مؤسس التيار السني العراقي: السنة أغلبية في العراق وإيران مهيأة للانقسام
احمد ابوبكر
1437/08/24 - 2016/05/31 05:57AM
[align=justify] قال مؤسس التيار السني في العراق الدكتور طه الدليمي إن إيران دولة مهيأة للانقسام بسبب الخلافات التي تعصف بها داخلياً وكذلك وجود الأقليات التي تطالب بحقوقها المسلوبة.
وأضاف الدليمي، وهو شخصية عراقية دينية بارزة في حوار مع الإسلام اليوم" أن إيران ليست قوية بتلك الدرجة التي تجعلها تهدد الدول الأخرى وتهدم الحدود، لكن قوتها تأتي من امتلاكها مشاريع في الدول المجاورة، وعلى الدول العربية أن تبلور مشروعا عربيا موحد يوزاي المشروع الإيراني وتسخّر له كافة الطاقات والإمكانيات المادية والسياسية .
وتالياً نص الحوار ...
الإسلام اليوم: ولادة الشيخ في بغداد ونشأته في المحمودية.. ماذا تعني لك بغداد ومنذ متى لم تدخلها؟ ولو سنحت لك الفرصة المواتية هل تذهب إليها؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وعلى آلة وصحبه ومن والاه، بغداد تعني لي ما تعني لكل العرب والمسلمين وزيادة، لأننا أبناء بغداد، نشأنا فيها واستنشقنا هواءها، وأكلنا من ثمرها وطيبها وتنقلنا في أزقتها وتقلبنا بين مكتباتها ومعاهدها، وبغداد معناها الأخ الحنون الكبير، فالباء هو البيك، والداد هي الاخ الحنون، وحنانها توزع مع دجلتها فانتشر في بقية أنحاء العراق؛ ومنه على المحمودة القريبة على بغداد هذه المدينة التي تعني المنشأ، وتعني الحرف الأول الذي تعرفت عليه من لغة العرب، وتعني السطر الأول الذي حفظته من القران، وتعني أول ركعتين صليتهما وأنا لا أفقه معناهما، تعني الشباب وتعني مولد المشروع السني للمحمودية، حيث كانت بذوره هناك، حتى وإن ابتعدنا، فجذورنا في المحمودية التي تعني أول دولة عالمية في تاريخ البشرية، فمن اليوسفية ومن منطقة "أبو حبة" كان منطلق الدولة الأكدية العالمية في زمن سرجون الأكدي، وذلك قبل ظهور سومر بألفي عام بالرغم من تحريف الغرب وحرصهم على أن الحضارة السومرية هي أول حضارة في العراق وهذا ما حققه البروفيسور أحمد سوسه في كتابه عن وادي الرافدين، فليس غريبا أن يظهر من المحمودية مشروع هدفه أن يعيد للأمة اعتبارها وسابق مجدها، فمن هذه المدينة انطلقت أول "رمانة" متفجرة ومن مكان القائمقامية فقتلت 3 جنود أمريكان بعد أسبوع على احتلال بغداد ومن هناك انطلق المشروع الجهادي. وآخر مرة دخلت المحمودية عام 2004، أما بغداد فآخر مرة مررت بأطرافها في أبي غريب عام 2009 .
الإسلام اليوم: حضرتك مؤسس للتيار السني في العراق ومن أهدافه تخليص أهل السنة مما هم فيه من أزمات متلاحقة.. ما هي مرتكزات هذا التيار، وهل له وجود على أرض الواقع وبأي شكل؟
مرتكزات مشروع التيار السني أساسها قوله تعالى "قل إني على بينة من ربي وكذّبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين" هذا هو المرتكز الذي غاب ويغيب دائماً عن أذهان ربما لا أتجنى إن قلت كل الذين عملوا مشكورين على تخليص أهلهم من الظلم ومن الحالة التي هم فيها، الجميع كما رأيتهم يقفزون للحلول العسكرية، أو الحلول السياسية، أو الحلول الدعوية أو الجهود الإغاثية وهذا كله لا يشكل مشروعاً يصلح للخلاص، الخلاص لا يكون إلا بمشروع متكامل يبدأ أولاً بالهوية وتحديدها، كل الصراع يدور على الهوية فإذا لم تكتشف هويتك الحقيقية التي هي سبب الصراع ومنطلقه وعليه تدور المعركة وبه تحصل الثمرة لا نحصد شيئا، وما لم تتحدد الهوية فلا مشروع ، ثم المشروع لا بد أن تتحدد فيها الأهداف وهو الخط الواصل بين الهدف والهوية، وذلك هو الخطة الواضحة المنتجة ببرامج عملية مثمرة، هذا هو المشروع؛ ودون ذلك ليس بمشروع وليس هناك خلاص، ولأن الكارثة طالت حيث الزمان والمكان فالخلاص كما أراه لن يكون قريبا إلا في خيالات المستعجلين.
