لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ

هلال الهاجري
1439/05/13 - 2018/01/30 09:58AM

إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ باللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ .. (يَا أَيُّهاَ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) .. أَمَّا بَعْدُ:

مجرمٌ خطيرٌ مَهينٌ شِرِّيرٌ خوَّانٌ، بل هو شيطانٌ مريدٌ في صورةِ إنسانٍ، يُفرِّقُ بينَ الزَّوجِ وزوجِه وبينَ الأحبَّةِ والإخوانِ، ويُحرِّشُ بينَ الوالدينِ والأولادِ وبينَ الأقاربِ والخُلاَّنِ، يأتي إلى النَّاسِ وهم في أحسنِ حالٍ، في وُدٍّ وصفاءٍ وراحةِ بالٍ، وما هي إلا خُطواتٍ وكلماتٍ وساعاتٍ، إلا وترى الفُرقةَ والشِّقاقَ والبَغضاءَ والعَداواتِ، فمن هذا المجرمُ الخطيرُ، صاحبُ الشَّرِ المُستطيرِ؟.

هل هو الشَّيطانُ الرَّجيمُ؟ .. لأنَّ من أعظمِ أهدافِه، إشاعةَ الفُرقةِ بينَ المسلمينَ، كما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبَدُه الْمَصْلُونُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)، وقد حرَّمَ اللهُ تعالى الخمرَ والميسرَ لأنَّهما وسيلةُ الشَّيطانِ في إيقاعِ العداوةِ بينَ المؤمنينَ، فقالَ تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ).

بل ويُرسلُ أتباعَه كلَّ يومٍ، وأقربُهم منه منزلةً، من فرَّقَّ بينَ اثنينِ، قالَ عليه الصَّلاةُ والسّلامُ: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ) .. خابَ الشَّيطانُ وخَسِرَ، ولكنَّنا نتكلمُ عن مجرمٍ أخطرَ. هل هو السَّاحرُ الكافرُ؟ .. فقد أخبرَنا اللهُ تعالى في كتابِه أنَّهُ يُفرِّقُ بينَ النَّاسِ: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) .. لا، بل هو أخطرُ.

أتعلمونَ أيُّها الأحبَّةُ من هو هذا المُجرمُ الخطيرُ؟ .. إنَّهُ النَّمامُ .. وما أدراكَ ما النَّمامُ.

ولتعلمَ أنَّه أخطرُ من السَّاحرِ، فاسمعْ إلى يحيى بنِ أَكثمَ وهو يَقولُ: (النَّمامُ شَرٌّ من السَّاحرِ، ويَعملُ النَّمامُ في سَاعةٍ ما لا يَعملُ السَّاحرُ في سَنةٍ)، وكما أنَّ الشَّيطانَ رسولُ السَّاحرِ، فالنَّمامُ رسولُ الشَّيطانُ، عن الفَضلِ بنِ أبي عيَّاشٍ قَالَ: كُنتُ جَالسًا مع وهبِ بنِ منبِّه، فأتاهُ رجلٌ فقالَ: إنِّي مَررتُ بفُلانٍ وهو يَشتِمُكَ، فغَضبَ، فقَالَ: ما وَجدَ الشَّيطانُ رَسولًا غَيركَ؟، قَالَ: فما بَرِحْتُ من عِندِه حتَّى جَاءَه ذلك الرَّجلُ الشَّاتمُ، فسلَّم على وَهبٍ، فردَّ عليه، ومدَّ يدَه، وصافحَه، وأجلسَه إلى جنبِه)، وهكذا ينبغي أن نُعاملَ النَّمامَ والمُغتابَ، ونظُنُّ خيراً بالأصدقاءِ والأحبابِ، وصدقَ القائلُ:

لا تَقبلـَنَّ نَميمـةً بُلِّغتَهـا *** وتَحَفَّظنَّ مِنَ الَّذِي أَنْبَاكَهَا
إنَّ الذي أَهدى إليكَ نَميمةً *** سينمُّ عَنكَ بمثلِها قَدْ حَاكَها

ولتعرفَ أنَّه أخطرَ من الشَّيطانِ، فالشَّيطانُ إن استعذتَ باللهِ منه خنسَ، وأما النَّمامُ فلا يخنسُ بالاستعاذةِ، ولذلكَ يبعثُه الشَّيطانُ ليؤدي المُهمةَ نيابةً عنه، قَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ: إِنَّ فُلَانًا يَقَعُ فِيكَ، قَالَ: لَأَغِيظَنَّ مَنْ أَمَرَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لِفُلانٍ، قِيلَ لَهُ: مَنْ أَمَرَهُ؟، قَالَ: (الشَّيْطَانُ).

