لمن أدركَ الإجازة ||

احمد ابوبكر
1434/07/24 - 2013/06/03 08:32AM
نتفيأُ أفيَاءَ إجَازةِ لا تربوا على الثلاثة أشهُر ..

لكنها والله كفيلة بأن تحْدث في حيَاتكَ تغيُرا جذريَا ..

كَافيَة أن تكُونَ نقطة تحَول في عمْرك , مِن بلقَعٍ يبَاب إلى مرْبع خصْب ..

إذا مَا أصْلتَ على نفسِك صمْصَامَ العَزم, وسَللت عليْها حُسَامَ الهمَة ..

فالنفسُ ماحمَلتها تتحمّل , وماعودتهَا تألف !!

والأيَامُ تعْدوا سِراعا , والليالي تركضُ ترجُو لحَاقها , وكأنهمَا في مضْمار سِباق ..

والصُحُف تخط , والأزمانُ تطوى , والأعمالُ ترْقم , والأعمارُ تسْلب .!!

وكُن عَلى بيّنة ويقين أنكَ ما تسْمُمو في الدُنى ولا الأخرَى , وأنتَ عَلى سَنَنِ هواكَ تمضي ..

لا بُد أن تأطًر نفسَك على ماتقليه , وترْغمُها عَلى ماتبْغضه , وتقودهَا إلى مالمْ تألفه ,

وان تخلصْ تفزْ بوعد الله إذ وعَد اللذين جاهدُوا فيه أن يهديَهُم سُبله .. والله لا يخلفُ الميعاد !!

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } .. ( العنكبوت :69 ).!

ولـَعلي أشيرُ هنُا لـِشذراتٍ يَشتمُ شذاها العابِر , ويبلغُ سَناها القاعِد , ويُوقظ صَداها الراقِد ..

فإن تكُ هذه الكليَات نميراً عذباً وصَواباً خالصاً .. وفقَ ما يُرتجى فتلكَ عطايا الرحمنُ وماتعدُ ولاتحَد ..

وإن تكُ رثة هشّة , هلهلة مُترهلة .. فـ غضُوا الطرْفَ عنها كمَا يغضُ عنِ الغِيد إذ يَمرُرن !



الشذرة الأولى /



صَلاتك أعد فيها النظرَة كرَة بُعيْد كرَة ..

تفقد قلبَك فيها في أيّ فلكٍ يدورْ ..؟! وفكركَ في أيّ شيءٍ يسْبح..؟!

حَاذرْ أن ترد القيامَة فـَيفجأك العِقابُ عليْها , وكنتَ ترجُوا أن تثابَ عليْها .!

خفْ أن تكُون من اللذينَ يرْمونَ بها كمَا يُرمى السّربالُ الخَلق فـ تدعُوا عليْك صَلاتك :

أن ضيعْه يالله كما ضيّعني , أصْلحهَا قبْل أن يُبادركَ الأجَل !

وإياكَ أن تبلغ بكَ الغفلة أن تظنَ لنفسكَ :

صلاحاً أو توفيقاً أو بركَة أو هداية أو سَداداً أو إعانة أو رُشداً أو حِفظاً

في نفسكَ أو مالكَ أو عمركَ أو وقتكَ أو حياتكَ أو مماتكَ وأنتَ مُضيعٌ للصلاة !



الشذرَة الثانيَة /



رد حياضَ القرآن , واغرفْ من بحَارهْ , فإنَ لهُ سَكبَا باردا عَلى القلوبْ , وانثيَالا عَذبا عَلى الأرواحْ ..

وإنه لـَ مثمُرٌ , مغدقْ , وإنَ لهُ لـَ حلاوَة , وإنَ عليْه لـَ طلاوَة ..

وإنهُ لـ هتانٌ يُحيي القلوب .. ويُنبتُ فِيها كلأ الإيمان .. ويخرجُ فِيها ثمر التقوى !



الشذرَة الثالثة /



انهَل من منهِل السيرَة الزاكية .. تنعشْ جوانحك .. تبهجُ أرجَاءَك ..

وتذكِي جَذوة الإيمان في روُحك .. وتشعلُ قناديل الإرادة في نفسك ..

فَـ هِيَ من مُـفتتحها إلى مُختتمها عبر ودُرر ومواقفَ مؤثرة ومشاهِدُ معبرة ..

وحتمَا تأنسُك مرابعهَا .. وتسْليكَ مغَانيهَا .. وتبْكيكَ أواخرُها .. ولـ تجدنّ أثرَها عليْك ما أحيَاكَ الله !



