لباس المرأة المسلمة أمام محارمها وبقية النساء

إحسان المعتاز
1437/06/29 - 2016/04/07 11:07AM
[font="]إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه واتبع سنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:[/font]
[font="]فلكي نعرف المشروع والممنوع من لباس المرأة بين النساء لا بد أن نعرف ما هي أقوال الفقهاء في حدود عورة المرأة أمام المرأة. [/font]
[font="]العورة في اللغة: النقصان، والشيء المستقبح، ومنه كلمة عوراء أي: قبيحة، فهي سوءة الإنسان، وكل ما يستحيى منه، وسميت عورة لقبح ظهورها، ثم إنها تطلق على ما يجب ستره في الصلاة، وعلى ما يحرم النظر إليه، فما هي العورة التي يحرم النظر اليها؟[/font]
[font="]قد اختلف الفقهاء رحمهم الله في حدود عورة المرأة أمام المرأة على عدة أقوال أبرزها وأشهرها قولان: [/font]
[font="]القول الأول: إنها من السرة إلى الركبة، القول الثاني: أن المرأة تنظر من المرأة ما يراه الرجل من محارمه، وهو مواضع الزينة فتنظر إلى الرأس والوجه والعنق والعضد والساق.[/font]
[font="]وقد استدل أصحاب القول الأول بحديث "العورة من السرة إلى الركبة"، وقد رد المانعون على أدلة هؤلاء بأن حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه والذي جعلوه نصاً في تحديد العورة لعموم الرجال والنساء[/font][font="] [/font][font="]لا يصح البتة ففي الحديث راويان متروكان، فسقط الاستدلال به. وهكذا فلا يصح دليل صريح في جعل عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة. [/font]
[font="]وما ذكره المجيزون في احتجاجهم بإجماع العلماء على أن المرأة تغسل المرأة كما يغسل الرجل الرجل.[/font][font="] [/font][font="]فهذا لا حجة فيه لأن الغسل ليس فيه إباحة إطلاق النظر فضلاً عن أن يكون فيه جواز تعرية المرأة، فيصح أن يكون الغسل من فوق الثوب بل هذا هو المشروع الواجب. [/font]
[font="]وأما [/font][font="]أدلة المانعين من إظهار ما زاد على ما يظهر عادة،[/font][font="] [/font][font="]فقد استدلوا بقوله تعالى ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ)) قالوا: في الآية الأمر بغض البصر عما لا يحل وحفظ الفرج عما حرم الله، والنهي عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها دون قصد[/font][font="] .[/font][font="][/font]
[font="]وفيها أيضا النهي عن إبداء وإظهار شيء من الزينة الخفية إلا لأزواجهن أو آبائهن ممن ذكر في الآية، فهؤلاء جاءت الآية بإباحة إظهار شيء من الزينة الخفية للمرأة مما جرى عرف من نزل عليهم القرآن بإظهاره أمامهم، وخص الزوج بعدم إخفاء شيء من الزينة الباطنة عنه لأدلة أخرى. وقد فسّر السلف الآية بنحو ما قلنا فقد روى ابن جرير رحمه الله: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال: الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادتها وسوارها، والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق، وقد جمعت الآية بين محارم المرأة ونسائهن، وساوت بينهم فيما ينظرون إليه وهو مواضع الزينة من بدنها. [/font][font="][/font]
[font="]ومن الأدلة على ما ذكرناه ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أسامة بن زيد قال كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مالك لم تلبس القبطية؟ "قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم[/font][font="] [/font][font="]"مرها فلتجعل تحتها غِلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها"[/font][font="] [/font][font="]وقد بوب أهل العلم على هذا الحديث بقولهم: باب نهي المرأة أن تلبس ما يحكي بدنها. والغلالة بطانة توضع تحتها، ولذلك لما أعطى عمر الثياب القبطية للناس نهى أن تلبسها النساء لأنها أن لم تشف فهي تصف.[/font]
[font="] [/font][font="]القبطية لباس يصنع في مصر يلتصق بالجسم[/font][font="].[/font][font="] وعليه فإن هذا الحديث يدل على النهي عن لبس الثياب الضيقة التي تصف الأعضاء ومن المعلوم أن هذا النهي عام فيما يلبس داخل البيت وخارجه، وإن كان خارجه أشد[/font][font="] [/font][font="] .[/font][font="]وأكثر ما يطرق المرأة في بيتها هم النساء فهن ممن منعت المرأة من لبس ما يصف عظامها أمامهن فكيف يجوز لها إظهار وكشف ما فوق السرة ودون الركبة[/font][font="][/font]
