ماذا ينقم منا دعاة الفتنة خطبة الجمعة 10 رجب 1435هـ
حمود بن ناصر
1435/07/08 - 2014/05/07 18:19PM
ماذا ينقم منا دعاة الفتنة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
أما بعد
فإن أصدق الكلام كلام الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار
عباد الله اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يستجاب له
عباد الله قد كان من دعاء نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه في صلاة الليل اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
عباد الله إذا كان هذا هو دعاءه وتضرعه بين يدي ربه جل وعلا وهو الذي غفر الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر، بل وهو الذي زكاه ربه بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وبقوله ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ثم يسال الله ويلح ويتضرع فما بالك بحالنا وحاجتنا في هذا الزمان الذي تعددت فيه المشارب وكثرة الأهواء وظهرت الفتن وكثر دعاتها وكثرت الشبه وكثر المتأثرون بها ؟ فإلى الله المشتكي !
عباد الله يقول الله جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )
وكلمة شئ نكرة تدل على العموم يعني فإن تنازعتم في أي شئ فردوه إلى الله أي إلى كتاب الله والرد إلى الرسول في حياته والى سنته بعد مماته وخير من يعلم بسنته وهديه هم ورثته وهم علماء الشريعة فإليهم يرد الأمر ومنهم تصدر الفتوى ويزال الاشتباه كما قال تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ) وأخبر في الآية الأولى بأن رد الأمر في أي شئ إلى الله والرسول وإلى أولي الأمر من العلماء والأمراء انه خير في الدنيا وأحسن مآلاً في الآخرة
فما بالكم أيها الإخوة إذا كان الأمر يتعلق بشئ عظيم وبقضايا كبرى يتعلق بها الأمن والخوف ، بل يتعلق بها مصير الأمة . فلا شك أن الوجوب أعظم في رد هذه المسائل العظيمة إلى العلماء الربانين أهل الاستنباط والدليل وخير من يفقه سنة النبي ويعمل بها ويحمل الناس عليها .
أيها الاخوه إنها إن من أهم هذه القضايا البيعة لولي الأمر التي اخذ يشكك فيها كثير من شبابنا بسبب ما يثار حولها من بعض المتعالمين وبعض دعاة الفتنة من شبه زائفة ، وتارة يقولون الإمامة في قريش وتارة يقولون لا بيعة إلا لمعصوم ولا تصح لمن عنده معصية وتارة يقولون لابد من مصافحة المبايع باليد ، وتارة يقولون : لا تكون إلا في خلافة عامة لجميع المسلمين ولازالوا يقولون ويلبسون على الناس
عباد الله وقد بلغ السيل الزبى فوجب بيان الأمر وتجليته ووجب كشف الغمة عما أصاب الكثير من شباب الأمة .
فأما شبهتهم الأولى وقولهم ( إن الإمامة لا تكون إلا في قريش ) فهذا باطل ، وقد اتفق العلماء بصحة لولاية لمن تولى مادام مسلما لم يرى منه كفر بواح بل وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة كما قال ( وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) فنسمع ونطيع وكلمة تأمر توحي باستيلائه بغير اختيار من الناس . وأما قولهم لا نبايع من كان عنده معصية ؟ فهذا مردود عليهم عقلا وشرعا فأما بالعقل فإين للناس بإمام ليس عنده معصية فليس عناك معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ! وأما شرعا فالنصوص متواترة في طاعة ولاة الأمر وإن جلد الظهر وأخذ المال وأما قولهم ( بان البيعة لا تكون إلا بالمصافحة ) فهذه مردودة كذلك شرعا وعقل ، فكيف يبايع الإمام كل الشعب بيده وهم يبلغون الملايين ومن يستطيع ذلك ؟ وإما شرعا : فإنه بإجماع العلماء وأئمة الهدي فإن أهل الحل والعقد إذا بايعوا الإمام فقد ثبتت بيعته ووجبت له الطاعة كما حصل للخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الحكام والسلاطين والملوك
وأما من يقولون لا تجب إلا إذا قامت الخلافة العظمى فهذا متعذر بعد الخلافة الراشدة ولا يمكن بل أجمع العلماء إن من دان له إقليم بالطاعة والولاية وجبت بيعته وحرم الخروج عليه.
