لذة قضاء حوائج الناس
عبدالرزاق بن محمد العنزي
(22/11/1442هــ ) لذة قضاء حوائج الناس
الخطبة الأولى:
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرِضتُ فلم تعدني - (تَزُرْني) - قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي)). لقد أوضح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث شيئاً من معالم السعادة،فالسعادة تكمن في زيارة المريض والسؤال عن حاله وإطعام المحتاج وسقيه.
السعادة تكمن في ابتسامة الأيتام، ودعاء الفقراء، وإسعاد المحتاجين، ومسح دموع البائسين، ومؤازرة من يحتاج إلى التعاون والمناصرة ممّن لا ترجو منهم شيئا.
إنّ لقضاء حوائج الناس لذّة لا يعرفها إلا من جرّبها، فالمعروفَ أبقى الأعمالِ أثراً، وأكثرِها نُبلاً وأحمدِها عاقبة: وَلَمْ أَرَ كَالْمَعْرُوفِ أَمَّا مَذَاقُهُ *** فَحُلْوٌ وَأَمَّا وَجْهُـهُ فَجَمِيلُ
قال ابن القيِّم رحمه الله: "وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها، ومللها، ونحلها، على أن التقرب إلى رب العالمين، والبرَ والإحسانَ إلى خلقه، من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه، بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه".
قال الماوردي:"ينبغي لمن يقدر على إسداء المعروف أن يعجّله حذارِ فواتِهِ، ويبادرَ به خيفةَ عجزه، وليعلم أنه من فرص زمانه، وغنائم إمكانه.
وقد قيل:" افعل الخيرَ وليَقعْ حيثُ يقَع فإنْ وقعَ في أهلِه فهم أهلُه وإن وقعَ في غير أهلِه فأنتَ أهلُه".
والمعروفُ بابٌ واسعٌ وميدان شاسع يشمل القول الطيب والعمل الصالح وجمال الأخلاق وحسن التعامل وجميع المحامد والمكارم، وما يسمّى (بالمراجل) و(المَوَاجِيب) في العُرْف العام، فالابتسامة، والكلمة الطيبة، واحترام الكبير، والرحمة على الصغير، وحسن المعشر وإسداء النصيحة للمسلمين كل ذلك من المعروف.
قال الحسن: لأن أقضيِ لمسلمٍ حاجةً أحبَّ إلىّ من أن أصلى ألف ركعة!! لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تدَاعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى " [رواه البخاري ومسلم].
بارك الله لي ولكم،،،،
الخطبة الثانية:
كيف كان السلف الصالح يتعاملون مع حوائج إخوانهم؟
كانوا يحرصون على نفع إخوانهم قبل أن يطلبوهم.
قال عبيدالله بن العباس رحمه الله لابن أخيه: "إن أفضل العطية ما أعطيت الرجل قبل المسألة، فإذا سألك فإنما تعطيه ثمن وجهه حين بذَله إليك".
قال عبدالله بن جعفر رحمه الله: "ليس الجوَاد الذي يعطيك بعد المسألة، ولكن الجواد الذي يبتدئ؛ لأن ما يبذله إليك من وجهه أشدُّ عليه مما يُعطى عليه".
كان السلف الصالح يحبون أن تكتب إليهم الحوائج خوفاً على إخوانهم أن يرو ذل المسألة في وجوههم .
قال مطرف بن عبدالله بن الشِّخير رحمه الله لصاحب له: "إذا كانت لك إلي حاجة، فلا تكلمني فيها، ولكن اكتبها في رقعة، ثم ارفعها إلي، فإني أكره أن أرى في وجهك ذلَّ المسألة".
روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأُخبِر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ((اذهبوا بنا نُصلح بينهم)).
قال الإمام أحمد بن محمد القسطلاني رحمه الله: في الحديث دليل على خروج الإمام في أصحابه للإصلاح بين الناس عند شدة تنازعهم؛ويعتبر الإصلاح بين المتخاصمين من أفضل وسائل قضاء حوائج الناس؛ لأنه يترتب عليه التأليف بين قلوب الناس، وإخماد نار الفتنة.
ثم صلوا وسلموا،،،،
المشاهدات 3369 | التعليقات 3
أستأذنك في ترتيبها وتنسيقها بتصرف
نفع الله بنا وبكم
المرفقات
1625200716_لَذَّةُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ.doc
1625200716_لَذَّةُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ.pdf
لا مانع
جزاك الله خيراً
بندر المقاطي
خطبة جميلة يا شيخ عبدالرزاق جزاك الله خيراً
تعديل التعليق