لا للتغيير في مناهجنا

الحمد لله علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي قال له ربه ممتنًا عليه ( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه خير من تعلم وعلم.

إخوة الإيمان والعقيدة ... فإن أول معلم في الإسلام هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولى طلبة العلم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين صاروا من بعده معلمي العالم كما قال صلى الله عليه وسلم ( وإن العلماء هم ورثة الأنبياء ) فكانوا يعلمون الناس أمور دينهم عقائد وعبادات ومعاملات وأخلاقًا متدرجين معهم في التعليم شيئًا فشيئا عملًا بقول الله تعالى ( وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ) ومن بعدهم التابعون لهم بإحسان ومن تبعهم ممن جاء بعدهم ساروا على هذا المنهج الرباني القرآني كل جيل يحمل العلم ويحمله من يأتي بعده،

كما: يَحْمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عُدُولُهُ ، ينفونَ عنه تحريفَ الغالينَ ، وانتحالَ المُبْطِلينَ ، وتأويلَ الجاهِلينَ.

ففتحوا البلاد بالجهاد وفتحوا القلوب بالتعليم حتى نشروا ذلك في المشارق والمغارب مما لم يعرف نظيره في أمة من الأمم قبلهم، وكان هذا العلم الغزير تحمله اللغة العربية التي نزل القرآن بها فتعلمها الناس عربًا وعجمًا فصارت هي اللغة العالمية، وتخصص بها وبعلومها ألوف من العجم بحكم أنها لغة القرآن ولغة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن فهم هذا الدين إلا بفهمها وفهم مشتقاتها، فتفجرت من الكتاب والسنة بحور العلم، وامتلأت مكتبات العالم من كتب الإسلام مما لم يعرف في ديانة من الديانات، وذلك معجزة لهذا الرسول ورحمة للعالم كما قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) كان مهد هذا الخير ومنبع هذا النور من بلاد الحرمين مكة والمدينة وما جاورهما من بلاد الجزيرة العربية التي هي مهد الرسالة ومهبط الوحي، وجزيرة الإسلام التي قال فيها النبي ( لا يبقى فيها دينان ) ومنها انطلقت جحافل المجاهدين وقوافل الدعاة والمعلمين، وكانت هذه المملكة العربية السعودية هي الوارثة لهذا الخير والقائمة عليه تتجه لها القلوب والأبدان وتقصدها الوفود الغزيرة كل عام. آمين البيت الحرام ومسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، يبتغون فضلًا من ربهم ورضوانا، وتتسابق إلى جامعاتها أفواج الدارسين من كل صقع في العالم، يفقهون في الدين، ويحملونه إلى من خلفهم، عملًا بقوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ).

عباد الله ... إن كل دولة تضع مناهج التدريس فيها حسب النظام الذي تسير عليه في سياستها، ولما كان النظام لدينا وفق تعاليم الإسلام ولا يمكن تعلم الإسلام ولا تعليمه إلا بتعلم لغته التي هي اللغة العربية.

ولما كانت الجزيرة العربية عموما والبلاد السعودية خصوصًا بصفتها مهبط الرسالة وبلاد الحرمين الشريفين هي قلب العالم الإسلامي ومهوى أفئدة المسلمين فإنها يجب أن تكون جامعاتها ومناهجها هي التي تصدر الإسلام وعلومه إلى العالم. ومن ثم لما مكن الله للملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله في هذه البلاد المباركة قام بفتح المدارس والمعاهد التي هي نواة الجامعات ووكل إلى العلماء وضع مناهجها المتضمنة لعلوم القرآن والسنة والفقه واللغة العربية وعلومها، وواصل أبناؤه من بعده دعم هذه المؤسسات العلمية لتؤتي ثمارها لا للمملكة فحسب وإنما للعالم الإسلامي كله.