وأما من ينادونا ( بالديمقراطية وهى حكم الشعب نفسه ) فهذا من أبطل الباطل فالحكم لله والمشرع هو الله عز جل وعلا قد انزل كتابه وأرسل رسوله وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، وقد بين فيها أوضح بيان خاصة في هذه القضية ثم يأتي أهل العولمة وأتباع كل ناعق ومن خدعوا بالمفاهيم الخاطئة حتى ازدروا علماء الشريعة وشككوا في طاعة ولاة الأمر فيريدونها ديمقراطية فيثار غوغاء الناس ويزج بهم إلى الشوارع والساحات العامة فيطالبون بإسقاط النظام كما يقولون أي بنزع اليد من الطاعة ومفارقة الجماعة وبالخروج على ولي الأمر جهارا فتسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتدمر المدن بأكملها وهؤلاء أرادوا القضاء على فساد كما يزعمون ولكنهم أتوا بمفاسد أعظم منه فجنوا على المجتمع أعظم جناية وجروا إليه آهات وويلات ، فمن طالبو أمس في تلك الدول ببعض الحقوق في حال وجود الأمن فبعد الثورات ضاعت كل الحقوق بعد انعدام الأمن ومن طالبوا بسبب البطالة والفقر والعدل في توزيع وصرف المال العام أصبحوا لا يشبعون من الخبز ومن طالبو بالخدمات والوظائف والعلاج أصبحوا لا يتوفر عندهم حتى الماء والكهرباء وأصبحوا يموتون لعدم توفر أدنى الخدمات الصحية بل وقد أصبحوا مُعدمين من كل ناحية
عباد الله وإن واقع الدول التي أسقطت أنظمتها خير شاهد على ما نقول فهل أستتب الأمن في تلك الدول وصلحت الأحوال ؟ أم أنه اختل الأمن وساءت الأحوال واستبيحت الأعراض وسفكت الدماء وشرد الملايين ودمرت المدن بأكملها ؟ قال شيخ الإسلام : ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان وإلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
ولا يفهم أننا نؤيد الأنظمة الظالمة التي تهاوت عروشها بل نقول بما قرره علماء الإسلام في كتبهم المستنبطة من الوحيين : بأن لا يزال المنكر بمنكر أعظم منه وبقاعدة ارتكاب أخف الضررين وبأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، قال الإمام أحمد : والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولى الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين .
وقد ضرب الإمام أحمد أروع الأمثلة في ذلك حينما اجتمع عليه الفقهاء في ولاية الواثق حينما حمل الناس على القول بخلق القرآن وهي بدعة مكفرة ليست مجرد معصية أو كبيرة يريدون الخروج عليه فقال لهم : عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر ،فاتقوا الله أيها الناس واقتدوا بأئمة السلف واحذروا أن تأخذوا دينكم من الشبكات العنكبوتية أو من القنوات المشبوهة أو من جلسات الاستراحات فقد قيل من كان إمامه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه فكيف إذا كان التلقي من تلك القنوات والاجتماعات المشبوهة والجلسات الموبوءة بل لابد من تلقي العلم من العلماء مباشرة وثني الركب في حلق العلم لدى طلاب العلم والعلماء .
