لباس الستر والتقوى

أحمد عبدالعزيز الشاوي
1446/03/01 - 2024/09/04 17:53PM

الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا وأشهد ألاإله إلا الله وحده لاشريك له ستر عوراتنا وبالإيمان حلانا ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله علمنا وأرشدنا وإلى صراط الله هدانا صلى الله عليه وعلى آله واصحابه ومن كانوا على الأرض قرآنا وسلم تسليما

أما بعد فياعباد الله اتقوا ربكم واخشوا وعيده واتقوا يوما عبوسا قمطريرا

سمة من سمات العز والشرف لكنها في أعراسنا قد وئدت ، إنها عنوان العفة والطهر لكنها في حفلاتنا ومناسباتنا قد وطئت ، إنها القلعة الحامية لنسائنا لكنها في الحدائق والأسواق قد هدمت .. إنها دليل  التقوى وقرين الحياء لكنها على يد دعاة التغريب وداعياته قد حوربت ..

إنها فطرة إنسانية ، من أجلها قامت حروب ونشأت صراعات لكنها اليوم صارت تخلفا ورجعية ..

إنه حديث عن الستر والاحتشام وما يقابلهما من التفسخ والعري  .. إنه حديث عن اللباس المحتشم الذي يبقي الزهرة زاهية والثمرة يانعة ويحفظ للدرة بهاءها ويبقي لها جمالها

أتذكر موقف فاطمة رضي الله عنها وهي تحمل هم الستر بعد وفاتها فتقول لأسماء : إني اكره أن يرى الرجال جسمي من فوق النعش إذا مت  غدا ، فصنعت لها اسماء صندوقا رأته بالحبشة فلما رأته قالت : سترك الله كما سترتني . أتذكر هذا الموقف وأضعه أمام الصور المحزنة من تعري نسائنا في الأعراس فيتقطع القلب حزنا وكمدا

أتذكر الصحابيات الكريمات وهن يسألن رسول الله ( ص ) أن يزيد لهن في إرخاء ذيولهن فقال : يرخين شبرا ، فقالت أم سلمة : إذن تنكشف اقدامهن ، فقال : فيرخين ذراعا ولا يزدن عليه .. أتذكر هذا وأنقل المشهد إلى جيل يرخي رجالهم ثيابهم ويجرونها بينما نساؤهم تكشف العورات وتخرج السوآت

تدخل الأسواق لتبحث عن لباس لزوجتك وبناتك فيخرج الغيور كاسف البال لأنه لم يجد أمامه إلا ملابس العري والتفسخ ..

نسمع عن بعض حفلات الأعراس وأن  فيها نساء تجاوزن القول   بأن عورة المرأة أمام المرأة من السرة إلى الركبة فكشفن عما فوق الركبة بكل جرأة وقلة حياء .. بل وصل الأمر بفئة إلى أن يخرجن إلى الأسواق بألبسة عارية وبناطيل ضيقة يخفينها خلف عباءة فاتنة يكشفها أدنى هواء ويرفعها أخف ريح ..

إن العري فطرة حيوانية ، ولايميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان ، وإن رؤية العري جمالا وذوقا هو انتكاس في الذوق البشري .. وإن الستر واللباس المحتشم هو نعمة من الله ومنة على عباده ( يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا  .. )

إن هناك تلازما بين شرع الله اللباس لستر العورات والزينة وبين التقوى .. هذا لباس يستر عورات القلب ويزينه وذاك لباس يستر عورات الجسم ويزينه . وهما متلازمان فعن شعور التقوى لله والحياء منه ينبثق الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه ، ومن لايستحي من الله ولا يتقيه لايهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العري . العري من الحياء والتقوى والعري من اللباس وكشف السوآت ..

ثم كان النداء الثاني ( يابني آدم لايفتتنكم الشيطان .. )

.. إنه تذكير للأمة بأن العري والتفسخ سنة ابليسية كانت أول مشاريع إبليس لعلمه إنه يوم أن يتعرى جسد الإنسان من اللباس ستتعرى روحه وقلبه من الشعور بالحياء من الله ومن الناس وإذا لم تستح فاصنع ماتشاء

إن مما يدمي القلب ويجرح الفؤاد أن تنتشر الملابس العارية في أفراحنا ومجتمعاتنا وحفلات طالباتنا وفي أوساط نساء مسلمات يقرأن قول الله تعالى  ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها )

ويحفظن فول المصطفى ( ص ) : صنفان من أهل النار .. وذكر منهما : ونساء كاسيات عاريات ..