الإسلام اليوم: جلد ذات منهج متبّع.. ما هي الأخطاء التي وقع فيها أهل السنة سواء السياسيون أو الجمهور وما الذي أوصلهم إلى حالهم هذا ؟؟
جلد الذات منهج متبع وأنا ضد هذا؛ وليس معنى أننا ضد هذه المنهجية أن لا نتكلم عن الأخطاء، وهي كثيرة لكن ما يختصر علينا الرؤية هو أن هذه الأخطاء كلها يشوبها شيء واحد هو استعجال قطف الثمار الذي يجعل العاملين يذهلون عن شيء اسمه المشروع، الخطأ الآخر الذنب الأكبر الذي نحن فيه هو فقدان المشروع.
الإسلام اليوم: كثيراً ما نسمع عن حاجة أهل السنة في العراق لمرجعية توحدهم .. هل فعلاً هم بحاجة إلى المرجعية الدينية كيف ترى هذه القضية؟
من الناحية الشرعية والتأصيلية لا توجد في الإسلام مرجعية دينية، ثم هذا المصطلح يحتاج إلى بيان هل مقصود بها المرجعية الإفتائية؟ وأين مشكلة أهل السنة في العراق وغير العراق في هذه الناحية؟، مشكلة أهل السنة في ضياعهم وعدم وجود كيان، وهذه المرجعية لا معنى لها ولا يمكن لها أن تحل مشاكل أهل السنة، وفي الإسلام لا توجد مرجعية، بل هي في الأديان المحرفة، وهذه الأديان تفترض في الممثل للدين والعالم أنه مقدس مثلاً قداسة البابا ويفترضون في المرجع الديني القداسة أو العصمة وإن لم يقولوها، فمثلاً الشيعية في اعتقادهم أن المرجع الديني يمثل المهدي المعصوم فهو نائب عن الإمام، ونائب الإمام له حقوق الإمام الدينية والدنيوية وهذا منصوص عليه في كتبهم جميعاً ومنصوص عليها، أما الإسلام فلا يوجد فيه مقدس بعد "النبي صلى الله عليه وسلم" لكن يوجد في الإسلام مرجعية سياسية يعني أن الحاكم المسلم يُرَجع إليه في شؤون الحياة والفصل في القضايا والحاكم يوكل بعض الاختصاصات إلى دوائر معينة أو أشخاص معنيين، ونحن في المشروع طرحنا معادلة أسميْناها "توحيد القوى" ونقول لا يمكن أن نجتمع ما لم نتبع المسار الآتي: النواة الصلبة، ثم البؤرة الجاذبة، ثم الكتلة الغاربة، والناس لا تجتمع ما لم تكن هناك قوة في نهاية المطاف.
الإسلام اليوم: الإعلام الشيعي في العراق تزايد في الآونة الأخيرة وبدعم إيراني .... كيف ترى إعلام أهل السنة في العراق والعالم العربي هل يوازيه في القوة والإمكانيات؟
لا يوجد إعلام سني حقيقي، هناك إعلام، لكن القائمين عليه لا ينظرون إلى أنفسهم كسنة وبهوية سنية وأن العدو الذي يتقصدهم هم الشيعة؟ إذا تولد هذا الوعي، إذا تحول إعلام أهل السنة إلى إعلام سني بهوية سنية مع إدراك أن الخطر الأكبر هو ليس الخطر اليهودي ولا الأمريكي ولا الخطر الروسي ولا أي خطر آخر ، لأنها معلومة، بل الخطر الأول الذي يتهددنا نحن أهل المشرق العربي هو الخطر الشيعي والخطر الإيراني، فلا يمكن أن نقول أن لدى أهل السنة إعلاماً قوياً.
الإسلام اليوم: كثيرا ما نظّرتم للأقاليم في العراق كحل لخروج أهل السنة من هذا المأزق، هل هناك مشروع حقيقي على الأرض يسعى له الشيخ في هذا الاتجاه ؟ أم هو ضمن التيار السني وأهدافه؟
إقامة الإقليم السني أو اقليم المحافظات هذا من شأن السياسيين، ليس من شان شخص يظهر على الإعلام وعنده بداية مشروع سني أسس لمشروع سني ويدعو الآخرين لتبنيه ليس من شانه أن يقيم الإقليم أو الفيدرالية أو ينفذ القانون الموجود في الدستور ليؤسس إقليماً .
