لعلكم تشكرون
د صالح بن مقبل العصيمي
1436/09/27 - 2015/07/14 14:59PM
لعلكم تشكرون
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، أكْثِرُوا مِنَ الْاِسْتِغْفَارِ؛ فَإِنَّهُ خِتَامُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ،(كَالصَّلَاةِ ، وَالْحَجِّ) . وَأَكْثِرُوا مِنْ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى أَنْ وَفَّقَكُمْ لِصِيَامِ رَمَضَانَ، وَقِيَامِهِ. فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي آَخِرِ آَيَةِ الصِّيَامِ: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
وَالشُّكْرُ لَيْسَ بِاللِّسَانِ وَإِنَّمَا بِالْقَلْبِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَعَدَمِ الْإِدْبَارِ بَعْدَ الْإِقْبَالِ . إِنَّ الْفَائِزِينَ فِي رَمَضَانَ ، كَانُوا فِي نَهَارِهِمْ صَائِمِينَ ، وَفِي لَيْلِهِمْ سَاجِدِينَ ، بُكَاءٌ وَخُشُوعٌ ، وَفِي الْغُرُوبِ وَالْأَسْحَارِ تَسْبِيحٌ ، وَتَهْلِيلٌ ، وَذِكْرٌ ، وَاسْتِغْفَارٌ ، مَا تَرَكُوا بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ إِلَّا وَلَجُوهُ ، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ وَخَائِفَةٌ ...!! لَا يَدْرُونَ هَلْ قُبِلَتْ أَعْمَالُهُمْ أَمْ لَم تُقْبَلْ ؟ وَهَلْ كَانَتْ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ أَمْ لَا ؟
فَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَحْمِلُونَ هَمَّ قُبُولِ الْعَمَلِ أَكْثَرَ مِنَ الْعَمَلِ نَفْسِهِ، قَالَ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، هَذِهِ هِيَ صِفَةٌ مِنْ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: يَعْطُونَ الْعَطَاءَ مِنْ زَكَاةٍ وَصَدَقَةٍ، وَيَتَقَرَّبُونَ بَأَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ؛ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ أَعْمَالُهُمْ . قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ :( كُونُوا لِقُبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اِهْتِمَاماً مِنَ الْعَمَلِ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)؟ لَقْد كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَدْعُونَ اللهَ أَنْ يُبْلِغَهُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَنْ يَتَقَبَّلْ مِنْهُمْ؛ نَسْأَلُ اللهَ أَنْ نَكُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَائِزِينَ .
وَمِنْ عَلَامَاتِ قُبُولِ الْعَمَلِ :
1) الْحَسَنَةُ بَعْدَ الْحَسَنَةِ: فَإِتْيَانُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَمَضَانَ بِالطَّاعَاتِ ، وَالْقُرُبَاتِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا؛ دَلِيلٌ عَلَى رِضَا اللهُ عَنِ الْعَبْدِ ، وَإِذَا رَضَيَ اللهُ عَنِ الْعَبْدِ وَفَّقَهُ إِلَى عَمَلِ الطَّاعَةِ، وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ. فَمَنْ اِعْتَادَ الْمُـكْثَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى شُرُوقِ الشَّمْسِ؛ فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ الْحَسَنَةِ مِنْ ثَانِي أَيَّامِ الْعِيدِ .
2) انْشِرَاحُ الصَّدْرِ لِلْعِبَادَةِ، وَالشُعُورِ بِلَذَّةِ الطَّاعَةِ، وَحَلَاوَةِ الْإِيمَانِ، وَالْفَرَحِ بِتَقْدِيمِ الْخَيْرِ، حَيْثُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ وَتَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ .
3) التَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ: مِنْ أَعْظَمِ الْعَلَامَاتِ الدَّالَةِ عَلى رِضَا اللهِ تَعَالَى .
4) الْغِيرَةُ لِلْدِينِ، وَالْغَضَبُ إِذَا اُنْتُهِكَتْ حُرُمَاتُ اللهِ، وَالْعَمَلُ لِلْإِسْلَامِ، وَبِذْلِ الْجُهْدِ وَالْمَالِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ .
5) الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ؛ فَمِنْ عَلَامَاتِ الْـخُذْلَانِ: النَّوْمُ فِي أَيَّامِ الْأَعْيَادِ عَنْ الصَّلَوَاتِ؛ خَاصَّةً صَلَاتَيِّ : الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، أَوْ إحْدَاهُمَا، وَهَذَا مُشَاهَدٌ وَمَلْحُوظٌ .