فالتعليم مربوط بالعلماء من حيث وضع خططه ومناهجه ومتابعته وتنميته. ومتى انفك التعليم عن العلماء ضاع وتغير وحل محله الجهل وفساد العقائد، وهذا ما يريده الأعداء حينما دسوا على الإسلام فرقة الخوارج والمعتزلة الذين اعتزلوا العلماء ووضعوا لأنفسهم مناهج خاصة نتج عنها الضلال والانحلال، وتعددت الفرق الضالة التي ما زال المسلمون يعانون منها ويحاربون أفكارها. وإننا نسمع في هذا الوقت أصواتاً تنعق بالمطالبة بتغيير المناهج التعليمية ونزعها من أيدي العلماء وجعلها بيد الجهلة المسمين التربويين حتى تصبح المناهج الإسلامية أسمًا بلا مسمى وحتى يكون الإسلام إسلامًا علمانيًا لا إسلامًا محمديا، منهجًا لا يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال، ولا يفرق بين المسلم والكافر والمؤمن والمنافق والبر والفاجر على ما جاء به الإسلام، الذي جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وترك الناس على المحجة البيضاء ليلها كنهارها وأظهره الله على الدين كله.

يراد له أن يكون كغيره من الأديان المحرفة والمنحرفة. إنه بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا دين إلا الدين الذي جاء به ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ولا يعرف هذا الدين على الوجه الصحيح الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا إذا درست أحكامه وتعاليمه ضمن المناهج الدراسية في مختلف المراحل. ولن يقوم بهذا إلا العلماء تعليمًا وإشرافًا ومتابعة.

وهذا النوع من العلوم تعلمه فرض عين على كل مسلم، وهذا ما تسير عليه مناهجنا الدراسية منذ تأسست المدارس باختلاف مراحلها، والتعليم عندنا شامل – ولله الحمد – لكل ما يحتاجه المجتمع المسلم مما يجب على الفرد بخاصة نفسه، وما يجب على المجتمع تعلمه وتعليمه.

ولذلك كان من أعظم اهتمامات المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله الاهتمام بجانب التعليم فأولاه عناية خاصة وأسنده إلى علماء البلاد وسار على نهجه أبناؤه ولن تبقى هذه الدولة إلا ببقاء الأساس الذي قامت عليه وهو الاهتمام بالتعليم بجميع تخصصاته وأن يتولاه أهله من علماء البلاد فيقوموا بوضع مناهجه الدراسية واختيار المدرسين الأكفياء واختيار الكتب المناسبة مما ألف قديمًا أو ما يؤلف حديثًا.

نسأل الله أن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ويصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا. ويصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا.

أقول ما تسمعون ....

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

معاشر المؤمنين ... فقد كثر اللغط في الصحف وغيرها حول مناهج المملكة العربية السعودية والتي وضعت وفق الكتاب والسنة في العقيدة والأحكام والمعاملات والآداب والأخلاق من تدريس التوحيد والتفسير والحديث والفقه واللغة العربية والأدب العربي بما في ذلك الأمر بالتوحيد وبيانه والنهي عن الشرك وبيانه، والأمر بلزوم السنة والنهي عن البدع والمحدثات، والنهي عن الربا والرشوة والقمار والاستيلاء على أموال الناس بغير حق، وردع المعتدين على الدين وعلى الناس بإقامة الحدود والتعزيرات الرادعة، والنهي عن الظلم والبغي والعدوان. ومحبة أولياء الله من الملائكة والأنبياء والمرسلين والصالحين من عباد الله. ومعاداة أعداء الله من الكفار والمنافقين، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، واحترام العهود والمواثيق، وتحريم قتل النفوس التي حرم الله قتلها بغير حق من أنفس المسلمين والمعاهدين من الكفار، وتحريم أموال المسلمين والمعاهدين وأعراضهم، والجهاد في سبيل الله بالأنفس والأموال وبالقلم واللسان من جهاد الكفار والمنافقين، والحث على لزوم جماعة المسلمين والنهي عن الفرقة والاختلاف .. هذه مهمات مضامين مناهجنا الدراسية.

