ليلة القدر وزكاة الفطر

راشد بن عبد الرحمن البداح
1445/09/24 - 2024/04/03 14:22PM

الحمدُ للهِ الذي قَبِلَ مِنْ عبادِهِ اليَسيرَ، وأعطَى مِنْ فضلِهِ الكثيرَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وأشهدُ أنْ نبيَنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ البشيرُ النذيرُ، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ في كل مُقامٍ ومَسيرٍ، أما بعدُ:

فيا أيُها الصائمونَ التالُونَ: اتقوا اللهَ، فرمضانُ والقرآنُ قائدانِللتقوى. وفكّرُوا في ضيفٍ كريمٍ أوشَكَ على الارتحالِ، فلا نُفرطْ في حُسنِ توديعِهِ؛ لنكونَ من المرحومينَ لا المحرومينَ. وَقَدْ كَانَ عليٌ وابْنُمَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما يَخْرُجُانِ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُنَادِيانِ: مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا لَكَ. وَأَيُّهَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ().

ومما يُلاحظُ على كثيرٍ منا الكسلُ عندَ آخرِ لياليْ رمضانَ! وإنما الأعمالُ بالخواتيمِ، والجيادُ المضَمّرةُ إذا قاربتْ آخرَ مضمارِ السباقِشَدّتْ وزادتْ من عَدْوِها. فكيفَ تَفتُرُ وليسَ عندكَ ضَمانٌ بالقَبولِ؟!

وإنهُ واللهِ من الغبنِ الفاحشِ، والحرمانِ المؤلمِ أن تُخبَرَ بليلةٍقيامُها خيرٌ من قيامِ ثلاثةٍ وثمانينَ سنةً، ثم لا تَقضيْها عابداً،ولربِكَ ساجداً. فمِن رحمةِ ربِنا بِنا أنه لما قَصُرَتْ أعمارُنا، ضاعَفَ أجورَ أعمالِنا.

وإنَّ ليلتَنا التيْ نستقبلُها اليومَ، ألا وهيَ ليلةُ السبتِ التيْ هيَ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ لهيَ عندَ جمهورِ العلماءِ أرجَى ما تكونُ لليلةِ القدرِ، وبهِ قالَ معاويةُ، بل حَلَفَ أُبيُ بنُ كعبٍ لاَ يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، بِالْعَلاَمَةِ الَّتِي أَخْبَرَهَمْ رَسُولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم-: أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لاَ شُعَاعَ لَهَا. رواهُ مسلمٌ().

وقدْ أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ، يَشُقُّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَأْمُرْنِي بِلَيْلَةٍ؛ لَعَلَّ اللهِ يُوَفِّقُنِي فِيهَا لِلَيْلَةِ القَدْر. قَالَ: عَلَيْكَ بِالسَّابِعَةِ. رواه أحمدُ، وصححهُ ابنُ حجرٍ والسَفّارينيُ والألبانيُ().

يا مَن تُصلي آخرَ الليلِ في العشرِ المباركةِ: هلِ استشعرتَ أن ربَكَالمتكلمَ بهذا القرآنِ، ينزلُ إلى السماءِ الدنيا، الكلامُ كلامُهُ، والصلاةُلهُ، وهو يقولُ ليَ ولكَ: حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟

هذا كلُ ليلةٍ؛ فكيفَ بلياليْ العشرِ، بل كيفَ لو وافقتَ ليلةَ القدرِ؟ فما أحلى مناجاةَ ذي الجلالِ والإكرامِ، والتلذُذَ بالتذلُلِ إليه، في الثلثِ الأخيرِ من الليلِ وقتَ النزولِ الإلهيِ، والذيْ يبدأُ منَ الساعةِ الواحدةِ تقريباً.

فلنَجمعْ في صلاةِ الليلِ بينَ ثلاثِ عباداتٍ: نقرأُ القرآنَ كثيراً ونحنُ نصليْ، وندعُو في السجودِ وقبلَ السلامِ: فنجمعُ بينَ صلاةٍ وقرآنٍ ودعاءٍ.

فاللهم ارزقنا شرفَ المداومةِ على قيامِ الليلِ، والتلذذَ بمناجاتِك وتلاوةِ كلامِكَ.

