لحظات الوداع

خالد الكناني
1446/09/27 - 2025/03/27 23:10PM

لحظات الوداع

إن الحمدَ لله نَحمَدُهُ ونستعينُهُ ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هاديَ لهُ ، وأشهدُ أن إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَلَمَ تسليما كثيرا ، أما بعد ... أيها المسلمون : الأيامُ والليالي مواقيتُ الأعمالِ ومقادير الآجال تمضي سريعًا وتنقضي جميعًا ، أيام قلائل تبقت لتوديع شهر رمضان ، لم يبق منه إلا ليلة أوليلتان ، فقد تكون فيها الليلة المباركة ، فاجتهدوا فيها كما كنتم في الليال السابقات ، ( فإن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق ...)

عباد الله : حال أهل الإيمان في ختام رمضان ينبغي أن يكون على حال الاحسان  بما يرضي ربنا الرحمن وذلك بالتشمير والاجتهاد  فيما تبقى من رمضان بالصلاة والصيام والقيام والتلاوة والذكر والبر والإحسان ، مع الحرص على الإخلاص ومتابعة السنة، ((وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا )) رواه البخاري ... وقد تكون ليلة القدر فيما تبقى من العشر ... فلا تكسلوا ولا تفتروا في طلبها ، فكان هدي نبيكم الاجتهاد في العشر الأخيرة من رمضان ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ ) ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، وَفِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، وَفِي خَامِسَةٍ تَبْقَى»

 أيها المسلمون : مما شرع لنا في آخر شهر رمضان : زكاة الفطر وهي فريضة على كل مسلم يستطيع إخراجها ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ )) ، وتجب زكاة الفطر بغروب شمس آخر يوم من رمضان وتخرج قبل صلاة العيد ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد ، والحكمة منها التعبد لله تعالى واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ )) وتخرج زكاة الفطر من طعام الناس الذي يأكلونه عادة ، والغالب عندنا أن الناس يكلون الأرز أو البر أو الذرة فيخرج صاع عن كل شخص (ومقدار زكاة الفطر عن الفرد ثلاثة كيلو تقريبا من الأرز أو غيره من قوت البلد ) فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (8/ 266)

أيها المسلمون : ومما يشرع لنا التكبير ووقته من غروب شمس آخر يوم من رمضان إلى صلاة العيد ، قال تعالى : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد .

والمقصود منه التعظيم لله تعالى والتمجيد له على ما منّ به علينا ويسر لنا إكمال شهر رمضان .

أيها المسلمون : ومما يشرع لنا في ختام شهرنا صلاة العيد وهي شعيرة عظيمة

 لا ينبغي التساهل في حضورها فهي سنة مؤكدة ومن العلماء من قال بأنها فرض كفاية ومنهم من قال بأنها فرض عين ، فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ ))

ومن سنن العيد وآدابه  أن يأكل تمرات قبل الصلاة يقطعها على وتر  أو أي شيء ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ يَأْكُلُهُنَّ إِفْرَادًا» مسند أحمد مخرجا (19/ 287)

ومنها الذهاب من طريق والرجوع من آخر ، والاغتسال والتنظف والتجمل بأحسن الثياب والفرح وادخال السرور على النفس والأسرة وافراد المجتمع بما هو مباح وحلال وكذلك التهنئة بالكلمات الطيبة تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد ، أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى ، واعلموا أنكم قادمون على أيام عيد وهي فرصة طيبة لصلة الرحم ونشر المحبة والوئام والتوسعة على الأهل والتخلق بأخلاق الإسلام الكريمة من العفو والصفح والكرم وإصلاح ذات البين ، قال تعالى : {  وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ } ، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» ، والاصلاح بين المتخاصمين شأنه عظيم وأجره كبير ، قال تعالى : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }

هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى  : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))

 

 

 

 

المرفقات

1743106169_لحظات الوداع.pdf

المشاهدات 695 | التعليقات 0