ماهي الا أيام قلائل وندخل مَوسِمًا

محسن الشامي
1433/08/17 - 2012/07/07 19:56PM
خطبة الجمعة 23/8 جمعتها من مجموعة خطب لبعض الفضلاء لا حرمهم الله اجرها أسأل الله أن ينفع بها


الحمدلله وفق من شاء لطاعته فكان سعيهم مشكوراً ثم أجزل لهم العطاء والمثوبة فكان جزاؤهم موفوراًأحمده سبحانه وأشكره وأتوبإليه وأستغفره إنه كان حليماً غفوراًوأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنمحمداً عبده ورسوله خير من صل وصام اجتهد في عبادة ربه حتى تفطرت قدماه فكان عبدا شكوراًصلى الله وسلم عليه وعلىآله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعدعباد الله اتقوا اللهَ تعالى وَأَطيِعُوهُ وَرَاقِبُوا أَمرَهُ وَلا تَعصُوهُ وأعلموا أنَّ مِن رَحمةِ اللهِ بنا أَنْأَمَرَنَا بِالتَّزَوُّدِ وَبَيَّنَ لنا خَيرَ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ فقال{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِالتَّقوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولي الأَلبَابِ} إخوة الايمان ماهي الا أيام قلائل وندخل مَوسِمًاعَظِيمًا وسُوقًا رَابِحَةً مَوسِمٌ تُعرَضُ فِيهِ التقوى على طُلاَّبِ الآخِرَةِلَيلاً وَنَهَارًا تِلكُم هِيَ سُوقُ شَهرِ رَمَضَانَ وَمَوسِمُ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ وَالقُرآنِ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ} فيالها والله من سوق للتجارة الرابحة مع الله يتزود منها المتزودون ويا له من مضمار يتسابق فيه ذوو الهمم العالية ويتنافس فيه المتنافسون ويا لسعادة من كان في تجارته مع ربه صادقًا ويا لفلاح من كان لهدي نبيه عليه الصلاة والسلام موافقًا قال صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه"وقال عليه الصلاة والسلام "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه"فَأَينَ المُتَزَوِّدُونَ مِنَ التقوى فَلْيَستَعِدُّوا؟ أَينَالمُشَمِّرُونَ للآخِرَةِ فَلْيَتَأَهَّبُوا؟ أَينَ الرَّاغِبُونَ فِيمَا عِندَاللهِ فَلْيُقبِلُوا؟ فَإِنما هِيَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ وَلَيالٍ قَلائِل ُتَمُرُّ سَرِيعًا كَمَرِّ السَّحَابِ ثم تَنقَضِي وَقَد تَزَوَّدَ مُشَمِّرٌوَنَدِمَ مُسَوِّفٌ وكلما ازداد شهر رمضان اقترابًا زاد قلب المؤمن وَجَلاً واضطرابًا، فهو لا يدري أنفسه تدرك هذا الشهر وتبلغه فيهنّيها أم تخرج روحه قبل دخوله فيعزّيها، فكم والله من قريب لنافقدناه، وكم عزيز علينا دفنّاه، وكم حبيب لنافياللحد أضجعناه يتمنون أن يعودوا حتى يصوموا يوماً واحداً من أيام رمضان، أو يقوموا ليلة واحدة من لياليه ولكن حيل بينهم وبين ما يشتهون
كم كنت تعرف ممن صام في سلفٍ من بين أهلٍ وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهمُ حياً فما أقرب القاصي منالداني
نعم والله كم من أخٍ نعرفه صام معنا رمضان الماضي ثمّ صارإلى عالَمِ الدود واللحود بعد أن استلّه هادم اللذّات من بينِنَا وسيأتي الموت على الجميع إن عاجلاً أوآجلاً
تمر بنا الأيام تترى وإنما نُساق إلى الآجالِ والعينُ تنظرُ
فليسَ عن لُقيا المنيّةِ صارفٌ وليس من يدري الأوانَ فيُنذِرُ
