لماذا هذا العزوف عن الزواج ؟
الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1432/04/16 - 2011/03/21 01:58AM
[font="] لماذا هذا العزوف عن الزواج ؟[/font]!!
[font="] [/font]
[font="]من الأصدقاء الذين أعتزّ بصحبتهم و يسعدني مقاسمته نفس المكتب في المؤسّسة التي نعمل بها، لما يحمله من روح مرحة و صدق في التعامل مع الآخرين.. هو هشام ابن النجم.. شاب مثقّف، متعلّم، متواضع، و أهم خصلة يمتاز بها أنّه متسامح مع كلّ المحيطين به..[/font]
[font="]مشكلته أنّه غير مقتنع حاليا بضرورة الإسراع باختيار شريكة لحياته و بالتّالي بناء عشّ الزوجية.. و مع احترامي الشديد لأفكاره، إلاّ أنّي أبديت له في العديد من المناسبات عن اعتراضي الكبير لعزوفه عن الزواج و تكوين أسرة تخرجه من الحيرة و الضياع الذي يعيشه بالرّغم من اجتهاده لإخفاء حقيقة الحياة التي يعيشها.. [/font]
[font="]و قرّرت ذات يوم أن أفاتحه في الموضوع.. أحاول أن أغيّر الفكرة السلبية التي يحملها عن الفتاة و عن صعوبة الارتباط بها في القرن الواحد و العشرين..[/font]
[font="]فسألته: لِمَ لَمْ تتزوّج إلى يوم الناس هذا، و قطار العمر ينتقل من محطّة إلى محطّة بسرعة جنونيّة ؟.. و لا يترقّب أحد.. و لا يتوقّف.. هذه سنّة الحياة يا صاحبي..[/font]
[font="]أجاب بسرعة و كأنّه ينتظر السؤال في كلّ لحظة، و من جميع المحيطين به: و ماذا يعجبك في الزواج الذي أصبح كلّ شيء فيه مضبوط بقوانين و عقود و التزامات، و لم يعد يعترف بالتقاليد، و الشرع، و السنّة ؟.. و بعد أن جذب نفسا من سيجارته سألني بشيء من الاستهزاء: ما هو معنى الزواج في نظرك يا شيخ ؟..[/font]
[font="]كنت أعلم مسبّقا أنّه سيطرح عليّ هذا السؤال، فعالجته بهدوء و ذكاء و مرونة و قلت مستعينا بالله سبحانه: [/font]
[font="]إنّ من نعم الله تعالى على عباده أن خلق الأزواج سكنا و طمأنينة و استقرارا، يجد الرجل في زوجته بعد الحقّ تبارك و تعالى الدفء و الحنان و المودّة، و تفريج كروباته و همومه، و تعينه على مشاق الحياة و متاعب الزمن، و تخفّف عنه آلامه و أوجاعه و تواسيه بنفسها، و تعينه على حسن القيام بعباداته و التسابق إلى الخيرات، و بذل كلّ ما بوسعه للإنفاق و مساعدة المحتاجين..[/font]
[font="]و تجد المرأة في زوجها سندا قويّا يحميها من مفاجآت الحياة، و ظلاّ ينشر عليها من الحبّ و العناية و الإحاطة و الرعاية ما يجعلها تشعر بالأمن و الطمأنينة، بالإضافة إلى بذل جهده ليسدي إليها حقوقها و زيادة و ذلك أسوة بنبيّنا و حبيبنا و سيّدنا محمّد صلى الله عليه و سلم مع زوجته الأولى خديجة بنت خويلد الذي تزوّجها وهو لا يملك من الدّنيا غير أمانته و صدقه المعروف بهما في مختلف تعاملاته مع قريش و غيرها.. [/font]
[font="]و أمّ المؤمنين السيّدة خديجة رضي الله عنها و أرضاها معروف عنها أنّها هي التي سعت للتزوّج برسول الله صلى الله عليه و سلم، لما لمست فيه من التفاني و الأمانة في التعامل مع تجارتها.. و قد أنجبت له جميع أبنائه باستثناء إبراهيم من مريّا القبطيّة رضوان الله عليها.. و السيّدة خديجة التي تزوّجت مرّتين قبل النبيّ صلى الله عليه و سلم، و في كلّ مرّة يموت زوجها، كانت سرّ نجاحه قبل البعثة، فقد آمنت به حين كذّبه الناس، و أعطته حين أمسك عنه الناس، و ساندته حين تخلّى عنه أقرب الناس.. و حين نزل الوحي عليه لأوّل مرّة، قال لها صلى الله عليه و سلم: " ... لقد خشيت على نفسي ..." الحديث. فقالت رضي الله عنها: " كلاّ، و الله ما يخزيك الله أبدا إنّك لتصل الرحم و تحمل الكل، و تكسب المعدوم، و تقري الضيف، و تعين على نوائب الحقّ ".[/font][font="] ( أخرجه البخاري و مسلم في الصحيح )..[/font]
