لديموقراطية ... الدين الأمريكي الجديد ( 2 ) الديموقراطية هي التطبيق العصري للشوري

جابر السيد الحناوي
1432/06/26 - 2011/05/29 21:13PM
[FONT="]الديموقراطية ... الدين الأمريكي الجديد ( 3 )
[/FONT]الديمقراطية هي التطبيق العصري [FONT="]لنظام الشورى !!![/FONT]

[align=justify]عباد الله :
يعيش العالم العربي في هذه الأيام ساعات خداعات ، نسأل الله العافية ، يحاول فيها كل المتسلقين وأصحاب الأغراض المشبوهة أن يركبوا موجة الثورات التي تعصف بالعالم الإسلامي ، والتي يسمونها ربيع الثورات وما هو بربيع ، إن هي إلا مؤامرة على الشعوب العربية بدأت منذ سنوات غرضها الظاهر هو نشر اليمقراطية ، وهدفها الحقيقي الوصول الى عالم عربي ضعيف ، ليست فيه معارضة قادرة على تغيير الخارطة السياسية لمنطقة الشرق الاوسط ، ويتبني هذه المؤامرة منظمات أمريكية غير حكومية ، يحلمون بتحقيق أهدافهم الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين ، يساعدهم في ذلك " الفساد الاخلاقي للقيادات الحاكمة " والتصادم بين مصالح الشعوب العربية وقياداتها .
من هنا تكمن خطورة أذيال الماسونية الذين تعلوا أصواتهم هذه الأيام ... الذين رفعوا عن وجوههم برقع الحياء ، ونشطوا في تقديم الديموقراطية للشعوب علي أنها المنقذ لها مما تعاني من أزمات ، وأنه لا تعارض بينها وبين الإسلام ، بل ويتمادون في الضلال والتضليل فيدعون أن الديمقراطية هي التطبيق العصري لنظام الشورى في الإسلام ... فما مدي صحة هذا الادعاء ؟؟؟ هذا هو موضوع خطبتنا اليوم ، نجيب علي هذا التساؤل ـ إن شاء الله تعالي ـ بعد أن نعرف حقيقة الديموقراطيية كما يؤمن بها عُبَّادها، فنقول وبالله التوفيق :
الديمقراطية كلمة يونانية الأصل وهي مكونة من كلمتين، أضيفت إحداهما إلى الأخرى ، أولاهما : ديموس وهي تعني الشعب ، وثانيهما : كراتوس وهي تعني الحكم أو السلطة ، فصارت الكلمة المركبة من هاتين الكلمتين " ديموكراتوس"وتعني : حكم الشعب أو سلطة الشعب ، وعلى ذلك : فـ "الديمقراطية" هي ذلك النظام ، من أنظمة الحكم ، الذي يكون الحكم أو السلطة فيه أو سلطة إصدار القوانين والتشريعات فيه من حق الشعب أو الأمة أو جمهور الناس. ( [FONT="][1] )[/FONT]
وهناك أمر لا يتفطن إليه كثير من الناس هو أن الديمقراطية في البلاد الغربية ليست ديمقراطية خالصة مطلقة وإنما هي ديمقراطية مقيدة بالليبرالية ، ما معنى هذا الكلام؟
الليبرالية نظرية سياسية فحواها أن المجتمع يتكون أساساً من أفراد ـ لا من طبقات ولا من أسر ولا من أي تجمعات أخري ـ وفي هذا كما نري من البداية التناقض الفاضح مع القرآن الكريم الذي يقول : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ... "( [FONT="][2] )وبما أن الفرد هو أساس المجتمع ، وبما أن له ـ بوصفه فرداً ـ حقوقاً أهمها حريته ، فإنه لا يجوز للحكومة ولا لفئة من الشعب ، بل ولا لأغلبية الشعب أن تتغول على هذه الحريه ، ولذلك فإنهم يَدْعُونَ إلى ما يسمونه بالحد الأدنى من الحكومة ، أي أن الأساس هو أن يترك الأفراد أحراراً يختارون ما يشاءون . ( [FONT="][3][/FONT] ) [/FONT]
وعليه فإن النظام الديمقراطي يتميز بمجموعة من الخصائص الأساسية التي لا قيام له بدونها ، وأبرز هذه الخصائص وأظهرها أمران هما:
1- سيادة الشعب أو الأمة.
2- الإقرار بحقوق الأفراد وحرياتهم وضمانها .
ونظرية سيادة الشعب التي هي لُب وحقيقة وأصل الديمقراطيات الحديثة – بما انتهت إليه من الشرك بالله العظيم ، تصدر عن أساس إلحادي كفري ؛ إذ أن الأساس الذي بنوا عليه ذلك القول هو: نظرية العقد الاجتماعي .
فماذا تعني نظرية العقد الاجتماعي ؟
اشتهر من المتكلمين بهذه النظرية ثلاثة أسماء: توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو ، ومن غير تعرُّض لتفصيلات واختلاف وجهات نظرهم في بعض جوانب هذه النظرية، فإن جوهر النظرية يقوم على تصور أن الناس في أول أمرهم كانوا يعيشون حياتهم حياةً فطرية بدائية، وكانت حياةً غير منظمة، فلم يكن لهم تشريع يحكمهم ولا دولة أو مؤسسة تنظم معاملاتهم وترعى شؤونهم، وأن الناس في طور لاحق من حياتهم احتاجوا إلى التشريع الحاكم، وإلى الدولة التي تنظم أمور حياتهم، وأنهم لأجل ذلك عقدوا فيما بينهم عقداً لإقامة السلطة التي تحكمهم وتنظم شؤونهم ومعاملاتهم، وتحفظ عليهم ما بقي من حقوقهم وحرياتهم، والسلطة حسب هذا التصور قامت بناءً على الإرادة الشعبية، لذلك كان الشعب هو صاحب السيادة. هذا هو جوهر نظرية العقد الاجتماعي، فماذا يعني ذلك ؟!
يعني ذلك أن هذه النظرية تنطلق من تصور كفري إلحادي، لأن هذه النظرية إما أنها تصورت الناس وكأنهم وُجدوا من غير خالق لهم، وأنهم وُجدوا هكذا غير منظمين بغير شريعة هادية أو قانون حاكم.
وإما أنها تعترف بوجود خالق ، لكن الخالق ـــ في هذه النظرية ـــ لا فعل له إلا مجرد الخَلْق ، أما أن يرسل من عنده رسلاً إلى الناس تعلمهم وترشدهم وتهديهم وتأمرهم بالخير وتنهاهم عن الشر، وتنظم شئونهم ومعاملاتهم، فهذا ما لا وجود له في هذه النظرية.
ولو كان ذلك موجوداً فيها ما احتاجوا إلى هذا العقد الذي عقدوه.
ومن المعلوم المقطوع به أن نظرية العقد الاجتماعي تناقض القرآن الكريم مناقضة تامة ؛ فالقرآن يخبرنا أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام أول الناس ، قالسبحانه وتعالى:" وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً "( [FONT="][4] )[/FONT]
ثم أهبطه هو وزوجَه إلى الأرض " قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ "( [FONT="][5] )[/FONT]
وأنزل إليه الشريعة التي أمره أن يعمل بها هو وأولاده " قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "( [FONT="][6] )[/FONT]
وأن الله سبحانه وتعالى لم يزل يرسل رسله ويُنَـزِّل كتبه لهداية الناس وإرشادهم وتنظيم شئونهم ومعاملاتهم ، قال سبحانه وتعالى : " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ... "( [FONT="][7] )وقال سبحانه وتعالى :" إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ" ( [FONT="][8][/FONT] )وقال سبحانه وتعالى عن النار :" تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ... " ( [FONT="][9][/FONT] ) وغير ذلك من الآيات في هذا المعنى ، فأين إذن هذه الحياة الفطرية البدائية التي لم يكن فيها تشريع حاكم؟! كما تقول هذه النظرية ؟ ( [FONT="][10][/FONT] ) [/FONT]
فمبدأ الديمقراطية : أن الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه لنفسه ، وأنه صاحب السلطة في وضع الدستور وكل القوانين والشرائع والنظم ، دون أخذ شريعة الله المنزلة أولا فى الاعتبار، هذا المبدأ ــ رغم عدم تحققه على مدار الديموقراطيات ــ يجعل الدساتير والقوانين والتشريعات خاضعة لأهواء الكثرة من الشعب ، أو لأهواء الذين انتخبهم الشعب ليعبروا عن إرادته ، أو يكونوا وكلاءه . فنجم عن ذلك تشريعات إباحة نشر الإلحاد والكفر بالله في الدول الديمقراطية ، لأن أكثر الشعب أو أكثر المنتخَبين من قبل الشعب يرغبون في ذلك ، وأيضا تشريعات إباحة الزنا القائم على تراضي الطرفين ، ولو كان ذلك في الشوارع العامة والحدائق العامة ، وعلى ضفاف الأنهار دون توارٍ أو تستر. وإباحة اللواط ، وجعله عملا يحميه القانون ما دام قائما على تراضى الطرفين ، حتى إن بعض هذه النظم أقرت أنّ من حق الذكر أن يعقد عقده على ذكر آخر مثلما يتم الزواج بين الرجل والمرأة . وإباحه سائر المشروبات الكحوليه ، لأن أكثرية الشعب ترغب بذلك . وإقرار الربا وما تكتسب به من حقوق , وإقرار القمار ، وكثير من الحريات الشخصية المهلكة , لأن أكثرية الشعب تريد بذلك .
وانتشر بسبب ذلك فساد عريض في الأرض . وهذا الفساد المنتشر منذر بدمار ماحق لهذه الشعوب : " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ "( [FONT="][11] )[/FONT]
كما أن الديمقراطية باعتبارها تنادي بأن الدين لله وأن الوطن للجميع ، وأن شأن الأقليات في الدولة كشأن الأكثرية في الحقوق والواجبات ، تمكن الأقليات من التكاتف والتناصر لاستغلال الوضع الديمقراطي ضد الأكثرية ومبادئها وعقائدها ودينها ، وتمكنها أيضاً من التسلل إلى مراكز القوى في البلاد ، ثم إلى طرد عناصر الأكثرية رويداُ رويداُ من هذه المراكزبوسائل الإغراء تارة ، وبالتساعد والتساند مع الدول الخارجية المرتبطة بالأقليات ارتباطاً عقدياً أو مذهبياً أو سياسياً أو قومياً ، أو غير ذلك. ( [FONT="][12] )[/FONT]