الإسلام اليوم: ألا ترى أن الإعلام العربي وربما العرب عموماً أعطوا لإيران أكبر من حجمها أم أن هذا حجمها الطبيعي من حيث الإمكانيات العسكرية والإعلامية؟
هذا انظر إليه من جهتين: إن كانت الجهة المنظورة إليها هي حجم إيران الحقيقي من حيث القوة العسكرية والسياسية والفكرية والاقتصادية والعلاقات، وما إلى ذلك هذا على مجموعه ونأخذ بنظر الاعتبار التركيبة السكانية والديموغرافية لإيران ونخلط هذا كله ببعضه نخرج بنتيجة أن إيران ليست قوية بتلك الدرجة التي تجعلها دولة يمكن لها في الواقع أن تهدد الدول وتهدم الحدود، هذا ربما يبدو غريبا لكن إذا نظرنا إلى الجهة الثانية أن الخطر الإيراني كبير.. نعم قوة إيران ليست كبيرة نسبة إلى جيرانها لكن خطرها كبير نسبة إلى أن هؤلاء الجيران ليس لديهم مشروع يوازي المشروع الإيراني في المنطقة، لأن إيران لديها تسخر كل طاقاتها داخليا وخارجيا واستقطبت فصائل كثيرة محسوبة على السنة واستقطبت خلايا شيعية مستيقظة وخلايا نائمة وخلايا كامنة ورفعت راية الجهاد في فلسطين وغير ذلك؛ هذا الخطر مع تبلوره كمشروع كبير ثم عدم وجود مشروع سني عربي في المقابل هو الذي يجعل من إيران خطرا كبيرا حيث استطاعت ان تبتلع العراق و تصل الى البحر المتوسط مروراً بسوريا ثم اليمن وتهديد البحرين، وإلا في الواقع هي مهيئة لأن تنقسم إلى عدة دول وتتشرذم فتتلاشى قوتها .
الإسلام اليوم: كان لكم كتاب أو كتيّب عن النسب الحقيقة لأهل السنة في العراق، والكتاب بالأرقام يصل إلى نتيجة أن أهل السنة هم الأغلبية، لكن اليوم هل ما زالت هذه النسب على حالها ؟
كتبت كتابا ونشرته في 2003 بعد الاحتلال كان كتيباً صغيراً ولاقى رواجاً كبيراً لفراغ المكتبة العربية وغير العربية من هذا الموضوع واثبت فيه ان السنة العرب هم الغالبية النسبية في العراق بعد ذلك وفي سنة 2009 كتبت كتاباً حوالي 200 صفحة أسميته هذه الحقيقة وفصلّت فيه كثيراً وأثبتُ الحقيقة نفسها وهي أن السنة العرب يمثلون الأغلبية بالنسبة للشيعة على حدة والكرد على حدة، ولا أرى أن النسب تغيرت بنسبة مؤثرة، يعني تهجر أهل السنة لكن هُجّروا من مكان لآخر، هذا إذا نظرنا للقضية من ناحية العدد؛ لكن اذا نظرنا إلى القضية من حيث النوع فليس الأمر بالأغلبية أو أقلية؛ فالأقلية الشيعية في لبنان شغلت العالم العربي كله، فالتركيز على الأغلبية والأقلية ليس هو المهم بل كيف نستثمر ما عندنا من طاقة لنصل إلى ما يريد أهل السنة هو الأهم.
الإسلام اليوم: الشيعة موجودون في عدد من دول الخليج كمواطنين ولكن إيران تسعى بكل جهدها لاستمالتهم .. كيف يمكنهم البعد عنها وبأي طريق؟
لا يمكن للشيعي أن يبتعد عن إيران ما دام شيعياً، لان الشيعي ينظر لإيران نظرة الطفل المهدد من وحش فيهرب إلى أبيه، فكيف تريد من طفل أن يترك أباه ويتجه إلى حضن الوحش، والوحش هنا المسلمون والعرب وهم أهل السنة، فكل شيعي ينظر إلى أهل السنة على أنهم يريدون أن يبتلعوه وكل ما يفعله هو ردات أفعال وبالنسبة إليه هو يعتبره ردة فعل لحماية نفسه من الخطر الذي يتهدده ولذلك هو يذبح أهل السنة وبداخله لا يشعر انه يأتي بجريمة أو جريرة فهو يدافع عن نفسه وينظر لإيران كحضن دافئ، الشيعي تحكمه العقيدة وتحكمه العقدة وهاتان القوتان الدافعتان يؤديان بالشيعي للّجوء إلى إيران .