الشذرَة الرابعَة /



حاول أن يكون بينَك وبين الله خبيئة عَمل صالح .. تفعلها كُل يوم .. لا تخطرُ ببال أحد .. ولا تلجُ خيال بشر ..

في موْضع تخلو فيه أنتَ ونفسكَ والله ثالثكما .. واهتمَ بإخفآئها أشدّ من اهتمامك بإخفاء فجَراتكَ عَن الصالحين ..

واحرصْ لا يشبها عُجب .. فتضيعُ أنت وهيَ والأجر!



الشذرَة الخَامسَة /



اسْتهلَ هذهِ الإجازة محَافظا على الأذكَار قبْل بزوُغِ الشمْسِ , وقبْل غرُوبها لعلكَ ترضى ..

لا تستهن بذكْر .. ولاتسْتصْغِر تسْبيحَة .. فــَ مَا يُدريك ..؟!

لعلَ حسَنة ترجحُ الميزان فــَ تولجُك الجنَان , وتقيكَ النيران ..

وإنه ليردُ على اللهِ يومَ القيامة أقوامٌ يُردونَ عن الجَنات ما يردهُم إلا نقصانُ حَسَنة ،

حتى يودوا أن لو سويت بهم الأرض ومافرطوا في ذكر الله طرفة عين !



الشذرَة السَادسَة /



إيَاكَ أن يَنقضي يومُك كلهُ ومَا ارتفعَ حِفظكَ مِن كتابِ الله ولازاد , ولوْ أن تحْفظ يَوميا خمسة أسْطر ..

وعوّد نفسَك أن لايُثنيَك عَن هذا القدْر إلا نزعُ الرُوح ..

فإنَ هذه النفسَ لوْ قدْتهَا أيامَا إلى الخيْر وهيَ كارهة لـ َ سَاقتكَ إليْه - بإذن الله - سِنينا وهيَ جذلى !



الشذرَة السَابعَة /



احفظ حديثاً كل يوم ولا تسْتصعبه .. فهو هين يَسيرْ .. سَاعة تكفيك وأكثر .. وان أبتْ بك همتك الا القعود فاحفظه كلّ يوْميْن ..

جَاهد نفسك .. روضها ..عوّدهَا .. أعلُ معها واسْفُل ..

حتى تنقاد وتذعن .. فما عَودتها والله تعتاد .. وما أرَدتها عليه ترتَاد .!



الشذرَة الثامنَة /



غمَار الفقه خضْها كلَ اثنيْن ، وأغوَارهُ اسْبُرها كلَ خميسْ .. اجعلهُ أمرا قسْرا على نفسك .. ولو سَاعة في الاسْبوع ..

دوّن أهمَ ماسْتفدت في كُتيب مُلاحَظات .. أو في هاتِفك ..وتعَاهدهُ بالإطلاعْ ..

فإن تفعل لتجدنّ لذلك نفعَا ما كان عنكَ يخال .. ولا بكَ يُظن !



الشذرَة التاسِعة /



اسْمُو بأسْـلوبك مع والديك .. ومن له حق عليْـك ..

عاملهم وفقَ ماتريد أن يعَاملكَ الله به .. وخالقْهُم بنفس النهْج الذي ترُوم أن يخآلقكَ به بنُوك ..

ومن أعظم المنازل /

أن ينظر إليكَ فيراكَ باسِما في وجهِ والدك .. مُتحبباً إليهِ ..

تدنو منهُ .. تحَادثهُ وتلاطفهُ .. تتقربُ إليهِ .. ما تفعلُ هذا إلا ابتغاء مرضاتِ الله وفرارًا من سخطِه إلى منازل رضوانهِ !



الشذرة العاَشرَة /



اترك كلّ شهر ذنبيْن أوْ ثلاث تبتغي بذلك وجْه الله والدار الآخرة ..

و اجعل مَا سَـ تقلعُ عنهُ محبَبَا لنفسِك .. عزيزاً عليها ..

كيما يُثبك الله ثوابا .. يقصُر عنهُ أملك .. ولا يبلُغه ظنك .. ولا يُدانيهِ توقعُك ..

وبقدرِ العناء يكُون الجزاء .. ومن قدمَ محابَ الله على هواهُ قربهُ الله من ظلال نعيمه وأزلفه ..

وما صَدقَ الله عبدٌ في تركِ شهوةٍ إلا أذهبها من قلبهِ وعوضه إيماناً يجد حلاوتهُ !



الشذرة الحادية عشر /



اقتحِم المصاعب واعْـلُ الشواهق في سبيل الطلب .. لا يهولنكَ كتاب ولا تتهيّب الأبواب ..

أبدأ بجرد المطولات .. وابحِر في المجلدات ..