فالعجب ممن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا ,, والعجب ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا .. والعجب ممن تلتمس رضا الناس وإعجابهم ولو كان الثمن سخط الله وغضبه وناره وعقابه

إن ظاهرة الملابس العارية التي غزت  أسواق المسلمين وبليت بها نساؤهم إنما نشأت بسبب صنم يعبد من دون الله اسمه الموضة فما فرضته فهو المفروض وما رفضته فهو المرفوض وهي كلمة السر التي تجعل الحرام حلالا والقبيح جميلا والغالي رخيصا والصعب يسيرا .. أما أن يرضى الله أو يسخط فذلك مما لااعتبار له ولا نظر ..

وانتشرت ملابس العري مع انتشار المشاغل النسائية وبسبب الانفتاح على دول الكفر عبر السياحة أو عبر القنوات  وبرامج التواصل وحسابات المغرورات المسميات بالمشهورات والمغلوب دائما مولع بتقليد الغالب

والمسلسلات لها أثر في انتشار هذه الملابس المحرمة والأزياء القبيحة حينما تعرضها بشكل يستهوي ناقصات العقل والدين ومن يغرهن الثناء ..

وتعرت نساؤنا وهن كبيرات لأننا سمحنا لهن بالعري حينما كن صغيرات ،ومن شب على شيء شاب عليه وكثرة الإمساس تقلل الإحساس ، وحينما تنشأ البنت على عدم الاحتشام في الصغر يصعب عليها أن تتقبل الاحتشام في الكبر ويصبح اللباس الساتر على جسدها ثقيلا

وحينما ضعفت الغيرة واهتزت القوامة أسهم الاباء والأولياء في انتشار هذه الملابس بسكوتهم على نسائهم وبناتهم وإقرارهم لهن على لبسها بل وتبرير أفعالهن وإظهار الإعجاب بأذواقهن والبحث عن مخارج شرعية وفتاو تسهل من هذا العري وتبرره

ويأتي على رأس الأسباب سياسة التدرج وتكسير الموجة والتساهل في البدايات .. فمن المؤكد أن المرأة لن تكشف عن ساقيها لو أنا أنكرنا عليها ظهور قدميها .. ولن تتجرأ على كشف فخذيها لو أنه أوقفت عند حدها يوم أن كشفت عن ساقيها .. ولن تتساهل في كشف كتفيها لو أنها وجدت رجلا غيورا يزجرها عن كشف ذراعيها . وحينما تكشف المرأة وجهها ستكشف حتما عن شعرها ثم عن بعض جسدها.. وإن الانحلال الذي بليت به أمم مسلمة لم ينشأ بين عشية وضحاها لكنه نشأ بسبب السكوت على البدايات والتساهل في بعض الجزئيات بحجة أن فيها خلافا وقد أفتى فيها من أفتى وكانت النهاية كما تسمعون .. وصدق الله ( يأيها الذين آمنوا لاتتبعوا  خطوات الشيطان ..

إن ظاهرة التعري والتي لم يسلم منها حتى بعض نساء الصالحين سيكون لها أثر على أخلاقنا ومعالم تميزنا وعلى أمننا الأخلاقي

إنها سبيل إلى زوال الحياء ،  وإذا زال الحياء زال معه الإيمان فهما قرينان متلازمان ( والحياء لايأتي إلا بخير )

وإن التعري سبيل لانتشار الفتنة وخراب البيوت وفشو الجرائم والمنكرات بل إنه السبب للخيانات الزوجية والتحرش بالمحارم حينما يرى الشاب أمامه امرأة في كامل زينتها وإغرائها بلباس لايحل إلا لزوجها فإذا انضاف إلى ذلك ضعف الإيمان وانعدام الشعور بالغيرة فحدث عن الشذوذ والتحرش بلا حرج

أسأل الله أن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا وأستغفر الله لي ولكم ..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله : أما بعد : فحرصا على الفضيلة وسدا لباب الفتنة وسعيا لرضا الله واتباعا لشريعته وحذرا من سخط الله وعقوبته .. ولئلا نجد أنفسنا يوما صورة من المجتمعات المنحلة .. فلا بد من خطوات جادة لإيقاف هذا الوباء الخطير الذي بدأ يسري في مجتمعنا مصحوبا بسكوت من الأولياء وتشجيع من الأعداء