الإسلام اليوم: التدخل الإيراني يستغل الفوضى في الدول فمثلا قبل احتلال العراق لم تستطع إيران التدخل في العراق واليوم في اليمن وسوريا لبنان ؟؟ كيف تصف منهجية إيران في تحيّن الفرص ؟؟
سر تدخل إيران هو انطلاقها من عقدة نفسية والعقد النفسية الجمعية هي أكبر محرك للسياسية الإيرانية، لأن الشخصية الفارسية الجمعية تدخلت فيها السياسية والجغرافية وصنعت هذه الشخصية، والفرس هم قطاع طرق في أصل تكوينهم وهم أقلية في الهضبة الإيرانية ضمن مجموعات أقلية وهي اكبر منهم، فهذه المعطيات القديمة هي التي كوّنت الشخصية الإيرانية وجعلتها شخصية خائفة من غيرها تعتقد أن غيرها يتربصها بالشر فهي تبادره بالشر قبل أن يقضي عليها حسب اعتقادها، وشخصية تخريبية لأنها من دون استعمال قوى الشر لا يمكن لها أن تسيطر على محيطها، هذه هي الشخصية الإيرانية شخصية تتبع معادلة صفرية يعني إما أن تأخذ كل شي وتعطيك لا شيء حسب معادلة صفرية طرفاها مائة أو صفر، مائة بالمئة أو صفر بالمئة، فحين ما يتمكن ينظر إليك على أنك الصفر الذي لا حق له في شيء لا في الحياة ولا في العيش أو الرزق أنت لا حياة، وهذا يعبر عنه في علم النفس بالتشييء، ويعني أنت كشيء مهمل لا مشاعر لك ولا حقوق لك وإذا شعر الفارسي آو الشيعي بالضعف فهو يرتمي تحت قدميك كأنه لا شيء ثم قدر ما يستيطع يسلب منك ما يريده حتى إذا تمكن انقلب حتى يحرمك من كل شيء.
الإسلام اليوم: هناك دعوات للأحوازيين بحمل السلاح ومقاتلة إيران ؟ كيف تنظر لهذه الدعوة ؟ وألا تعتقد ربما مصيرهم كمصير أهل السنة في العراق لو حملوا السلاح بلا إعداد حقيقي ؟؟
نحن ندعو إلى تخليص إخواننا في الأحواز من البقاء تحت نير هذه الدولة الظالمة دولة فارس، ندعو إلى تحريرهم وتخليصهم كما ندعو إلى تخليص البلوش والأكراد وكل الأقليات المضطهدة في هذه الدولة الشريرة أما الكيفية وما هي الخطة فهذا قضية أخرى فأنا شخصياً لا أؤيد البدء بحمل السلاح في أي مشروع، لأن اللجوء إلى السلاح أولاً ليس هو المشروع الصحيح للوصول إلى الهدف، أما السلاح إذا جاء في أوانه وموضعه حسب التسلسل التراتبي فأهلا به ، أما البدء بالسلاح فهذا غير صحيح .
الإسلام اليوم: رمضان على الأبواب وهناك منافسة من قبل القنوات في تقديم المحتوى والمضامين والبرامج، هل من برنامج أو نشاط للشيخ في رمضان ؟
لا أرى ذلك لسبب شخصي والسبب يعود لبُنيتي فأنا إذا صمت نضبت طاقتي ولهذا يكلفني رمضان كثيراً خصوصاً عندما كنت أعتلي المنبر واضطررت بعض السنوات لأظهر على بعض القنوات كنت أتكلف كثيراً وأبذل طاقة شديدة لأداء هذه البرامج أو الخطب أو المحاضرات لهذا لا أرى لي نشاطا على الإعلام في رمضان هذا او أي رمضان آخر .
الإسلام اليوم: الشيخ طه الدليمي كلمة أخيرة توجهها لأهل السنة في العراق ؟؟
لو كان لأهل السنة كيان يجمعهم لوجهت لهم كلمة، لكن أستطيع أن أختصر وأوجه الكلام لكل هذه الأشتات والعناوين والجهات فأقول: يا أهل السنة لقد بذلتهم ما بذلتم من جهود وقُتّلتم وشُرّدتم، وجربتم كل طرق الخلاص إلا وسيلة واحدة لم تجربوها وهي وسيلة المشروع السني، إذا أردتم الخلاص الجذري فعليكم بالمشروع السني، نحن لسنا ضد الجهود الأخرى كالإغاثة والمشاريع الأخرى المرحلية لكن ليس الخلاص في هذا.. الخلاص إخواني ولو طال الزمان في تبني مشروع سني يجمع طاقات أهل السنة لتحقيق الهدف المنشود وهو الخلاص الحقيقي مما نحن فيه.