عباد الله : وإن من المخالفات أيضا في هذه القضية العظيمة نزع البيعة وعدم اعتقادها بل وربما يصل الأمر إلى مبايعة رئيس التنظيم أو الجماعة المنتمي إليها
ومن المخالفات أيضا التشهير بمخالفات الحكام على المنابر ويعتقدون أنها شجاعة أو كلمة حق عند سلطان جائر وهذا غير صحيح وحتى عامة الناس لا يتقبلون النقد بهذه الطريقة وتعتبر نوعا من الفضيحة والتشهير فكيف بأئمة المسلمين ثم تراهم يُجَهِّلون العلماء في هذه المسألة أو يتهمونهم بالتزلف أو المداهنة وينكرون عليهم الدعاء لولاة الأمر بل قد يقدحون فيهم إذا كانوا في شئ من وظائف الدولة
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يرده إليه ردا جميلا أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وإخوانه
أما بعد
ولعلي أيها الأخوة أسوق بعض النصوص وأقوال السلف لعلها تسمع آذانا صما أو قلوبا غلفا ، فجاء في صحيح مسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إ نس قلت : كيف أصنع إن أدركت ذلك : قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع .
وأخرج مسلم أيضا عن عوف بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا : قلنا : يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ؟ ألا من ولى عليه وال فراءه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة .
وفي رواية ابن عمر : من نزع يداً من طاعة لم يكن له يوم القيامة حجة ومن مات مفارقا للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية ، صححه الألباني وفي رواية الحارث بن بشر عند الألباني أيضا وأنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وقال الإمام الحسن ابن على البر بهاري : إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعوا للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى ، وقال أيضا : ولا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن عليه إماما برا كان أو فاجرا ،و قال الإمام سهل بن عبد الله التُستُري : هذه الأمة ثلاثا وسبعون فرقة اثنان وسبعون هالكة كلهم يبغض السلطان والناجية هذه الواحدة التي مع السلطان.
ويقول عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد : إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ، ويقول بعض السلف أهل السنة والجماعة : هم الذي ليس لهم اسم سوى الجماعة
فانتبهوا ياشباب الأمة واعلموا علم اليقين إنكم مستهدفون في دينكم وعقيدتكم وأمنكم وقيادتكم واحذروا كل هذه التنظيمات وكل هذه الأحزاب والجماعات فجماعتنا واحدة ومنهجنا واحد وعقيدتنا واحدة وبيعتنا واحدة وقيادتنا واحدة ولا تغتروا بما يحدث في الخارج وما يبث من شبه وفتن عبر وسائل الإعلام المختلفة فإن معظمها مغرضة ولها أهداف سياسية واقتصادية وعقدية وعليكم بالجماعة وعليكم بالسمع والطاعة وعليكم بالنصيحة وعليكم بآثار من سلف وإن رفضكم الناس وإياكم وأراء الرجال وإن زخرفوها لكم بالقول أيها الشباب ما قلنا هذا تزلفا ولا رياء ولا مداهنة ولكن دينا ندين الله به وعقيدة نعتقدها ومنهجا نوصي به وندعو إليه ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
أيها الشباب إنكم والله مستهدفون من أعداء الأمة ومن دعاة الفتنة الذين يركزون على تزهيد الناس في علمائهم وتشكيكهم في فتاواهم وكذلك يركزون على إيغار الصدور على ولاة الأمر لأن العلماء والأمراء هما دعامتان المجتمع الذي لا يقوم إلا بهما ، أيها الشباب ماذا ينقمون على هذه البلاد هل ينقمون عليها إلا لأنها تدعوا إلى التوحيد الخالص وتنبذ الشرك والبدع التي تعج بها الدول والمجتمعات المجاورة أما لأن هذه البلاد تنصر منهج السلف الصالح وتوظف الدعاة لذلك في الداخل والخارج أم ينقمون على هذه البلاد تحكيم الشريعة أو إظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو ينقمون عليها احتضان الحرمين الشريفين وتقديم أفضل الخدمات للحجاج والمعتمرين بخدمات جليلة لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ أم ينقمون رفع الأذان بالتوحيد وإغلاق المحلات لكل صلاة أم ينقمون هذا الأمن الذي ننعم به أم برغد العيش الذي نعيشه مع أننا لا ندعي الكمال ولا العصمة فإن الخطأ والمعاصي حصلت في القرون المفضلة ولكن من باب التحدث بالنعم التي نعيشها ويفتقدها غيرنا بل ومن باب شكر النعم حتى لا تزول عنا وقد قال الباري جل جلاله (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) وحتى لا يزدري تلك النعم او يتجاهلها بعض ضعاف العقول ومن غرر بهم دعاة الفتنة الذين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا بل وبعضهم محسوب على الدعاة وطلاب العلم فعليكم بالجماعة وعليكم بالاجتماع على من ولاه الله أمركم وعليكم بالرجوع للعلماء الراسخون الذين شابت لحاهم في تدريس العلم الشرعي والدعوة على منهج السلف الصالح أيها الناس وإن غيرتم ولم تشكروا هذه النعم غير عليكم كما قال الله تعالى ( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
عباد الله (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
أسال الله بمنه وكرمه وجوده ولطفه أن يهدي شباب المسلمين وأن يرد من ضل منهم إليه ردا جميلا وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين وأسأله أن يحفظنا بالإسلام قائمين وأن يحفظنا بالإسلام قاعدين وأن يحفظنا بالإسلام راقدين ولا يشمت بنا أعداء ولا حاسدين وأسأله أن يحفظ علينا أمننا واستقرارنا وأن يحفظ علينا عقيدتنا وقيادتنا وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ، اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين اللهم أحفظ أمامنا بحفظك وسدده بتسديدك وأيده بتأيدك ، اللهم أحفظه ونائبيه وإخوانه وأعوانه ، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين ،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار .
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)
أما بعد
فإن أصدق الكلام كلام الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعه وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار
عباد الله اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن نفس لا تشبع ومن دعاء لا يستجاب له
عباد الله قد كان من دعاء نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه في صلاة الليل اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .
عباد الله إذا كان هذا هو دعاءه وتضرعه بين يدي ربه جل وعلا وهو الذي غفر الله له ماتقدم من ذنبه وما تأخر، بل وهو الذي زكاه ربه بقوله ( وإنك لعلى خلق عظيم ) وبقوله ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) ثم يسال الله ويلح ويتضرع فما بالك بحالنا وحاجتنا في هذا الزمان الذي تعددت فيه المشارب وكثرة الأهواء وظهرت الفتن وكثر دعاتها وكثرت الشبه وكثر المتأثرون بها ؟ فإلى الله المشتكي !
عباد الله يقول الله جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )
وكلمة شئ نكرة تدل على العموم يعني فإن تنازعتم في أي شئ فردوه إلى الله أي إلى كتاب الله والرد إلى الرسول في حياته والى سنته بعد مماته وخير من يعلم بسنته وهديه هم ورثته وهم علماء الشريعة فإليهم يرد الأمر ومنهم تصدر الفتوى ويزال الاشتباه كما قال تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ) وأخبر في الآية الأولى بأن رد الأمر في أي شئ إلى الله والرسول وإلى أولي الأمر من العلماء والأمراء انه خير في الدنيا وأحسن مآلاً في الآخرة
فما بالكم أيها الإخوة إذا كان الأمر يتعلق بشئ عظيم وبقضايا كبرى يتعلق بها الأمن والخوف ، بل يتعلق بها مصير الأمة . فلا شك أن الوجوب أعظم في رد هذه المسائل العظيمة إلى العلماء الربانين أهل الاستنباط والدليل وخير من يفقه سنة النبي ويعمل بها ويحمل الناس عليها .
أيها الاخوه إنها إن من أهم هذه القضايا البيعة لولي الأمر التي اخذ يشكك فيها كثير من شبابنا بسبب ما يثار حولها من بعض المتعالمين وبعض دعاة الفتنة من شبه زائفة ، وتارة يقولون الإمامة في قريش وتارة يقولون لا بيعة إلا لمعصوم ولا تصح لمن عنده معصية وتارة يقولون لابد من مصافحة المبايع باليد ، وتارة يقولون : لا تكون إلا في خلافة عامة لجميع المسلمين ولازالوا يقولون ويلبسون على الناس
عباد الله وقد بلغ السيل الزبى فوجب بيان الأمر وتجليته ووجب كشف الغمة عما أصاب الكثير من شباب الأمة .
