لغز نبوي !!    

عبدالله اليابس
1440/05/11 - 2019/01/17 07:15AM

لغز نبوي !!                                   الجمعة 12/5/1440هـ

الحَمدُ للهِ العَليِ الأَعْلَى؛ أَعطَى كُلَّ شِيٍء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى، وَوَفَّقَ العِبادَ لِلهُدَى، فَمِنْهُمْ مَنَّ ضَلَّ وَمِنْهُمْ مَنْ اهتَدَى، أَحمَدُهُ عَلَى نِعَمَهِ وَآَلَائِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى فَضلِهِ وَإِحسَانِهِ، وَأَشهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ آَمَنَّا بِهِ، وَعَلَيهِ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيهِ أَنَبْنَا وَإِلِيهِ المَصيرُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أُوذِيَ فَصَبَرَ، وَظَفَرَ فَشَكَرَ، أَقَامَ الحُجَّةَ، وَأَوضَحَ المَحَجَّةَ، وَأَرسَى دَعَائِمَ الـمِلَّةِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصحَابِهِ وَمن اتبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}.

يَا أُمَّةَ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ.. هَا هُوَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ.. الهَيِّنُ الَّلَينُ.. يجلُس مَعَ أَصحَابهِ رِضوانُ اللهِ تَعَالىَ عليهِم.. وَيَطرَحُ عَليهِمْ لُغْزًا.. نَعَمْ.. طَرَحَ عَليهِمْ لُغزًا وَاختَبَرَهُم فِي إِجَابَتِهِ..

وَلْنَسْمَعْ لِخَبَرِ ذَلِكَ المَجْلِسِ النَّبَويِّ مِنْ أحدِ الحاضرينَ.. روى البخاري ومسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟). فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي. قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَقَالَ: (هِيَ النَّخْلَةُ). قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.

جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَاياتِ الحَدِيثِ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ كانَ عِندَهُ عَشْرَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنهُم أَبو بكرٍ وَعُمَرَ رَضِي اللهُ عَنهُمَا, فأتِي بجُمَّارِ النَّخْلِ .. "أَي قَلبُها".. فَسَألَ السؤالَ الذي مَرَّ قَبْلَ قَلِيلٍ, قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرٍ رضي الله عنهما: فَلَمَّا رَأيتُ جُمَّارَ النَّخلِ فِي يَدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَأكُلُ مِنهُ وَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهَا النخلةُ، وَلَكِنِ اِسْتَحَييتُ أَنْ أَتَكَلَمَ عِندَهُ صلى الله عليه وسلم بِحضُورِ كِبارِ الصحابةِ.

أيها الإخوة.. هَذَا الحَدِيثُ عَظيمٌ كَثيرُ الفَوَائِدِ, ولعلنَا اليومَ نتوقفُ مع بعضِ الفَرَائِدِ والفوائِدِ من هذا الحديث الجليلِ.

فَمِن فوائِدِه تشبيهُ رسولِ اللهِ صلى الله عليهِ وسلمَ المؤمنَ بالنخلةِ, أَمَّا وَجْهُ الشبه بين المؤمِنِ والنخلةِ فقد قالَ النوويُ رحمهُ الله تعالى: (قالَ الْعُلَمَاءُ: وَشَبَّهَ النَّخْلَةَ بِالْمُسْلِمِ فِي كَثْرَةِ خَيْرِهَا, وَدَوَامِ ظِلِّهَا, وَطِيبِ ثَمَرِهَا, وَوُجُودِهِ عَلَى الدَّوَامِ, فَإِنَّهُ مِنْ حِينِ يَطْلُعُ ثَمَرُهَا لايزال يُؤْكَلُ مِنْهُ حَتَّى يَيْبَسَ, وَبَعْدَ أَنْ يَيْبَسَ يُتَّخَذُ مِنْهُ مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ, وَمِنْ خَشَبِهَا وَوَرَقِهَا وَأَغْصَانِهَا, فَيُسْتَعْمَلُ جُذُوعًا وَحَطَبًا وَعِصِيًّا وَمَخَاصِرَ وَحُصْرًا وَحِبَالًا وَأَوَانِيَ وَغَيْرَ ذَلِكَ, ثُمَّ آخِرُ شَيْءٍ مِنْهَا نَوَاهَا وَيُنْتَفَعُ بِهِ عَلَفًا لِلْإِبِلِ, ثُمَّ جَمَالُ نَبَاتِهَا, وَحُسْنُ هَيْئَةِ ثَمَرِهَا, فَهِي مَنَافِعُ كُلُّهَا, وَخَيْرٌ وَجَمَالٌ, كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ خَيْرٌ كُلُّهُ مِنْ كَثْرَةِ طَاعَاتِهِ, وَمَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ, وَيُوَاظِبُ عَلَى صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ, وَقِرَاءَتِهِ وَذِكْرِهِ, وَالصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ, وَسَائِرِ الطَّاعَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ).