فماذا ينقم منها هؤلاء الذين أخذوا يكتبون ويتكلمون مطالبين بتغيرها، هل تغير من الخير إلى الشر! أو تغير لأجل إرضاء أعدائنا من الكفار والمنافقين والذي في قلوبهم مرض. إن هؤلاء لا يرضون عنا إلا بأن نترك ديننا ونتبع دينهم، كما قال تعالى ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم ) والملاحظ أن هؤلاء لا ينشطون برفع أصواتهم بتغيير المناهج إلا حينما تظهر تقارير الكفار حول مناهجنا وإنها لا ترضيهم مما يدل على أن هؤلاء الكتاب ينعقون بما يقوله أعداؤنا، فهم عون لهم علينا. هذا والكفار في مناهجهم الدراسية يدرسون سب الإسلام والسخرية من المسلمين ومن نبيهم كذبا وزورا ولم ينقوها من هذا الإفك الذي افتروه علينا وعلى ديننا الذي هو الدين المفروض على جميع أهل الأرض، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ( َمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ ) ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ).

لقد كان المنافقون والذين في قلوبهم مرض يقولون إن مناهج التعليم في المملكة هي التي تعلِّم التكفير والإرهاب والتطرف، وأن ما حصل من الفكر المنحرف والأحداث المؤلمة كالتفجير والخروج على ولاة الأمر حصل نتيجة لما تعلِّمه تلك المناهج. وينادون بتغييرها واستبدالها بمناهج تتمشى مع رغباتهم يحذف منها باب الولاء والبراء وكل ما يغضب الكفار من الألفاظ التي جاء بها الكتاب والسنَّة وتخلى المناهج من مضامينها المبنية على الكتاب والسنَّة وتستبدل بمناهج لا تسمن ولا تغني من جوع، لئلا نجرح شعور أعدائنا من الكفار والمنافقين.
ونقول لهؤلاء إن الله قد خيَّب ظنكم وبيَّن كذبكم حينما أعلنت طائفة من الذين تبنوا هذا الفكر وخدعوا به أنهم لم يتلقوه من مناهج التعليم التي تدرس لدينا، بل كانوا هاربين من الدراسة متخلين عن مجتمعهم، يأخذون تلك الأفكار عن أصحاب الفكر المنحرف من شواذ المجتمعات الذين يلتقون به من هنا وهناك على حين خفية.

وقد بثت وسائل الإعلام المختلفة تلك التصريحات والاعترافات التي اعترفوا بها والتي لم تدع مجالاً للشك أن مناهجنا ـ ولله الحمد ـ بريئة كل البراءة من تلك الأفكار الفاسدة. وأنها تعلِّم الخير والاستقامة وحسن المعتقد والسلوك وتحث على لزوم الجماعة ووجوب السمع والطاعة، فهي منذ ثمانين أو تسعين سنة حينما فتح الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ مدارس التعليم ووضع علماء المملكة تلك المناهج لها وهي سائرة على المنهج السليم، والصراط المستقيم، وخرَّجت أجيالاً من ذوي الكفاءات العلمية تولوا مناصب قيادية في المجتمع وقاموا بأعمالهم الوظيفية خير قيام شهد لهم القاصي والداني بالكفاءة العالية والأداء الجيد، ولم يكونوا يعرفون تلك الأفكار المنحرفة والأعمال الإجرامية. ونقول لهؤلاء الذين يجدون في صدورهم حقداً على تلك المناهج وصاروا يتربصون بها الدوائر غيرةً على من يميلون إليهم من الكفرة والمنافقين

إننا لا نطمع بتراجع هؤلاء الكفار عن موقفهم تجاهنا وتجاه ديننا ونبينا، ولكننا نطمع من هؤلاء الكتاب من أبنائنا أن يرجعوا عن اندفاعهم وراء السراب وانضمامهم للعدو الكذاب وأن يعرفوا عدوهم من صديقهم ويكونوا مع دولتهم وجماعتهم على الحق. فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأن يكونوا مدافعين عن دينهم لا دافعين له.

 

المشاهدات 996 | التعليقات 0