مَاذَا يُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ؟ 20 ذِي الْحِجَّةِ 1434هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1434/12/19 - 2013/10/24 08:22AM
مَاذَا يُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ؟ 20 ذِي الْحِجَّةِ 1434هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي هَدَانَا لِلإِسْلامِ وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الإِيمَان , الْحَمْدُ للهِ الذِي حَذَّرَنَا مِنْ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالنِّفَاقِ وَالْعِصْيَان , أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُسْتَهْدَفُونَ فِي دِينِكُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ عَلَى اخْتِلافِ أَصْنَافِهِمْ وَتَنَوُّعِ أَهْدَافِهِمْ , وَإِنَّ مِنْ أَشَدِّ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ خَطَرَاً وَأَعْظَمِهِمْ ضَرَرَاً الْمُنَافِقِين , وَلِذَلِكَ حَذَّرَنَا اللهُ مِنْهُمْ فقَالَ عَزَّ وَجَلَّ تَعَالَى (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)
إِنَّهُمْ يَنْشُرُونَ الرَّذِيلَةَ وَيُحَارِبُونَ الْفَضِيلَةَ , وَيُفْسِدُونَ الْمُجْتَمَعَ وَلَكِنْ بِاسْمِ الإِصْلاحِ وَبِشَعَارِ التَّقَدُّمِ وَالرُّقِيِّ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ طُرُقِ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالشَّرِّ لِإِفْسَادِ الْمُجْتَمَعِ الدُّخُولَ عَنْ طَرِيقِ الْمَرْأَةِ , وَذَلِكَ لِأَمْرَيْنِ (أَوَّلُهُمَا) أَنَّهُمْ أَهْلُ شَهْوَةٍ , فَيُرِيدُونَ الزَّجَّ بِنِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ لِلتَّمَتُّعِ بِهِنَّ كَالْبَهَائِمِ لا رَقِيبَ وَلا حَسِيبَ , (وَالثَّانِي) أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الْحِصْنُ الْحَصِينُ وَالسِّيَاجُ الْمَتِينُ لِلأُسْرَةِ فَمَتَّى تَدَمَّرَتْ سَهُلَ الْوُصُولُ لِبَقِيَّةِ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)
فَهُمْ يَتَبَاكُونَ عَلَى حَالِ الْمَرْأَةِ فِي الْمُجْتَمَعِ وَأَنَّهَا مَهْضُومَةُ الْحُقُوقِ وَمُصَادَرَةُ الْحُرِّيَاتِ وَمَحْبُوسَةٌ بَيْنَ أَرْبَعَةِ جُدْرَان , إِنَّهُمْ يُصَوِّرُونَ الْمَرْأَةَ كَأَنَّهَا تَعِيشُ حَيَاةً بَائِسَةً شَقِيَّةً مَكْبُوتَة .
إِنَّ مِنْ وَسَائِلِهِمْ : الدَّنْدَنَةَ حَوْلَ سَفَرِ الْمَرْأَةِ بِدُونِ مَحْرَمٍ أَوِ الْعِلَاقَةِ الْبَرِيئَةِ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ وَكُلُّهَا قَضَايَا جَاءَ الشَّرْعُ بِالْحُكْمِ فِيهَا , فَمَا بَالُ هَؤُلاءِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثَاً ؟
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ قَضِيَّةَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَهِمِّ قَضَايَا الْمُجْتَمَعِ وَلِذَلِكَ جَاءَتْ شَرِيعَتُنَا بِحِفْظِ حُقُوقِهَا وَاحْتَرَامِها وَتَقْدِيرِهَا , سَوَاءً كَانَتْ أُمَّاً أَوْ بِنْتَاً أَوْ أُخْتَاً أَوْ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) , فَلَهَا حَقٌّ فِي الْمِيرَاثِ , وَلَهَا حَقٌّ فِي اخْتِيَارِ الزَّوْجِ , فَإِذَا خُطِبَتْ لا تُزَوَّجُ حَتَّى تَرْضَى , وَجَعَلَ اللهُ لَهَا الْمَهْرَ كَامِلاً , فَقَالَ(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة) بَلْ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِقْيَاسَ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الرِّجَالِ بِإِحْسَانِ أَحَدِهِمْ إِلَى أَهْلِهِ , فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ , وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي .
