ماذا تعرف عن الله؟

عنان عنان
1436/06/12 - 2015/04/01 20:43PM
" الخُطبةُ الأولى "

يا عبدَ اللهِ ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قال تعالى: " ورحمتي وسعت كُلَّ شيءٍ-أي في الدنيا شملت البرَّ والفاجرَ والكافرَ-فسأكتبُها للذين يتقونَ ويؤتونَ الزكاةَ وهم بآياتنا يؤمنون ". فهي في الأخرةِ خاصةً للمؤمنينَ، قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: " إنَّ للهِ مائةَ رحمةٍ، أنزلَ منها رحمةً واحدةً بينَ الجنِّ والإنسِ والبهائمِ والهوامِ، فيها بتعاطفونَ، وبها يتراحمون، وبها تعطفُ الوحشُ على ولدِها، وأخرَّ اللهُ تسعاً وتسعينَ رحمةً، يرحمُ بها عبادَه يومَ القيامةِ " [رواه مسلم].
قالَ سُفيانُ الثوريُّ-رحمه الله-: " لو خيروني أن يحاسبني والديَّ يومَ القيامةِ، لأخترتُ اللهَ-عز وجل-". لأنَّ اللهَ " الرحمنِ الرحيمِ* مالكِ يومِ الدينِ ". قالَ ابو عِمرانَ الجوني-رحمه الله-: " ما نظرَ اللهُ إلى شيءٍ إلَّا رحمَهُ، وكانَ يحلفُ و يقولَ واللهِ لوْ نظرَ اللهُ إلى أهلِ النَّارِ لرحمَهم، ولكنَّهُ قضى أن لا ينظرَ إليهم ".

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ سبحانَه: " ليسَ كمثلِهِ شيءٌ وهو السميعُ البصيرُ ". ليسَ كمثلِهِ أحدٌ من المخلوقاتِ ولا يماثلُه شيءٌ من مخلوقاتِهِ، وهو السميعُ أي يسمعُ جميعَ الأصواتِ، وجميعَ اللغاتِ، وهو البصيرُ يرى دبيبَ النملةِ السوداءِ، في الليلةِ الظلماءِ، على الصخرةِ الصمَّاءِ، ويرى سريانَ الماءِ في الأمعاءِ الدقيقةِ جداً.

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ سبحانَه: " إنَّ اللهَ لذو فضلٍ على النَّاسِ ولكنَّ أكثرَهم لا يشكرونَ ". أي على جميعِ النَّاسِ، البرِّ والفاجرِ والكافرِ، يرزقُهم، ويُطعمُهم، ويرحمُهم، ويؤخرُ لهمُ العقوبةَ لعلَّهم يتوبوا ويرجعوا إلى اللهِ، ومعَ ذلكَ أكثرُهم لا يشكرونَ، وخصَّ اللهُ أهلَ الإيمانِ في الدنيا بأنَّ لهم فضلاً عظيماً، تقديراً وتعظيماً لهم، قالَ تعالى: " وبشرْ المؤمنينَ بأنَّ لهم من اللهِ فضلاً كبيراً ". فإذا أردتَ أن تحصلَ على فضلِ اللهِ، فتضرعْ إليهِ وأسالْه من فضلِهِ، قالَ سبحانه: " وأسالوا اللهَ من فضلِهِ ". وإذا كنتَ من إهلِ القرءانِ، وحفظةِ القرءانِ، والعاملِ بالقرءانِ، وكنتَ من أهلِ العلمِ في دينِ اللهِ-عزَّ وجلَّ- فاشكرِ اللهَ-عزَّ وجلَّ- لأنَّه منَّ عليكَ من فضلهِ وفضَّلكَ على كثيرٍ ممن خلقَ تفضيلاً، والواجبُ على المسلمِ الذي يُعظِّمُ ربَّهُ ويوَّقرُه أنْ يوَّقرَ الرجلَ الكبيرَ بالسنِّ، وحاملَ القرءانِ وأهلَ العلمِ، والسلطانَ العادلَ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: " إنَّ من إجلالِ اللهِ، إكرامَ ذي الشيبةِ المسلمِ، وحاملِ القرءانِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنهُ، وإكرامَ ذي السلطانِ المقسط " [صححه الألباني-رحمه الله-].

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ سبحانَه: " تُسبحُ له السمواتُ السبعُ والأرضُ ومن فيهنَّ وإنْ من شيءٍ إلَّا يُسبحُ بحمدِه ". كلُّ شيءٍ يُسبحُ اللهَ، الطعامُ يُسبحُ، الماءُ يُسبحُ، الجمادُ يُسبحُ، الحيواناتُ تسبحُ، الجمادُ يُسبحُ، لا يبقى شيءٌ عندما تستقلُّ الشمسُ إلَّا سبحَ بحمدِ اللهِ الأ الشياطينُ وأغبياءُ بني أدمَ، قالَ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: " ما تستقلُّ الشمسُ فيبقى شيءٌ من خلقِ اللهِ إلَّا سبَّحَ اللهَ بحمدِهِ، إلَّا ما كانَ من الشياطينِ وأغبياءِ بنِ أدمَ " [صححه الألباني-رحمه الله-]. اللهُ ربيِّ ليسَ لي سِواهُ، هلْ في الحقيقةِ وجودٌ إلَّا هو، الشمسُ والقمرُ من أنوارِ حكمتِهِ، والبرُّ والبحرُ فيضٌ من عطاياهُ، والطيرُ سبَّحهُ والوحشُ مجَّدهُ، والموجُ كبَّرهُ والحوتُ ناجاهُ، والنملُ تحتَ الصخرِ الصُمِّ قدَّسهُ، والنحلُ تهتِفُ حمداً في خلاياهُ، والنَّّاسُ يعصونهُ جهراً واللهُ يسترُهم، والعبدُ ينسى وربيِّ لا ينساهُ. كُلُّ شيءٍ يسجدُ للهِ طوعاً أو كرهاً، حتى ظلُّ الكافرِ يسجُدُ للهِ، قالَ سبحانه: " وللهِ يسجدُ من في السمواتِ والأرضِ طوعاً وكرهاً وظلالُهم بالغدوِّ والأصالِ ".

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ تعالى: " وإذا سألك عبادي عنَّي فإنِّي قريبٌ، أُجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلَّهم يرشُدون ". قريب أسمعُ وأجيب، وأُعطي القريبَ والبعيد، وأرزقُ العدوَّ والحبيب، قريب يُغيثُ اللهفان، ويُشبعُ الجوعان، ويسقي الظمأن، ويُتابعُ الإحسانَ، قريب عطاؤه ممنوح، وخيرُه يغدو ويروح، وبابُه مفتوح، حليمٌ كريمٌ صفوح، قريب يدعوه الغريقُ في البحار، والضالُ في الغِفار، والمحبوسُ خلفَ الأسوار، كما دعاه عبدُه في الغار، قريب فرجُه في لمحةِ البصر، وغوثُه في لفتةِ النظر، المغلوبُ إذا دعاهُ انتصر، إطلعَ فستر، وعلِمَ فغفر، وعُبِدَ فشكر، قريب جوادٌ مجيدٌ، لا ضِدَّ له ولا نديد، أقربُ للعبدِ من حبلِ الوريدِ، على كُلِّ نفسٍ قائمٌ وشهيد، ممدوحٌ حليمٌ محمود، قريب دعا المذنبينَ للمتاب، وفتحَ للمستغفرين الباب، ورفعَ عن أهلِ الحاجاتِ الحِجاب.

