لا سلطان للشيطان على المؤمن



[font="][font="] لا سلطان للشيطان على المؤمن..[/font]


[font="]الحمد لله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر [/font][font="]فهدى، أحمده سبحانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خالقُ الأرض[/font][font="] والسماوات العُلَى.. وأشهد أنّ محمدًا عبدُهُ ورسوله،[/font][font="]النبيُّ المُجتَبَى، والرسولُ المُرتضَى، والحبيبُ المُفتدَى، صلّى الله[/font][font="] وسلِّم عليه، وعلى آله وصحبه أهل البرِّ والتُّقَى[/font][font="]..[/font]
[font="]أيها القرّاء، تعرّفنا في مناسبة ماضية على عداوة إبليس لآدم، حيث أغراه بالأكل من الشجرة التي نهاه الله عن الاقتراب منها، و أوقعه بذلك في مخالفة أمر ربّه بكذبه و خدعه و ترتّب على ذلك من خروجه من الجنة جزاء عصيانه.. إنّ عداوة إبليس لآدم لم تنقطع منذ ذلك العهد، فهي مستمرّة في ذرّيته إلى يوم القيامة. قال تعالى: " يا بني آدم لا يفتننّكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ". [/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 27 )[/font][font="]..[/font]
[font="]فالإنسان بما فيه من صفات العدل و الخير و الإحسان، معرّض لوسوسة و غواية الشيطان أن يطمس فيه هذه الصفات السامية ويقوده إلى الشر. و من هنا نشأ الصراع بين الخير و الشر..[/font]
[font="]و في هذا المقام يجدر بنا أن أحدثكم عن الشيطان و وسوسته و تأثيره على الإنسان ليأخذ المؤمن حذره منه، و يجاهد نفسه ليصل إلى السموّ الرّوحي الذي فيه سعادته في الدنيا و الآخرة..[/font]
[font="]إبليس هو أبو الشياطين و أصلهم الأوّل، [/font][font="]و إبليس و ذرّيته هم المتمرّدون من عالم الجن: " فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه ". [/font][font="]( سورة الكهف الآية: 50 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و الجنّ نوع من الأرواح العاقلة المريدة و هم مكلّفون على نحو ما عليه الإنسان، و لكنّهم مجرّدون عن المادة البشرية مستترون عن الحواس، لا يرون على طبيعتهم ولا بصورتهم الحقيقية قال تعالى: " إنّه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم ". [/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 27 )[/font][font="].. [/font][font="]والجنّ خلقوا من نار: " والجان خلقناه من قبل من نار السموم ". [/font][font="]( سورة الحجر الآية: 27 )[/font][font="]..[/font][font="] والجن طوائف فمنهم الصّالحون و منهم الضّالون المفسدون.. " و أنّا منّا الصّالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قددا ".[/font][font="]( سورة الجن الآية:11 )[/font][font="]..[/font]
[font="]الشياطين أعداء الإنسان: [/font][font="]و إبليس و من معه من الشياطين هم أعداء الإنسان الذين يدأبون على تقوية دواعي الشرّ و الباطل في النّفس الإنسانية. قال تعالى: " ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنّه لكم عدوّ مبين * إنّما يأمركم بالسوء و الفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ". [/font][font="]( سورة البقرة الآيتان: 169.168 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و قد أمدّ الله كلّ إنسان بشيطان يوسوس له و يغريه بالمنكر، يستوي في ذلك الأنبياء و غيرهم، ولكن ليس للشيطان سلطان على الأنبياء، قال تعالى: " وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ". [/font][font="]( سورة الأنعام الآية: 112 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و عن النبيّ صلى الله عليه و سلم قال: " ما منكم من أحد إلاّ وقد وكّل به قرين من الجنّ . قالوا: وإياك يا رسول الله ؟.. قال: وإياي إلاّ أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلاّ بخير ". [/font][font="]( أخرجه مسلم )[/font][font="]..

[/font]
[font="]الشياطين مصدر الشرّ في الوجود: [/font][font="]و الشياطين هم دعاة الشرّ و الفساد..[/font]
[font="]فالشيطان هو الذي يزيّن للفرد ما تهفو إليه نفسه و يميل إليه هواه من حبّ للجنس، و تطلّع إلى الجاه، و إيثار للاستبداد، و ميل إلى الطغيان و الفساد.. وهو الذي يغري بالعداوة و البغضاء بين الناس، فيفرّق بين الأخ و أخيه، و بين الزوج و زوجه، وبين طوائف الأمّة و جماعاتها قال تعالى: " قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنّ الشيطان ينزغ بينهم ". [/font][font="]( سورة الإسراء الآية: 53 )[/font][font="].. [/font][font="]فالشيطان يفسد بين المؤمنين بالكلمة الخشنة القاسية تصدر و تفلت بلا وعي، ثم بالردّ السيئ الذي يتلوها، فإذا جوّ المحبّة و الوفاق يتبدّل إلى العداوة و الخلاف، بينما الكلمة الطيّبة تبعد الشيطان، و تأسو جراح القلوب..[/font]
[font="]و الشيطان يلقي في نفس الإنسان: إنّ الإنفاق على المحتاجين يذهب المال، و يأمره بالإمساك، و البخل به، و الحرص عليه، و منع الزكاة عن مستحقيها، قال تعالى: " الشيطان يعدكم الفقر و يأمركم بالفحشاء ". [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 268 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و الخمر و القمار هما من أهمّ ما يحرص عليه الشيطان في وسوسته للناس لأنهما وسيلتان من وسائل المعصية و الفساد و العداوة بين الناس و الإعراض عن ذكر الله: " إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون.إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدّكم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل أنتم منتهون ".[/font][font="]( سورة المائدة الآيتان: 90 /91 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و التبذير كذلك من صفات الشياطين و إيحائهم، لأنّ التبذير يؤدي إلى كفران النعمة: " إنّ المبذّرين كانوا إخوان الشياطين و كان الشيطان لربّه كفورا ". [/font][font="]( سورة الإسراء الآية: 27 )[/font][font="]..[/font]
[font="]و الفساد الجنسي الذي استشرى في العالم من استحداث اللّباس العاري الذي يكشف عن عورات المرأة و مفاتنها، والذي يغري الناس بالفواحش هو من إيحاء الشيطان، و إنّ ما في العالم اليوم من فساد أخلاقي وما يحدث في الحانات و في نوادي المجون الذي يختلط فيه الحابل بالنابل، كل ذلك من عمل الشيطان أخبرنا به الله قبل أن يقع و ينتشر و يستفحل كما حصل في هذا العصر، قال تعالى: " يا بني آدم لا يفتننّكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما ". [/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 27 )[/font][font="]..[/font]
[font="]التوبة تطرد الشيطان: [/font][font="]لقد استطاع الشيطان أن يغري آدم و حوّاء بالأكل من الشجرة، و أن يوقعهما فيما نهاهما الله عنه، إلاّ أن نوازع الخير تيقظت في قلب آدم و حواء بعد أن وقعا في المعصية، فتغلّبت هذه النوازع الطيبة على وسوسة الشيطان فتابا إلى الله وأنابا قائلين: " ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين ". [/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 23 )[/font][font="].. [/font]
[font="]فقبل الله توبتهما و استجاب دعاءهما في قوله سبحانه: " فتلقّى آدم من ربّه كلمات فتاب عليه إنّه هو التواب الرحيم ". [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 37 )[/font][font="].. [/font][font="]و بالتوبة و الرجوع إلى الله يتغلّب الخير على الشرّ، و متى تغلّب الخير على الشر إنهزم الشيطان و تعرّض الإنسان لهداية الله..[/font]
[font="]فإذا زلّت قدمك أيها المؤمن فاقترفت معصية، فأمامك السّبيل الذي سلكه قبلك جدّك آدم من التوبة و استئناف حياة أفضل و أطهر، و بهذا تتخلّص من سلطان الشيطان و وساوسه..[/font]
[font="]و ملخّص القول: إنّ في العالم الغيبي مخلوقا خفيا أسمه الشيطان لا تدركه حواسنا، له أثر في أنفسنا فهو يتصل بها و يقوي داعية الشر، و قد سمّى الله دواعي الشر التي تصدر من الشيطان: وسواسا، و نزغا، و مسّا، و نحن نجد أثر ذلك في أنفسنا و إن لم ندرك مصدره، و تأثير هذه الشياطين في الأرواح كتأثير الميكروبات في الجسم، و الميكروب ينتهز كل ضعف في الجسم، و تهاون في الاحتراز منه و التوقّي منه باستعمال الوسائل الطبية المعروفة فيتسلّل إلى الجسم ليفتكّ به..[/font]
[font="]اللهم اغفر لنا ما أنت به أعلم منا، فإن عدنا إلى الذنوب فعد علينا بالمغفرة.. اللهم اغفر لنا ما وأينا من أنفسنا و لم تجد له وفاءا عندنا.. اللهم اغفر لنا ما تقربنا به إليك بألسنتنا ثم خالفته قلوبنا.. اللهم اغفر لنا رمزات الألحاظ، و سقطات الألفاظ، و شهوات الجنان، و هفوات اللسان..

[font="] الشيْخ محمّد الشّاذلي شلبي
[font="] الإمام الخطيب
[font="] جامع التّوبة برادس - الجمهوريو التّونسيّة[/font]

[/font][/font][/font] [/font]
المشاهدات 2574 | التعليقات 0