لا حول و لا قوة إلا بالله (مستقاة ومختصرة من أنس المهموم لعبد اللطيف التويجري)

mo ab
1441/11/11 - 2020/07/02 23:51PM

لا حول ولا قوة إلا بالله

إن الحمد لله نحمده.......

خرج ابنٌ لعوفِ بن مالك الأشجعي رضي الله عنه مجاهدا في سبيلِ الله، ونصرةِ رسولِ الله، وبعدَ مُدة رجعَ الناسُ من الغزو، وخرجَ الوالدُ الضعيفُ يتلقى العائدين فلمْ يجدْ فلذةَ كبدِه، وجمارةَ قلبِه، فتيقنَ رضي الله عنه أنَّ ابنَه وقعَ في الأسر، فضاقتْ بهِ الأرض، وتلاشتِ الدنيَا في عينِه، فانطلقَ إلى رسولِ الهدى شاكيًا: يا رسولَ اللهِ إنَّ العدوَ أَسِرَ ابنِي، والفقرَ قدْ هدَّنِي، فقالَ له رسولُ اللهِ ﷺ: «مَا أمسى عندَ آلِ محمدٍ إلا مُدٌ، فاتَّقِ اللهَ واصبرْ، وأكثرْ منْ قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله».

فخرجَ عوفُ بنُ مالك الأشجعي منْ عندِ رسولِ اللهِ ﷺ بهذا الكنزِ النبويِّ العظيم، حتى أتى بهَا إلى الأمِّ المكلومة، فلمَّا لقيتْ زوجَها قالتْ له: مَا قالَ لكَ النبي ﷺ؟ قال: أمرني وإياكِ أنْ نستكثرَ منْ قولِ: لا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله، قالتْ: نِعمَ مَا أمرَك به، فلزمَا (لا حول ولا قوة إلا بالله) بيقينٍ وإيمان، وأملٍ وإحسان، فبينمَا همَا في البيتِ إذْ تأتيهمَا البشرى على غيرِ ميعاد! البشرى وزيادة، فإذَا بابنهمَا يقدمُ عليهمَا بعدَ هذا الغيابِ، ومعه مائة من الإبل غفل عنه العدو فاستاقها. [والقصةُ أصلها عند الحاكم في المستدرك].

نعمْ أيهَا الفضلاءُ إنها (لا حول ولا قوة إلا بالله) الكنزُ العظيم، والفضلُ الكبير، والحرزُ المبارك، والذكرُ المضاعف. جاءَ في الصحيحينِ عنه ﷺ أنَّه قالَ لأحدِ الصحابة: «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».

ووصى بها جعفرُ الصادق سفيانَ الثوري فقال: (يا سفيان إذا حزبكَ أمرٌ فأكثرْ منْ قول: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ فإنها مفتاحُ الفرجِ وكنزٌ منْ كنوزِ الجنة). قالَ سفيانُ: (فانتفعتُ بهذه الموعظة).

عجبًا لمن يقنَطُ وعندَه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!  عجبًا لمن يقلَقُ وعندَه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!  عجبًا لمن استبطأَ شيئًا وعندَه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!  عجبًا لمنْ كثرتَ همومُه، وزادتْ غمومُه، وعندَه لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!

                          الخطبة الثانية

الحمد لله..... 

عباد الله: «لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله» هيَ الشافيةُ الكافية. فيهَا يتجلى التوحيد، حيثُ الإسلامُ والاستسلام، والاعترافُ للهِ بالعجزِ والضعف، وأنْ ليسَ للعبدِ حيلةٌ في دفعِ شرٍ أو جلبِ خير، في أمرِ دينٍ أو دنيا، إلا باللهِ العزيزِ الحكيم، والعليِ العظيم.

يقول ابنُ عباسَ رضي الله عنهما في تأويلِها: (لا حولَ بنَا على العملِ بالطاعةِ إلا بالله، ولا قوةَ لنَا على تركِ المعصيةِ إلا بالله) [أخرجه ابن أبي حاتم].

وهَا هنَا ثمةَ تنبيهٌ مهمٌ أيها المؤمنون حيثُ إنَّ بعضَ الناسِ غلبتْهُ العادةُ على العبادة، فأصبحَ يقولُها نطقًا منْ غيرِ يقينٍ واعتقاد، فيقعُ في الخللِ والتقصيرِ، فتراه يقول: «لا حولَ ولا قوة» أو: «لاَ حولِ الله» ولا يأتي بها كاملة، وهذَا منَ الزللِ والخطأ، وكمالُها في الإثباتِ والنفي، والاعتقادِ واليقين، والإيمانِ والعمل.

فيا طوبىٰ لمن أقامَها في قلبِه ولسانِه، وتزودَ منهَا في سائرِ حياتِه، فمَا منَّا أحدٌ إلا تعتريه الهمومُ والأحزان، والمضائقُ والنوائب، ومن التزمَها وحافظ عليها فازَ ونجح، وسعدَ وأفلح، كيفَ لَا وهيَ منَ الباقِيات الصالِحات، كما جاء ذلك في بعض المرويات: «استكثِرُوا منَ الباقِياتِ الصالِحات، التكبيرُ، والتهليلُ، والتسبيحُ، والحمدُ لله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله».

 

المشاهدات 1028 | التعليقات 0