حَتَّى إِنَّ مِنَ الْغَرْبِيِّين مَنْ أَشَادَ بِحِفْظِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ فِي الإِسْلامِ , وَالْحَقُّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأَعْدَاءُ , يَقُولُ الْمُفَكِّرُ الْفَرَنْسِيُّ غُوسْتَافْ لُوبُون : إِنَّ الإِسْلامَ قَدْ أَثَّرَ تَأْثِيرَاً حَسَنَاً فِي رَفْعِ مَقَامِ الْمَرْأَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَوَانِينِنَا الأُورُوبِيَّة .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ يُتَدَاوَلُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ قَضِيَّةٌ خَطِيرَةٌ لَهَا أَبْعَادُهَا وَتَحْمِلُ نُذُرَ خَطَرٍ وَعَلامَاتِ شَرٍّ , إِنَّهَا الْخُرُوجُ فِي مُظَاهَرَاتٍ فِي الشَّوَارِعِ لِلْمُطَالَبَةِ بِالسَّمَاحِ رَسْمِيَّاً بِقَيَادَةِ الْمَرْأَةِ , وَهَذَا مُخِالِفٌ لِلشَّرْعِ وَالنِّظَامِ , يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)
وَأَمَّا النِّظَامُ فَقَدْ صَدَرَ بِحَمْدِ اللهِ قَرَارٌ بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ قِيَادَةِ السَّيَّارَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى فَتْوَى مِنْ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ .
ثُمَّ إِنَّ الْمُظَاهَرَاتِ مَمْنُوعَةٌ أَيْضَاً لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَفَاسِدِ وَالْخَرَابِ وَالتَّخْرِيبِ وفتح الْبَابَ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ لِأَهْلِ الشَّرِّ وَالفَسَاد , فَكُلُّ مَنْ أَرَادَ بَاطِلاً لَنْ يَعْجَزَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ بِالْمُظَاهَرَاتِ !
ثم نَقُولُ الْمُطَالِبِينَ بِقِيَادَةِ الْمَرْأَةِ : سُبْحَانَ اللهِ ! هَلِ انْتَهَتْ قَضَايَا الْمَرْأَةِ لِكَيْ تَكُونَ قِيَادَتُهَا لِلسَّيَّارَةِ هِيَ الْقَضِيَّةُ الْكُبْرَى ؟ أَيْنَ حُقُوقُ الْمَرْأَةِ التِي فَرَضَهَا الإِسْلَامُ وَأَضَاعَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ؟ أَيْنَ الْحَدِيثُ عَنِ الْمُعَاكَسَاتِ التِي طَالَمَا اشْتَكَتْ مِنْهَا النِّسَاءُ ؟ أَمْ أَنَّ الْمُعَاكَسَاتِ مِمَّا هُمْ يَبْحَثُونَ عَنْهُ ؟ أَيْنَ مَسْأَلَةُ تَوْفِيرِ طَبِيبَاتٍ مُتَخَصِّصَاتٍ فِي أَمْرَاضِ النِّسَاءِ وَالتِي الْحَاجَةُ إِلَيْهَا مُلِحَّةٌ بَلْ ضَرَورَةٌ ؟ أَيْنَ الْمُطَالَبَةُ بِهَا مِنْ هَؤُلاءِ ؟
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَامَّةٌ تَمَسُّ الْمُجْتَمَعَ كُلَّهُ , وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْعَظِيمَةُ أَنَّ الْقَضَايَا الْكُبْرَى يُصْدَرُ فِيهَا عَنْ رَأْيِ أَهْلِ الْعِلْمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا)
فَتَعَالُوا نَنْظُرُ فِي كَلامِ عَالِمَيْنِ جَلِيلَيْنِ هُمَا مَحَلُّ ثِقَةِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ : أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ كَثُرَ حَدِيثُ النَّاسِ عَنْ قِيَادَةِ الْمَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُؤَدِّي إِلَى مَفَاسِدَ لا تَخْفَى عَلَى الدَّاعِينَ إِلَيْهَا، مِنْهَا : الْخَلْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْمَرْأَةِ، وَمِنْهَا السُّفُورُ، وَمِنْهَا الاخْتِلاطُ بِالرِّجَالِ بِدُونِ حَذَرٍ .
وَالشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ مَنَعَ الْوَسَائِلَ الْمُؤَدِيَّةَ إِلَى الْمُحَرَّمِ، وَاعْتَبَرَهَا مُحَرَّمَةً، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلا نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَنِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ بِالاسْتِقْرَارِ فِي الْبُيُوتِ وَالْحِجَابِ، وَتَجَنُّبِ إِظْهَارِ الزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ، لِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الِإبَاحِيَّةِ التِي تَقْضِي عَلَى الْمُجْتَمَعِ، قَالَ تَعَالَى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) 3/351
وَسِئُلَ فَضِيلَةُ الشَّيْخِ مُحَمَّدُ العُثَيْمِينُ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا السُّؤَالُ : أَرْجُو تَوْضِيحَ حُكْمِ قِيَادَةِ الْمَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ ؟ فَكَانَ مِنْ جَوَابِهِ : إِنَّ قِيَادَةَ الْمَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ تَتَضَمَّنُ مَفَاسِدَ كَثِيرَةً مِنْهَا : نَزْعُ الْحِجَابِ : لِأَنَّ قِيَادَةَ السَّيَّارَةِ سَيَكُونَ بِهَا كَشْفُ الْوَجْهِ الذِي هُوَ مَحَلُّ الْفِتْنَةِ وَمَحَطُّ أَنْظَارِ الرِّجَالِ ، وَلا تُعْتَبَرُ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً عَلَى الإِطْلاقِ إِلَّا بَوَجْهِهَا ... وَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ : إِنَّه يُمْكِنُ أَنْ تَقُودَ الْمَرْأَةُ السَّيَّارَةَ بِدُونِ نَزْعِ الْحِجَابِ ، بِأَنْ تَتَلَثَّمَ الْمَرْأَةُ وَتَلْبَسُ فِي عَيْنَيْهَا نَظَّارَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ ! وَالْجَوَابُ : عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : هَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ مِنْ عَاشِقَاتِ قِيَادَةِ السَّيَّارَةِ ، وَاسْأَلْ مَنْ شَاهَدَهُنَّ فِي الْبِلادِ الأُخْرَى ، وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَطْبِيقُهُ فِي ابْتِدَاءِ الأَمْرِ فَإِنَّ الأَمْرَ لَنْ يَدُومَ طَوِيلاً ، بَلْ سَيَتَحَوَّلُ - فِي الْمَدَى الْقَرِيبِ - إِلَى مَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ فِي الْبِلادِ الأُخْرَى ، كَمَا هِيَ سُنَّةُ التَّطَوُّرِ الْمُتَدَهْوِرِ فِي أُمُورٍ بَدَأَتْ هَيِّنَةً مَقْبُولَةً بَعْضَ الشَّيْءِ ثُمَّ تَدَهْوَرَتْ مُنْحَدِرَةً إِلَى مَحَاذِيرَ مَرْفُوضَةٍ .
وَمِنْ مَفَاسِدِ قِيَادَةِ الْمَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ : نَزْعُ الْحَيَاءِ مِنْهَا ، وَالْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ - كَمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَيَاءُ هُوَ الْخُلُقُ الْكَرِيمُ الذِي تَقْتَضِيهِ طَبِيعَةُ الْمَرْأَةِ وَتَحْتَمِي بِهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْفِتْنَةِ ، وَلِهَذَا كَانَتْ مَضْرِبَ الْمَثَلِ فِيهِ فَيُقَالَ ( أَحْيَا مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا ) ، وَإِذَا نُزِعَ الْحَيَاءُ مِنَ الْمَرْأَةِ فَلا تَسْأَلْ عَنْهَا ...
هَذَا بَعْضُ كَلامِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ وَسَيَأْتِي بَقِيَّتُهُ بِإِذْنِ اللهِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ , فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغِفِرُ اللهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِمَّا قَالَهُ الشَّيْخُ الْعُثَيْمِينِ رَحِمَهُ اللهُ : وَمِنَ الْمَفَاسِدِ : أَنَّهَا سَبَبٌ لِكَثْرَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْبَيْتِ , وَالْبَيْتُ خَيْرٌ لَهَا - كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ الْمَعْصُومُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ عَاشِقِي الْقَيَادَةِ يَرَوْنَ فِيهَا مُتْعَةً ، وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ يَتَجَوَّلُونَ فِي سَيَّارَاتِهِمْ هُنَا وَهُنَاكَ بِدُونِ حَاجَةٍ لِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ الْمُتْعَةِ بِالْقِيَادَةِ .