فيا أيُّها النَّمامُ، أترضى أن تكونَ مبعوثَ الشَّيطانِ، للإفسادِ بينَ أهلِ الإيمانِ، واسمعْ بجِدٍّ وإنصاتٍ إلى هذا الحديثِ، وتذَّكرْ ما كانَ منكَ في القديمِ والحديثِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ، وَالصَّلاةِ، وَالصَّدَقَةِ؟)، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: (صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، -ثُمَّ قالَ- فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، لا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ)، فماذا بقيَ من دينِكَ أيُّها النَّمامُ لم تحلِقْهُ؟.

ولذلكَ فالنَّميمةُ عظيمةٌ من العظائمِ، وهي في مَصافِّ كِبارِ الجرائمِ، يَقولُ عَطاءُ بنُ السَّائبِ: قَدِمتُ مِنْ مكَّةَ، فلقيني الشَّعبيُّ، فقالَ: يا أبا زيدٍ، أَطْرِفْنَا ممَّا سَمعتَ بمكَّةَ، فقلتُ: سمعتُ عبدَ الرَّحمنِ بنَ سَابطٍ يَقولُ: لا يَسكنُ مكَّةَ سَافكُ دَمٍ، ولا آكلُ ربًا، ولا مشَّاءٍ بنميمةٍ، فَعَجِبْتُ منه حِينَ عَدَلَ النَّمِيمَةَ بسَفكِ الدَّمِ وأَكلِ الرِّبا، فقالَ الشَّعبيُّ: وما يُعْجِبُكَ من هذا؟، وهل يُسفكُ الدَّمُ وتُركبُ العظائمُ إلَّا بالنَّمِيمَةِ؟. فيا أيُّها النَّمامُ، كيفَ يهنأُ لكَ منامٌ، وأنتَ شرُّ الأنامِ، كما جاءَ في كلامِ نبيِّنا عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ؟)، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالَى)، ثُمَّ قَالَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟، الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ).

ولذلكَ لا ترى نماماً يسعى بينَ النَّاسِ بالدَّسيسةِ، إلا وقد اجتمعتْ فيه تِسعُ صفاتٍ خسيسةٍ، تُتلى في أربعِ آياتٍ من الكتابِ، لتكونَ عِبرةً وعِظةً لأولي الألبابِ: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ)، فأيُّ شَرٍّ بعدَ هذا الشَّرِّ؟.

تنحَّ عن النَّمِيمَةِ واجتنبْها *** فإنَّ النمَّ يحبطُ كلَّ أَجـرِ
يثيرُ أخو النَّمِيمَةِ كلَّ شرٍّ *** ويكشفُ للخلائقِ كلَّ سرِّ
ويقتلُ نفسَه وسواه ظلمًا *** وليس النَّمُّ مِن أفعالِ حُرِّ

وأما في القبورِ، فلا راحةَ ولا حُبورَ، ولكن عذابٌ ودُعاءٌ بالثُّبورِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: بَلَى –أيْ بلى بل هو كبيرٌ-، كَانَ أَحَدُهُمَا لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ).

وأما إذا حُشرَ الخَلقُ في دارِ القرارِ، فهم شِرارُ النَّاسِ عندَ الملكِ الجبَّارِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ)، ومآلُهم مُخيفٌ، ورجاءُهم ضعيفٌ، فعَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلًا يَنُمُّ الْحَدِيثَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ).

ولا عجبَ في ذلكَ، فالنَّمامُ قد عارضَ اللهَ تعالى في مَحبوباتِه، وذلكَ أنَّ اللهَ سبحانه قد امتَّنَّ على عبادِه بالتَّأليفِ بينَ قلوبِهم: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)، وأما النَّمامُ فإنَّه يسعى في إزالةِ هذا التآلفِ بينَ القلوبِ كُفراً بنعمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) فما هو مصيرُهم؟، (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ).