[font="]و المرأة قد تكون أيضا سرّ نجاح الرجل في بيته و خارجه، و مع ذلك فالحياة الزوجية في غالبها قد تشهد صور متكرّرة من المآسي و المشاحنات و المعاناة قد تصل إلى حالات الطّلاق.. و لا تكاد أسرة تخلو من المشاكل و التفكّك، و كل فرد من أفراد الأسرة يحمل في الذاكرة العديد من الحكايات و الأحداث المؤثّرة لتلك الحالات.. و الأسباب تتشابه و تتكرّر، و إذا رأينا من الفائدة بمكان تدارس هذه الحالات و مناقشتها، إنّما هو من أجل اجتناب سيّئاتها و تلافيها.. فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلّم عن الخير و كنت أسأل عن الشرّ مخافة أن يدركني ".[/font][font="]( رواه البخاري و غيره )[/font][font="].[/font]
[font="]هنا استوقفني هشام: خرجت عن الموضوع يا شيخ..[/font]
[font="] [/font]
[font="]قلت له بهدوء: بل نحن في صلب الموضوع، لكنّنا لا زلنا في بدايته.. يا صديقي هذه مقدّمة صغيرة لموضوع ضخم، و بحث شاق، أضعه بين يديك لعلّك تجد فيه بغيتك في تغيير أفكارك عن الزواج، و ستلاحظ من خلال هذا البحث أنّ على الأزواج مجاهدة النّفس و المصابرة لتتلاقى طبيعة هذا مع طبيعة تلك، فيحصل السكن و المودّة و الدفء و الألفة، فيفرز ذلك خيرا كبيرا..[/font]
[font="] [/font]
[font="]يقول تعالى: " و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودّة و رحمة إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون ".[/font][font="] ( سورة الرّوم الآية: 21 ).[/font]
[font="]و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلّم: " الدّنيا متاع و خير متاع الدّنيا المرأة الصّالحة ".[/font][font="] ( أخرجه مسلم و غيره )[/font][font="]. [/font]
[font="]و عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزّ و جلّ خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، و إن نظر إليها سرّته، و إن أقسم عليها أبرته، و إن غاب عنها نصحته في نفسه و ماله ".[/font][font="]( رواه ابن ماجه )[/font][font="]..[/font]
[font="] * أيها الزوج لا تكن ضعيف الإرادة[/font]
[font="] [/font]
[font="]للزواج رباط متين و ميثاق غليظ، قال تبارك و تعالى: " و أخذن منكم ميثاقا غليظا ".[/font][font="]( سورة النساء من الآية: 21[/font][font="] [/font][font="])[/font][font="]، و قد تَحَمَّلْت أمانة و مسؤولية و تبعات، و الزواج كرامة للرجل و للمرأة، و بموجب الفطرة تتوزّع الأدوار لتستقيم الحياة الزوجية. يقول الحقّ تبارك و تعالى: " الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعضٍ و بما أنفقوا من أموالهم... ". [/font][font="] ( سورة النساء من الآية: 34 )[/font][font="]. [/font]