وَمِنْ مَفَاسِدِهَا : أَنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ طَلِيقَةً تَذْهَبُ إِلَى مَا شَاءَتْ وَمَتَى شَاءَتْ وَحَيْثُ شَاءَتْ إِلَى مَا شَاءَتْ مِنْ أَيِّ غَرَضٍ تُرِيدُهُ ، لِأَنَّهَا وَحْدَهَا فِي سَيَّارَتِهَا ، مَتَى شَاءَتْ فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَرُبَّمَا تَبْقَى إِلَى سَاعَةٍ مُتَأَخِّرِةٍ مِنَ اللَّيْلِ .
وَإِذَا كَانَ النَّاسُ يُعَانُونَ مِنْ هَذَا فِي بَعْضِ الشَّبَابِ ، فَمَا بَالَكَ بِالشَّابَّاتِ ؟
وَمِنْ مَفَاسِدِهَا : أَنَّهَا سَبَبٌ لِلْفِتْنَةِ فِي مَوَاقِفَ عَدِيدَةٍ : فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ إِشَارَاتِ الطَّرِيقِ - فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ مَحَطَّاتِ الْبَنْزِينِ - فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ نُقْطَةِ التَّفْتِيشِ - فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ رِجَالِ الْمُرُورِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ فِي مُخَالَفَةٍ أَوْ حَادِثٍ - فِي الْوُقُوفِ لِمَلْءِ إِطَارِ السَّيَّارَةِ بِالْهَوَاءِ- فِي الْوُقُوفِ عِنْدَ خَلَلٍ يَقَعُ فِي السَّيَّارَةِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ ، فَتَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إِلَى إِسْعَافِهَا ، فَمَاذَا تَكُونُ حَالُهَا حَينَئِذٍ ؟ رُبَّمَا تُصَادِفُ رَجُلاً سَافِلاً يُسَاوِمُهَا عَلَى عِرْضِهَا فِي تَخْلِيصِهَا مِنْ مِحْنَتِهَا ، لاسِيَّمَا إِذَا عَظُمَتْ حَاجَتُهَا حَتَّى بَلَغَتْ حَدَّ الضَّرُورَةِ .... انْتَهَى كَلامُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الضَّجَّةِ حَوْلَ قِيَادَةِ الْمَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ، وَالضَّغْطِ الْمُكَثَّفِ عَلَى الْمُجْتَمَعِ السُّعُودِيِّ الْمُحَافِظِ عَلَى دِينِهِ وَأَخْلاقِهِ , يَقَعُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ مُوَاطِنِينَا وَمِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِرَايَتِنَا. لِكِنَّهُمْ قَوْمٌ انْبَهَرُوا بِمَا عَلَيْهِ دُوُلُ الْكُفْرِ مِنْ تَقَدُّمٍ مَادِيٍّ دُنْيَوِيٍّ فَأُعْجِبُوا بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَخْلاقٍ ، تَحَرَّرُوا بِهَا مِنْ قُيُودِ الْفَضِيلَةِ إِلَى قُيُودِ الرَّذِيلَةِ . فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَنْصُرَ دِينَهُ وَيُعْلِيَ كَلِمَتَهُ وَيَرْفَعَ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ , اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ دِينَنَا وَنَساءَنَا وَأَعْرَاضَنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَأَدِرْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ , اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِنَا لِرَدِّ الْبَاطِلِ وَكَبْتِ الشَّرِّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ , والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات
مَاذَا يُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ؟ 20 ذِي الْحِجَّةِ 1434هـ.doc
مَاذَا يُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ ؟ 20 ذِي الْحِجَّةِ 1434هـ.doc
المشاهدات 3265 | التعليقات 3
خطبة رائعة يا ابا مبارك جعلها الله في ميزان حسناتك ونفع بك الإسلام والمسلمين
شبيب القحطاني
عضو نشط
خطبة عظيمة
نفع الله بعلمك وجزاك الله كل خير
ابو عبدالله التميمي
أحسنت ياشيخ محمد ونفع الله بكم الإسلام و المسلمين. ..
تعديل التعليق