حاربوا ياغيورون ظلمات التعري بنور الوعي بين نسائكم ، وتقوية الوازع الديني وتصحيح المفاهيم الخاطئة عندهن عن حقيقة عورة المرأة أمام المرأة مسترشدين بأقوال العلماء الربانيين ..  وبتوجيه نسائنا وتوعيتهن بخطورة هذا الأمر وأنه ليس مجرد مخالفة للعرف والتقاليد لكنه معصية لرب العالمين وتعرض لسخطه

اغرسوا فيهن الشعور بالاستعلاء الإيماني والعزة الإيمانية وأن المسلمة يجب أن تتبرأ من خطوات عدوها وتتجرد من كل صور التشبه بأعدائها فمن تشبه بقوم فهو منهم

علموا نساءكم أن البحث عن الزينة والجمال لايعني التجرؤ على حرمات الله والتعرض لعقوبة رب العزة والجلال وأن من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس

فلتتعلم نساؤنا أن الجمال ليس بالتعري ولا بالتفسخ وأن التدين لايعني التبذل وقلة الاهتمام لكنه بعني تحقيق رضا الله قبل رغبات النفس

حاربوا موجة التعري بالإنكار على من يفعل ذلك من النساء. فالسكوت عن المنكر- أي منكر كان- والتغاضي عنه، لاسيما أول ظهوره، من أعظم أسباب انتشاره وفشوه واستفحاله،

وياأيتها الأمهات : دوركن كبير في مكافحة هذه الظاهرة وذلك بتربية البنات منذ الصغر على اللباس الساتر حتى ينشأن على ذلك و عدم السماح لبناتكن بارتداء هذه الملابس والتشديد في ذلك.

وياأيتها المعلمات والمربيات : إن لكن دورا كبيرا في التأثير على من تحت أيديكن من الطالبات وذلك بأن تكن أولا قدوات صالحات لهن بالتحلي بالأخلاق الفاضلة وارتداء الملابس الساترة الضافية. ثم بتوجيه النصح لهن وتحذيرهن من هذا العمل الذي هو في حقيقته قتل للحياء، وتشبه بالكافرات، ومخالفة لأوامر الله عز وجل.

وياأهل الغيرة من التجار : ساهموا بوقف طوفان التعري باستيراد الملابي الساترة ومقاطعة ملابي العري التي لاتراعي ديننا ولا أحكام شريعتنا

ويوم أن نتحلى بالوعي ونتجمل بالغيرة ويوم أن ندرك خطورة التساهل وعاقبة التفريط ويوم أن نبذل الجهود وتتضافر الهمم حينها سننعم بمجتمع آمن في أخلاقه وآمن في أرضه وسعيد في حياته في ظل شريعة الله وهديه القويم

وأخير إلى كل أخت مسلمة تخاف الله وتخشى عذابه .. إلى كل من آثرت هواها على رضا مولاها .. إلى من استسلمت لخانقها ولم تستجب لخالقها .. إليك أنت أقول :

فد تجدين من يعجب بملابسك العارية ويبدي استحسانه لكن تذكري ( ياليتني لم أتخذ فلانا خليلا )

قد تحققين بعريك شيئا من رغبات ذاتك لكن تأكدي أن الثمن ( لايدخلن الجنة ولا يجدن ريحها )

قد تحققين بلباسك العاري شهرة في أوساط النساء لكن تذكري ( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا )

قد تستغفلين زوجك أو اباك فتلبسين الملابس العارية دون علمه أو إذنه لكن تذكري (ايما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره )

ربما كنت بملابس العري تلتمسين ثناء أو إعجابا ولربما أدركت ذلك ولكن تذكري ( من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس )

تذكري وقرري وأحسب أنك ممن قال الله فيهم ( إنما كان قول المؤمن ين إذا دعوا إلى الله ..

وختاما تحية وتحية وتحية لقيادتنا الرشيدة بقراراتها السديدة بإلزام الطالبات بالستر والاحتشام فياليت طالباتنا يتقيدن به وبستر أجسادهن وإخفاء زينتهن وتغطية وجوههن تعبدا لله لاعادة ، وانقيادا لشريعة الله لاخضوعا لأعراف وتقاليد ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما

اللهم صل وسلم ...

المرفقات

1725461613_لباس الستر والتقوى.doc

المشاهدات 507 | التعليقات 0