقعية عما يجري وإخفاء الحقائق عنها، تكمن في تلقيها صدمة عنيفة تؤدي إلى إحباط لدى الشارع في غالبية الأحوال عندما يطلع على النتائج الواقعية، ويكتشف الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها في النهاية.
فرحة لم تكتمل وحقائق صادمة
بعد سيطرة الفصائل الثورية، متمثلة بالجبهة الشامية وحركة أحرار الشام الإسلامية، على مناشير البريج والمجبل والمياسات، ارتفعت المعنويات للثوار بعد أن وجدوا أنفسهم في موقف المهاجم من جديد، وخاصةً أن شبح الحصار ابتعد قليلًا، والفرحة الأكبر كانت بخوض تلك المعارك في ظل تنسيق عالٍ بين الفصائل المقاتلة، وتسخير كل الإمكانات العسكرية والبشرية من الجميع - بحسب ما أكده القادة الميدانيون في الجبهة الشامية - إلا أن هذه المشاعر اختلطت بشيء من الغُصة في أعقاب العملية غير الناجحة، لأن ارتفاع الروح المعنوية من العوامل الهامة في المعارك، والإحباط من أهم أسباب التراجع.
فقد أكد مراسل "الدرر الشامية"، وبعد التقائه بعدد من القادة الميدانيين في حلب، أن النتائج النهائية للمعركة تتمثل بمقتل 41 عنصرًا من قوات الأسد والميليشيات الموالية، بينهم ضابط بالحرس الجمهوري وعنصر إيراني.
في حين تمثلت خسائر جبهة النصرة بأسر عنصر واحد، وعطب دبابة ثم اغتنامها، وتدمير دبابة واحدة وعربة مدرعة، بالإضافة إلى استشهاد 23 مقاتلًا، أبرزهم أمير جيش النصرة الملقب بأبي قدامة.
فصحيح أن القوات التي زجّت بها الجبهة في المعركة لم تكن من ضمن حسابات معارك فك الحصار عن حلب، حيث أتت في الغالب من خارج المحافظة، إلا أن المأمول من قِبَل باقي الفصائل أن تستثمر تلك الطاقات بتحرير المزيد من النقاط التي تقدمت فيها قوات الأسد مؤخرًا، وإبعاد طيف الحصار.
في النهاية
مما لا شك فيه أن النصر والنجاح دائمًا يأتيان بعد دروسٍ، بعضها يكون قاسيًا، والخسارة في المعارك عُرفت حتى في زمن الصحابة والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عندما لم يحقّقوا شروط النصر، كما حدث في معركة أحد، وتبقى العبرة والبناء على ما سبق والتكاتف بين أصحاب الهدف الواحد، كما حدث في معركة وادي الضيف مؤخرًا، ومعارك سابقة كتحرير مطار تفتناز العسكري، تبقى من أنجح الطرق المؤدية لتحقيق الأهداف.
المصدر: الدرر الشامية[/align]
خيار استراتيجي خاطئ
تضم بلدتا نبل والزهراء مجتمعتين أكثر من 40 ألف نسمة، وفيها ما يقارب 7000 مقاتل مسلح، ولديهم خبرات عسكرية باعتبار أن بينهم أناس من الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات اللبنانية والإيرانية، واكتسبوا خبرة عسكرية مع مرور الثورة، والأهم من ذلك أن الهجوم الشامل على تلك البلدات سيجعل جميع سكانها أمام خيار واحد، وهو القتال حتى النهاية، خاصةً أن مقاتليها ارتكبوا الكثير من الفظائع الطائفية في عموم مناطق سوريا، فهم يعرفون مسبقًا أن حجم الكراهية تجاههم كبير، ولن يكون خيار تسليم المنطقة أولوية بالنسبة لهم، وهذا يدفع للقول إن اختيار هدف كهذا بوقت حرج كالذي تمر به حلب، هو خيار أقل ما يقال عنه إنه غير مدروس بعناية.
ويرى الكثيرُ من القادة العسكريين الذين خبروا جبهات حلب أن الضغط على قوات الأسد في مناطق المدينة الصناعية وحندرات وسيفات، أولى بكثير، خاصةً بعد تحرير مناشر البريج والمجبل والمياسات ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، ووصل الثوار إلى مشارف المدينة الصناعية، مما يعني أن المنطقة بحاجة إلى دماء جديدة وحشد جديد؛ كي تتمكن من إبعاد شبح الحصار بشكل نهائي عن حلب.
التفرُّد
لم تسجِّل الثورة السورية انتصارات في معارك ضخمة إلا وكان التكاتف والتعاضد بين الفصائل الفعّالة على الأرض عنوانًا لذلك النصر، فقد ولّى الزمان الذي يهاجم فيه فصيل واحد نقطة عسكرية صغيرة في الأرياف النائية ويسيطر عليها في ساعات.
