لا للحزبية .. لا للجماعات والتفرق هنا

الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِالإِسْلَامِ وَأَعَزَّنَا بِهِ قُوَّةً وَإِيمَاناً، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِنَا فَجَعَلَنَا أَحِبَّةً وَإِخْوَاناً، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ أَنْزَلَ كِتَابَهُ هُدىً وَرَحْمَةً وَتِبْياناً، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ هَدَى اللهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَعَلَّمَ بِهِ مِنَ الجَهَالَةِ، وَأَعَزَّ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَكَثَّرَ بِهِ بَعْدَ القِلَّةِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا لَهُ عَلَى الحَقِّ إِخْوَاناً وَأَعْوَاناً.

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ كَمَا أَمَرَكُمْ؛ يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ، وَقَابِلُوا نِعَمَهُ بِالشُّكْرِ وَالعِرْفَانِ ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ).

إخوة الإيمان والعقيدة ... اعلموا أنَّ أوامر الشرع المطهر صلاحٌ للبلاد والعباد، فمن تمسَّك بشريعة الإسلام أصلح الله له كلَّ شأن, وأفلح وفاز في دار الممر ودار المستقر، فاستمسكوا بدينكم وكونوا كما أمر ربكم نبيه (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) وقال تعالى ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) قَالَ ابن عَبَّاس رضي الله عنهما: أَرَادَ بِهِا كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله. فالعروة الوثقى هي كلمة لا إله إلا الله، هذه الكلمة هي أصل الدين، وأساس الملة.

إنَّ من التمسك بدين الله: اعتصام المسلمين بحبل الله جميعًا، وعدم تفرقهم وتحزبهم ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حبل الله الذي أمر بِهِ، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَةِ وَالطَّاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ.

واعلموا... أنَّ اجتماع المسلمين لا يكون إلا بالجماعة الواحدة لا بالجماعات والأحزاب، والجماعة الواحدة هي التي تهتدي بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتنبذ ما خالف أمر الله وأمر رسوله ﷺ ولا تقدِّم كلام أحد كائنًا من كان على الوحيين.

وأنتم ترون - يا عباد الله - كيف حال الأمة الإسلامية اليوم، ترون التفرق والتحزب والتشرذم والتعصب ( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) فيوصي الحق تبارك وتعالى أهل الإيمان بوحدة الدين والأمة، ولا يسمح شرع الله بالفرقة والتمزق، فذلك سبيل الشيطان، والطريق إلى الخسارة والضياع.

نَّ الحزبية ذات المسارات والقوالب المستحدثة التي لم يعهدها السلف من أعظم العوائق عن العلم، والتفريق عن الجماعة، فاحذر -رحمك الله- أحزاباً وطوائفَ طافَ طائِفُها، ونجمَ بالشرِّ ناجِمُها، فما هي إلا كالميازيب؛ تجمع الماء كدراً، وتفرِّقهُ هدراً؛ إلا من رحمه ربك.

أيها المؤمنون .. إنَّ كثرة الأحزاب والجماعات الإسلامية في الأمة المسلمة، له أثر سيء على المسلمين، وهو خلاف لما أمر الله به من الاجتماع ووحدة الصف، فتلك الأحزاب في صراعات، تتراشق الاتهامات، وتتدابر وتتناحر؛ خدمة لما يتَّصل بنشاط الأحزاب واتِّجاههم ونظامهم، وطمعاً في الوصول إلى مناصب دنيوية من الحكم وغير ذلك، ومن تلك الأحزاب من تطلب من رموزها مبايعة أقطابها ومرشديها، وما كان هذا ليكون إلا لقلة الفقه في الدين ورواج البدع والمحدثات؛ فالبيعة في الإسلام لا تكون إلا لولي أمر المسلمين من ملك أو رئيس، ولا يجوز لمؤسسي تلك الأحزاب ولا لرؤسائها طلب البيعة من أتباعهم؛ لأنَّ رؤساء تلك الأحزاب داخلون فيما يدخل فيه المسلمون من بيعة ولي الأمر.

واعلموا ... أنَّ الذي خلَّف الحزبية في بلاد المسلمين هم المستعمرون، فهي من آثارهم السيئة بعد استقلال البلدان الإسلامية من الاستعمار.