يا نفسُ فالتمسي النجاةَ بتوبةٍ فبتوبتي نحو النجاةِ سأُبحِرُ أيها المباركون لَو نَظَرَ كُلٌّ مِنَّا فِيمَا مَضَى مِن عُمُرِهِ وَمَاخَلا مِن أَيَّامِ دَهرِهِ ثم سَأَلَ نَفسَهُ: كَم رَمَضَان مَرَّ عَلَيَّ؟وَمَاذَا فَعَلتُ فِيمَا مَضَى مِن مَوَاسِمَ؟ هَل كُنتُ فِيهَا مَعَ المُشَمِّرِينَ المُسَابِقِينَ المُسَارِعِينَ، أَم كُنتُ مُسَوِّفًا مُقَصِّرًاعَاجِزًا؟ أَقُولُ: لَو طَرَحَ كُلٌّ مِنَّا على نَفسِهِ مِثلَ هَذِهِ الأَسئِلَةِلَوَجَدَ إِجَابَاتٍ لا تُبَيِّضُ الوَجهَ وَلا تَسُرُّ الخَاطِرَ؛ سَهَرٌ في اللَّيلِ طَوِيلٌ، وَنَومٌ في النَّهَارِ وَبِيلٌ، وَتَفوِيتٌ لِصَلاةِالجَمَاعَةِ، بَل رُبَّمَا تَركٌ لِلصَّلَوَاتِ المَفرُوضَةِ وَتَضيِيعٌ لها، فَكَيفَ بِصَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَقِيَامِ اللَّيلِ؟! أَمَّا القُرآنُ فَمَا أَطوَلَ شَكوَاهُ مِنَ الهَجرِوَعَدَمِ العِنَايَةِ بِهِ! وَأَمَّا الإِنفَاقُ فَمَا أَقَلَّ نَصِيبَنَا مِنهُ! وَأَمَّا المُشَارَكَةُ في البِرِّ وَنَفعِ الآخَرِينَ فَمُقِلُّونَ مِنهَا. هَذِهِهِيَ أَحوَالُ أَكثَرِنَا فِيمَا مَضَى وَخَلا إِلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ ، فَلِلجَمِيعِ نَقُولُ :يَا إِخوَةَ الإِسلامِ، وَيَا أُمَّةَ القُرآنِ هبوا واغتنموا مواسم الخيرات فما هي إلا أيام ويحل شهرُالغفران المرتجَى شهرُ النّفَحات وإقالةِ العثرات فليكُن شهرُكمهذا بدايةَ مَولدِكم وانطلاقةَ رجوعِكم فبالله عليكم أيها المؤمنون منلم يتُب في زمنِ الخيرات والهبات فمتى يتوب؟ مَن لم يرجِع في زمَن النّفحات فمتى يؤوب؟!صعدَرسول الله المنبرَ فقال(آمين، آمين، آمين))، فقيل: يا رسول َالله، إنك صعدتَ المنبرَ فقلت: ((آمين، آمين، آمين))! فقال رسول الله : ((إنّ جبريلَ عليه السلام أتاني فقال: من أدركَ شهرَ رمضان فلم يُغفر له فدخلَ النار فأبعَدَه الله، قل: آمين، قلتُ: آمين)) وَمِن هُنا أَيُّها المُسلمُون فَإِنَّ عَلَى كُلٍّ مِنَّا دُونَاستِثنَاءٍ أَن يجعَلَ نَظَرَهُ عَالِيًا وَهَدَفَهُ سَامِيًا، فَيَتَقَدَّمَ إِلىالأَمَامِ وَيَزدَادَ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَيَستَكثِرَ مِنَ الخَيرِ وَيَتَزَوَّدَمِنَ الصَّالِحَاتِ، وَيَحرِصَ على أَن لاَّ يَفُوتَهُ شَيءٌ مِن أَبوَابِ الخَيرِإِلاَّ وَلَجَهُ وَأَخَذَ مِنهُ بِنَصِيبٍ، اقتِدَاءً بِالهَادِي الحَبِيبِ الذيكَانَ يَجتَهِدُ في رَمَضَانَ وَيَجُودُ، وَيَبذُلُ نَفسَهُ في طَاعَةِ ربه ،فقد رَوَى البُخَارِيُّ عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ أَجوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلقَاهُجِبرِيلُ، وَكَانَ يَلقَاهُ في كُلِّ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُالقُرآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ أَجوَدُ بِالخَيرِ مِنَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ. " وَعَبَّرَ بِالمُرسَلَةِ إِشَارَةً إِلى دَوَامِ هُبُوبِها بِالرَّحمَةِ، فَانظُرُوا رحمكم اللهُ إِلى مَا كَانَ عَلَيهِ قُدوَتُكُم وَأُسوَتُكُم عليه الصلاةُ والسلامُ؛ دَوَامٌ في الطَّاعَةِ، وَاستِكثَارٌ مِن أَنوَاعِ العِبَادَةِ، وَمُسَارَعَةٌ إلى الخَيرِ وَمِثلُهُ كَانَ أَصحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ وَالسَّلَفُ رحمهم الله مِنهُم مَنكَان يُؤثِرُ بِطَعَامِهِ غَيرَهُ مِنَ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ، وَمِنهُم مَنكَانَ يَختِمُ في كُلِّ يَومٍ مَرَّتَينِ وَفِيهِم قَائِمُ اللَّيلِ لا يَفتُرُ،وَفِيهِم مُلازِمُ المَسجِدِ لا يَخرُجُ،نُفُوسٌ إلى العَليَاءِ سَمَت وقُلُوبٌ بِاللهِ تَعَلَّقَت فما أجمل والله أن نَتَشَبَّهْ بِهِم وَنَفرَحْ بِهَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ فَرَحَ مَن قَدِمَ عَلَيهِ غَائبُهُ وَلْنَسألِ اللهَ بُلُوغَهُ وَالتَّوفِيقَ فِيهِ لِصَالحِالعَمَلِ {قُلْ بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا هُوَ خَيرٌمِمَّا يَجمَعُونَ} عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: كان النبيُّ يُبَشِّرُأَصحَابَهُ يَقُولُ "قَد جَاءَكُم شَهرُ رَمَضَانَ، شَهرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللهُ عَلَيكُم صِيَامَهُ فِيهِ تُفتَحُ أَبوَابُ الجِنَانِ وَتُغلَقُ فِيهِ أَبوَابُ الجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فِيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍمَن حُرِمَ خَيرَهَا فَقَد حُرِمَأسأل الله تعالى أن يبلغنا وإياكم رمضان وأن يحسن عملنا فيه بارك الله لي ولكم
الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب ويكفر عنهمالسيئات ويرفع لهم الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطاياوالهبات. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل المخلوقات صلى الله عليه وعلى آلهوأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً أَمَّا بَعدُعباد الله اوصيكم ونفسي بتقوى الله فاِتَّقُوا اللهَ وأعلموا أنَّهُ لا بُدَّ مِن مُجَاهَدَةِ النَّفسِ عَلى فِعلِ الطَّاعَاتِ وَبَذلِ الخَيرَاتِ وَمَن صَدَقَ اللهَ صَدَقَهُ وَمَن عَوَّدَ نَفسَهُ الخَيرَ اِعتَادَتهُ { وَالَّذِينَ جَاهَدُوافِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ}ألا وإن والله من أعظم الحسرات أن تمر عليك يا عبدالله مثل هذه المواسم ولا تغتنمها في طاعة الله فإن كنت ممن أوردَ نفسَه وأقامَهافي المعَاصي والأوزار وجعلها على شَفا جُرفٍ هار، فبادِربالتّوبة ما دمتَفيزمنالإنظار، وأقلِع عن الذنوب وأظهِر النّدم والاستغفار، وهـاهو رمضان قادم فا ستعد للقائة فا الله اعلم قد يكون اخر رمضان لك في هذة الدنيا فشمر عن ساعديك واستعد للعمل فيه والتوبة الى الله
أيها الفضلاء وَكمَا أَنَّهُ يَستَعِدُّ أَهلُ الخَيرِ وَدُعَاةُ الحَقِّ لِهَذَا الشَّهرِوَيَسعَونَ لاغتنامه فِيمَا يُرضِي اللهَ جل وعلا فِإِنَّ هُنَاكَ دعاة رذيلة وَمَانِعِي خَيرَاتٍ أَقوَامٌ مِن شَيَاطِينِ الإِنسِ وَمَرَدَةِ بَني آدَمَ، تُجلِبُ على المُسلِمِينَ بِخَيلِها وَرَجِلِهَا،مُضَيِّعَةً عَلَيهِم أَوقَاتَ شَهرِهِم، نَازِعَةً بَرَكَاتِ أَوقَاتِهِم مُدَنِّسَةً أَسمَاعَهُم وَأَبصَارَهُم وَقُلُوبَهُم بِتَمثِيلِيَّاتٍ فَارِغَةٍوَمَسرَحِيَّاتٍ هَازِلَةٍ وَأَغَانِي مَاجِنَةٍ وَصُوَرٍ فَاتِنَةٍ وَمَشَاهِدَسَخِيفَة فاحذروا يا أمة محمد احذروا ما أعدّه لكم أهلُالانحلال ودعاة الفساد والضلال من برامج مضلة ومشاهد مخِلّة وأتقوا الله يا مطلقي النظرفي المحرمات ها أنتم مقبلون على خير الشهور، فحذار حذار من انتهاك حرمته، وتدنيسِشرفه وانتقاص مكانته، ألا فاتقوا الله رحمكم الله وأقبِلوا على ربكم بقلوبٍمنكسرة ودموعٍ منسكِبة واتخذوا من استقبال شهركم موقف محاسبة وتوبة، ونقطة رجوع إلى الله وعودة إلى حماه، وليطهر كل أب بيته من كل ما يغضب الله، فإنه سيموت وحده، ويبعث وحده، ويحاسب على ما قدمت يداه، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لماوَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالحِينَ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنَّا وَلاتُعِنْ عَلَينَا , وَانصُرْنَا وَلا تَنصُرْ عَلَينَا , وَامكُرْ لَنَا وَلاتَمكُرْ عَلَينَا وَاهدِنَا وَيَسِّرْ هُدَانَا إِلَينَا .اللهم سلم لنا رمضان وسلمنا لهووفقنا لصيامه وقيامه وتقبله منا
اللهم ارزقنا فيه الجد في العمل والقوة في الطاعة وحسنالعبادة , وأعذنا فيه من الفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم إنا نسألك التوفيق لكل خير , والمزيد من كل بر
اللهم أهل علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان والسلامةوالإسلام ألا وصلّوا وسلّموا
المشاهدات 2311 | التعليقات 0