فأما شبهتهم الأولى وقولهم ( إن الإمامة لا تكون إلا في قريش ) فهذا باطل ، وقد اتفق العلماء بصحة لولاية لمن تولى مادام مسلما لم يرى منه كفر بواح بل وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة كما قال ( وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) فنسمع ونطيع وكلمة تأمر توحي باستيلائه بغير اختيار من الناس . وأما قولهم لا نبايع من كان عنده معصية ؟ فهذا مردود عليهم عقلا وشرعا فأما بالعقل فإين للناس بإمام ليس عنده معصية فليس عناك معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ! وأما شرعا فالنصوص متواترة في طاعة ولاة الأمر وإن جلد الظهر وأخذ المال وأما قولهم ( بان البيعة لا تكون إلا بالمصافحة ) فهذه مردودة كذلك شرعا وعقل ، فكيف يبايع الإمام كل الشعب بيده وهم يبلغون الملايين ومن يستطيع ذلك ؟ وإما شرعا : فإنه بإجماع العلماء وأئمة الهدي فإن أهل الحل والعقد إذا بايعوا الإمام فقد ثبتت بيعته ووجبت له الطاعة كما حصل للخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الحكام والسلاطين والملوك
وأما من يقولون لا تجب إلا إذا قامت الخلافة العظمى فهذا متعذر بعد الخلافة الراشدة ولا يمكن بل أجمع العلماء إن من دان له إقليم بالطاعة والولاية وجبت بيعته وحرم الخروج عليه.
وأما من ينادونا ( بالديمقراطية وهى حكم الشعب نفسه ) فهذا من أبطل الباطل فالحكم لله والمشرع هو الله عز جل وعلا قد انزل كتابه وأرسل رسوله وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، وقد بين فيها أوضح بيان خاصة في هذه القضية ثم يأتي أهل العولمة وأتباع كل ناعق ومن خدعوا بالمفاهيم الخاطئة حتى ازدروا علماء الشريعة وشككوا في طاعة ولاة الأمر فيريدونها ديمقراطية فيثار غوغاء الناس ويزج بهم إلى الشوارع والساحات العامة فيطالبون بإسقاط النظام كما يقولون أي بنزع اليد من الطاعة ومفارقة الجماعة وبالخروج على ولي الأمر جهارا فتسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتدمر المدن بأكملها وهؤلاء أرادوا القضاء على فساد كما يزعمون ولكنهم أتوا بمفاسد أعظم منه فجنوا على المجتمع أعظم جناية وجروا إليه آهات وويلات ، فمن طالبو أمس في تلك الدول ببعض الحقوق في حال وجود الأمن فبعد الثورات ضاعت كل الحقوق بعد انعدام الأمن ومن طالبوا بسبب البطالة والفقر والعدل في توزيع وصرف المال العام أصبحوا لا يشبعون من الخبز ومن طالبو بالخدمات والوظائف والعلاج أصبحوا لا يتوفر عندهم حتى الماء والكهرباء وأصبحوا يموتون لعدم توفر أدنى الخدمات الصحية بل وقد أصبحوا مُعدمين من كل ناحية
عباد الله وإن واقع الدول التي أسقطت أنظمتها خير شاهد على ما نقول فهل أستتب الأمن في تلك الدول وصلحت الأحوال ؟ أم أنه اختل الأمن وساءت الأحوال واستبيحت الأعراض وسفكت الدماء وشرد الملايين ودمرت المدن بأكملها ؟ قال شيخ الإسلام : ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان وإلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
ولا يفهم أننا نؤيد الأنظمة الظالمة التي تهاوت عروشها بل نقول بما قرره علماء الإسلام في كتبهم المستنبطة من الوحيين : بأن لا يزال المنكر بمنكر أعظم منه وبقاعدة ارتكاب أخف الضررين وبأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، قال الإمام أحمد : والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومن ولى الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين .
وقد ضرب الإمام أحمد أروع الأمثلة في ذلك حينما اجتمع عليه الفقهاء في ولاية الواثق حينما حمل الناس على القول بخلق القرآن وهي بدعة مكفرة ليست مجرد معصية أو كبيرة يريدون الخروج عليه فقال لهم : عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر ،فاتقوا الله أيها الناس واقتدوا بأئمة السلف واحذروا أن تأخذوا دينكم من الشبكات العنكبوتية أو من القنوات المشبوهة أو من جلسات الاستراحات فقد قيل من كان إمامه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه فكيف إذا كان التلقي من تلك القنوات والاجتماعات المشبوهة والجلسات الموبوءة بل لابد من تلقي العلم من العلماء مباشرة وثني الركب في حلق العلم لدى طلاب العلم والعلماء .
عباد الله : وإن من المخالفات أيضا في هذه القضية العظيمة نزع البيعة وعدم اعتقادها بل وربما يصل الأمر إلى مبايعة رئيس التنظيم أو الجماعة المنتمي إليها
ومن المخالفات أيضا التشهير بمخالفات الحكام على المنابر ويعتقدون أنها شجاعة أو كلمة حق عند سلطان جائر وهذا غير صحيح وحتى عامة الناس لا يتقبلون النقد بهذه الطريقة وتعتبر نوعا من الفضيحة والتشهير فكيف بأئمة المسلمين ثم تراهم يُجَهِّلون العلماء في هذه المسألة أو يتهمونهم بالتزلف أو المداهنة وينكرون عليهم الدعاء لولاة الأمر بل قد يقدحون فيهم إذا كانوا في شئ من وظائف الدولة
أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يرده إليه ردا جميلا أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وإخوانه
أما بعد
ولعلي أيها الأخوة أسوق بعض النصوص وأقوال السلف لعلها تسمع آذانا صما أو قلوبا غلفا ، فجاء في صحيح مسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إ نس قلت : كيف أصنع إن أدركت ذلك : قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع .
وأخرج مسلم أيضا عن عوف بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا : قلنا : يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة ، لا ما أقاموا فيكم الصلاة ؟ ألا من ولى عليه وال فراءه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة .
وفي رواية ابن عمر : من نزع يداً من طاعة لم يكن له يوم القيامة حجة ومن مات مفارقا للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية ، صححه الألباني وفي رواية الحارث بن بشر عند الألباني أيضا وأنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وقال الإمام الحسن ابن على البر بهاري : إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعوا للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى ، وقال أيضا : ولا يحل لأحد أن يبيت ليلة ولا يرى أن عليه إماما برا كان أو فاجرا ،و قال الإمام سهل بن عبد الله التُستُري : هذه الأمة ثلاثا وسبعون فرقة اثنان وسبعون هالكة كلهم يبغض السلطان والناجية هذه الواحدة التي مع السلطان.
ويقول عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد : إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ، ويقول بعض السلف أهل السنة والجماعة : هم الذي ليس لهم اسم سوى الجماعة
فانتبهوا ياشباب الأمة واعلموا علم اليقين إنكم مستهدفون في دينكم وعقيدتكم وأمنكم وقيادتكم واحذروا كل هذه التنظيمات وكل هذه الأحزاب والجماعات فجماعتنا واحدة ومنهجنا واحد وعقيدتنا واحدة وبيعتنا واحدة وقيادتنا واحدة ولا تغتروا بما يحدث في الخارج وما يبث من شبه وفتن عبر وسائل الإعلام المختلفة فإن معظمها مغرضة ولها أهداف سياسية واقتصادية وعقدية وعليكم بالجماعة وعليكم بالسمع والطاعة وعليكم بالنصيحة وعليكم بآثار من سلف وإن رفضكم الناس وإياكم وأراء الرجال وإن زخرفوها لكم بالقول أيها الشباب ما قلنا هذا تزلفا ولا رياء ولا مداهنة ولكن دينا ندين الله به وعقيدة نعتقدها ومنهجا نوصي به وندعو إليه ألا هل بلغت اللهم فاشهد .