6) حِمَايَةُ الْأَهْلِ وَالنَّفْسِ مِنْ اِرْتِيَادِ أَمَاكِنِ الْاِخْتِلَاطِ وَالْمَـحْظُورَاتِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ، اِلْزِمُوا الْخُضُوعَ وَالْاِنْكِسَارَ لِلْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْعَجَبَ وَالْغُرُورَ بَعْدَ رَمَضَانَ ! فَرُبَّمَا حَدَّثَتِ الْبَعْضَ نَفْسُهُ بِأَنَّ لَدَيْهِ رَصِيدًا كَبِيرٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ، أَوْ أَنَّ ذُنُوبَهُ قَدْ غُفِرَتْ فَرَجِعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ . فَمَا زَالَ الشَّيْطَانُ يُغْرِينَا، وَالنَّفْسِ تُلْهِينَا؛ حَتَّى نُكْثِرَ مِنَ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ .رُبَّمَا تُعْجِبُنَا أَنْفُسُنَا فِيمَا قَدَّمْنَاهُ خِلَالَ رَمَضَانَ ... فَإِيَّاكُمْ ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَالْإِدْلَالَ عَلَى اللهِ بِاْلَعَمَلِ ، فَإِنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُقُولُ : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)،وَأُذَكِّرُكُمْ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ }؛ فَلَا تَـمُـنُّـوا عَلَى اللهِ بِمَا قَدَّمْتُمْ وَعَمِلْتُمْ . وَاحْذَرُوا مِنَ مُفْسِدَاتِ الْعَمَلِ الْخَفِيَّةِ مِنَ: النِّفَاقِ، وَالرِّيَاءِ، وَالْعُجْبِ .
اللهُمَّ تقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامِ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ، أكْثِرُوا مِنَ الْاِسْتِغْفَارِ؛ فَإِنَّهُ خِتَامُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ،(كَالصَّلَاةِ ، وَالْحَجِّ) . وَأَكْثِرُوا مِنْ شُكْرِ اللهِ تَعَالَى أَنْ وَفَّقَكُمْ لِصِيَامِ رَمَضَانَ، وَقِيَامِهِ. فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي آَخِرِ آَيَةِ الصِّيَامِ: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
وَالشُّكْرُ لَيْسَ بِاللِّسَانِ وَإِنَّمَا بِالْقَلْبِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَعَدَمِ الْإِدْبَارِ بَعْدَ الْإِقْبَالِ . إِنَّ الْفَائِزِينَ فِي رَمَضَانَ ، كَانُوا فِي نَهَارِهِمْ صَائِمِينَ ، وَفِي لَيْلِهِمْ سَاجِدِينَ ، بُكَاءٌ وَخُشُوعٌ ، وَفِي الْغُرُوبِ وَالْأَسْحَارِ تَسْبِيحٌ ، وَتَهْلِيلٌ ، وَذِكْرٌ ، وَاسْتِغْفَارٌ ، مَا تَرَكُوا بَاباً مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ إِلَّا وَلَجُوهُ ، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ وَخَائِفَةٌ ...!! لَا يَدْرُونَ هَلْ قُبِلَتْ أَعْمَالُهُمْ أَمْ لَم تُقْبَلْ ؟ وَهَلْ كَانَتْ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ أَمْ لَا ؟
فَلَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَحْمِلُونَ هَمَّ قُبُولِ الْعَمَلِ أَكْثَرَ مِنَ الْعَمَلِ نَفْسِهِ، قَالَ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، هَذِهِ هِيَ صِفَةٌ مِنْ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ: يَعْطُونَ الْعَطَاءَ مِنْ زَكَاةٍ وَصَدَقَةٍ، وَيَتَقَرَّبُونَ بَأَنْوَاعِ الْقُرُبَاتِ مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ؛ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ أَعْمَالُهُمْ . قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ :( كُونُوا لِقُبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اِهْتِمَاماً مِنَ الْعَمَلِ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)؟ لَقْد كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يَدْعُونَ اللهَ أَنْ يُبْلِغَهُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ ، وَأَنْ يَتَقَبَّلْ مِنْهُمْ؛ نَسْأَلُ اللهَ أَنْ نَكُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَائِزِينَ .
وَمِنْ عَلَامَاتِ قُبُولِ الْعَمَلِ :
1) الْحَسَنَةُ بَعْدَ الْحَسَنَةِ: فَإِتْيَانُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَمَضَانَ بِالطَّاعَاتِ ، وَالْقُرُبَاتِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا؛ دَلِيلٌ عَلَى رِضَا اللهُ عَنِ الْعَبْدِ ، وَإِذَا رَضَيَ اللهُ عَنِ الْعَبْدِ وَفَّقَهُ إِلَى عَمَلِ الطَّاعَةِ، وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ. فَمَنْ اِعْتَادَ الْمُـكْثَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى شُرُوقِ الشَّمْسِ؛ فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ الْحَسَنَةِ مِنْ ثَانِي أَيَّامِ الْعِيدِ .
2) انْشِرَاحُ الصَّدْرِ لِلْعِبَادَةِ، وَالشُعُورِ بِلَذَّةِ الطَّاعَةِ، وَحَلَاوَةِ الْإِيمَانِ، وَالْفَرَحِ بِتَقْدِيمِ الْخَيْرِ، حَيْثُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ تَسُرُّهُ حَسَنَتُهُ وَتَسُوءُهُ سَيِّئَتُهُ .
3) التَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ: مِنْ أَعْظَمِ الْعَلَامَاتِ الدَّالَةِ عَلى رِضَا اللهِ تَعَالَى .
4) الْغِيرَةُ لِلْدِينِ، وَالْغَضَبُ إِذَا اُنْتُهِكَتْ حُرُمَاتُ اللهِ، وَالْعَمَلُ لِلْإِسْلَامِ، وَبِذْلِ الْجُهْدِ وَالْمَالِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ .
5) الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ؛ فَمِنْ عَلَامَاتِ الْـخُذْلَانِ: النَّوْمُ فِي أَيَّامِ الْأَعْيَادِ عَنْ الصَّلَوَاتِ؛ خَاصَّةً صَلَاتَيِّ : الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، أَوْ إحْدَاهُمَا، وَهَذَا مُشَاهَدٌ وَمَلْحُوظٌ .
6) حِمَايَةُ الْأَهْلِ وَالنَّفْسِ مِنْ اِرْتِيَادِ أَمَاكِنِ الْاِخْتِلَاطِ وَالْمَـحْظُورَاتِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ، اِلْزِمُوا الْخُضُوعَ وَالْاِنْكِسَارَ لِلْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْعَجَبَ وَالْغُرُورَ بَعْدَ رَمَضَانَ ! فَرُبَّمَا حَدَّثَتِ الْبَعْضَ نَفْسُهُ بِأَنَّ لَدَيْهِ رَصِيدًا كَبِيرٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ، أَوْ أَنَّ ذُنُوبَهُ قَدْ غُفِرَتْ فَرَجِعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ . فَمَا زَالَ الشَّيْطَانُ يُغْرِينَا، وَالنَّفْسِ تُلْهِينَا؛ حَتَّى نُكْثِرَ مِنَ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ .رُبَّمَا تُعْجِبُنَا أَنْفُسُنَا فِيمَا قَدَّمْنَاهُ خِلَالَ رَمَضَانَ ... فَإِيَّاكُمْ ثُمَّ إِيَّاكُمْ وَالْإِدْلَالَ عَلَى اللهِ بِاْلَعَمَلِ ، فَإِنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يُقُولُ : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)،وَأُذَكِّرُكُمْ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ }؛ فَلَا تَـمُـنُّـوا عَلَى اللهِ بِمَا قَدَّمْتُمْ وَعَمِلْتُمْ . وَاحْذَرُوا مِنَ مُفْسِدَاتِ الْعَمَلِ الْخَفِيَّةِ مِنَ: النِّفَاقِ، وَالرِّيَاءِ، وَالْعُجْبِ .
اللهُمَّ تقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامِ. الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المرفقات
737.doc
738.doc
مَشْكُولَةٌ .docx
مَشْكُولَةٌ .docx
غير مشكولة .docx
غير مشكولة .docx
المشاهدات 2426 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
راشد الناصر
بارك الله في علمك ياشيخ صالح
لاشك أن العلم يتضح من قوة الاختصار في الخطبة فخير الكلام ما قل ودل
تعديل التعليق