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ سبحانه: " كُلُّ يومٍ هو في شأنٍ ". اللهُ-عزَّ وجلَّ- كلُّ يومٍ هو في شأنٍ، هلْ تعلمُ ما معنى " كلُّ يومٍ هو في شأنٍ؟ ". أن يغنيَ فقيراً، ويفقِرَ غنياً، ويشفيَ مريضاً، ويَسقمَ معافىً، ويرفعَ قوماً، ويضعَ آخرينَ.
أحدُ الملوكِ قالَ لوزيرهِ: ما معنى " كلُّ يومٍ هو في شأنٍ " ؟ فقالَ الوزيرُ: لا أدري، فقالَ الملكُ: إذهبْ وانظرْ من يعرفُ ما معنى " كُلُّ يومٍ هو في شأنٍ " ؟ فذهبَ الوزيرُ فرأى خادماً فقالَ له: ما معنى " كُلُّ يومٍ هو شأنٍ " ؟ فقالَ الخادمُ: من قالَ لكَ؟ فقالَ الوزيرُ: الملكُ، فقالَ الخادمُ: إئتنِ إليهِ، فجاءَ بهِ إلى الملكِ، فقالَ له الملكُ: ما معنى " كُلُّ يومٍ هو في شأنٍ " ؟، فقالَ الخادم: " كُلُّ يومٍ هو في شأنٍ " أن يغنيَ فقيراً، ويفقرَ غنياً، ويشفيَ مريضاً، ويَسقمَ معافىً، ويرفعَ قوماً، ويضعَ آخرينَ، فعجِبَ الملكُ من كلامِهِ، فقالَ له: أنتَ من هذه اللحظةِ وزيري، فأمرَ الوزيرَ أن ينزعَ رداءَهُ ويُلبسَهُ للخادمِ، فقالَ الخادمُ للوزيرِ: والأن هل علمتَ ما معنى " كُلُّ يومٍ هو في شأنٍ " أصبحتُ خادماً، وأمسيتُ وزيراً، وأنتَ أصبحتَ وزيراً، وأمسيتَ خادماً.

ماذا تعرفُ عنِ اللهِ؟ أرواحُ المخلوقاتِ لا تأنسُ إلَّا بخالقِها، فسعادةُ الأرواحِ ليستْ كسعادِةِ الجسدِ، سعادةُ الجسدِ تكونُ بالمالِ بالنساءِ بالطعامِ بالشرابِ بالمتاعِ، ولكنَّ الروحَ لا تأنسُ إلَّا بخالقِها، لذلك في أوربا يحدثُ حالاتُ إنتحارٍ كثيرٍ، لأنَّهم اعتنوا بالجسدِ وأهملوا الروحَ، قالَ الشيخُ بنُ عثيمين-رحمه الله-: " كُلَّما أُتِرفَ الجسدُ تعقدتْ الروحُ ".

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ عرفه الحيوانُ، والجمادُ، والشمسُ، والقمرُ، والنجومُ، والكواكبُ، والشجرُ، والبحرُ، والحجرُ، وما زالَ هناكَ أناسٌ ينكرونَ وجودَ الإلهِ، قيلَ لإعرابيٍّ: كيفَ عرفتَ ربَّكَ؟ قالَ: " البعرةُ تدلُّ على البعيرِ، والسيلُ يدلُّ على المسيرِ، أسماءٌ ذاتُ أبراجٍ، وأرضٌ ذاتُ فِجاجٍ، وأبحرٌ ذاتُ أمواجٍ، الأ يدلُّ على اللطيفِ الخبيرِ؟ ".

نفعني اللهُ وإياكم بهدي كتابِهِ، وأجارنا من خِزي عذابِه، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كُلِّ ذنبٍ، فاستغفروه، وتوبوا إليهِ، إنَّهُ هو التوابُ الرَّحيمُ.

" الخُطبةُ الثانيةُ "

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ يضحكُ اللهُ للشهداءِ، لأنَّهم قدَّموا أرواحَهم رخيصةً في سبيلِ اللهِ، وإذا ضحكَ اللهُ لعبدِ فلا حِسابَ عليهِ، قال تعالى: " ولا تحسبنَّ الذينَ قُتلوا في سبيلِ اللهِ أمواتاً بلْ أحياءٌ عندَ ربِّهم يُرزقونَ فرحينَ بما آتاهم اللهُ من فضلِه ويستبشرونَ بالذينَ لم يلحقوا بهم من خلفهم الأ خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون يستبشرونَ بنعمةٍ من اللهِ وفضلٍ وأنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المؤمنينَ ". قالَ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: " إنَّ أرواحَ الشهداءِ في حواصلِ طيرٍ خُضرٍ، تسرحُ في الجنَّةِ حيثُ شاءتْ، ثُمَّ تأوي إلى تلكَ القناديلِ " [رواه مسلم].

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ يضحكُ اللهُ لأخرِ رجلٍ يدخلُ الجنَّةَ، عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، وَيَكْبُو مَرَّةً(أَيْ: يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ) ، وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً،(أَيْ: تَضْرِبُ وَجْهَهُ وَتُسَوِّدُهُ،وَتُؤَثِّرُ فِيهِ أَثَرًا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ)، فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ، لَقَدْ أَعْطَانِي اللهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَعَلِّي إِنَّ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: لَا، يَا رَبِّ، وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَى، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا، فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الْأُولَيَيْنِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، هَذِهِ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ؟ (أَيْ:مَا يَقْطَعُ مَسْئَلَتَكَ مِنِّي ؟)أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ، أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ "، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قَالَ: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ " .
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا: " وَيُذَكِّرُهُ اللهُ، سَلْ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ، قَالَ اللهُ: هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ "، قَالَ: " ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَتَقُولَانِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا،وَأَحْيَانَا لَكَ"،قَالَ:" فَيَقُولُ:مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ". اللهُ أَكْبَرُ ! مَا أَحْلَمَ رَبِّي ! وَمَا أَكْرَمَهُ !

ماذا تعرفُ عن اللهِ؟ قالَ سبحانه: " قلْ يا عباديَ الذينَ أسرفوا على أنفسِهم لا تقنطوا من رحمةِ اللهِ إنَّ اللهَ يغفرُ الذنوبَ جميعاً إنَّهُ هو الغفورُ الرحيمُ " إنَّ للتوبةِ باباً عرضُ ما بينَ مِصراعيهِ كما بينَ المشرقِ والمغربِ، وفي روايةٍ مسيرةُ أربعينَ عاماً، لا يُغلقُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها، واعلم رعاكَ اللهُ أنَّ اللهَ نادى فقالَ: يا عبادي إنكم تخطئونَ بالليلِ والنهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعاً، فاستغفروني أغفرُ لكم، ولقد سمعت النداءَ فهلَّا ولجت؟ اعلم رعاكَ اللهُ أنَّ اللهَ يبسطُ يده بالنهارِ ليتوبَ مُسيءُ الليلِ، ويبسطُ يدهُ بالليلِ، ليتوبَ مُسيءُ النهارِ، واللهُ يُحبُّ الإعتذارَ، فهلّا أقبلتَ واعتذرتَ؟ كم ندعوا اللهَ في ضُرٍ يحِلُّ بنا فلمَّا تولتْ بلاينا نسيناهُ، ندعوه في البحرِ لينجيَ سفينتَنا، ولمَّا وصلنا إلى الشاطيءِ عصيناهُ، ونركبُ الجوَّ في أمنٍ وفي دعتٍ وما سقطنا، لأنَّ الحافظَ اللهُ، قالَ ابنُ القيمِ-رحمه الله-: " إذا استغنى النَّاسُ بالنَّاسِ، فاستغنِ أنتَ باللهِ، إذا فرحوا بالدنيا، ففرحْ أنتَ باللهِ، إذا أنسوا بأحبابهم، فجعلْ أُنسَكَ باللهِ، إذا تعرفوا على ملوكِهم وكبرائِهم لينالوا بهم العزةَ والرفعةَ، تعرفْ أنتَ إلى اللهِ، تنلْ بذلكَ غايةَ العزِّ والرفعةِ، كما قالَ اللهُ: " من كانَ يُريدُ العزَّةَ فللهُ العزةُ جميعاً " وقالَ: " وللهِ العزةُ ولرسولِه وللمؤمنينَ ولكنَّ المنافقينَ لا يعلمونَ ".

وصلِّ اللهمَّ وباركْ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابِه أجمعين.
المشاهدات 2224 | التعليقات 0