المصدر: الاسلام اليوم
[/align]
وأضاف الدليمي، وهو شخصية عراقية دينية بارزة في حوار مع الإسلام اليوم" أن إيران ليست قوية بتلك الدرجة التي تجعلها تهدد الدول الأخرى وتهدم الحدود، لكن قوتها تأتي من امتلاكها مشاريع في الدول المجاورة، وعلى الدول العربية أن تبلور مشروعا عربيا موحد يوزاي المشروع الإيراني وتسخّر له كافة الطاقات والإمكانيات المادية والسياسية .
وتالياً نص الحوار ...
الإسلام اليوم: ولادة الشيخ في بغداد ونشأته في المحمودية.. ماذا تعني لك بغداد ومنذ متى لم تدخلها؟ ولو سنحت لك الفرصة المواتية هل تذهب إليها؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وعلى آلة وصحبه ومن والاه، بغداد تعني لي ما تعني لكل العرب والمسلمين وزيادة، لأننا أبناء بغداد، نشأنا فيها واستنشقنا هواءها، وأكلنا من ثمرها وطيبها وتنقلنا في أزقتها وتقلبنا بين مكتباتها ومعاهدها، وبغداد معناها الأخ الحنون الكبير، فالباء هو البيك، والداد هي الاخ الحنون، وحنانها توزع مع دجلتها فانتشر في بقية أنحاء العراق؛ ومنه على المحمودة القريبة على بغداد هذه المدينة التي تعني المنشأ، وتعني الحرف الأول الذي تعرفت عليه من لغة العرب، وتعني السطر الأول الذي حفظته من القران، وتعني أول ركعتين صليتهما وأنا لا أفقه معناهما، تعني الشباب وتعني مولد المشروع السني للمحمودية، حيث كانت بذوره هناك، حتى وإن ابتعدنا، فجذورنا في المحمودية التي تعني أول دولة عالمية في تاريخ البشرية، فمن اليوسفية ومن منطقة "أبو حبة" كان منطلق الدولة الأكدية العالمية في زمن سرجون الأكدي، وذلك قبل ظهور سومر بألفي عام بالرغم من تحريف الغرب وحرصهم على أن الحضارة السومرية هي أول حضارة في العراق وهذا ما حققه البروفيسور أحمد سوسه في كتابه عن وادي الرافدين، فليس غريبا أن يظهر من المحمودية مشروع هدفه أن يعيد للأمة اعتبارها وسابق مجدها، فمن هذه المدينة انطلقت أول "رمانة" متفجرة ومن مكان القائمقامية فقتلت 3 جنود أمريكان بعد أسبوع على احتلال بغداد ومن هناك انطلق المشروع الجهادي. وآخر مرة دخلت المحمودية عام 2004، أما بغداد فآخر مرة مررت بأطرافها في أبي غريب عام 2009 .
الإسلام اليوم: حضرتك مؤسس للتيار السني في العراق ومن أهدافه تخليص أهل السنة مما هم فيه من أزمات متلاحقة.. ما هي مرتكزات هذا التيار، وهل له وجود على أرض الواقع وبأي شكل؟
مرتكزات مشروع التيار السني أساسها قوله تعالى "قل إني على بينة من ربي وكذّبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين" هذا هو المرتكز الذي غاب ويغيب دائماً عن أذهان ربما لا أتجنى إن قلت كل الذين عملوا مشكورين على تخليص أهلهم من الظلم ومن الحالة التي هم فيها، الجميع كما رأيتهم يقفزون للحلول العسكرية، أو الحلول السياسية، أو الحلول الدعوية أو الجهود الإغاثية وهذا كله لا يشكل مشروعاً يصلح للخلاص، الخلاص لا يكون إلا بمشروع متكامل يبدأ أولاً بالهوية وتحديدها، كل الصراع يدور على الهوية فإذا لم تكتشف هويتك الحقيقية التي هي سبب الصراع ومنطلقه وعليه تدور المعركة وبه تحصل الثمرة لا نحصد شيئا، وما لم تتحدد الهوية فلا مشروع ، ثم المشروع لا بد أن تتحدد فيها الأهداف وهو الخط الواصل بين الهدف والهوية، وذلك هو الخطة الواضحة المنتجة ببرامج عملية مثمرة، هذا هو المشروع؛ ودون ذلك ليس بمشروع وليس هناك خلاص، ولأن الكارثة طالت حيث الزمان والمكان فالخلاص كما أراه لن يكون قريبا إلا في خيالات المستعجلين.