أيها الشباب إنكم والله مستهدفون من أعداء الأمة ومن دعاة الفتنة الذين يركزون على تزهيد الناس في علمائهم وتشكيكهم في فتاواهم وكذلك يركزون على إيغار الصدور على ولاة الأمر لأن العلماء والأمراء هما دعامتان المجتمع الذي لا يقوم إلا بهما ، أيها الشباب ماذا ينقمون على هذه البلاد هل ينقمون عليها إلا لأنها تدعوا إلى التوحيد الخالص وتنبذ الشرك والبدع التي تعج بها الدول والمجتمعات المجاورة أما لأن هذه البلاد تنصر منهج السلف الصالح وتوظف الدعاة لذلك في الداخل والخارج أم ينقمون على هذه البلاد تحكيم الشريعة أو إظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو ينقمون عليها احتضان الحرمين الشريفين وتقديم أفضل الخدمات للحجاج والمعتمرين بخدمات جليلة لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ أم ينقمون رفع الأذان بالتوحيد وإغلاق المحلات لكل صلاة أم ينقمون هذا الأمن الذي ننعم به أم برغد العيش الذي نعيشه مع أننا لا ندعي الكمال ولا العصمة فإن الخطأ والمعاصي حصلت في القرون المفضلة ولكن من باب التحدث بالنعم التي نعيشها ويفتقدها غيرنا بل ومن باب شكر النعم حتى لا تزول عنا وقد قال الباري جل جلاله (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) وحتى لا يزدري تلك النعم او يتجاهلها بعض ضعاف العقول ومن غرر بهم دعاة الفتنة الذين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا بل وبعضهم محسوب على الدعاة وطلاب العلم فعليكم بالجماعة وعليكم بالاجتماع على من ولاه الله أمركم وعليكم بالرجوع للعلماء الراسخون الذين شابت لحاهم في تدريس العلم الشرعي والدعوة على منهج السلف الصالح أيها الناس وإن غيرتم ولم تشكروا هذه النعم غير عليكم كما قال الله تعالى ( ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
عباد الله (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
أسال الله بمنه وكرمه وجوده ولطفه أن يهدي شباب المسلمين وأن يرد من ضل منهم إليه ردا جميلا وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين وأسأله أن يحفظنا بالإسلام قائمين وأن يحفظنا بالإسلام قاعدين وأن يحفظنا بالإسلام راقدين ولا يشمت بنا أعداء ولا حاسدين وأسأله أن يحفظ علينا أمننا واستقرارنا وأن يحفظ علينا عقيدتنا وقيادتنا وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ، اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا أرحم الراحمين اللهم أحفظ أمامنا بحفظك وسدده بتسديدك وأيده بتأيدك ، اللهم أحفظه ونائبيه وإخوانه وأعوانه ، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداءك وأعداء الدين ،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار .
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
ماذا ينقم منا دعاة الفتنة.docx
ماذا ينقم منا دعاة الفتنة.docx
المشاهدات 2974 | التعليقات 3
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
جليت ووفيت وكفيت شيخ حمود بارك الله فيك ونفعنا بعلمك وزادك الله من فضله
كما نشكر لكم هذه الإطلالة المباركة والبداية المشرفة.
محمد البدر
[align=justify]جزاك الله خيراً يا شيخ حمود ولا فض فوك .
نسأل أن ينفعنا بها ويرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه[/align]
تعديل التعليق