لا يعلمُــها إلا اللهُ ( خطبة جمعة )

محمد بن سليمان المهوس
1438/08/15 - 2017/05/11 01:58AM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ خَالِقِ الدُّجَى وَفَالِقِ الْإِصْبَاحِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَزَّ فَارْتَفَعَ ،وَوَصَلَ وَقَطَعَ، وَحَرَّمَ وَأَبَاحَ ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ ، وَأَسْأَلُهُ الْهُدَى وَالصَّلَاحِ ، وَأَشْهَدَ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ : أُوُصِيِكُمْ وَنَفْسِ بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / لَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ، وَمَا ذَلِكَ! إِلَّا لِأَنَّهُمْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا بِمَا لَمْ يَرَوْهُ مِنْ مَوْعُودِ اللَّهِ ،وَمِنْ خَبَرِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،كَمَا قَالَ تَعَالَى ((الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ*أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))
وَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ مِنْ الْمُسَلَّمَاتِ فِي دِينِنَا ، وَمِنَ الْأُصُولِ فِيِ شَرِيِعَتِنَا ، وَالثَّوَابِتِ فِيِ عَقِيدَتِنَا ، قَالَ تَعَالَى ((عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) وَقَدْ نَفَى اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ أَنْ يَعْلَمَ الْغَيْبَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ سِوَاهُ سُبْحَانَهُ ،لَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ،وَلَا أَيُّ مَخْلُوقٍ مَهْمَا بَلَغَتْ مَنْزِلَتُهُ وَعَظَمَتُهُ وَقُوَّتُهُ ، وَمَهْمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَالْأَسَالِيبِ وَالصِّنَاعَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مَعْرِفَةَ الْغَيْبِ ؛ إِذْ عِلْمُ الْغَيْبِ مِنْ خَصَائِصَ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ الْقَائِلُ ((قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ )) وَكُلُّ طَرِيقَةٍ يُرَادُ بِهَا التَّوَصُّلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ غَيْرَ طَرِيقَةِ الْوَحْيِ الَّذِي اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ رُسُلَهُ فَهِيَ ضَلَالٌ وَإِفْكٌ وَكَذِبٌ ؛ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَرَمَ اللَّهُ السِّحْرَ وَالْكَهَانَةَ وَالْعَرَافَةَ ، وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِمَّا فِيهِ ادِّعَاءُ عِلْمِ الْغَيْبِ بِطُرُقٍ شَيْطَانِيَّةٍ ، وَحِيَلٍ كُفْرِيَّةً ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ مُنَازَعَةِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ فِي بَعْضِ خَصَائِصِهِ .
وَمَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ رَئِيسَةٌ أَخْبَرَ عَنْهَا رَبُّنَا فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ ((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ )) وَقَدْ ذَكَرَها فِيِ آيَةٍ أُخْرَى فَقَالَ ((إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِيِ صَحِيِحِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلَّا اللَّهُ وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ ))
وَسُمِّيَتْ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ لِأَنَّهَا مَفَاتِيحٌ لِمَا بَعْدَهَا كَمَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ ، فَقِيَامُ السَّاعَةِ مِفْتَاحٌ لِلْيَوْمِ الْآخَرِ ، وَنُزُولُ الْغَيْثِ مِفْتَاحٌ لِحَيَاةِ الْأَرْضِ ، وَعِلْمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ مِفْتَاحٌ لِحَيَاةِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا مِفْتَاحٌ لِلْأَرْزَاقِ ، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ مِفْتَاحٌ لِلْقِيَامَةِ الصُّغْرَى لِكُلِّ إِنْسَانٍ بِحَسَبِهِ.
فَاللَّهُ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) وَعِنْدَمَا قَالَ جِبْرِيلُ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ ))
وَمِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ بِأَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ:إِنْزَالُ الْمَطَرِ فَمَهْمَا تَجَدَّدَتِ الِاخْتِرَاعَاتُ ،وَتَطَوَّرَتِ الصِّنَاعَاتُ ،وَشُحِذَتِ الْعُقُولُ وَالْهِمَمُ فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أَحَدٌ أَنْ يُنْزِلَ الْغَيْثَ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَاللهُ ((يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ )) فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَسُوقُ السَّحَابَ الضَّعِيفَ ثُمَّ يَجْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ رُكَامًا ثُمَّ يُنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرَ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ ؛ فَلَيْسَتْ الْقَضِيَّةُ فَقَطْ إِرْسَالُ صَعَقَاتٍ بِطَائِرَاتٍ عَلَى سُحُبٍ مَوْجُودَةٍ أَصْلًا لِإِدْرَارِهَا كَمَا يَزْعُمُونَ ، وَإِنَّمَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ وَالَّذِيِ يَفُوقُ الْعَقْلَ الْبَشَرِيَّ الضَّعِيفَ وَالَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ.
((وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)) يَعْلَمُ بِعِلْمِهِ السَّابِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ وَقَبْلَ النِّكَاحِ وَقَبْلَ مَرْحَلَةِ النُّطْفَةِ هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ، وَاحِدٌ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، تَامٌّ أَوْ نَاقِصٌ ، مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرِ ؟ شِقِّيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ؟ يَعْلَمُ رِزْقَهُ ، وَأَجَلَهُ وَهُوَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ ،وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ ؛ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فَقَطْ مَعْرِفَةُ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى بَعْدَ اكْتِمَالِهِ فِي رَحِمِ أُمِّهِ بَلِ الْمَسْأَلَةُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَاتَّقَوْا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَوَحَّدُوا رَبَّكُمْ ،وَعَظِّمُوا خَالِقَكُمْ ،وَآمِنُوا بِرَبِّكُمْ ، وَاحْذَرُوا الْفِتَنَ فِي تَوْحِيدِكُمْ ،وَالشُّبَهَ فِي عَقَائِدِكُمْ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ .

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، والشّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لَشَانِهِ ، وأشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ وأعْوانِهِ وسَلّم تَسْلِيماً كثيراً ...
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ / وَمِنْ مَفَاتِيحَ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ : رِزْقُ الْعِبَادِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا )) فَالرِّزْقُ مَضْمُونٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَهُوَ الْقَائِلُ ((وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )) وَلَكِنْ وَقْتَ حُصُولِهِ وَكَسْبِهِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَذَلِكَ آجَالُ النَّاسِ وَمَكَانُ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ )) لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِذَا أَرَادَ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ ، جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً )) وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
فَقَدْ يُسَافِرُ الْإِنْسَانُ سِيَاحَةً أَوْ تِجَارَةً أَوْ زَوَاجًا أَوْ دِرَاسَةً!وَأَجَلُهُ وَقَبْضُ رُوْحِهِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ الَّتِي عَلِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، فَاتَّقَوْا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ،وَآمِنُوا بِرَبِّكُمْ ،وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُمْ ؛فَالْإِيمَانُ إِذَا قَوِيَتْ أُصُولُهُ عَادَ عَلَى صَاحِبِهِ بِكُلِّ خَيْرٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ ، فَقَالَ (( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا )) وقال ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(( مَنْ صَلّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله ُعَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا)) رَوَاهُ مُسْلِم .
المرفقات

لا يعلمها إلا الله.doc

لا يعلمها إلا الله.doc

المشاهدات 1477 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا