لقاح كورونا

Hzzazi Hzzazi
1442/05/15 - 2020/12/30 14:19PM

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي بحكمتِه أَنزلَ لكلِّ داءٍ دَواءً، عَلِمَه مَن علمَه، وجَهلَه مَن جَهلَه، وأَشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له شَهادةَ من يُريدُ النَّجاةَ من عَذابِ اللهِ يَوم لِقاهُ، ومَن يَريدُ بها التَّقرُّب إلى مرضاتِ اللهِ.

وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له؛ تَأكيدًا بعدَ تَأكيدٍ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه وصفيُّه وخليلُه، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وعلى صحبِه وسلمَ تَسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) لقمان:23.

أيها الإخوة : لقد طُعِنَ العالَمُ في رئتيه بداء "كُورُونَا"، ذلك الوباء الذي سلَب الأجفانَ كَراها، والأبدانَ قُوَاها، وغزا البلدانَ وغشَّاها، وفتَق الأجواءَ، وشقَّ الأرجاءَ، وأفسَد الهواءَ، فسبحان مَنْ يُنزِل الداء، ويأذن بالعدوى إذا شاء؛ امتحانًا واختبارًا، وتذكيرًا وتخويفًا، فافزعوا إلى ذِكْر الله ودعائه واستغفاره، والتَجِئُوا إليه واطلبوا الحمايةَ والوقايةَ منه، وحافِظُوا على الأذكار والأدعية المأثورة، فليس أنفعَ للوباء من الدعاء وصدق الالتجاء.

 

مخلوق صغير لم تُعجزه الدول الكبرى، ولم تُوقِفه الأمم العظمى، يرُهبهم العطاس، ويُبعثرهم السعال، كلٌّ يبحث عن النجاة، مخلوق صغير لا يُرى بالعين المجردة، جاء ليوقظ من غفلة، وليكشف العجز ويبرز الضَّعف، وليدل على الواحد القهار، القادر الجبَّار، ذي العزة والجلال، لا إله إلا هو، أوقَف العالَمَ ولم يُقعده، وشلَّ أركان الدول، وعاث في الأمم، ارتعد أمامه الأقوياء، واضطربت من جرائه الأوضاع، واهتزت له منصات العالَم، لا عظيم إلا المهيمن الجبار، ولا قوي إلا الله العلي الغفار.

 

هذه الجائحة وهذا الداء كشفت عن الدول الصارمة الحازمة التي أخذت بالأسباب وحفظت -بإذن الله- أنفسَها وشعوبها وتعاملت مع سنن الله، بينما تقاعست دول وتثاقلت حتى أخذ منها هذا الداء ما أخذ.

وتأتي هذه الدولة المباركة، المملكة العربية السعودية، لتصنع قرارات تاريخية، وتضع رؤية ثاقبة، تضع صحة من يعيش على هذه الأرض الطاهرة، من مواطن ومقيم، في ميزان ديني وبُعد إنساني، فجنَّدت كل القطاعات، واستنفرت كل الطاقات على مدار الساعة، مستعينةً بالله، ثم برجالها وإمكانياتها، لمواجَهة كل الاحتمالات،

 

فلقد منَح الله بمنِّه وفضله هذه الدولة الحكمة، وحُسْن التصرف، فجنَّدت كل طرائق الوقاية، ووفَّرت كلَّ سبل العلاج، ومنها هذا اللقاح الفعّال بإذن الله، وهيَّأت أسباب الراحة والطمأنينة والعيش الكريم، في كل الاتجاهات، وللجميع وبدون استثناء، وقفة تقدير وشكر وعرفان لهؤلاء الأبطال المرابطين، من رجال الأمن ورجال الصحة، والخدمات الاجتماعية والعلماء والدعاة ومن يعمل معهم، وأعانهم وأيدهم ودعا لهم، نسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...

 

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله، آوى من إلى لطفه أوى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، داوى بإنعامه من يئس من أسقامه الدوا، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، ضل من عصاه وفي غي الهوى هوى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة تبقى وسلاما يترى.                                    أَمَّا بَعْدُ ..

 

معاشر الإخوة: في الابتلاء يراجع العبد علاقتَه مع ربه، وصدقه في الالتجاء إليه وحده، وحُسْن توكله عليه، وقطع كل أسباب التعلق بغيره، وفي الحديث: "لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى اللهَ وما عليه خطيئة"(رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح)، ويقول الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: "فلولا أنه -سبحانه- يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطَغَوْا وبَغَوْا وعَتَوْا".

 

يا أيها الكرام:

يجب علينا الاستمرار في اتِّباعِ التَّوجيهاتِ وعدم التَّساهلِ ، حتى نجتازَ الأزمةَ ونرجعَ إلى حياتِنا الطبيعيةِ.

 

ألم تشتاقوا إلى مجالسِ الأهلِ والأصحابِ؟، ألم تشتاقوا إلى عِناقِ الأحبابِ؟، ألم يأنِ لنا أن نتراصَّ في صفوفِنا؟، ألم يحنْ لنا أن نتصافحَ بكفوفِنا؟، فالصبرَ الصبرَ .. والالتزامَ الالتزامَ .. فإنما هي أيامٌ وأيامٌ، ويعودُ الفرحُ وينكشفُ الغَمامُ.

عمَّا قريبٍ نرى الأفراحَ غامرةً *** ويرحلُ الحزنُ عنَّا وهو مَخذولُ

وتَنجلي الغُمَّةُ السَّوداءُ صَاغرةً *** لا رَيبَ فاليُسرُ بعدَ العُسرِ مَأمولُ

اللهمَّ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ سبحانَك إنَّا كُنَّا من الظالمينَ، اللهمَّ اكشف عنا الضَّراءَ والبأساءَ، وارفع عَنَّا وعن الناسِ هذا الوَباءَ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ.

اللهم احفظ إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ وولي عهدِه الأمينِ، اللهم انصر بهم الحقَّ وأهلَه، وادحر بهم الباطلَ وأهلَه، إنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ.

اللهم انصر جنودَنا، وأمَّن حدودَنا، ويَسر أمورَنا، واشرح صدورَنا، ونور قلوبَنا، واحفظنا وإياهم من بين أيدينا ومن خلفِنا يا ربَّ العالمينَ.

 
 
مقتبسة من خطب الشيخ صالح بن حميد والشيخ صلاح البدير والشيخ هلال الهاجري -جزاهم الله خيرا
المرفقات

1609337891_لقاح كورونا.doc

1609337891_لقاح كورونا.pdf

المشاهدات 4711 | التعليقات 0