فالمؤمنُ إذاً كثيرُ الخيرِ والنَفعِ, كالغيثِ أينما حَلَّ نَفَعَ.. إذا جَلَسَ مَجلِسًا عَطَّرَهُ بالنافِعِ والمفيدِ, مُستحضرًا قولَ النبي صلى الله عليه وسلمَ الذي رواه أبو داوود وغيرُه وصححه الألباني: (مَا جَلَسَ قَومٌ مَجلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصلُّوا عَلَى نَبيِّهم إِلَّا كَانَ عَلَيهِمْ تِرَةً (أي حسرةً) فَإِنْ شَاءَ عَذَّبهُم، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ).

والمؤمنُ كذلكَ يَنشُرُ الخيرَ فِي أي موضعٍ يحِلُّ فيه.. بل إِنَّهُ يكونُ سبباً في حفظِ الله تعالى للمجتمعِ, قال الله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ}.

وَمِنْ فوائِدِ الحَديثِ: فضيلةُ النَّخلَةِ وعِظَمُ بَرَكَتِها, ولِذلِكَ شَبَّهَ اللهُ تعالى كَلِمَةَ التَّوحيدِ بِهَا فِي الُقرآنِ العَظيمِ.. قَالَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} قَالَ بعضُ المُفسرينَ: الكَلمةُ الطَّيِّبَةُ هِيَ لَا إِلهَ إِلَّا اللُه، وَالشَّجَرَةُ الطِّيبةُ هيَ: النَّخلَةُ.. فَإِنَّهَا طَيِّبَةُ الثَّمَرَةِ، أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الأَرضِ وَفَرْعُهَا إِلَى أَعلَاهَا فِي السَّمَاءِ، كَذَلِكَ أَصلُ هَذِهِ الكَلِمَةِ رَاسِخٌ فِي قَلبِ المُؤمِنِ بِالمَعرِفَةِ وَالتَّصديقِ، فَإِذَا تَكَلَّمَ بِهَا عَرَجَتْ فَلا تُحجَبُ حَتَّى تَنتَهِي إِلَى اللهِ.

وَمِنْ فوائِدِ الحَديثِ: اسْتِحْبَابُ إِلْقَاءِ الْعَالِمِ والمُعَلِّمِ والمُرَبيِّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى النَّاسِ لِيَخْتَبِرَ أَفْهَامَهُمْ وَيُرَغِّبَهُمْ فِي الْفِكْرِ.

وهذا أسلوبٌ تعليميٌ ناجحٌ.. يُعينُ في لَفتِ انتباهِ المُتَعَلِمِ والمُتربي قبل طرح المَعلومة.

فهذا رسول اللهِ صلى اللهِ عليهِ وسلمَ يستعملُ هذا الأسلوبَ كثيرًا.

فمرةً يسألُ ابنَ مسعودٍ رضي الله عنه: (أتدري أيُّ عُرَى الإيمانِ أوثقُ؟) ثم يُخبِرُهُ: (الولايةُ فيهِ، والحُبُّ فيه، والبُغضُ فيهِ), ويسألُ أخرى معاذَ بن جبل: (يا معاذُ، أتدري ما حقُّ اللهِ على العبادِ. قال: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: أن يعبدوهُ ولا يُشركوا به شيئًا).

وَمِنْ فوائِدِ الحَديثِ: أَنَّ مِنْ أَهَمِّ وسائلِ تَقريبِ المعلومةِ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ وَالْأَشْبَاهِ.

وَهوَ أسلوبٌ نبويٌ كذلك.. كما شَبَهَ صلى الله عليه وسلم المؤمنَ الذي يقرأُ القرآنَ بالأُترجة, وكما قالَ: (مَا لِي وَلِلدُّنيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنيا إِلا كَراكِبٍ استَظَلَّ تحتَ شجرةٍ، ثم رَاحَ وتَرَكَها)

وَمِنْ فوائِدِ الحَديثِ: أنَّهُ يَنبَغِيْ لِلسَائِلِ إِذَا أَلقَى لُغزاً عَلَى غَيرِهِ أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي تَعتَيِمِهِ وَإِخفَائِهِ عَلى المَسؤولِ، بَلْ يَنبغِي أَنْ يُقَرِّبَ لَهُ حَتَى يَقَعَ فِي فِكْرِهِ فَيعرِفَهُ, كَمَا فَعَلَ النبيُ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ أَلقَى السُّؤَالِ عَليهِم وَجُمَّارُ النخلِ في يده.

وَكَمَا أَلْغَزَ ابنُ حَجَرٍ فِي عُودِ الأَرَاكِ فَقَالَ:

أَرَاكَ تَرُومُ إِدراكَ المَعَانِي ***  وَتَزْعُمُ أَنَّ عِنْدَكَ مِنْهُ فَهْمَاً

فَمَا شَيءٌ لَهُ طِيبٌ وَطَعْمٌ *** وَذَاكَ الشَيءُ فِي شِعْرِي مُسَمَّى

فأولُ ما قالَ في لُغزه: أَرَاكَ، لِيبقَى لِلمسؤولِ بَابَاً لِمَعرِفَتِهِ.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, قد قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ, وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ :  {ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. فَمَا زِلْنَا مَعَ فوائدَ من حديثِ اللغزِ النبويِّ..