ونظراً لانعدام القواعد العقيدية أو الفكرية التي تعول عليها لمعرفة الحق من الباطل ، فإن هذا يجعل النظام الديمقراطي يقف على طرفي نقيض مع النظام الإسلامي ، القائم على سيادة الشرع الإسلامي في واقع الحياة . فالشرع ـ وليس الشعب ـ هو المرجع الأعلى في النظام السياسي الإسلامي ، ومن ثم فَجَعْلُ الشعبِ المرجعَ الأعلى لأنظمة الحياة ــ فى النظام الديمقراطي ــ يعد تعطيلاً صريحاً لسيادة شرع الله ، وتعطيلا لهيمنة أحكام الإسلام في الدولة ، مما يؤدي إلى ظهور الكفر البواح ، وتحول الدولة إلى دار الكفر .
وقد تواترت الأدلة الشرعية المؤكدة أن السيادة للشرع وحده في الدولة الإسلامية . قال سبحانه وتعالى : "... فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ... "( [FONT="][13] ) وقالسبحانه وتعالى : " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ... "( [FONT="][14][/FONT] )وقالسبحانه وتعالى : "... إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ..."( [FONT="][15][/FONT] )( [FONT="][16][/FONT] )[/FONT]
وبناءً عليه ، فالديمقراطية نظام لا ديني منبثق عن تصور عن الحياة قائم على فصل الدين عن الدنيا ، ويسعى إلى بناء النظام السياسي على قاعدتين : قاعدة حيادية الدولة تجاه العقيدة ، وقاعدة سيادة الأمة المترتبة عليها ؛ فالدولة الديمقراطية لا علاقة لها " بهوية الإنسان وإيمانه وكفره ونوعية القيم التي يحملها ، فالكل سواء : عالم الدين والبغي ، والمسلم والنصراني !! الكل في ظل الأنظمة الديموقراطية سواء ، في تعارض صارخ مع بديهيات الإسلام : " وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ "( [FONT="][17] ) ،" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ..." ( [FONT="][18][/FONT] )[/FONT]
ومما يُؤسَف له أن كثيراً من الناس مثقفين وغير مثقفين، بل وبعض طلبة العلم ، ممن لا يملكون المعرفة الصحيحة بالنظام الإسلامي ، وانبهارا ببريق الديمقراطية الزائف في أعينهم ، يحاولون إلباس الديمقراطية ثوباً إسلامياً بزعمهم أن الديمقراطية هي التطبيق العصري أو التطبيق الحديث لنظام الشورى في الإسلام.
وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلي الله عليه وسلم فيما أخبر به صلي الله عليه وسلم من أن المسلمين سيأتى عليهم يوم يوافقون فيه أهل الكتاب أشـد الموافقة في المعاصي والمخالفات ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم :" لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ فِيهِ وَقَالَ مَرَّةً لَتَبِعْتُمُوهُ فِيهِ "( [FONT="][19] )[/FONT]
ولا بأس ـ عندهم ــ في ترويج هذه الفرية من الاستعانة ببعض القواعد الشرعية المنضبطة بقواعد وضوابط الشريعة ؛ مثل المصالح المرسلة، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، واختلاف الفتوى باختلاف الأحوال أو الزمان، والاستعانة بهذه القواعد من غير مراعاة لضوابطها لترويج باطلهم المذكور بين الناس.
وهذه الوسيلة يكثر استخدامها في الأماكن التي فيها صحوة إسلامية، فلكي يمرروا الديمقراطية فيها، فلابد لهم من إلباسها زيًّا إسلامياً. وقد انطلت هذه الفرية على بعض أبناء الأمة ، إن لم تكن على غالبيتهم، من علماء ومفكرين ومثقفين.
*** *** ***
عباد الله :
والحديث عن الشورى حديث طويل، لكن الذي نود تقريره في هذا المقام : أنه لا يوجد بين الشورى والديمقراطية نسب ولا سبب إلا كما يوجد بين الإسلام والكفر:
1ــ فالشورى أساساً جزء من نظام متكامل قائم على الإيمان بأن السيادة للشرع المنـزل من عند الله العلي الكبير على خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد آدم أجمعين محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم فالأمر كله لله ، والحكم كله لله ، والتشريع كله لله .
وأما الديمقراطية فهى مذهب قائم على الإيمان بأن السيادة ــ للشعب ــ للبشر المخلوقين المربوبين، فالأمر كله لهم، والحكم كله لهم، والتشريع كله لهم : الحلال ما أحلّوه، والحرام ما حرَّموه، الطيب ما استحسنته أهواؤهم والخبيث ما استقبحته نفوسهم.
2 ــ والشورى: انطلاقاً من نظام الإسلام القائم على سيادة الشرع ، لها نطاق محدد لا تتعداه ؛ فهي شورى مقيدة بالأحكام الشرعية لا تخرج عليها ولا تخالفها.
وأما الديمقراطية فالأمر فيها مطلق، ويمكن للناس ــ بناء عليها ـ أن يتناقشوا وأن يتباحثوا، وأن يقرروا في النهاية ما لا يمكن أن يخطر على فكر رجل مسلم ، وليس حكاية زواج الرجل برجل مِثُلِهِ منا ببعيد !