معاشر المسلمين .. إنَّ من الحزبية المقيتة، التعصب للحزب والموالاة والمعاداة فيه ولأجله، تقول لأحدهم: قال الله ... قال رسول الله ﷺ ، فيقول: قال فلان، قال رئيس الجماعة. تستدل بالأدلة من الكتاب والسنة.. فيعاند ويُصرُّ على رأيه ولو كان يرى خطأهم في ذلك. ومما يؤسف له، أنَّ يعادي المسلم أخاه المسلم ويبغضه ويقاطعه، لأجل حزبية أو لأجل موافقته لجماعة من الجماعات.

فبالحزبية - أيها المؤمنون - تتفرق كلمة الأمة ويُعادي بعضها بعضا، فيتسلط عليهم العدو ويغزوهم على ضعف منهم، ومن الحزبية حزبية تدعو إلى الإخلال بأمن المسلمين، وإثارة الثورات والدعوة إلى الخروج والمظاهرات حتى وإن سموها سلمية تطالب بالحقوق المسلوبة، فإنهم بذلك خالفوا ما أمرهم به النبي ﷺ من الصبر، ففي الحديث أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَلَا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟ فَقَالَ ( إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ).

معاشر المسلمين .. ومن أضرار الحزبية على المجتمع دورها في نشر البدع التي توافق أهواءَ كلِّ حزب، وهي ركن أساس في تنافر القلوب وبعث البغضاء والكراهية بين المسلمين، وتكدِّرُ صفوَ الأخوة الإسلامية انتصارا للحزب أو الجماعة، ومن أضرار الحزبية أنَّها تدعو لتأييد الحزب ولو أدَّى ذلك إلى تفريق كلمة المسلمين وإضعاف شوكتهم.

فالحزبية - يا عباد الله - إذا حلَّت في بلد مستقر مزَّقته وفرَّقته وأحدثت فيه الاضطرابات وأخلَّت بأمنه، فثمارُها مرَّةٌ علقمٌ على المجتمع، تُفسد ولا تصلح وتهدم ولا تبني، وتُضِلُّ ولا تهدي ولو زعمت أنَّها تريد إصلاحاً للمجتمع، فلا يغترُّ بها مغترٌّ ولا ينضوي تحتها ذو لبٍّ يعقِل.

ونحمد الله تعالى أننا في بلادنا السعودية –حرسها الله- لا مكان للأحزاب فيها, فنحن جماعة واحدة لا جماعات, فحري بنا شكر الله على هذه النعمة العظيمة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله أمر عباده بالاجتماع ونهاهم عن الفرقة والتحزب، لتقوى شوكتهم ويظهروا على عدوهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الناصر المعين والهادي من شاء إلى صراطه المستقيم, وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً رسول رب العالمين وخير البشر أجمعين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

معاشر المؤمنين ... اتقوا الله حق التقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى.

واعلموا ... إنَّ الآثار السيئة للحزبية المقيتة توجِبُ أن يُحذِّرَ منها كلُّ مسلم خصوصاً وأنَّ لها وسائل إعلامية متنوعة تدعو إليها وتُلبِّسُ على الناس أحوالها وأفعالها، إما بمنطوقها أو بلسان حالها, فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يجعلهم إخوة متآلفين متحابين كما أمرهم بذلك ربهم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بناصيتهما للبر والتقوى, وأعز بهما دينك وأعل بهما كلمتك وأمدهما بعونك وتوفيقك. اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان، واجعل بلاد المسلمين آمنة مطمئنة, اللهم عليك بمن يحارب دينك وجندك وأولياءك وعبادك الصالحين, اللهم عليك بالصهاينة والصليبين والمجوس والحوثيين والخونة والروس وأعوانهم، ومزِّقهم، وزلزلهم، واشدد وطأتك عليهم، وخالف بين قلوبهم، واجعل بأسهم بينهم، واهزمهم فلا هازم لهم إلا أنت يا قوي يا عزيز.

اللهم احفظ رجال أمننا وجنودنا على حدود بلادنا وجنودنا في اليمن، اللهم ثبت أقدامهم وانصرهم وزدهم قوة، واجزهم عنا خير الجزاء.

اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرها وعلماءها وأهلها وزدها قوة وأمنا ورخاء وشكرا وتمسكا بالدين. اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا وأصلح أبناءنا وبناتنا وأصلح نساءنا واغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين.

 

المشاهدات 1136 | التعليقات 0