مَنْ نَمَّ في النَّاسِ لم تُؤمنْ عَقاربُه *** على الصَّديقِ، ولم تُؤمنْ أَفاعيهِ
كالسَّيلِ باللَّيلِ لا يَدري بِهِ أَحدٌ *** مِنْ أَينَ جَاءَ، ولا مِنْ أَينَ يَأتِيهِ
الوَيلُ للعَهدِ مِنهُ، كَيفَ يَنْقُضُهُ *** والوَيلُ للوِدِّ مِنهُ، كَيفَ يَنعيهِ

أقُوْلُ قَوْلِي هَذا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ حمداً كثيراً، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه؛ صلى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ .. أما بعدُ:

دخَلَ رجلٌ على عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ رحمَه اللهُ، فذَكرَ له عن رجلٍ شيئًا، فقالَ له عُمرُ: إن شئتَ نَظرنا في أمرِكَ، فإن كُنتَ كاذبًا، فأنتَ من أهلِ هذهِ الآيةِ: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ)، وإنْ كُنتَ صَادقًا، فأنتَ من أَهلِ هذهِ الآيةِ: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)، وإن شِئتَ عفَوْنا عنكَ، فقالَ: العفوَ يا أميرَ المؤمنينَ، لا أَعودُ إليه أبدًا.

فيا عبادَ اللهِ ..

لا ينبغي لمجتمعٍ يريدُ أن يبقى مؤمناً، ويسعى أن يكونَ مُطمئناً، أن يقبلَ بوجودِ النَّمامينَ، الذينَ يسعونَ بالفسادِ بينَ المؤمنينَ، واسمعْ إلى توجيهِ ربِّ العالمينَ: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، فالنَّمامُ فاسقٌ .. فاسقٌ .. فاسقٌ، فإياكَ أن تُصيبَ بسببِه أحداً بجهالةٍ واستعجالٍ، فتُصبحَ نادماً ولا ينفعُ بعدَها الاعتذارُ.

ولا تفرحْ بمن ينقلُ إليكَ كلاماً عن رفيقٍ، ولا تعتقدْ أنَّه مُحبٌّ لكَ شَفيقٌ، بل إنَّه ذو وجهينِ كذَّابٌ، يسعى بالفُرقةِ بينَ الأحبابِ، يَقولُ الحسَنُ البَصريُّ رحمَه اللهُ: مَن نَمَّ إليكَ، نَمَّ عليكَ، وصدقَ رحمَه اللهُ:

يَسْعَى عَلَيْكَ كَمَا يَسْعَى إِلَيْكَ فَلاَ  *** تَأْمَنْ غَوَائِلَ ذِي وَجْهَيْنِ كَيَّادِ

فإذا جاءَك النَّمامُ، ينقلُ الكلامَ، فعِظهُ وذكِّرهُ بعاقبةِ الإجرامِ، واقرأ عليه قولَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ .. وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ .. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

اللهمَّ طهِّرْ ألسنتَنا من الكذبِ والغيبةِ والنميمةِ، وقلوبَنا من النِّفاقِ والغِلِّ والغِشِّ، والحَسدِ والكِبْرِ والعُجْبِ، وأعمالَنا من الرِّياءِ والسُّمعةِ، وبطونَنا من الحرامِ والشُّبهةِ، وأعينَنا من الخيانةِ، فإنكَ تعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تُخفي الصُّدورُ، اللهمَّ أهدِنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يَهدي لأحسنِها إلا أنتَ، واصرف عنَّا سيئَها، لا يَصرفُ عنا سيئَها إلا أنتَ، اللهمَّ إنا نسألُك التوفيقَ والسعادةَ في الدُّنيا والآخرةِ، اللهمَّ ألهمنا الصَّوابَ، ووفِّقنا للحقِّ وجنِّبنا الفتنَ ما ظهرَ منها وما بطنَ برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم وفِّقْ إمامَنا لهداكَ، واجعلْ عملَه في رِضاكَ، ووفِّق جميعَ ولاةِ المسلمينَ للعملِ بكتابِك وتحكيمِ شرعِكَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

المرفقات

يَدْخُلُ-الْجَنَّةَ-نَمَّامٌ

يَدْخُلُ-الْجَنَّةَ-نَمَّامٌ

يَدْخُلُ-الْجَنَّةَ-نَمَّامٌ-2

يَدْخُلُ-الْجَنَّةَ-نَمَّامٌ-2

المشاهدات 1956 | التعليقات 0