[FONT="]
[/FONT] 3 ــ والشورى في النظام الإسلامي ليست حقاً لكل الناس على اختلاف قدراتهم واستعداداتهم وميولهم ، وإنما للشورى أهلها وهم الثقات العُدول أهل الاختصاص والخبرة في كل ما تُطلب فيه المشورة.
بينما النظام الديمقراطي لا يفرق في ذلك بين العالم والجاهل، وبين الحكيم والسفيه، بل كل من استطاع أن يحصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين ــ حتى ولو كان ذلك بطريق الكذب والخداع ــ فهو من أهل الشورى الذين يُعتد بقولهم، ولهم حق تشريع القوانين.
4 ــ والشورى معيار الصواب فيها اتباع الدليلأو القواعد الشرعية وتحقيق مصلحة الأمة الإسلامية ، على ضوء الكتاب والسـنة.
بينما النظام الديمقراطي يجعل الكثرة والأغلبية ــ أياً كانت ــ هي معيار الصواب. ( [FONT="][20] )[/FONT]
عباد الله :
مما سبق يتضح أنه لا مجال البتة للمقارنة بين الشوري والديموقراطية ؛ فالشورى ليست نظام حكم ، بل ولا نظام حياة، وليست معالجة لأي عمل من الأعمال، وإنما هي وسيلة أو أسلوب يُتبع في التحري عن الرأي الصائب ؛ حيث إن الشورى هي أخذ الرأي مطلقاً، فحين يريد الإنسان، أي إنسان، حاكماً أو محكوماً ، حين يريد التوصل إلى رأي في مسألة ما، أو التبس عليه معرفة رأي بمسألة ما ، فإنه يرجع إلى من يأنس فيهم حسن الرأي، والقدرة على معرفة الصواب في مثل مسألته، لأخذ رأيه فيها.
فالحاكم يرجع إلى مستشاريه وهم من لهم خبرة بشؤون الحكم إن أراد ، والمهندس يرجع إلى من لهم خبرة في الهندسة ، والطبيب يرجع إلى من لهم خبرة في الطب وهكذا ، ولا يصح من أحد أن يرجع إلى أناس ليس لهم خبرة أو اطلاع في مسألته ليسألهم عنها ... وهل يصح من قائد جيش أن يسأل طبيباً عن فعالية طائرة ما أو صاروخ ما ، فإن فعلها كان سخيفاً ولا يجوز له أن يكون قائد جيش ، فالمسألة إذن هي أخذ الرأي ممن هم مظنة أن يكون عندهم الرأي الصواب في المسألة.( [FONT="][21] )[/FONT]
عباد الله :
ولعله بعد ذكر هذه الفروق الجلية بين الشورى والديمقراطية سواء منها ما تعلق بأصلها أو أحكامها يظهر لنا كذب من يضللون الناس ويدعون أن الديمقراطية هي التطبيق العصري لنظام الشورى ... " ... إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُون " ( [FONT="][22] )[/FONT][/align]
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين
ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي

[FONT="]
[/FONT]
[FONT="] [/FONT]

[FONT="][1][/FONT]
حقيقة الديمقراطية ،محمد شاكر الشري

[FONT="][2][/FONT]
[FONT="] الحجرات : من الآية 13[/FONT]

[FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT]
[FONT="]مجلة البيان ، العدد 196. الديمقراطية اسم لا حقيقة له ، د جعفر شيخ إدريس[/FONT]

[FONT="][4][/FONT]
[FONT="]البقرة : من الآية30[/FONT]

[FONT="][5][/FONT]
[FONT="]الأعراف :24[/FONT]

[FONT="][6][/FONT]
[FONT="] البقرة : 38[/FONT]

[FONT="][7][/FONT]
[FONT="]النحل : من الآية36[/FONT]

[FONT="][8][/FONT]
[FONT="]فاطر:24[/FONT]

[FONT="][9][/FONT]
[FONT="]الملك : من الآية 8 ، 9[/FONT]

[FONT="][FONT="][10][/FONT][/FONT]
[FONT="] حقيقة الديمقراطية ، محمد شاكر الشريف [/FONT]

[FONT="][11][/FONT]
الروم :41


[FONT="][FONT="][12][/FONT][/FONT]
[FONT="] " كواشف زيوف الديموقراطية " د/عبد الرحمن حبنكة الميداني[/FONT]

[FONT="][13][/FONT]
[FONT="] المائدة : من الآية 48[/FONT]

[FONT="][14][/FONT]
[FONT="]المائدة : من الآية 49[/FONT]

[FONT="][15][/FONT]
[FONT="] الأنعام: من الآية57[/FONT]

[FONT="][FONT="][16][/FONT][/FONT]
[FONT="] نقض الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية ، د / محمد أحمد مفتي[/FONT]

[FONT="][17][/FONT]
[FONT="] غافر : 58[/FONT]

[FONT="][18][/FONT]
[FONT="] الزمر : من الآية 9[/FONT]

[FONT="][19][/FONT]
[FONT="] أحمد مسند أحمد 24/ 7[/FONT]

[FONT="][20][/FONT]
رسالة " حقيقة الديمقراطية " للأستاذ محمد شاكر الشريف
[FONT="][FONT="][20][/FONT][/FONT][FONT="] " الديمقراطية والحرية " حافظ صالح[/FONT]



[FONT="][22][/FONT]
[FONT="]العنكبوت : من الآية 12، 13[/FONT]
المشاهدات 2552 | التعليقات 0