لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ

محمد البدر
1435/11/19 - 2014/09/14 11:17AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }.
وقال تعالى :{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.
وحذّرنا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التّهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسنهُ الأَلبَانيُّ .
هيئة الأمر بالمعروف كلفها ولي الأمر في هذه البلاد الطاهرة بلاد التوحيد والسنة ، لبسط السنة ونشر الفضيلة وحث الناس عليها وأمرهم بسلوك الطرق الصحيحة المؤدية إلى بر الأمان ، و الهيئة هي السد المنيع لمنع الفساد وقمع البدع والحصن الحصين للوقاية من السحرة والمشعوذين والدجالين ولصد كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذه البلاد ولكل من في قلبه مرض وكل من يحمل في قلبه حسد وغل وحقد وضغينة وكل من اراد بهذه البلاد وأهلها سوءً ،والهيئة سفينة نجاة لكل من تمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم .
عباد الله :إن الهيئات كثيرةٌ ولكن ليست كهيئتنا والاحتساب كثير وليس كاحتساب رجال الهيئة والسفن كثيرة ولكن ليست كسفينتنا التي تحمل بين جنباتها الأمن والأمان والنجاة من كل البدع والخرافات والفساد والمعاصي والآثام ومن كل المحرمات وغيرها بإذن الله .
عباد الله :الهيئة صمام أمان لمن يعيش في هذه البلاد فالذي يكره هذا الهيئة ويُبغضها ويكون في صدره حرجٌ منها أو يزعم أن الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر كَبتًا لحريّات الناس وظلمًا لهم وسلبًا لحريّاتهم وخصوصيّاتهم ويرى ويشجع بل ويحرض على أنّ تعطيل هذه الهيئة هو إعطاءُ النفوس حُرّياتِها لتعمل ما تشاء لا شكَّ أنّ هذا تصوُّر خاطئ ، ودليل على عمَى البصيرة قبل البصر قال تعالى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [فاطر:8].
عباد الله : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبُ على كل مسلم بحسب استطاعته فَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ » رواه مسلم .
لأنَّ الأمرَ بالمعروف يحفظ للناس أعراضَهم ، ويحفظ دماءهم وأموالهم،وهو دليل على قوّتها وتمسّكها بدينها ، فهذا المرفق العظيم لا يرتاب في أهمّيته ولا يرتاب في عظيم شأنه إلا مَن في قلبه مرضُ النفاق والعياذ بالله، ممَّن يُحبّ المنكرَات ويألفها ، ويُحارِب الحقَّ ويكرهه .
عباد الله :فالأمر بالمعروف بضوابطه الشرعيّة والطرق الحكيمة التي أرشد إليها النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يكون الآمِر بالمعروف والنَاهِي عن المنكر على عِلم بما يأمر به وعلى عِلم بما ينهى عنه ، يسلك كلَّ طريق يوصل إلى الحقّ، ويبتعد عن كلّ طريق ينفِّر من الحقّ، ويكون هذا الآمر والناهي على عِلم وبصيرةٍ من أمره، متخلِّقًا بالخلق القويم ، ممتَثِّلاً ما يأمر به قبلَ أن يأمرَ به، بعيدًا عمّا ينهى عنه قبل أن ينهى عنه، قائمًا بذلك خيرَ قيام، قصدُه الرحمة بالخلق والشفقةُ عليهم والإحسان إليهم وإنقاذهم من المعاصي و انتشالهم من الفساد في العقائد والعقول ، وهذا هو سبيلُ المرسَلين ، وطريق للدعوة إلى الله علي بصيرة وحثٌّ على الخير ونصيحة للأمة ، ومن يخالف هذا من رجال الهيئة كاناً من كان فإنه بذلك لا يمثلهم وهذا تصرف فردي وعمل مردود على صاحبه وليست الهيئة ولا رجالها معصومون من الزلات والخطأ ،وليس أحدٌ من الخلق معصومًا من الخطأ.

أقول قولي هذا...

الخطبة الثانية :
عباد الله :كم نسمع في هذه الأيام ، كم نسمع وكم نقرأ ما يُنشر في وسائل الاعلام مِن سخريّة واستهزاء بالسنة والمتمسكين بها ، وحطٍّ من قدرهم ، ينسبون كل عيبٍ أو خطأ إلى من تمسك بالسنة ، فترى أولئك تنطِق ألسنتهم وتخطُّ أقلامهم أمورًا خطيرة ، ويقولن أنّ كلَّ مَن وفَّر لحيتَه دليل على خُبث قلبه ، وأنّ كلَّ من صلّى وصام ودعا إلى التوحيد والسنة دليلٌ على تأخّره ورجعيّته .
فاتَّق الله في نفسك يا عبد الله، اتَّق الله أن تزلّ قدمك بأمرٍ تندم عليه ولا ينفعك الندم. اعلم أنّ الله سائلك عمَّا تفوّه به لسانك، وعمّا خطّته يداك، فاتَّق الله تعالى ،وتأمَّل قولَه: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 17، 18].
وقد كان في عهد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة من المنافقين قالوا في النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين: ما رأينا مثل قُرَّائنا هؤلاء؛ أرْغَبَ بطوناً، ولا أكذبَ ألسناً، ولا أجْبَنَ عند اللَّقاء ، فأنزل الله: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } [التوبة:65، 66].
عباد الله :إن الذين ينادون بإلغاء أو تهميش أو التحريض على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أرض الحرمين بلاد التوحيد والسنة ،هؤلاء هم المفسدون حقاً ،و هذه البلاد وحكامها ولله الحمد لن تزال باقية معظِّمة لهذا الجانب العظيم جانبِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجانب التمسّك بهذه الشريعة .ألا وصلوا ....
[/align]


http://im65.gulfup.com/DnOhTz.gif
المشاهدات 2665 | التعليقات 2

جزاك الله خير


جزاك الله خيرا