[font="]فاجعل أيها الزوج قوامتها إليك و لا تكن ضعيف الإرادة، فاقد الشخصية، فتستذلّك و تستعبدك و تؤذيك و تجعل حياتك جحيم، و لا تهنها و لا تظلمها، فإنّ تسلّطك على الضعيف يدل على ضعفك، و لا تجعلها من سقط المتاع، و اقبل الخير الذي تسديه إليك، و اصبر على التقصير و لا تطمع منها بالكمال فإنّهنّ خلقن من ضلع أعوج كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " إنّ المرأة خُلِقَتْ من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها و بها عوج و إن ذهبت تقيمها كسّرتها و كسرها طلاقها ".[/font][font="]( أخرجه البخاري )[/font][font="]. و هذه وصيّة الرسول صلى الله عليه و سلم لك أيّها الزوج، فقد روى جابر بن عبد الله في خطبة حجّة الوداع: " فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله، و استحللتم فروجهنّ بكلمة الله، و لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرح، و لهنّ عليكم رزقهنّ و كسوتهنّ بالمعروف.. ".[/font][font="] ( أخرجه مسلم ) [/font][font="]و قوله: أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكر هونه أي: ألاّ يأذن لأحد تكرهونه دخول بيوتكم، رجلا كان أو امرأة من محارم الزوجة أو غيرهم..[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]* أيتها الزوجة.. كلّ شيء يهون...[/font]
[font="] [/font]
[font="]إنّ لبعض الزوجات ممّن فهمن التحرّر و المساواة فهما خاطئا، تصرّفات سيّئة تمليها عليها نفسها الأمّارة بالسّوء، أو يقذفها أحد الأغراب عن عشّ الزوجية في قلبها و عقلها، أو بما يوسوس لها الشيطان.. كلّ ذلك لا يكون إلاّ بسبب ضعف الإيمان بالله سبحانه، يكون سببا لأن يجعل من بيت زوجها جحيما لا يطاق، و معاناة يومية قاسية جدّا، و ربّما يصل إلى حدّ الندم على هذا الارتباط، أو قد يحصل طلاقها، و من ثمّ تتحوّل الأسرة المتماسكة إلى أسرة متفكّكة، و تصبح الزوجة تتحسّر على ما اقترفت و يصيبها القلق و الخوف و الاكتئاب، إلى أن تصل إلى مرحلة اليأس..[/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو أصلحت قلبها و أخلاقها و سلوكها مع زوجها و أهله.. [/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو تحلّت بالتعقّل في أمورها و بالصبر الجميل على ما قد يصيبها من المرحلة الانتقالية التي تواجهها بانتقالها إلى بيت زوجها..[/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو تضع يدها في يد بعلها و تتّحد معه في الأفكار و الأعمال لبناء الأسرة المتكاملة السعيدة القائمة على الحبّ و المودّة و الدفء..[/font]
[font="]ما أجمل الزوجة التي تحسن توظيف إمكاناتها لفائدة زوجها و أبنائها..[/font]
[font="]ما أحلى الزوجة التي يحسّ زوجها بالسكن و الراحة كلّما عاد إلى البيت بعد يوم من العمل و الجهد..[/font]
[font="]و ما أجمل، و ما أحلى، و ما أعظم امرأة تتمكّن من الاستيلاء على قلب بعلها و على مشاعره و أحاسيسه، بكلمة صادقة تقولها له: " كلّ شيء يهون في سبيل سعادتك و سعادة أبنائنا ".. [/font]
[font="]و لتعلم كلّ زوجة و كلّ امرأة تبحث عن السعادة الحقيقية، أنّ السعادة حقيقة تفرز محبّة حقيقيّة تتلخّص في بضعة كلمات هي: أن نعمل على سعادة من نحبّ..[/font]
[font="]فإذا أردت أختي الفاضلة أن تتوفّقي إلى ذلك، عليك أن تتأدّبي بآداب الإسلام، و أن تقبلي على تهذيب أفكارك و صقل إمكانياتك بالعلم و المعرفة، و أن تعمري قلبك بالإيمان بالله، فتسعد حياتك، و تعيش أسرتك في هدوء و طمأنينة و أمل.. [/font]
[font="]ساعتها نستطيع أن نقول: أنّك بإذن الله تعالى لن يعرف اليأس طريقا إلى قلبك..[/font]
[font="]و أطرق صديقي هشام يفكّر، و كأنّي به ينتظر البقيّة محرقا السيجارة بعد السيجارة..[/font]
[font="][/font]
[font="]
[/font]
[font="] و للحديث بقية غدا إن شاء الله تعالى[/font]
[font="][/font]