ولعل إشكالية التفرد بدأت لدى جبهة النصرة منذ محاولة اقتحام البلدتين في المرة الأولى، حيث تم افتتاح المعركة بشكل منفرد، بعيدًا عن التنسيق مع الفصائل الأخرى، التي كانت تضع ثقلها لوقف تقدّم قوات الأسد في الملاح للمحافظة على طريق الكاستلو، ثم انتقلت حالة التفرد داخل الجبهة لتشمل قطاع إدلب، فقد أكدت مصادر داخل حركة أحرار الشام الإسلامية لشبكة "الدرر الشامية"، أنها وبعد تحقيق الانتصار في وادي الضيف والحامدية بالتعاون مع النصرة، كانت تضع مطار "أبو الظهور" في سُلَّم أولوياتها، وتفاجأت بموقف النصرة، حيث أبلغتهم بأن المعركة لا تحتمل إلا فصيلًا واحدًا، وإما تنسحب هي أو تنسحب أحرار الشام، وأضاف المصدر أنهم آثروا الانسحاب؛ منعًا للحساسية، وتوجهوا بعدها إلى حلب من أجل المشاركة في معركة البريج والمجبل، لتتخذ "النصرة" مرة جديدة قرارًا مفاجئًا وتنسحب من محيط "أبو الظهور"، وتتجه لافتتاح معركة نبل والزهراء من جديد، والتي اقتصرت على مشاركة محدودة من جيش المهاجرين والأنصار.
لتكرس الجبهة بذلك سياسة التفرد بالقرار مرة جديدة، حيث إن هذه الإشكالية من أكثر الأمور التي تجلب الانتقادات إلى النصرة مؤخرًا، وتظهر جلية في عدم انفتاحها على باقي الفصائل الفاعلة في النواحي القضائية والمحاكم الشرعية، وانتقلت فيما بعد لتشمل القرارات العسكرية، حيث يقتصر تنسيق الجبهة على بعض الفصائل التي تعتبرها مقربة فكريًّا منها، وإن لم تكن ذات أثر كبير على الأرض.
إثارة العواطف وعواقبها
هذا النوع من المعارك، الذي يعتمد على مهاجمة الحواضن والمعاقل الأساسية للميليشيات التي تساند بشار الأسد، له خاصية عند الشعب السوري عمومًا؛ لأنه يتشوق لحلول العقاب بتلك المستعمرات التي صدّرت الكثير من الجند المساهمين في قتله على كامل التراب، وغالبًا ما تتم إثارة تلك العواطف ودغدغتها بالعبارات الإعلامية القوية على مواقع التواصل، ويتم فتح "الوسومات" الخاصة عند الإعلان عن معركة جديدة، في حين يخيِّم الصمتُ ويغيب الخطاب الرسمي عن تطوراتها بعد ذلك؛ مما يفتح أبواب التكهنات على مصاريعها، لتبقى رواية إعلام الأسد هي الوحيدة في الساحة.
ولعل خطورة العبث بالعواطف، ورفع سقف الآمال لدى الحاضنة الشعبية للثورة عبر إعطائها صورة غير واقعية عما يجري وإخفاء الحقائق عنها، تكمن في تلقيها صدمة عنيفة تؤدي إلى إحباط لدى الشارع في غالبية الأحوال عندما يطلع على النتائج الواقعية، ويكتشف الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها في النهاية.
فرحة لم تكتمل وحقائق صادمة
بعد سيطرة الفصائل الثورية، متمثلة بالجبهة الشامية وحركة أحرار الشام الإسلامية، على مناشير البريج والمجبل والمياسات، ارتفعت المعنويات للثوار بعد أن وجدوا أنفسهم في موقف المهاجم من جديد، وخاصةً أن شبح الحصار ابتعد قليلًا، والفرحة الأكبر كانت بخوض تلك المعارك في ظل تنسيق عالٍ بين الفصائل المقاتلة، وتسخير كل الإمكانات العسكرية والبشرية من الجميع - بحسب ما أكده القادة الميدانيون في الجبهة الشامية - إلا أن هذه المشاعر اختلطت بشيء من الغُصة في أعقاب العملية غير الناجحة، لأن ارتفاع الروح المعنوية من العوامل الهامة في المعارك، والإحباط من أهم أسباب التراجع.
فقد أكد مراسل "الدرر الشامية"، وبعد التقائه بعدد من القادة الميدانيين في حلب، أن النتائج النهائية للمعركة تتمثل بمقتل 41 عنصرًا من قوات الأسد والميليشيات الموالية، بينهم ضابط بالحرس الجمهوري وعنصر إيراني.
في حين تمثلت خسائر جبهة النصرة بأسر عنصر واحد، وعطب دبابة ثم اغتنامها، وتدمير دبابة واحدة وعربة مدرعة، بالإضافة إلى استشهاد 23 مقاتلًا، أبرزهم أمير جيش النصرة الملقب بأبي قدامة.
فصحيح أن القوات التي زجّت بها الجبهة في المعركة لم تكن من ضمن حسابات معارك فك الحصار عن حلب، حيث أتت في الغالب من خارج المحافظة، إلا أن المأمول من قِبَل باقي الفصائل أن تستثمر تلك الطاقات بتحرير المزيد من النقاط التي تقدمت فيها قوات الأسد مؤخرًا، وإبعاد طيف الحصار.
في النهاية
مما لا شك فيه أن النصر والنجاح دائمًا يأتيان بعد دروسٍ، بعضها يكون قاسيًا، والخسارة في المعارك عُرفت حتى في زمن الصحابة والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عندما لم يحقّقوا شروط النصر، كما حدث في معركة أحد، وتبقى العبرة والبناء على ما سبق والتكاتف بين أصحاب الهدف الواحد، كما حدث في معركة وادي الضيف مؤخرًا، ومعارك سابقة كتحرير مطار تفتناز العسكري، تبقى من أنجح الطرق المؤدية لتحقيق الأهداف.
المصدر: الدرر الشامية[/align]