خذ على سبيل الذكر لا الحصر /

فتاوى ابن تيميّة .. أو فتح الباري ..

أقرأ بتمعُن .. ودوّن الدرر .. واستخلص الفرائد .. واحْفظ الفوائد .. وسَـل عما أشكل .. واستفهم عما التبس ..

فـ بهذا تعلو في أشَمّ شامخ .. ولا يمضِ عليكَ زمنٌ قصير حَتى ترى فوقَ هامِ الخُنسْ !



الشذرة الثانية عشر /



أوقِف زحفَ المناكِر ما أمكَنك ..

أعِنا على رفعِ بيارقِ الأمة .. ساعدنا في النهُوضِ بأجيالها ..

بعلم تتعلمُه وتعملُ به .. بغراسٍ تسقيه وتتعاهده .. بمنكَر تنكرُه .. بمعروفٍ تعرفهُ ..

بكلمةٍ تهديها .. أو نصيحَة تسديها .. أو صرحٍ تبنيه .. أو نهرٍ تـُجريه .!



الشذرة الثالثة عشر /



صـِل حبالَ رحمِك فإن الله يصلكَ ما وصلتهم ويقطعُـك ما قطعتهم ..

تفقد قرابتك .. وأحسِن إليهم .. وأدخل عليهم السُرور ..واصبر على آذاهُم .. واحتسِب أجرك ..

ينسأ الله لكَ في أثرك .. ويطيلُ عمرك .. ويُباركك !



الشذرة الرابعة عشر /



لا يرينكَ الله في أوكَار المعاصي ولا قِفارِها ..

ولا تشدنّ رحالكَ إلى مواطِن الكفار تقيمُ بين أظهرهِم ، وتبذلُ لهُم مالك ، وتحرقُ وقتكَ ..

لـ تسْعد أياماً قليلة يبقى عليكَ شؤمها ما أبقاكَ الله ..

ولا تخطو خطوَة إلى ميدانٍ ولا محفلٍ ولا حَفلٍ زواجٍ يُعصى الله فيه ..

وأنتَ تعلمُ أنكَ لا تملكَ تغيير المنكر ولا الإنكار ، فلا تكثرن سواد العُصاة ، واحْذرِ الله !



الشذرة الخامسَة عشر /



ليسَ بكثيرٍ في سَبيل هدايتِك ونجاتِكَ من نار جَهنّم و ورودكِ فسيحَ الجنات ..

أن تنطرحَ بيْن يديْ الله في مواطِن إجابة الدعاء /

بين الأذانِ والإقامة وأدبار الصلوات وعندَ هطولِ الغيث و أوانَ السَحر ..

تسْألهُ بصِدق ، تدعُوه بإلحاح ، ترنو بطرفكِ إلا السماء يقيناً بخبر الله وحُسنَ ظنٍ بهِ تناديهِ :

أن يهديكَ إليه ، وأن لا يكلكَ إليكَ وأن يبلغكَ منازل المتقين ، ويثبتكَ حتى تفِد عليه !

..



وأخيرآ ..

أيما كلالٍ أصَابك , أو لغوبِ تغشاك , أوْ ملل اعتراك ..

فإن الله يَأجُركَ عليْه !

ومَاترافقِ المجْد إلا بـ مفارقة مضاجعِ الدعَة ..

ومَاتصَاحبِ العُلا إلا بمجانبَة لــُجج الوسَن والكَرى !

..

هذه الشذراتْ أهْديهَا لـِــ

نفسي ولمَن عَلى شاكلتِي , فإن يُوفقني اللهُ للعمَل بهَا ويقبَلها فذلكَ ذرى مايُبتغى ..

وإن تحُل ذنوبي بيْني وبيْنَ العمَل بهَا - أعُوذ بالله -

فإني أطلبُ الله أن لا يَسْلبَني أجْر الدلالة عليها .!

..

نسألُ الله أن يعمُر أوقاتنا بتقواه .. ويملأ حِقبَ أعمارنا بما يُزيدنا زلفىً عندهُ ..

وأن يغفر لنا حوباتنا .. وجهلنا .. وإسرافنا في أمرنا ..

وأن لا يجعَل أقوالنا حِججاً علينا .. وأن لايكُن حظنا من ديننا لفظنا ..

يرزقنا العملَ بما نعلم .. ويشبعَ جوعَة أرواحنا بعلمِ خالصٍ ..

لا يشبهُ رياء .. ولا يعتريهِ عُجب .!

..

آميين .. آمييين .. آمييين ..

آمين .. آمين ..

آمين .!

..

ميمُونة الهاشمي !
المشاهدات 1119 | التعليقات 0