[font="]وقد فسر بعض أهل العلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهم كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا". فقال: إن الكاسيات العاريات منهن من يلبس الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسد.[/font][font="][/font]
[font="]وقد يرد السؤال، بماذا يحصل ستر العورة؟[/font][font="] فالجواب: أن ذلك يحصل بشروط، [/font][font="]أولاهما:[/font][font="] [/font][font="]أن لا يكون شفافاً أي لا يكون رقيقاً يُرى اللون من تحته، فما يُرى من تحته اللون لا يعتبر ساتراً للعورة.[/font]
[font="]ثانيهما:[/font][font="] [/font][font="]أن لا يكون ضيقاً يحدد العورة بالتفصيل كالمحدد للفخذ على قدره تماماً، والمحدد للأليتين مثلاً على قدرهما وهكذا[/font][font="].[/font][font="] وهذا الشرط اشترطه بعض الفقهاء في الصلاة حتى ابطلوا الصلاة اذا سترها بما يجسد.[/font][font="] [/font][font="]وقد ذكر الفقهاء انه يشترط في الثوب الذي يستر العورة في الصلاة أن يكون كثيفاً صفيقاً لا يشف لون العورة، والثوب الصفيق يعني بين الصفاقة، أي: متين جيد النسيج. فإن كان الثوب خفيفاً أو رقيقاً يصف ما تحته من البدن أو يتبين من ورائه لون الجلد فيميزه من يراه؛ فلا تجوز فيه الصلاة؛ لأن كشف لون العورة ككشفها.[/font]
[font="]وهنا لابد من التفريق بين باب ستر العورة في الصلاة وباب ستر العورة في النظر ذلك أنه قد تشترط شروط في عورة الصلاة لا نشترطها في عورة النظر ونشترط شروطاً في عورة النظر لا نشترطها في عورة الصلاة. [/font]
[font="]ولو أردنا إيجاز القول في المباح والممنوع لبسه بين النساء فنقول إن الفقهاء متفقون على ثبوت العورة بين النساء والعبرة أن عورة المرأة أمام المرأة هي مواضع الزينة وما اعتادت المرأة كشفه بين محارمها من الرجال وبالتالي فضابط ما يعتبر ليس بعورة هو كل مكان اعتادت النساء بوضع الزينة فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كالقلادة في العنق وبالتالي يجوز كشف النحر وجزء من الصدر والقرط في الأذن والسوار في المعصم والمعضد في أعلى الساعد والخلخال في اسفل الساق فيجوز كشف منتصف الساق وهكذا. أما المواضع التي لا توضع فيه الزينة كالإبطين والثديين والبطن والفخذ فهذه لا توضع فيها زينة في الغالب فلا يجوز إظهارها.[/font]
[font="]وعليه فاللباس العاري الذي يظهر الإبطين وأعلى الكتفين أو يشف عنهما أو يفصل الثديين ويجسدهما فهذا لا يجوز لبسه لأننا ذكرنا أنه يشترط في ساتر العورة أن لا يشف ولا يصف ولا يجسد بناء على هذا القول. أما كشف الفخذ أو تجسيده بما يفصله فهذا لا يجوز بالاتفاق لأن جماهير الفقهاء يعتبرونه من العورة. ومن باب أولى تجسيد أو كشف العورة المغلظة كالأرداف والقبل وهو ما يظهر عند لبس البنطلونات الضيقة كالاسترتش والجينز حيث إنها تبين العظام وحجمها.[/font]
[font="]وختاما: قد يقول البعض أنتم تضيقون على الناس وتشددون في بعض القضايا التي وسع فيها الشارع وتشغلون أنفسكم بما تلبسه المرأة وما لا تلبسه والدين أرقى من نظرتكم الضيقة فنقول إن هذا الدين من عند الله الذي خلق البشر ويعلم ما يصلحهم في دينهم ودنياهم لذا تجد هذا الدين يصبغ المؤمن بصبغته ويضع عليه بصمته في سمته وأخلاقه وقلبه ولباسه وظاهره وباطنه ويشرع له ما يحميه ويحمي المجتمع من حوله فلا يستغرب أن يكون لشرع الله كلمته في تحديد العورة وما يجوز وما لا يجوز وما ذلك إلا لتظهر شخصية المسلم المؤمن المعتز بمبادئه وثقافته وشريعة ربه وسنة نبيه فلا يكون نسخة في ظاهره لمن لا يؤمن بالله أو لا يتخلق بأخلاق المسلم، لذا جاء النهي عن التشبه بالكفار في اللباس الذي يخصهم وكذا التشبه بأهل المجون والفسوق أو تشبه المرأة بالرجال أو الرجل بالمرأة لما تجره مثل هذه الألبسة على صاحبها في مشاعره وأخلاقه وأفعاله وما قد ينزعه اللباس العاري من حياء المرأة الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بإيمانها وحيائها وعفتها ومصداق ذلك ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام ((الحياء من الايمان)). [/font][font="]

[/font]
المشاهدات 1442 | التعليقات 0