الإسلام اليوم: جلد ذات منهج متبّع.. ما هي الأخطاء التي وقع فيها أهل السنة سواء السياسيون أو الجمهور وما الذي أوصلهم إلى حالهم هذا ؟؟
جلد الذات منهج متبع وأنا ضد هذا؛ وليس معنى أننا ضد هذه المنهجية أن لا نتكلم عن الأخطاء، وهي كثيرة لكن ما يختصر علينا الرؤية هو أن هذه الأخطاء كلها يشوبها شيء واحد هو استعجال قطف الثمار الذي يجعل العاملين يذهلون عن شيء اسمه المشروع، الخطأ الآخر الذنب الأكبر الذي نحن فيه هو فقدان المشروع.
الإسلام اليوم: كثيراً ما نسمع عن حاجة أهل السنة في العراق لمرجعية توحدهم .. هل فعلاً هم بحاجة إلى المرجعية الدينية كيف ترى هذه القضية؟
من الناحية الشرعية والتأصيلية لا توجد في الإسلام مرجعية دينية، ثم هذا المصطلح يحتاج إلى بيان هل مقصود بها المرجعية الإفتائية؟ وأين مشكلة أهل السنة في العراق وغير العراق في هذه الناحية؟، مشكلة أهل السنة في ضياعهم وعدم وجود كيان، وهذه المرجعية لا معنى لها ولا يمكن لها أن تحل مشاكل أهل السنة، وفي الإسلام لا توجد مرجعية، بل هي في الأديان المحرفة، وهذه الأديان تفترض في الممثل للدين والعالم أنه مقدس مثلاً قداسة البابا ويفترضون في المرجع الديني القداسة أو العصمة وإن لم يقولوها، فمثلاً الشيعية في اعتقادهم أن المرجع الديني يمثل المهدي المعصوم فهو نائب عن الإمام، ونائب الإمام له حقوق الإمام الدينية والدنيوية وهذا منصوص عليه في كتبهم جميعاً ومنصوص عليها، أما الإسلام فلا يوجد فيه مقدس بعد "النبي صلى الله عليه وسلم" لكن يوجد في الإسلام مرجعية سياسية يعني أن الحاكم المسلم يُرَجع إليه في شؤون الحياة والفصل في القضايا والحاكم يوكل بعض الاختصاصات إلى دوائر معينة أو أشخاص معنيين، ونحن في المشروع طرحنا معادلة أسميْناها "توحيد القوى" ونقول لا يمكن أن نجتمع ما لم نتبع المسار الآتي: النواة الصلبة، ثم البؤرة الجاذبة، ثم الكتلة الغاربة، والناس لا تجتمع ما لم تكن هناك قوة في نهاية المطاف.
الإسلام اليوم: الإعلام الشيعي في العراق تزايد في الآونة الأخيرة وبدعم إيراني .... كيف ترى إعلام أهل السنة في العراق والعالم العربي هل يوازيه في القوة والإمكانيات؟
لا يوجد إعلام سني حقيقي، هناك إعلام، لكن القائمين عليه لا ينظرون إلى أنفسهم كسنة وبهوية سنية وأن العدو الذي يتقصدهم هم الشيعة؟ إذا تولد هذا الوعي، إذا تحول إعلام أهل السنة إلى إعلام سني بهوية سنية مع إدراك أن الخطر الأكبر هو ليس الخطر اليهودي ولا الأمريكي ولا الخطر الروسي ولا أي خطر آخر ، لأنها معلومة، بل الخطر الأول الذي يتهددنا نحن أهل المشرق العربي هو الخطر الشيعي والخطر الإيراني، فلا يمكن أن نقول أن لدى أهل السنة إعلاماً قوياً.
الإسلام اليوم: كثيرا ما نظّرتم للأقاليم في العراق كحل لخروج أهل السنة من هذا المأزق، هل هناك مشروع حقيقي على الأرض يسعى له الشيخ في هذا الاتجاه ؟ أم هو ضمن التيار السني وأهدافه؟
إقامة الإقليم السني أو اقليم المحافظات هذا من شأن السياسيين، ليس من شان شخص يظهر على الإعلام وعنده بداية مشروع سني أسس لمشروع سني ويدعو الآخرين لتبنيه ليس من شانه أن يقيم الإقليم أو الفيدرالية أو ينفذ القانون الموجود في الدستور ليؤسس إقليماً .