[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب
[/font]
[font="] [/font]
[font="]من الأصدقاء الذين أعتزّ بصحبتهم و يسعدني مقاسمته نفس المكتب في المؤسّسة التي نعمل بها، لما يحمله من روح مرحة و صدق في التعامل مع الآخرين.. هو هشام ابن النجم.. شاب مثقّف، متعلّم، متواضع، و أهم خصلة يمتاز بها أنّه متسامح مع كلّ المحيطين به..[/font]
[font="]مشكلته أنّه غير مقتنع حاليا بضرورة الإسراع باختيار شريكة لحياته و بالتّالي بناء عشّ الزوجية.. و مع احترامي الشديد لأفكاره، إلاّ أنّي أبديت له في العديد من المناسبات عن اعتراضي الكبير لعزوفه عن الزواج و تكوين أسرة تخرجه من الحيرة و الضياع الذي يعيشه بالرّغم من اجتهاده لإخفاء حقيقة الحياة التي يعيشها.. [/font]
[font="]و قرّرت ذات يوم أن أفاتحه في الموضوع.. أحاول أن أغيّر الفكرة السلبية التي يحملها عن الفتاة و عن صعوبة الارتباط بها في القرن الواحد و العشرين..[/font]
[font="]فسألته: لِمَ لَمْ تتزوّج إلى يوم الناس هذا، و قطار العمر ينتقل من محطّة إلى محطّة بسرعة جنونيّة ؟.. و لا يترقّب أحد.. و لا يتوقّف.. هذه سنّة الحياة يا صاحبي..[/font]
[font="]أجاب بسرعة و كأنّه ينتظر السؤال في كلّ لحظة، و من جميع المحيطين به: و ماذا يعجبك في الزواج الذي أصبح كلّ شيء فيه مضبوط بقوانين و عقود و التزامات، و لم يعد يعترف بالتقاليد، و الشرع، و السنّة ؟.. و بعد أن جذب نفسا من سيجارته سألني بشيء من الاستهزاء: ما هو معنى الزواج في نظرك يا شيخ ؟..[/font]
[font="]كنت أعلم مسبّقا أنّه سيطرح عليّ هذا السؤال، فعالجته بهدوء و ذكاء و مرونة و قلت مستعينا بالله سبحانه: [/font]
[font="]إنّ من نعم الله تعالى على عباده أن خلق الأزواج سكنا و طمأنينة و استقرارا، يجد الرجل في زوجته بعد الحقّ تبارك و تعالى الدفء و الحنان و المودّة، و تفريج كروباته و همومه، و تعينه على مشاق الحياة و متاعب الزمن، و تخفّف عنه آلامه و أوجاعه و تواسيه بنفسها، و تعينه على حسن القيام بعباداته و التسابق إلى الخيرات، و بذل كلّ ما بوسعه للإنفاق و مساعدة المحتاجين..[/font]
[font="]و تجد المرأة في زوجها سندا قويّا يحميها من مفاجآت الحياة، و ظلاّ ينشر عليها من الحبّ و العناية و الإحاطة و الرعاية ما يجعلها تشعر بالأمن و الطمأنينة، بالإضافة إلى بذل جهده ليسدي إليها حقوقها و زيادة و ذلك أسوة بنبيّنا و حبيبنا و سيّدنا محمّد صلى الله عليه و سلم مع زوجته الأولى خديجة بنت خويلد الذي تزوّجها وهو لا يملك من الدّنيا غير أمانته و صدقه المعروف بهما في مختلف تعاملاته مع قريش و غيرها.. [/font]
[font="]و أمّ المؤمنين السيّدة خديجة رضي الله عنها و أرضاها معروف عنها أنّها هي التي سعت للتزوّج برسول الله صلى الله عليه و سلم، لما لمست فيه من التفاني و الأمانة في التعامل مع تجارتها.. و قد أنجبت له جميع أبنائه باستثناء إبراهيم من مريّا القبطيّة رضوان الله عليها.. و السيّدة خديجة التي تزوّجت مرّتين قبل النبيّ صلى الله عليه و سلم، و في كلّ مرّة يموت زوجها، كانت سرّ نجاحه قبل البعثة، فقد آمنت به حين كذّبه الناس، و أعطته حين أمسك عنه الناس، و ساندته حين تخلّى عنه أقرب الناس.. و حين نزل الوحي عليه لأوّل مرّة، قال لها صلى الله عليه و سلم: " ... لقد خشيت على نفسي ..." الحديث. فقالت رضي الله عنها: " كلاّ، و الله ما يخزيك الله أبدا إنّك لتصل الرحم و تحمل الكل، و تكسب المعدوم، و تقري الضيف، و تعين على نوائب الحقّ ".[/font][font="] ( أخرجه البخاري و مسلم في الصحيح )..[/font]