الحمدُ للهِ الذيْ لا فضلَ إلا من فَضْلِهِ. وصلى اللهُ وسلمَ على أجودِرسُلِه. أما بعدُ:

أيُها المُريدونَ رضوانَ اللهِ: مِن كرمِ ربِنا ورحمتِهِ بِنا أن يسَّر لنا في ختامِ هذا الشهرِ عبادةً جليلةً نشكرُ ربَنا عليها، ونرجوهُ أن يُكمِلَبها ما نقصَ من عباداتِنا: إنها زكاةُ الفطرِ، وهيَ فرضُ عَينٍ على الصغيرِ والكبيرِ، وهيَ كسجدتَي السهوِ للصلاةِ(). وإليكمْ الآنَ ثمانَمسائلَ لها:

1. يجوزُ إخراجُها قبلَ العيدِ بيومٍ أو يومينِ، ويبدأُ إخراجُها بغروبِشمسِ يومِ الاثنينِ، والأفضلُ بعدَ صلاةِ فجرِ العيدِ.
2. المتزوجونَ حديثًا قد يَنسونَها. ويُسنُ إخراجُها عنِ الجنينِ ولا يجبُ.
3. مقدارُها ثلاثةُ كيلواتٍ احتياطًا. ويُجزئُ كيلوانِ وأربعونَ جرامًا، فلا نُشدِّد بوَزنِها.
4. يجوزُ أن تُعطيَ المسكين الواحدَ فِطرتينِ، فأكثرُ(). وللمسكينِ أن يبيعَها ولا يُلامُ.
5. الزكاةُ بالأرزِ في بيئتِنا أفضلُ من غيرِهِ، وفي بعضِ البيئاتِالدقيقُ أنفعُ لهم. وله أن يُخرجَها من (المكرونةِ)؛ لأنها من القمحِ. وله أن يُخرجها تمرًا.
6. الأفضلُ أن يُفرِّقَ الفطرةَ بنفسِهِ ويُرِيَها أولادَه؛ ليَتربُّوا على إحياءِ الشَّعيرةِ.
7. لو تبرعَ الكفيلُ عن عاملِهِ، أو الأبُ عن ولدِهِ المتزوجِ، فلا بأسَ، لكنْيلزمُه إعلامُهم؛ ليَنوُوا.
8. إخراجُها نقوداً لا يُجزئُ؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: من عَمِلَعملاً ليسَ عليهِ أمرُنا فهو رَدٌ. أي مَردودٌ.
• فاللهمَ لكَ الحمدُ يا مَن هوَ للحمدِ أهلٌ.
• اللهمَ لكَ الحمدُ على بلوغِ غالبِ رمضانَ، لكَ الحمدُ على الإيمانِوالأمانِ، لكَ الحمدُ على العافيةِ في الأبدانِ، لكَ الحمدُ على الصيامِوالصلاةِ والتلاوةِ، وعلى الشِبَعِ والرِيِ، لكَ الحمدُ على ما يسرتَ من صلواتٍ وصدقاتٍ ودعواتٍ وختماتٍ، اللهم بفضلك مُنّ علينا بالقبولِوبمضاعفةِ الحسناتِ.
• (اللهمَ إن ذنوبَنا قد عظُمتْ، وإنها صغيرةٌ في جنبِ عفوِكَ، فاعفُعنا يا عفوُ)(). 
• اللهمَ ارحمْنا ولا تَحرِمْنا. يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ.
• اللهمَ ارحمْنا ووالِدِينا وأهلِينا، واحفظْ دينَنَا وأعراضَنا.
• اللَّهُمُّ وَاِجْمَعْ عَلَى الْهُدَى شُؤُونَنَا، وَاِقْضِ اللَّهُمَّ دُيونَنَا وَاشْفِ مَرْضَاَنَا، وَارْحَمْ مَوتَانَا.
• اللهمَ باركْ في أوقاتِنا وأقواتِنا، وحسِّنْ أخلاقَنا، وبارِكْ أرزاقَنا.
• اللهم آمِنّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، وأيِّد بالحقِ إمامَنا ووليَ عهدِه، وأعزَّهم بطاعتِك، وأعزَّ بهم دينَك، وارزقهُم بطانةً صالحةً ناصحةً، دالّةً مُذكِّرةً.
• اللهم احفظْ مجاهدِينا وجنودَنا على حدودِنا.
• اللَّهُمَّ صَلِّ وسلمْ عَلَى مُحَمَّدٍ.

المرفقات

1712143369_‎⁨ليلة القدر وزكاة الفطر⁩.docx

1712143370_‎⁨ليلة القدر وزكاة الفطر⁩.pdf

المشاهدات 1680 | التعليقات 0