وَمِنْ فَوَائِدِ الحَديثِ أَنَّ العَالِمَ الكَبيرَ قَدْ تَخفَى عَليهِ بعضُ المَسائلِ، وَيُحَصِلُّهَا مَنْ هوَ دُونَه؛ لِأَنَّ العِلمَ مَواهبُ مِنَ اللهِ، وَاللهُ يُؤتِي الحِكمةَ مَنْ يَشَاء، كَمَا خَفِيَ عَلى أَبي بَكرٍ وَعُمَرَ وَغَيرِهُما سؤالُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.. وَفَهِمَهُ عَبدُ اللهِ عَلَى صِغَرِ سِنِّهِ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الحَديثِ: أنَّ ظهورَ نَجابَةِ الوَلَدِ وفلاحِهِ مما يُدخِلُ السُّرورَ على الوالدَينِ.

فَهَذَا عُمرُ رضي اللهُ عنهُ لَمَّا عَلِمَ أنَّ ابنَه عبدَاللهِ كان يعرِفُ الإجابةَ تمنى أنّه تَكَلَّمَ بها عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه.. لعلَّه يرفعُ رأسَ أبيهِ وينالُ دعوةً من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.. ولذلك قال عمرُ رضي اللهُ عنه: (لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَ: هِيَ النَّخْلَةُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا) يعني من مفاخِرِ الدنيا.

فَليحرِصِ الأبناءُ على إدخالِ السرورِ على والديهِم.. ورَفعِ رأسهِم بين الناسِ.. ألا وإنَّ مِنْ أعظَمِ ما يَرفَعُ رأسَ الوالدينِ تَديُنُ الوَلَدِ وصلاحُهُ.. ولذلكَ فإن النبيَّ صلى الله عليهِ وسلم لَمَّا ذَكَرَ العملَ الصالحَ الذي لا ينقطِعُ بوفاةِ الإنسانِ ذكر منهُ: دعاءُ الولدِ الصالِح.

وروى أبو هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (يَجيءُ القُرآنُ يومَ القِيامةِ كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، يَقولُ لصاحِبِهِ: هل تَعْرِفُني؟ أنا الَّذي كُنتُ أُسهِرُ لَيْلَكَ، وأُظْمِئُ هَواجِرَكَ، وإنَّ كلَّ تاجرٍ مِن وراءِ تِجارَتِهِ، وأنا لكَ اليومَ مِن وراءِ كلِّ تاجرٍ. فيُعطَى المُلْكَ بيمينِهِ، والخُلْدَ بشِمالِهِ، ويُوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ، ويُكْسَى والِداهُ حُلَّتَيْنِ لا تَقُومُ لهُما الدُّنْيا وما فيها، فيَقولانِ: يا ربِّ، أنَّى لنا هذا؟ فيُقالُ: بتعليمِ وَلَدِكُما القُرآنَ).

وَمِنْ فَوَائِدِ الحَديثِ: فَضيلةُ الأدبِ مَعَ الأَكَابِرِ وَالإِخْوَانِ وَالأَصحابِ.. خَصوصًا إذا كان فيهِم كِبارُ السنِّ..

فَهَذَا عبدُاللهِ بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما عَرَفَ الإِجَابَةَ عن سؤالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لكنَّهُ لم يَتحَدثْ به بحضورِ الأكابِرِ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وَما أَحوَجَنا إلى مثلِ هذا الأدبِ في هذا الزمان.. الذي أصبَحنَا نُشاهِدُ فيهِ كثيرًا من صورِ عدمِ الاحترامِ للوالدينِ وكبارِ السنِّ.. حتَّى أصبَحَ البعضُ ينشُرُ عَبرَ وسائِلِ التَّواصُلِ والاتصالِ مقاطِعَ يتجَاوَزُ فيها على والديهِ أو أصحابِهِ رغبةً في إضحاكِ الناسِ وزيادةِ المُشاهَداتِ والمُتابعينَ.

روى أبو داوودَ وغيرُهُ وصححه الألبانيُّ عن عبدِاللهِ بن عمرو رضي الله عنهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا).

أيها الإخوة.. وبعد.. فهذا طرفٌ من فوائِدِ هذا الحديثِ الجليل.. ويكفي من القلادَةِ ما أحاطَ بالعُنُقِ..

أسأل اللهَ أن يُعلِمَنا ما ينفعُنا.. وأن يَنفَعنا بما عَلَّمنا.. وأن يزيدنا علمًا إنه جوادٌ كريم.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

نبوي-12-5-1440

نبوي-12-5-1440

المشاهدات 4109 | التعليقات 0