الإسلام اليوم: ألا ترى أن الإعلام العربي وربما العرب عموماً أعطوا لإيران أكبر من حجمها أم أن هذا حجمها الطبيعي من حيث الإمكانيات العسكرية والإعلامية؟
هذا انظر إليه من جهتين: إن كانت الجهة المنظورة إليها هي حجم إيران الحقيقي من حيث القوة العسكرية والسياسية والفكرية والاقتصادية والعلاقات، وما إلى ذلك هذا على مجموعه ونأخذ بنظر الاعتبار التركيبة السكانية والديموغرافية لإيران ونخلط هذا كله ببعضه نخرج بنتيجة أن إيران ليست قوية بتلك الدرجة التي تجعلها دولة يمكن لها في الواقع أن تهدد الدول وتهدم الحدود، هذا ربما يبدو غريبا لكن إذا نظرنا إلى الجهة الثانية أن الخطر الإيراني كبير.. نعم قوة إيران ليست كبيرة نسبة إلى جيرانها لكن خطرها كبير نسبة إلى أن هؤلاء الجيران ليس لديهم مشروع يوازي المشروع الإيراني في المنطقة، لأن إيران لديها تسخر كل طاقاتها داخليا وخارجيا واستقطبت فصائل كثيرة محسوبة على السنة واستقطبت خلايا شيعية مستيقظة وخلايا نائمة وخلايا كامنة ورفعت راية الجهاد في فلسطين وغير ذلك؛ هذا الخطر مع تبلوره كمشروع كبير ثم عدم وجود مشروع سني عربي في المقابل هو الذي يجعل من إيران خطرا كبيرا حيث استطاعت ان تبتلع العراق و تصل الى البحر المتوسط مروراً بسوريا ثم اليمن وتهديد البحرين، وإلا في الواقع هي مهيئة لأن تنقسم إلى عدة دول وتتشرذم فتتلاشى قوتها .
الإسلام اليوم: كان لكم كتاب أو كتيّب عن النسب الحقيقة لأهل السنة في العراق، والكتاب بالأرقام يصل إلى نتيجة أن أهل السنة هم الأغلبية، لكن اليوم هل ما زالت هذه النسب على حالها ؟
كتبت كتابا ونشرته في 2003 بعد الاحتلال كان كتيباً صغيراً ولاقى رواجاً كبيراً لفراغ المكتبة العربية وغير العربية من هذا الموضوع واثبت فيه ان السنة العرب هم الغالبية النسبية في العراق بعد ذلك وفي سنة 2009 كتبت كتاباً حوالي 200 صفحة أسميته هذه الحقيقة وفصلّت فيه كثيراً وأثبتُ الحقيقة نفسها وهي أن السنة العرب يمثلون الأغلبية بالنسبة للشيعة على حدة والكرد على حدة، ولا أرى أن النسب تغيرت بنسبة مؤثرة، يعني تهجر أهل السنة لكن هُجّروا من مكان لآخر، هذا إذا نظرنا للقضية من ناحية العدد؛ لكن اذا نظرنا إلى القضية من حيث النوع فليس الأمر بالأغلبية أو أقلية؛ فالأقلية الشيعية في لبنان شغلت العالم العربي كله، فالتركيز على الأغلبية والأقلية ليس هو المهم بل كيف نستثمر ما عندنا من طاقة لنصل إلى ما يريد أهل السنة هو الأهم.
الإسلام اليوم: الشيعة موجودون في عدد من دول الخليج كمواطنين ولكن إيران تسعى بكل جهدها لاستمالتهم .. كيف يمكنهم البعد عنها وبأي طريق؟
لا يمكن للشيعي أن يبتعد عن إيران ما دام شيعياً، لان الشيعي ينظر لإيران نظرة الطفل المهدد من وحش فيهرب إلى أبيه، فكيف تريد من طفل أن يترك أباه ويتجه إلى حضن الوحش، والوحش هنا المسلمون والعرب وهم أهل السنة، فكل شيعي ينظر إلى أهل السنة على أنهم يريدون أن يبتلعوه وكل ما يفعله هو ردات أفعال وبالنسبة إليه هو يعتبره ردة فعل لحماية نفسه من الخطر الذي يتهدده ولذلك هو يذبح أهل السنة وبداخله لا يشعر انه يأتي بجريمة أو جريرة فهو يدافع عن نفسه وينظر لإيران كحضن دافئ، الشيعي تحكمه العقيدة وتحكمه العقدة وهاتان القوتان الدافعتان يؤديان بالشيعي للّجوء إلى إيران .