[font="]و المرأة قد تكون أيضا سرّ نجاح الرجل في بيته و خارجه، و مع ذلك فالحياة الزوجية في غالبها قد تشهد صور متكرّرة من المآسي و المشاحنات و المعاناة قد تصل إلى حالات الطّلاق.. و لا تكاد أسرة تخلو من المشاكل و التفكّك، و كل فرد من أفراد الأسرة يحمل في الذاكرة العديد من الحكايات و الأحداث المؤثّرة لتلك الحالات.. و الأسباب تتشابه و تتكرّر، و إذا رأينا من الفائدة بمكان تدارس هذه الحالات و مناقشتها، إنّما هو من أجل اجتناب سيّئاتها و تلافيها.. فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: " كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلّم عن الخير و كنت أسأل عن الشرّ مخافة أن يدركني ".[/font][font="]( رواه البخاري و غيره )[/font][font="].[/font]
[font="]هنا استوقفني هشام: خرجت عن الموضوع يا شيخ..[/font]
[font="] [/font]
[font="]قلت له بهدوء: بل نحن في صلب الموضوع، لكنّنا لا زلنا في بدايته.. يا صديقي هذه مقدّمة صغيرة لموضوع ضخم، و بحث شاق، أضعه بين يديك لعلّك تجد فيه بغيتك في تغيير أفكارك عن الزواج، و ستلاحظ من خلال هذا البحث أنّ على الأزواج مجاهدة النّفس و المصابرة لتتلاقى طبيعة هذا مع طبيعة تلك، فيحصل السكن و المودّة و الدفء و الألفة، فيفرز ذلك خيرا كبيرا..[/font]
[font="] [/font]
[font="]يقول تعالى: " و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودّة و رحمة إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون ".[/font][font="] ( سورة الرّوم الآية: 21 ).[/font]
[font="]و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلّم: " الدّنيا متاع و خير متاع الدّنيا المرأة الصّالحة ".[/font][font="] ( أخرجه مسلم و غيره )[/font][font="]. [/font]
[font="]و عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزّ و جلّ خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، و إن نظر إليها سرّته، و إن أقسم عليها أبرته، و إن غاب عنها نصحته في نفسه و ماله ".[/font][font="]( رواه ابن ماجه )[/font][font="]..[/font]
[font="] * أيها الزوج لا تكن ضعيف الإرادة[/font]
[font="] [/font]
[font="]للزواج رباط متين و ميثاق غليظ، قال تبارك و تعالى: " و أخذن منكم ميثاقا غليظا ".[/font][font="]( سورة النساء من الآية: 21[/font][font="] [/font][font="])[/font][font="]، و قد تَحَمَّلْت أمانة و مسؤولية و تبعات، و الزواج كرامة للرجل و للمرأة، و بموجب الفطرة تتوزّع الأدوار لتستقيم الحياة الزوجية. يقول الحقّ تبارك و تعالى: " الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعضٍ و بما أنفقوا من أموالهم... ". [/font][font="] ( سورة النساء من الآية: 34 )[/font][font="]. [/font]