الإسلام اليوم: التدخل الإيراني يستغل الفوضى في الدول فمثلا قبل احتلال العراق لم تستطع إيران التدخل في العراق واليوم في اليمن وسوريا لبنان ؟؟ كيف تصف منهجية إيران في تحيّن الفرص ؟؟
سر تدخل إيران هو انطلاقها من عقدة نفسية والعقد النفسية الجمعية هي أكبر محرك للسياسية الإيرانية، لأن الشخصية الفارسية الجمعية تدخلت فيها السياسية والجغرافية وصنعت هذه الشخصية، والفرس هم قطاع طرق في أصل تكوينهم وهم أقلية في الهضبة الإيرانية ضمن مجموعات أقلية وهي اكبر منهم، فهذه المعطيات القديمة هي التي كوّنت الشخصية الإيرانية وجعلتها شخصية خائفة من غيرها تعتقد أن غيرها يتربصها بالشر فهي تبادره بالشر قبل أن يقضي عليها حسب اعتقادها، وشخصية تخريبية لأنها من دون استعمال قوى الشر لا يمكن لها أن تسيطر على محيطها، هذه هي الشخصية الإيرانية شخصية تتبع معادلة صفرية يعني إما أن تأخذ كل شي وتعطيك لا شيء حسب معادلة صفرية طرفاها مائة أو صفر، مائة بالمئة أو صفر بالمئة، فحين ما يتمكن ينظر إليك على أنك الصفر الذي لا حق له في شيء لا في الحياة ولا في العيش أو الرزق أنت لا حياة، وهذا يعبر عنه في علم النفس بالتشييء، ويعني أنت كشيء مهمل لا مشاعر لك ولا حقوق لك وإذا شعر الفارسي آو الشيعي بالضعف فهو يرتمي تحت قدميك كأنه لا شيء ثم قدر ما يستيطع يسلب منك ما يريده حتى إذا تمكن انقلب حتى يحرمك من كل شيء.
الإسلام اليوم: هناك دعوات للأحوازيين بحمل السلاح ومقاتلة إيران ؟ كيف تنظر لهذه الدعوة ؟ وألا تعتقد ربما مصيرهم كمصير أهل السنة في العراق لو حملوا السلاح بلا إعداد حقيقي ؟؟
نحن ندعو إلى تخليص إخواننا في الأحواز من البقاء تحت نير هذه الدولة الظالمة دولة فارس، ندعو إلى تحريرهم وتخليصهم كما ندعو إلى تخليص البلوش والأكراد وكل الأقليات المضطهدة في هذه الدولة الشريرة أما الكيفية وما هي الخطة فهذا قضية أخرى فأنا شخصياً لا أؤيد البدء بحمل السلاح في أي مشروع، لأن اللجوء إلى السلاح أولاً ليس هو المشروع الصحيح للوصول إلى الهدف، أما السلاح إذا جاء في أوانه وموضعه حسب التسلسل التراتبي فأهلا به ، أما البدء بالسلاح فهذا غير صحيح .
الإسلام اليوم: رمضان على الأبواب وهناك منافسة من قبل القنوات في تقديم المحتوى والمضامين والبرامج، هل من برنامج أو نشاط للشيخ في رمضان ؟
لا أرى ذلك لسبب شخصي والسبب يعود لبُنيتي فأنا إذا صمت نضبت طاقتي ولهذا يكلفني رمضان كثيراً خصوصاً عندما كنت أعتلي المنبر واضطررت بعض السنوات لأظهر على بعض القنوات كنت أتكلف كثيراً وأبذل طاقة شديدة لأداء هذه البرامج أو الخطب أو المحاضرات لهذا لا أرى لي نشاطا على الإعلام في رمضان هذا او أي رمضان آخر .
الإسلام اليوم: الشيخ طه الدليمي كلمة أخيرة توجهها لأهل السنة في العراق ؟؟
لو كان لأهل السنة كيان يجمعهم لوجهت لهم كلمة، لكن أستطيع أن أختصر وأوجه الكلام لكل هذه الأشتات والعناوين والجهات فأقول: يا أهل السنة لقد بذلتهم ما بذلتم من جهود وقُتّلتم وشُرّدتم، وجربتم كل طرق الخلاص إلا وسيلة واحدة لم تجربوها وهي وسيلة المشروع السني، إذا أردتم الخلاص الجذري فعليكم بالمشروع السني، نحن لسنا ضد الجهود الأخرى كالإغاثة والمشاريع الأخرى المرحلية لكن ليس الخلاص في هذا.. الخلاص إخواني ولو طال الزمان في تبني مشروع سني يجمع طاقات أهل السنة لتحقيق الهدف المنشود وهو الخلاص الحقيقي مما نحن فيه.
المصدر: الاسلام اليوم
[/align]