[font="]فاجعل أيها الزوج قوامتها إليك و لا تكن ضعيف الإرادة، فاقد الشخصية، فتستذلّك و تستعبدك و تؤذيك و تجعل حياتك جحيم، و لا تهنها و لا تظلمها، فإنّ تسلّطك على الضعيف يدل على ضعفك، و لا تجعلها من سقط المتاع، و اقبل الخير الذي تسديه إليك، و اصبر على التقصير و لا تطمع منها بالكمال فإنّهنّ خلقن من ضلع أعوج كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " إنّ المرأة خُلِقَتْ من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها و بها عوج و إن ذهبت تقيمها كسّرتها و كسرها طلاقها ".[/font][font="]( أخرجه البخاري )[/font][font="]. و هذه وصيّة الرسول صلى الله عليه و سلم لك أيّها الزوج، فقد روى جابر بن عبد الله في خطبة حجّة الوداع: " فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله، و استحللتم فروجهنّ بكلمة الله، و لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرح، و لهنّ عليكم رزقهنّ و كسوتهنّ بالمعروف.. ".[/font][font="] ( أخرجه مسلم ) [/font][font="]و قوله: أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكر هونه أي: ألاّ يأذن لأحد تكرهونه دخول بيوتكم، رجلا كان أو امرأة من محارم الزوجة أو غيرهم..[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]* أيتها الزوجة.. كلّ شيء يهون...[/font]
[font="] [/font]
[font="]إنّ لبعض الزوجات ممّن فهمن التحرّر و المساواة فهما خاطئا، تصرّفات سيّئة تمليها عليها نفسها الأمّارة بالسّوء، أو يقذفها أحد الأغراب عن عشّ الزوجية في قلبها و عقلها، أو بما يوسوس لها الشيطان.. كلّ ذلك لا يكون إلاّ بسبب ضعف الإيمان بالله سبحانه، يكون سببا لأن يجعل من بيت زوجها جحيما لا يطاق، و معاناة يومية قاسية جدّا، و ربّما يصل إلى حدّ الندم على هذا الارتباط، أو قد يحصل طلاقها، و من ثمّ تتحوّل الأسرة المتماسكة إلى أسرة متفكّكة، و تصبح الزوجة تتحسّر على ما اقترفت و يصيبها القلق و الخوف و الاكتئاب، إلى أن تصل إلى مرحلة اليأس..[/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو أصلحت قلبها و أخلاقها و سلوكها مع زوجها و أهله.. [/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو تحلّت بالتعقّل في أمورها و بالصبر الجميل على ما قد يصيبها من المرحلة الانتقالية التي تواجهها بانتقالها إلى بيت زوجها..[/font]
[font="]و ماذا يضيرها لو تضع يدها في يد بعلها و تتّحد معه في الأفكار و الأعمال لبناء الأسرة المتكاملة السعيدة القائمة على الحبّ و المودّة و الدفء..[/font]
[font="]ما أجمل الزوجة التي تحسن توظيف إمكاناتها لفائدة زوجها و أبنائها..[/font]
[font="]ما أحلى الزوجة التي يحسّ زوجها بالسكن و الراحة كلّما عاد إلى البيت بعد يوم من العمل و الجهد..[/font]
[font="]و ما أجمل، و ما أحلى، و ما أعظم امرأة تتمكّن من الاستيلاء على قلب بعلها و على مشاعره و أحاسيسه، بكلمة صادقة تقولها له: " كلّ شيء يهون في سبيل سعادتك و سعادة أبنائنا ".. [/font]
[font="]و لتعلم كلّ زوجة و كلّ امرأة تبحث عن السعادة الحقيقية، أنّ السعادة حقيقة تفرز محبّة حقيقيّة تتلخّص في بضعة كلمات هي: أن نعمل على سعادة من نحبّ..[/font]
[font="]فإذا أردت أختي الفاضلة أن تتوفّقي إلى ذلك، عليك أن تتأدّبي بآداب الإسلام، و أن تقبلي على تهذيب أفكارك و صقل إمكانياتك بالعلم و المعرفة، و أن تعمري قلبك بالإيمان بالله، فتسعد حياتك، و تعيش أسرتك في هدوء و طمأنينة و أمل.. [/font]
[font="]ساعتها نستطيع أن نقول: أنّك بإذن الله تعالى لن يعرف اليأس طريقا إلى قلبك..[/font]
[font="]و أطرق صديقي هشام يفكّر، و كأنّي به ينتظر البقيّة محرقا السيجارة بعد السيجارة..[/font]
[font="][/font]
[font="]
[/font]
[font="] و للحديث بقية غدا إن شاء الله تعالى[/font]
[font="][/font]
[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب
[/font]